الرسول الأكرم (ص)من وحي الذكريات

ما هي مسؤوليات خطاب الاحتفالات

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربَّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين …


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …


أبدأ حديثي معكم – أيها الأحبة في الله – بطرح هذا السؤال :


 ما هي مهام ومسؤوليات خطاب الاحتفالات ؟


ونعني بخطاب الاحتفالات ، هذا الخطاب الذي يوجه للناس في مثل هذه المناسبات الإسلامية ، وخطاب الإحتفالات يأخذ أشكالاً متعددة : الكلمة ، القصيدة الشعرية ، الأنشودة ، المسرحية ، الحوار ، وغير ذلك من الأشكال والألوان …


وهذا الخطاب الإحتفالاتي يجب أن يكون خطاباً هادفاً ومسؤولاً ، وإلا تحولت هذه الاحتفالات إلى مجرد لقاءات (عاطفية فارغة) … وإعطاء الهادفية لهذا الخطاب مسؤولية يتحملها عدة أصناف :


1-    الذين ينظمون لهذه الإحتفالات


2-    الذين يشاركون في هذه الاحتفالات من خلال الكلمات والقصائد والأناشيد أو أي فعاليات أخرى


3-    الجمهور الذي يحضر هذه الاحتفالات …


فكلما توفر ( الوعي ) و (الإخلاص) عند (القائمين على هذه الإحتفالات) وعند (المشاركين) وعند (الجمهور الحاضرين) كانت الإحتفالات (جادة وهادفة) وكان خطابها خطاباً جاداً وهادفاً ، وخطاباً مسؤولاً .


فمن الجناية الكبيرة على هذه الإحتفالات أن نحوّل خطابها إلى خطاب (إستهلاكي تخديري) وإلى خطاب (عاطفي فارغ من الوعي ) ، وإلى خطاب (ثقافي راكد لا يحمل حرارة) نطرح السؤال مرة ثانية :


ما هي مسؤوليات خطاب الاحتفالات ؟


لن يتسع الوقت المحدود لتناول جميع المسؤوليات أقصر حديثي على تناول مسؤولية واحدة وهذه المسؤولية هي (ضرورة أن يكون هذا الخطاب – خطاب الإحتفالات – حاضراً في كل قضايا الأمة :


‌أ.        القضايا الروحية والأخلاقية.


‌ب.   القضايا الفكرية والثقافية .


‌ج.    القضايا الاجتماعية والسياسية .


البعض يريد لخطابنا الديني ؛ خطاب المسجد ، خطاب المنبر الحسيني، خطاب الاحتفالات، خطاب الدعاة والمبلغين،خطاب المثقفين الإسلاميين، أن يبقى في الدوائر الضيقة المغلوقة ، وأن لا ينفتح على قضايا الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي .


هذا البعض يريد أن يحجم دور الخطاب الديني ، وأن يصادر حركيته وفاعليته وهادفيته.


 لماذا هذا الإصرار عند البعض على تحجيم دور الخطاب الديني ؟


ربما يعبّر  شريحة من الناس عن (غياب الوعي) بمسؤوليات الدين ومسؤوليات الخطاب الديني،  نسبة كبيرة من المعترضين على (حركية الخطاب الديني) هم من الناس الذين لا يملكون (الوعي الديني) ولذلك يتورطون في هذا اللون من الفهم الخاطئ والمتخلف.


وربما يعبر هذا الإصرار – عند شريحة أخرى من الناس – عن هدف سيئ وخبيث، فهم لا يريدون لخطاب الدين ولخطاب الإسلام أن يكون حاضراً في الساحات الثقافية والاجتماعية والسياسية والتربوية والإعلامية ، لتبقى هذه الساحات حكراً لمشروعهم المناهض للإسلام.


ويمكن أن نقرأ هذا التوجه المناهض من خلال هذه الحملات الإعلامية والصحافية المكثفة والمسعورة والتي تصل إلى حد (التهستر المجنون) ضد القوى الدينية والإسلامية ، وتحت مختلف الذرائع والمبررات ، ولا تتحرج هذه الحملات الإعلامية والصحافية من اعتماد أساليب الكذب والتزوير والتشويه بهدف التأثير على وعي الجماهير ، وهز روح الثقة عند الناس الذين أعطوا حبهم للدين وللدينيين .


بماذا يبرر هؤلاء الفشل والإخفاق ؟


وكيف يتعامل هؤلاء مع الصدمة ؟


وكيف يقنع هؤلاء أنفسهم بنتائج ما حدث ؟ لا بد من افتعال (المبررات) ،


ولا بد من التخفيف من وقع الصدمة ،


ولابد من التعويض عن الهزيمة .


وهنا يأتي الحديث عن (التخلف السياسي) ، وعن (غياب الوعي الديموقراطي) ، وعن (التجاوزات) وعن (توظيف الفتاوى) ، وعن (الهيمنة الدينية) وعن (انحياز العلماء) ، وعن (الإرهاب الفكري) وعن (المعايير الطائفية والمذهبية) ، وعن (صكوك الغفران) ، وعن … وعن ..


وكم كنا نتمنى أن يكون هؤلاء صرحاء مع أنفسهم وأن يملكوا شيئاً من الجرأة ، ويعترفوا بأن السبب الأساس فيما حدث لهم من (إخفاق وفشل) هو أن (أيديولوجياتهم العتيقة) مرفوضة في هذه الساحة وإن تقنعت بألف قناع ، ربما في مرحلة من مراحل ((غيبوبة الوعي)) استطاعت هذه الأيديولوجيات 0 وفي غفلة من الزمن – أن تجد لها مكاناً على هذه الأرض ، وفي بعض المواقع .


أما وقد استيقظ وعي الأمة ، وانطلقت صحوة الإيمان ، فالمسألة تختلف تماماً .


فهل بإمكان هؤلاء أن يعيدوا القراءة من جديد ؟ حتى لا تتيه الرؤى والتصورات ، وحتى لا ترتبك الحسابات والتقديرات ، وإذا كان في نية هؤلاء أن يعيدوا القراءة من أجل ((الالتفاف)) على وعي الجماهير وتغيير الخطط والاستراتيجيات من دون إعادة النظر في المتبنيات والقناعات الفكرية والأيديولوجية فهي مجازفة جديدة سوف تورطهم في انتكاسات جديدة ، وفي صدمات جديدة ، لأن الصحوة الإسلامية التي تفجرت في وعي الجماهير لن تسمح لمحاولات الالتفاف ومحاولات التغيير في الإستراتيجيات أن تفرض نفسها مرة أخرى في هذه الساحة .


أيها الأحبة في الله …


نخلص إلى القول إن خطاب الاحتفالات يجب أن يكون حاضراً في كل قضايا الأمة الروحية والثقافية والاجتماعية والسياسية ، وانطلاقا من مسؤولية ( الحضور) لخطاب الاحتفالات ، أحاول هنا أن أتناول ظاهرة من الظواهر الخطيرة التي شاع الحديث عنها في هذا البلد المسلم – البحرين – في هذه الأيام ، هذه الظاهرة هي ( شبكات الدعارة ) ، والتي لم تعد شيئاً مكتوماً يمارس في الظلام ، لقد انتشرت بين الناس أخبارها ، وذاعت أحاديثها ، وأخدت تزحف إلى الكثير من الأماكن ، ليس في الفنادق فقط ، بل في البيوت والشقق ، في الأحياء السكنية ، في القرى والمدن .


في البداية نوجه خطابنا – ومن هذا المنبر – إلى السلطة السياسية ، إلى المسؤولين في هذا البلد المسلم ، إننا نطالب بالتدخل العاجل لإيقاف هذا (العبث المدمر) الذي ينتهك دين هذا البلد ، وقيم هذا البلد ، وشرف وسمعة هذا البلد ، ويهدد بكوارث أخلاقية واجتماعية تطال الأفراد ، والأسر ، وكل الناس (( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )) ،


(( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)).


إن السلطة السياسية والحريصة على سلامة وأمن وأخلاق وسمعة هذا البلد، تتحمل المسؤولية الأولى في القضاء على ظاهرة الدعارة، وإذا كان ما نشر في صحافتنا المحلية قبل أيام صحيحاً من وجود توجهات جادة لدى السلطة في اتخاد إجراءاتٍ صادقةٍ ضد الفنادق والصالات المخالفة للقيم الأخلاقية والدينية.. إذا كان هذا صحيحاً فإننا ننتظر الموقف الصارم  الحازم في مواجهة هذه ((الشبكات المنظمة)) لنشر العهر والدعارة والفسوق.


كما ونطالب علماء الدين وخطباء المنابر وكل الدعاة ِ والمبلغين أن يتصدوا بقوة وبجدية لهذه الظاهرة الخطيرة، أداءً لواجبهم الشرعي، والتزاماً بمسؤوليتهم الدينية (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)).


وإذا لم يمارس العلماء والدعاة دورهم الرسالي في مواجهة البدع والمفاسد والمنكرات والانحرافات حلّت عليهم اللعنة الإلهية (( إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، وإلا فعلية لعنة الله والملائكة والناس أجمعين..))


يجب على العلماء والخطباء والقادة الدينيين أن يتحملوا المسؤولية في الدفاع عن حرمات الدين وأن لا يجاملوا الظالمين والفاسقين . إنهم المسؤولون عن حماية عقائد الناس، وأخلاق الناس، وسلوك الناس، وتحصين مجتمعات المسلمين في مواجهة مشروعات العبث والتدمير الروحي والأخلاقي والاجتماعي.


ونطالب ثالثاً الجماهير المؤمنة الغيورة على قيم الدين وأخلاقياته أن تمارس واجبها الإسلامي في التصدي لهذه الظاهر الشائنة التي لوثت سمعة البلد ونظافته هي وشبيهاتها من الظواهر المناهضة لأحكام الله.


ونطالب رابعاً المؤسسات الاجتماعية، والجمعيات النسائية أن تؤدي وظيفتها الدينية والاجتماعية في محاربة هذا الخطر المرعب الذي بات يهدد قيم المجتمع، ومكوّناته الأخلاقية والروحية، من المسؤوليات الأساسية لهذه المؤسسات والجمعيات الحفاظ على البنية الاجتماعية النظيفة وحمايتها من كل التلوثات، ولا شك أن ظاهرة الدعارة من أخطر وأسوأ وأقذر الملوثات.


ونطالب خامساً الأقلام والصحافة والإعلام التصدي الحقيقي لخلق وعيٍ جماهيريٍ أصيل، يحصن أجيال الأمة روحياً وأخلاقياً وثقافياً واجتماعياً، من أجل أن تبقى لهذا الشعب أصالته الحضارية، والتي صاغتها قيمً الدين ومبادئه وأحكامه. وهنا أقول لأولئك المرعوبين الذين استنفروا أقلامهم وصحافتهم وإعلامهم يتنادون بالويل والثبور خوفاً على ((الديمقراطية المهددة))، وخوفاً على ((مشروع الإصلاح السياسي))، وخوفاً على ((المسار الحضاري لهذا البلد))على حد تعبير أحدهم، وخوفاً على ((المرأة ومكاسبها في ظل الميثاق)) لماذا كان كل هذا الاستنفار والضجيج والصراخ؟ لأن عدداُ من أصحاب الاتجاهات المعروفة قد خسروا الانتخابات، ولأن عدداً من النساء لم يحالفهن الحظ في الانتخابات.. وقبل هذا وذاك كون النتائج جاءت في صالح القوى والتيارات الإسلامية .


أين هذه الأقلام وأين هذه المؤسسات الاجتماعية والنسائية؟


وأين هذه القوى السياسية في مواجهة ((مشروعات التدمير الأخلاقي والحضاري))؟


 أليس هذا ما يستثير ((الغيرة الوطنية)) عند هؤلاء؟


 أليس في ((شبكات الدعارة)) و ((مشروعات الإفساد)) ما يمتهن كرامة المرأة ويصادر إنسانيتها؟ أليس في العبث بقيم البلد الدينية وأخلاقياته الروحية ما يهدد المسار الحضاري المرعوب من أجله الكاتب (المحترم) في إحدى الجرائد المحلية ؟


 لعل كل هذا لا يعني هؤلاء …..


لأن القيم الروحية والأخلاقية ليس جزءاً من مشروعهم الإصلاحي، وليست جزءً من برنامجهم السياسي، بل العكس هو الصحيح…


من هنا يتضح لماذا نصرّ –نحن- على ضرورة أن يتوفر ممثلو هذا الشعب و منتخبوه على  درجات عالية من ((الالتزام الديني والخلقي)). إذا كانوا يقولون – وبشيء من الاستخفاف والسخرية- ما شأن الإنسان المنتخب لمجلس بلديات أو مجلس برلمان أن يكن مؤمناً أو غير مؤمن، أن يكون متديناً أو غير متدين، أن يكون مصلياً أو غير مصلي، أن تكون المرأة ملتزمة بالحجاب أو غير ملتزمة؟!!


هكذا كانوا يتحدثون – وبشيء من التفكه والاستهزاء- وكأننا في باريس أو لندن أو واشنطن أو موسكو أو بكين.. ولسنا في بلد الإسلام والدين والقيم والصلاة والحجاب البحرين.


دعهم يقولون ما يشاءون، فقد حسم شعبنا خياره الإيماني، ولن يتهاون في الحفاظ على قيمه ومقدساته، وفي الدفاع عن مبادئه وأحكام شريعته مهما كلفه ذلك من ثمن باهظ..


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين واستغفر الله لي ولكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى