حديث السبت: كيف يثبت الهلال؟ (2)

كيف يثبت الهلال؟ (2)

طرق أخرى لإثبات الهلال

ما هو الحكم الشَّرعيّ إذا اختلفت البلدان في رؤية الهلال بحيث رُؤي في بلدٍ ولم ير في بلد آخر؟

هنا حالتان:

(1) أنْ تتَّحد البلدان في الأفق، فالرُّؤية في أحدهما يكفي بالنِّسبة للبلد الآخر.

(2) أنْ تتعدَّد الأفق.

وهنا وقع الخلاف بين الفقهاء.

 

ما المقصود بتَعدُّدِ الأُفق؟

الأرض لها خطوط طول وخطوط عرض؟

– فإذا وقعت البلدان على خطِّ طُولٍ واحد

أو على خُطوطِ طُولٍ متقاربة

فيكون (الغروب) واحدًا أو متقاربًا

فتُسمَّى هذه البُلدان المُتَّحِدة أو المُتقاربة في الطُّلوعات والغُروبات البلدان المُتَّحِدة الأُفق.

 

– وإذا وقع البلدان على خُطوطِ طُولٍ مُتباعدة فيكون الغروب في أحدهما قبل الغروب في الآخر بمدَّة طويلة.

فتُسمَّى هذه البُلدان متعدِّدة الأُفق.

 

كيف يُرى الهلالُ في بلدٍ ولا يُرى في بلدٍ آخر؟

إذا كان الهلال يبقى بعد الغروب خمس دقائق أو يغيب قبل الغروب في بلد كالبحرين.

أمَّا بلدٌ آخر يقع غربًا كأمريكا، حيثُ يتأخر غروبه عِدَّة ساعات عن غروب البحرين فإنَّ الهلال يكون ابتعد كثيرًا عن منطقة المحاق، فيكون أكثر وضوحًا ويبقى مدَّة أطول فيمكن أنْ يُرى.

 

ما الحكم الشَّرعيّ إذا تَعدَّدتِ الآفاق؟

هنا اتِّجاهان فِقهيَّان:

الاتِّجاهُ الأوَّل:

يرى أنَّ الهلال إذا ثبت في بلدٍ يكفي لثبوته في البلدان الأخرى، وإنْ اختلفت الآفاق مع الاشتراك في جزء مِن اللَّيل.

(الخوئيّ/ الصَّدر/ فضل الله)

 

الاتِّجاهُ الثَّاني:

يشترط توافق الأُفق لإثبات الهلال

(الخمينيّ/ السِّيستانيّ/ الخامنئيّ/ زين الدِّين)

 

هل تُعتمد الحسابات الفلكيَّة أم يشترط الرُّؤية بالعين المجرَّدة؟

هنا مجموعة آراء:

الرَّأيُ الأوَّل:

يشترط الرُّؤية بالعين المجرَّدة

ويعتمد هذا الرَّأي مجموعة روايات

وهي متجاوزة حد َّالتَّواتر كما يقول السَّيِّد الحكيم في المستدرك.

• عن الإمامِ الصَّادق (عليه السَّلام): «…، فَإِذَا رَأَيْتَ الْهِلَالِ فَصُمْ وإِذَا رَأَيْتَه فَأَفْطِرْ».[1]
• وعن الإمامِ الباقر (عليه السَّلام): «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وإِذَا رَأَيْتُمُوه فَأَفْطِرُوا ولَيْسَ بِالرَّأْيِ ولَا بِالتَّظَنِّي، …».[2]
• وقالَ الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «الصَّوْمُ لِلرُّؤْيَةِ، وَالْفِطْرُ لِلرُّؤْيَةِ».[3]
• وقالَ الإمامُ الرِّضا (عليه السَّلام): «صُومُوا لِلرُّؤْيَةِ، وَأَفْطِرُوا لِلرُّؤْيَةِ».[4]
• وعن أميرِ المؤمنين (عليه السَّلام): «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَأَفْطِرُوا، …».[5]
• وفي حديث رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِذَا خَفِيَ الشَّهْرُ فَأَتِمُّوا الْعِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا».[6]
• وفِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عليه السَّلام): «صُمْ لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرْ لِرُؤْيَتِهِ وَإِيَّاكَ وَالشَّكَّ وَالظَّنَّ فَإِنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُّوا الشَّهْرَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ».[7]

 

الرَّأيُ الثَّاني:

يذهب إلى أنَّ الرُّؤية بالأجهزة العلميَّة الفلكيَّة مجزية، ويثبت مِن خلالها الهلال، ولا تشترط أنْ تكون الرُّؤية بالعين المُجرَّدة، فالرُّؤية إنَّما هي وسيلة لإثبات وجود الهلال، ولا فرق بأنْ تكون الرُّؤية بالعين المُجرَّدة أو بالأدوات العلميَّة، ولا خصوصيَّة للرُّؤية بالعين المُجرَّدة.

ما دام حصل العِلم واليقين بوجود الهلال وبإمكان رؤيته.

 

الرَّأيُ الثَّالث:

ويذهب إلى أنَّ الحسابات الفلكيَّة إذا ولَّدت عِلمًا أو اطمئنانًا بوجود الهلال وامكانيَّة رؤيته بالعين المجرَّدة أو بالأجهزة العلميَّة فيمكن الاعتماد عليها.

إذًا هذا الرَّأي لا يشترط الرُّؤية الفعليَّة، بل يكتفي بوجود إمكانيَّة الرُّؤية.

نعم في تفسير إمكانيَّة الرُّؤية هناك اتِّجاهان:

إمكانيَّة الرُّؤية بالعين المُجرَّدة، وإمكانيَّة الرُّؤية بالأدوات الفلكيَّة.

 

الرَّأيُ الرَّابع:

وما وجدت أحدًا مِن الفقهاء يذهب إليه، ورُبَّما ذكره بعض الفلكيِّين.

هذا الرَّأي هو كفاية الولادة الفلكيَّة وإنْ كانت الرُّؤية مستحيلة، لأنَّ خروج الهلال مِن منطقة المحاق وفق هذا الرَّأي هو بداية شهر فلكيّ، وليس هناك شهر شرعيّ وشهر فلكي فمتى بدأ الشَّهر الفلكيّ بدأ الشَّهر الشَّرعيّ.

وكما قُلت لم أجد أحدًا مِن الفُقهاء يذهب إلى هذا الرَّأي.

 

 

[2] الكليني: الكافي 4/77، ح 6.

[4] الحرُّ العاملي: وسائل الشيعة 10/253، ح (13343) 5.

[5] الصَّدوق: من لا يحضره الفقيه 2/123، ح 1911.

[6] الحرُّ العاملي: وسائل الشيعة 10/257، ح (13355) 17.

[7] الحرُّ العاملي: وسائل الشيعة 10/255، ح (13349) 11.