آخر الأخبارحديث السبتملف شهر رمضان

حديث السبت (3): الخُشوع العِباديّ – لا للكراهية، لا للعصبيَّة، لا للطَّائفيَّة

مسجد الإمام الصَّادق (ع) – القفول حديث | السَّبت الرَّمضاني تاريخ: السبت، 14 شهر رمضان 1446هـ | الموافق: 15 مارس 2025 م

الحديث الرَّمضانيّ

 

  • جاء في بعض الرِّوايات أنَّ الإمام الحَسن (عليه السَّلام) إذا فَرَغَ مِن وُضُوئهِ تَغَيَّرَ لَونُهُ.

فقيلَ لَهُ في ذلكَ.

فقال (عليه السَّلام): «حَقٌّ عَلَى مَن أرادَ أنْ يَدخُلَ عَلَى ذِي العَرشِ أنْ يَتَغَيَّرَ لَونُهُ».[1]

 

1- الخُشوع العِباديّ

أتناول في حديثي مسألة الخُشوع العِباديّ.

  • الصَّلاة الخاشعة والصَّلاة الجافَّة
  • قال تعالى: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ﴾.[2]

الخشوع رقَّة في القلب، ودمعة في العين.

  • قالَ رَسُولُ الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «إذا قامَ العَبدُ إلى الصَّلاة، فكانَ هَواهُ وقَلبُهُ إلَى اللهِ تعالى، انصَرَفَ كَيومِ وَلَدَتهُ أُمُّهُ».[3]
  • قال تعالى: ﴿وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ …﴾.[4]

ب- الدُّعاء الخاشع والدُّعاء الجاف.

ج- التِّلاوة الخاشعة والتِّلاوة الجافَّة.

(الخُشوع/ التَّدبُّر/ التَّمثُّل).

 

2- الأسباب التي تُصادر الخُشوع العِباديّ:

(1) تلوُّث القلب

  • قال تعالى: ﴿كـَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾.[5]

(2) انشغال القلب

(3) الذُّنوب والمعاصي

  • عن أميرِ المؤمنين (عليه السَّلام): «ما جَفَّتِ الدُّموعُ إلَّا لِقَسوةِ القُلُوبِ، وَما قَسَتِ القُلُوبُ إلَّا لكَثرَةِ الذُّنوبِ».[6]
  • عن أميرِ المؤمنين (عليه السَّلام): «كَيْفَ يَجِدُ لَذَّةَ الْعِبَادَةِ مَنْ لَا يَصُومُ عَنِ الْهَوَى؟!».[7]
  • وجاءَ رجلٌ إلى أميرِ المؤمنينَ (عليه السَّلام) فقالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنِّي قَدْ حُرِمتُ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ، فأجاب (عليه السَّلام): «أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ».[8]
  • عن أبي عبد الله عليه السلام: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَكذِبُ الكِذبَةَ فَيُحرَمُ بها صَلاةَ اللَّيلِ، فَاذا حُرِمَ صَلاةُ اللَيْلِ حُرِمَ بِها الرِّزْق».[9]

 

(4) الأكل الحرام

  • عَن النَّبي (صلَّى الله عليه وآله): «يا عليُّ، مَن أكَلَ الحَرامَ سُوِّدَ قَلبه، وخلف دِينه، وضعفت نَفسه، وحَجب اللهُ دَعوته، وقلَّت عِبادته».[10]
  • عَن النَّبي (صلَّى الله عليه وآله): «مَن أكَلَ الحَلالَ أربَعينَ يَومًا، نَوَّرَ اللهُ قَلبَهُ، وأجرى يَنابيعَ الحِكمَةِ مِن قَلبِهِ عَلى لِسانِهِ».[11]

 

(5) الإسراف في المَلذَّاتِ المُباحة

  • قال تعالى: ﴿… وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ …﴾.[12]
  • «لا تُمِيتُوا القلوب بِكَثْرَةِ الطَّعَامِ والشَّرَابِ؛ فإنَّ القُلُوبَ تَمُوتُ كَالزَّرْعِ إذَا كَثُرَ عَلَيْهِ المَاءُ».[13]
  • «…، إذَا امتلَأَتِ المَعِدَةُ نامَتِ الفِكرَةُ، وخَرَسَتِ الحِكمَةُ، وقَعَدَتِ الأَعضاءُ عَنِ العِبادَةِ».[14]

 

3- كيف نُعالج حالة الجفاف الرُّوحيّ؟

أوَّلًا: التَّخلُّص مِن أسباب الجفاف

  • تلوُّث القلب
  • انشغال القلب
  • الذُّنوب والمعاصي
  • الأكل الحرام
  • الإسراف في المَلذَّاتِ المُباحة

 

ثانيًا: الشَّحن الرُّوحيّ المُستمرّ

مِن وسائل الشَّحن الرُّوحيّ

(1) الإكثار مِن ذِكرِ الله

  • قال تعالى: ﴿… أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ﴾.[15]

(2) صلاة اللَّيل

  • قال تعالى: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ …﴾.[16]
  • عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا الْعَبْدُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُهُما عَلَيْهِمْ».[17]

 

(3) قراءة القُرآن الكريم

(4) الدُّروس الأخلاقيَّة

(5) قراءة كتب الأخلاق

– جامع السَّعادات: النَّراقيّ

– الإعداد الرُّوحيّ: حسين معن

– الجهاد الأكبر: الخمينيّ

– الذُّنوب الكبيرة: دستغيب

– الجفاف الرُّوحيّ: الغريفي

(6) ذِكر الموت وزيارة القبور

(7) الأجواء الإيمانيَّة الرُّوحيَّة

(8) المُشارَطة والمُراقَبة والمُحاسَبة.

 

كلمة أخيرة

هذا شهرُ الله شهرُ الرَّحمةِ والمحبَّةِ والتَّسامح.

هنا نقول: لا للكراهية، لا للعصبيَّة، لا للطَّائفيَّة.

ولا عنوانَ أخطر مِن عنوان الطَّائفيَّة.

إنَّه عنوانٌ مُدمِّر؛ مُدمِّر للأوطان، مُدمِّر للشُّعوب.

فأنظمةٌ تمارس الطَّائفيَّة هيَ أسوأُ الأنظمة.

وشعوبٌ تمارسُ الطَّائفيَّةَ هيَ أسوأُ الشُعوب.

فها هي أوطانٌ غارقةٌ في الدِّمارِ بسببِ الطَّائفيَّةِ المَقيتة؟

وماذا تعني الطَّائفيَّة؟

مِنَ الأنظمةِ تعني سياسة التَّمييز بين الطَّوائف، فطائفة لها كلُّ الامتيازات، وطوائف محرومة كلَّ الحرمان.

والطَّائفيَّة لدى الشُّعوب هي أنْ تتباغض الطَّوائف، فهذه الطَّائفة ترى نفسها هي الأعلى وهي الأفضل.

وتقابلها طوائف بنفس اللُّغة.

وهكذا يحدث الصِّراع والخلاف، ويحدث القِتال، وتُسفك الدِّماء.

هنا نتمنَّى ونحن في شهر الله، شهر المحبَّة والتَّسامح أنْ يكون وطننا هذا وطنًا خاليًا مِن كلِّ أشكالِ الفِتن الطَّائفيَّة والمذهبيَّة.

وأنْ يكون وطن الخير والمحبَّة.

فلا تمايز بين الطَّوائف والمُكوِّنات.

وهذا خطاب للنِّظام وللشَّعب.

وبقدر ما يتمركز التَّسامح والمحبَّة في وجدانِ النِّظام، وفي ضمير الشَّعب بكلِّ مُكوِّناتِهِ ينعم الوطن

بالهدوءِ والاستقرار.

ويكون الوطن وطن محبَّةٍ وخيرٍ وتسامح.

وهذا ما نتمنَّاه لكلِّ أوطاننا الإسلاميَّة.

انظروا إلى أوطانٍ هيمن عليها الحسُّ الطَّائفيّ والعنصريّ كيف تجري فيها الدِّماء أنهارًا، وكيف تُهتك الأعراض، وتُسحق الكرامات.

وهذا هو النِّظام الصُّهيونيّ قد تأسَّسَ على سياسة التَّمييز، بكلِّ ما يحمله هذا العنوان مِن مُنتجاتٍ مُرعبةٍ ومُدمِّرةٍ وقاسية.

إنَّها سِياسةٌ مرفوضةٌ كلَّ الرَّفضِ.

ومطلوبٌ مِن خطابنا الرَّسميّ والشَّعبيّ.

مَطلُوبٌ مِن خطاب السِّياسةِ، وخطابِ الدِّينِ، وخطابِ الثَّقافةِ، وخطابِ الإعلامِ …

مطلوبٌ مِن هذا الخطابِ أنْ يُؤسِّسَ لمساراتِ الوِحدةِ والتَّقاربِ والتَّآلفِ، لا أنْ يؤسِّسَ لمساراتِ التَّمزُّقِ والتَّخالفِ والتَّباعدِ.

حفظ اللهُ هذا الوطنَ الحبيبَ، وسائرَ أوطانِ المُسلمينَ مِن شرِّ الفِتن ما ظهر منها وما بطن إنَّه سميعٌ مجيبٌ.

هكذا مطلوبٌ أنْ تمتدَّ الأيدي الضَّارعةُ إلى اللهِ الرَّحيم، في هذا الشَّهر الكريم أنْ يُجنِّب هذا البلدَ، وكلَّ بلدانِ المسلمين، بل وكلَّ العالم كلَّ المكدِّرات والأزماتِ التي تعصفُ بحياة الإنسانِ، في هذا العصرِ المشحونِ بالفِتنِ والحُروبِ والصِّراعَات.

فإذا لم تشمِلْنَا نفحاتُ الخيرِ والمحبَّةِ والإلفةِ والصَّفاءِ، والأمنِ والأمانِ، والرِّضا والاطمئنانِ، والفرحةِ والابتهاجِ في هذا الشَّهرِ الفضيلِ فمتى تشملنا؟

وآخرُ دَعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

[1] المجلسي: بحار الأنوار 18 ق 1/160، (ك: الطَّهارة والصَّلاة، ب 7: سنن الوضوء وآدابه …)، ح 33

[2] سورة المؤمنون: الآيات 1-2.

[3] المجلسي: بحار الأنوار 18 ق 2/401، (ك: الطَّهارة والصَّلاة، ب 16: آداب الصَّلاة)، ح 59.

[4] سورة النِّساء: الآية 142.

[5] سورة المُطفّفين: الآية 14.

[6] الصَّدوق: علل الشَّرائع 1/81، (ب 74: علَّة جفاف الدُّموع)، ح 1.

[7] الآمدي التَّميمي: غرر الحكم، ص 517، (ف 64: مما ورد في حرف الكاف بلفظ كيف)، ح 12.

[8] الكليني: الكافي 3/450، (ك: الصَّلاة، ب: صلاة النَّوافل)، ح 34.

[9] الصَّدوق: علل الشَّرايع 2/362، (ب 83: العلَّة التي من أجلها يحرم الرَّجل صلاة اللَّيل)، ح 2.

[10] التَّويسركاني: لئالي الأخبار 1/3، (ب 1: فيما يتعلق بتنبيه النَّفس).

[11] الفيض الكاشاني: المحجَّة البيضاء 3/204، (ك: الحلال والحرام، ب 1: فضيلة الحلال ومذمَّة الحرام).

[12] سورة الأعراف: الآية 31.

[13] ورَّام ابن أبي فراس: تنبيه الخواطر 1/46، (ب: ما جاء في الصِّدق والغضب لله).

[14] المصدر السَّابق، ص 102، (ب: تهذيب الأخلاق).

[15] سورة الرَّعد: الآية 28.

[16] سورة السَّجدة: الآية 16.

[17] الفيض الكاشاني: المحجَّة البيضاء 2/388، (ك: ترتيب الأوراد، ب 2: فضيلة قيام الليل).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى