السيد في الصحافةحديث الجمعةشهر جمادى الأولى

صحيفة الوسط:العطلة الصيفية والسفر: الرؤية والموقف

حديث الجمعة 66

أمامي مجموعة عناوين قد لا يتسع لها حديث واحد وهذه العناوين هي: * العطلة الصيفية ضرورة للطلاب والطالبات * السفر الصيفي من منظور إسلامي * برامج العطلة الصيفية: الرؤية والموقف

العنوان الأول: “العطلة الصيفية ضرورة للطلاب والطالبات”
العطلة الصيفية على الأبواب. .. وهذه العطلة تشكل ضرورة للطلاب والطالبات بسبب ما ينتجه عام دراسي متواصل من عناءات وضغوطات، والتي تتمثل في:

1- الإرهاقات الذهنية:

فطبيعة الدراسة الجادة تفرض بذل جهد ذهني كبير من أجل استيعاب المادة الدراسية، ومن أجل الاحتفاظ بها في الذاكرة، ثم ان فترة الامتحانات بما تستنفره من جهود مضاعفة في المذاكرة والمراجعة والحفظ تضيف ارهاقات ذهنية قاسية… طبعا ليس الحديث عن الطلبة الكسالى العاطلين الفاشلين الذين لا يبذلون جهدا ذهنيا أو طاقة فكرية في الدراسة والتحصيل… الحديث عن الطلاب الجادين الذين يحترمون أنفسهم ويحترمون مسئولياتهم، ويحترمون وطنهم، فهؤلاء لاشك يبذلون الكثير الكثير من الجهد الذهني والعناء الفكري لكي يحققوا مستويات متقدمة في الدراسة ليكونوا مؤهلين علميا وثقافيا وأدبيا لأداء مسئولياتهم الكبيرة في خدمة أمتهم وفي خدمة اوطانهم، وفي حماية المسيرة الايمانية والحضارية والأخلاقية لشعوبهم.
انه من المآسي الكبيرة في واقعنا الدراسي ان تخرج مدارسنا طلابا فاشلين وطالبات فاشلات وان تخرج طلابا وطالبات متخلفين علميا وثقافيا وادبيا، أو بدرجات هابطة جدا، وربما كان نجاحهم بأساليب غير مشروعة… وقد يكون لبعض الاساتذة أو المربين أو المناهج دور في هذا الانتاج الفاشل والمتخلف، الذي ستكون له مردوداته الخطيرة جدا على واقع مجتمعاتنا وواقع مسيرتنا العلمية والثقافية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

2- الإرهاقات النفسية

لاشك ان العام الدراسي بالنسبة إلى الطلاب الجادين، والطالبات الجادات، يخلق الكثير من الارهاقات والعناءات النفسية، فالهم الدراسي الحقيقي يفرض مجموعة مشاعر ضاغطة على النفس، من هذه المشاعر:
أ – الرغبة الكبيرة في النجاح والتفوق بما تخلقه هذه الرغبة من استنفار نفسي دائم يجعل الطالب والطالبة في اقصى درجات التوثب والاستعداد.
ب – الخوف والقلق من المشاعر التي قد تلازم بعض الطلاب والطالبات وخصوصا في فترة الامتحانات، فاحتمالات الرسوب واحتمالات التأخر في المستوى والاحتمالات المفاجئة غير المتوقعة، كل ذلك يساهم في خلق وضع نفسي قلق خائف مرتبك.
ج – المعاناة الصعبة نتيجة المراجعة المكثفة والسهر الطويل… ومن الظواهر الخاطئة في حياة الطلاب والطالبات ان البعض يعيش إهمالا واضحا في الدراسة والمراجعة والمطالعة طيلة السنة، إلا انه يستنفر قواه واهتماماته الدراسية في فترة قصيرة جدا قبيل الامتحانات، ما يفرض عليه ان يبذل جهودا مضاعفة مكثفة، ولهذا نتائجه الخطيرة على الحال النفسية، وربما وصل الأمر بالطالب أو الطالبة إلى أزمات واضطرابات وتوترات صعبة جدا.
فالاسلوب الأمثل ان يعتمد الطالب وأن تعتمد الطالبة برنامجا منتظما دائما للمراجعة والدراسة بحيث يستوعب مساحة السنة الدراسية، ما يخفف ضغوطات الفترة الامتحانية، ويقلل من ضرورة الاستنفار المفاجئ بما يحمله هذا الاستنفار الضاغط على الذهن وعلى النفس، وعلى الوقت من مردودات صعبة لها تأثيراتها السلبية الكبيرة، في حين يوفر البرنامج المنتظم أجواء مريحة هادئة في فترة الامتحانات. إن مسئولية المشرفين والمدرسين وأولياء الأمور ان يخلقوا وعي المراجعة والمطالعة والدراسة عند الطالب والطالبة من خلال البرمجة الموجهة، والتوظيف الهادف للوقت، والطريقة الصحيحة لاستذكار واستيعاب واختزان المعلومات الدراسية، لتبقى جزءا من مكونات الذهنية الطلابية، وليست مجرد معلومات تفرضها الحاجة إلى دخول الامتحانات، وتنتهي في الدقائق الأولى بعد الخروج من قاعات الامتحان.

3- الإرهاقات البدنية

إن التزامات الدراسة المتواصلة، واتعاب المراجعة، والسهر، والمعاناة، كل ذلك له انعكاساته على أوضاع البدن، خصوصا إذا كان الطلاب والطالبات لا يملكون برنامجا ينظم طريقة التعاطي مع اجواء الدراسة، وينظم الأوقات بشكل متوازن، ويحافظ على القدرات الذهنية والنفسية والبدنية، ومع كل هذا فإن عاما دراسيا حافلا بالجد والاجتهاد له ارهاقاته البدنية الواضحة.

4- تعطيل الكثير من الاهتمامات الأخرى

في الغالب يكون الطلاب والطالبات محكومين لضغوطات الدراسة الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل الكثير من الاهتمامات الاخرى، وكلما كان هؤلاء اكثر جدية واهتماما بشئون الدراسة كانوا اكثر انفصالا عن تلك الاهتمامات.
إننا في الوقت الذي نؤكد على ضرورة ان تستوعب الدراسة القدر الأكبر من اهتمامات الطالب والطالبة من أجل انتاج المؤهلات والكفاءات المبنية بناء علميا محكما ومتقنا، لا نجد مبررا لاهمال اهتمامات اخرى اساسية، فإذا كانت ضرورات الدراسة تفرض على الطالب أو الطالبة ان يعطي الكثير من جهده ووقته لمقررات الدراسة النظامية، فإن هناك ضرورات أخرى تصب في بناء شخصية الطالب والطالبة يجب ألا تكون غائبة كما هي المكونات الايمانية والروحية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي لا تتوافر بدرجات كافية في مؤسسات التعليم الرسمية، وكما هي الاهتمامات والمسئوليات التي تفرضها انتماءات الطالب والطالبة الدينية والوطنية، فلا يصح ان تبرر انشغالات الدراسة حال الانفصال والابتعاد عن تلك الضرورات والاهتمامات والمسئوليات. ان جيلا طلابيا يتربى مفصولا عن مكوناته الايمانية والروحية وعن مسئولياته وقضاياه سيكون جيلا فاشلا مهما كانت مستوياته العلمية والدراسية.
إن خلاصة ما يريد ان يصل اليه الحديث من خلال النقاط الأربع السابقة ان عاما دراسيا يمتد إلى تسعة أشهر لا شك له ارهاقاته الذهنية والنفسية والبدنية، وله ضغوطاته على اهتمامات الطلاب والطالبات، الأمر الذي يفرض ضرورة العطلة الصيفية من اجل ان تحقق مجموعة أهداف:
أولا: لكي يتخفف الطلاب والطالبات من الارهاقات الذهنية التي انتجتها سنة دراسية متواصلة… وهذا لا يعني ان تكون العطلة الدراسية فترة لتعطيل الذهن وتجميد فاعليته، وانما تحريره من ضغوطات الدراسة وارهاقاتها لينطلق في آفاق جديدة تعطيه حيوية ونشاطا واستعدادا لعام دراسي جديد.
ثانيا: ولكي يتخفف الطلاب والطالبات من الارهاقات النفسية الحاصلة من عناءات الدراسة وما تفرزه من تأثيرات على النشاط والحيوية… فالعطلة فرصة للترويح والاستجمام النفسي ما يساعد على تنشيط الروح وانطلاقتها.
* قال أمير المؤمنين “ع”: “السرور يبسط النفس ويثير النشاط”.
* وجاء في عدة احاديث، تأكيد ضرورة ان تكون للمؤمن ساعة للترفيه النفسي المباح.
ثالثا: ولكي يتخفف الطلاب والطالبات من الارهاقات البدنية التي فرضتها اتعاب الدراسة، فدور العطلة الصيفية هو اعطاء البدن فرصة للراحة والاستجمام حتى يستعيد حيويته ونشاطه…
* قال أمير المؤمنين “ع”: “لكل عضو من البدن استراحة…”.
رابعا: ولكي يتوفر الطلاب والطالبات على فرصة تمكنهم من تحريك الكثير من الاهتمامات التي تعطلت في زحمة الانشغالات الدراسية وان كان هذا التعطيل غير مبرر كما أسلفنا.

العنوان الثاني: “السفر الصيفي من منظور إسلامي”

تتجه الكثير من الأسر إلى السفر في العطلة الصيفية مصطحبة معها الأولاد والبنات… وهنا اود ان ألقي نظرة على السفر من خلال المنظور الفقهي الإسلامي:
يقسم الفقهاء السفر إلى عدة أقسام، من هذه الأقسام:

1- السفر المحرم “أو سفر المعصية”:

ومن أمثلة هذا السفر:
أ – ان يكون الهدف من السفر ارتكاب عمل محرم “أو ممارسة المعصية”:
– السفر من أجل ممارسة الدعارة وارتكاب بعض الموبقات.
– السفر من اجل ممارسة التجارة المحرمة كبيع وشراء الخمر.
– السفر من اجل الإعانة على الظلم.
ب- ان يكون الهدف من السفر ترك الواجب كالفرار من الجهاد أو من دين مستحق مطالب به مع قدرته على دفعه في خصوص الحضر.
ج- ان يكون السفر نفسه حراما.
– كمن حلف ألا يسافر في يوم معين فخالف وسافر.
هنا سؤال: اذا نهى أحد الابوين الولد عن السفر فهل يعد سفر الولد في هذه الحال سفرا محرما؟
– يذهب بعض الفقهاء إلى حرمة هذا السفر إذا كان النهي الصادر عن أحد الابوين انطلاقا من الشفقة والخوف على الولد… اما إذا كان النهي ينطلق من دوافع المصلحة الخاصة بالأبوين ولم يكن الولد ملزما شرعا برعايتها، فسفره لا يكون محرما، إلا اذا استلزم هذا السفر ايذاء أو عقوقا للأبوين…
وإذا تحقق عنوان السفر المحرم ترتب عليه اثران شرعيان:
الأثر التكليفي: وهو كون السفر معصية يعاقب عليها الانسان من قبل الله تعالى.
الأثر الوضعي: عدم الترخيص للمسافر بالافطار في شهر رمضان، وبالتقصير في الصلاة.

“2” السفر الواجب: ومن أمثلة هذا السفر

أ – سفر الحج الواجب أو العمرة الواجبة.
ب – السفر الواجب بعهد أو نذر أو يمين إذا كان لغرض مشروع.
ج – السفر من أجل جهاد واجب.
د – السفر من أجل إنقاذ مؤمن.
هـ – السفر الذي تفرضه ضرورة العلاج الملزمة.
و – السفر من اجل اي عمل واجب شرعا لايتأدى الا بالسفر.

“3” السفر المستحب

– السفر من اجل الحج المستحب او العمرة المستحبة.
– السفر من أجل زيارة العتبات المقدسة.
– السفر من أجل زيارة أخ مؤمن أو عيادته أو قضاء حاجته.

“4” السفر المباح

كل سفر لا تنطبق عليه العناوين الثلاثة فهو سفر مباح، والإباحة هنا بمعنى تساوي طرفي الفعل والترك في نظر الشارع الاسلامي وليست بمعنى “الجواز” الذي ينطبق على الواجب والمستحب أيضا.
ما حكم السفر من أجل الترفيه والاستجمام؟
الاسلام يسمح للانسان المسلم ان يرفه عن نفسه من خلال الوسائل المشروعة للترفيه، بل ويشجع على ذلك، فالترفيه جزء من المنهج التربوي الاسلامي.
* ورد عن الامام الصادق “ع” انه قال: “ينبغي للمسلم العاقل ان يكون له:
– ساعة يفضي بها إلى عمله فيما بينه وبين الله عز وجل.
– وساعة يلاقي اخوانه الذين يفاوضهم ويفاوضونه في أمر آخرته.
– وساعة يخلي بين نفسه ولذاتها في غير محرم فإنها عون على تلك الساعتين”.
* وروي عن الإمام الرضا “ع” أنه قال: “واجتهدوا ان يكون زمانكم أربع ساعات:
– ساعة لله لمناجاته – وساعة لأمر المعاش – وساعة لمعاشرة الأخوان الثقات والذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن.
– وساعة تخلون فيها للذاتكم وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات”.
* وفي وصية النبي “ص” لأمير المؤمنين “ع”: “يا علي لا ينبغي للرجل العاقل ان يكون ظاعنا – اي مسافرا – إلا في ثلاث: مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو لذة في غير محرم”.
نستفيد من هذه النصوص ان الاسلام يدفع باتجاه ممارسة الترفيه والاستجمام ضمن الضوابط الشرعية، وبالمقدار الذي لا يؤدي إلى التفريط بالمسئوليات الاخرى… فالسفر الاستجمامي أمر مشروع اسلاميا مادام لا يستلزم ممارسات محرمة.

نظرة في شأن السفر لزيارة العتبات المقدسة

اعتادت الكثير من الأسر المؤمنة ان تستثمر فرصة العطلة الصيفية في زيارة “المراقد المطهرة” وهذا عمل مشروع ومبارك يحظى من خلاله الانسان بالأجر العظيم كما أكدت ذلك النصوص والروايات الثابتة، فالسفر إلى زيارة العتبات المقدسة من افضل القربات إلى الله تعالى…
وهذا السفر المبارك له عطاءاته الايمانية والروحية الكبيرة، وله دلالاته المهمة جدا.
ولنا بشأن رحلات العتبات المقدسة بعض الملاحظات:
1- غياب برامج التوعية والتثقيف والتوجيه الروحي والاخلاقي والاجتماعي… فالكثير من هذه الرحلات خالية من البرامج الهادفة التي توظف هذه الاجواء توظيفا حقيقيا، وتستثمرها استثمارا جادا وفاعلا، يتعبأ الزائرون من خلالها روحيا وايمانيا وأخلاقيا.
2- هيمنة دوافع المصلحة والربح لدى بعض القائمين على شئون هذه الحملات ما يؤثر على الاهتمامات الرسالية، والتوجهات الروحية، فتبتعد هذه السفرات الربانية عن اهدافها الكبيرة، وتضيع الكثير من معطياتها في زحمة الدوافع المصلحية، والاغراض المادية البحتة.
3- وجود ظواهر سلبية ومخالفات شرعية: ومن أمثلة ذلك:
الاختلاط غير الخاضع للضوابط الشرعية… وهذه الظاهرة تتفشى في اجواء هذه السفرات، وقد لا يكون بدوافع المخالفات الشرعية، بقدر ما هو التساهل والاهمال والاسترسال العفوي في العلاقات.
ب- عدم الالتزام الدقيق بالستر الشرعي لدى بعض الزائرات… وهذا واضح وملحوظ لمن حضر في أجواء هذه الرحلات.
ج- الانزلاق في ممارسات غير مشروعة من قبل بعض الشباب والشابات… مما يؤسف له أن البعض يحاول أن يتخذ من هذه السفرات الدينية غطاء لانفلاتات سلوكية تسيئ إلى سمعة هذه الأجواء الايمانية.

كيف نواجه هذه الظواهر السيئة؟

اولا: مسئولية العلماء والمبلغين في خلق وعي إيماني وروحي وفقهي عند الناس في داخل البلد وقبل موسم السفر الصيفى، ومن الضروري أن تعد برامج مكثفة لاعداد الزائرين وتهيئتهم ليكونوا بمستوى أهداف هذه السفرات الربانية.
ثانيا: مسئولية أولياء الأمور في تحمل التوجيه والرعاية لأبنائهم وبناتهم إذا كانوا بصحبتهم في هذه السفرات، أو وضعهم بأيد امينة تراقب أوضاعهم… وما يؤلم أن الكثير من الشابات يتحررن من كل الضوابط والرقابات في هذه الرحلات وبإشارة واضحة من أولياء الأمور الذين سمحوا لهن بالسفر المنفرد تسامحا وتساهلا وغفلة أو اعتمادا على حسن الظن، أو اكتفاء بتوصية خجولة لا تغني ولاتسمن.

ثالثا: مسئولية أصحاب الحملات

وتتركز هذه المسئولية في الأبعاد التالية:
1- وضع ضوابط وشروط مشددة للالتحاق بالحملات وخصوصا فيما يتصل بالالتزام والحفاظ على الضوابط الشرعية والأخلاقية… وان كان هذه التشدد لاينسجم مع أصحاب الدوافع المادية والمصلحية… أما اولئك الذين تحكمهم أهداف الدين، فهم على استعداد أن يضحوا بأرباح زائلة من أجل عطاء رباني أكبر.
2- اعتماد رقابة وأشراف جادين من أجل حماية أجواء هذه السفرات من كل الوان العبث والانفلات، والخروج على ضوابط الشريعة.
3- اعتماد برامج هادفة:
من أهم عوامل نجاح هذه الرحلات اعتماد برامج هادفة توفر لها القدرة في أن تمارس دورها الفاعل في البناء والتوجية والتربية، وحتى لا تتحول الى مجرد سفرات استهلاكية بليدة، أو إلى سفرات منحرفة عن أهدافها الربانية.
وهنا تتأكد الضرورة لوجود علماء ومرشدين في صحبة الحملات للارتقاء بمستوى التوجيه والرعاية والأداء.
وكلما كانت البرامج أكثر نضجا ووعيا وشمولا، اعطت لهذه الرحلات الفرصة الأكبر لتحقيق أهدافها الكبيرة على كل المستويات ويجب أن تنتظم في هذه البرامج مجموعة مفردات:
– التوعية الفكرية والثقافية- التوعية الفقهية – التوعية الروحية – التوعية الأخلاقية – التوعية التاريخية- التوعية الاجتماعية – التوعية الرسالية- وتوعيات أخرى مهمة.
وفي سياق البرامج التوعوية للزائرين والزائرات لا بد من وضع تصور ناضج عن “المضمون الحقيقي للزيارة” في دلالاتها وأهدافها وآدابها.
ومالم يتوفر الزائرون والزائرات على هذه الفهم الناضج لن تتمكن هذه العبادة الربانية من أداء وظيفتها، وتحقيق أهدافها… وحتى يتشكل هذه الفهم الواعي لمضمون الزيارة في ذهنية الزائرين والزائرات يجب:
أولا: الالتزام بآداب الزيارة:
– الطهارة والنظافة- التأدب والوقار – الحفاظ على قداسة المراقد المطهرة.
ثانيا: التعاطي الجاد والهادف مع الزيارة: وهذا يفرض:
– حضور القلب والتوجه الصادق أثناء الزيارة “الاخلاص”.
– الانفتاح الروحي والنفسي بمعنى أن تكون الزيارة تعبيرا عن حال العشق والانصهار والذوبان وحرارة اللقاء.
– الوعي بمضامين الزيارة، بما تحمله هذه المضامين من دلالات إيمانية وعقائدية وروحية وأخلاقية وتربوية وثقافية واجتماعية وسياسية. فقيمة الزيارة بمقدار ما يملك الانسان الزائر من وعي بأفكارها ومضامينها وأهدافها، وأما القراءة الصماء لفقرات الزيارة والتي لا تستوعب المعاني والدلالات فهي قراءة فارغة جامدة لا تمنح الزائر حضورا حقيقيا بين يدي صاحب المرقد المطهر.
ثالثا: التأسي والاقتداء والتمثل: القيمة الحقيقية للزيارة بمقدار ما تجعل الزائر يعيش التأسي والاقتداء والتمثل العملي.
– حينما تكون زائرا للرسول الأعظم صلى الله عليه واله كن متمثلا له في حياتك.
– وحينما تكون زائرا لأمير المؤمنين، للإمام الحسين، للإمام الرضا، للسيدة زينب، أو لأي مرقد مطهر فكن متمثلا لمن تزور أخلاقا وطهرا واستقامة وجهادا وبذلا وتضحية.
فالزيارة المقبولة عند الله تعالى هي التي تتحول الى قوة فاعلة في حياة الإنسان الزائر تصوغ فكره وقلبه وروحه وأخلاقه وسلوكه، وبمقدار ما تتجسد عطاءات الزيارة في حياة الزائرين تتحدد قيمة الزيارة ويتحدد مستوى الزائرين عند الله تعالى. الحديث له تتمة إن شاء الله…
* عالم دين ورمز اجتماعي في الساحة السياسية، والكلمة ألقيت مساء أمس في جامع الإمام الصادق في القفول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى