بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين؛ مُحمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين.
السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.
لا زالت أيامُ شعبانَ ولياليه بفيوضاتِها وبركاتِها مُسْتمرَّةً، فالبدار البدار لِمن أراد أنْ يحظى بشيئ من هذه الفيوضات والبركات.
فشهرُ شعبانَ مِن أعظمِ الشُّهورِ عند اللهِ سبحانه.
هو شهرُ نبيِّنا الأعظمِ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) حيثُ قالَ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم):
- «…، أَلَا إِنَّ شَعْبَانَ شَهْرِي فَرَحِمَ اللهُ مَنْ أَعَانَنِي عَلَى شَهْرِي».() (إقبال الأعمال، ص 192، ابن طاووس)
وقد ورد في بعض الأخبار أنَّه شهر الله.
والأحاديثُ في فضلِ هذا الشَّهرِ كثيرةٌ ومتظافرة.
جاء في بعضها أنَّ الملائكةَ حَمَلةَ العرشِ تُعظِّم شهر شعبان.
وفيه تُزاد أرزاقُ العباد.
وسُمِّي شعبان لأنَّه تتشعَّب فيه الأرزاق.
وفيه تتضاعفُ الحسناتُ سبعين ضعفًا، وتبقى السَّيِّئةُ سيِّئة.
وفيه تُغفرُ الذُّنوبُ.
وفيه يُباهي الجبَّارُ جلَّ جلالُه بعبادِهِ، ينظر مِن فوقِ عَرْشِهِ إلى صُوَّامِهِ وقُوَّامِهِ فيباهي بهم حَملَة عَرْشِهِ.
وللصَّوم في هذا الشَّهرِ فضلٌ عظيمٌ.
- في الحديثِ عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «صِيَامُ شَعْبَانَ ذُخْرٌ لِلعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يُكْثِرُ الصِّيَامَ فِي شَعْبَانَ إِلَّا أَصْلَحَ اللهُ لَهُ أَمْرَ مَعِيشَتِهِ، وَكَفَاهُ شَرَّ عَدُوِّهِ، وَإِنَّ أَدْنَى مَا يَكُونُ لِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَنْ تَجِبَ لَهُ الْجَنَّةُ».() (الصَّدوق: الأمالي، ص 68)
- وفي حديثٍ آخر له (عليه السَّلام) قالَ:
«…، فمن صام منكم شعبان حتَّى يصله بشهر رمضان كان حقًّا على الله أنْ يعطيه جنَّتين، ويناديه مَلَكٌ مِنْ بُطْنَانِ العَرْشِ عِنْدَ إِفْطَارِهِ كُلَّ لَيلَة: يَا فُلانُ، طِبْتَ وطابَتْ لكَ الجَنَّةُ، وكفى بك أنَّكَ سَرَرتَ رسولَ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد موته».() (الحرُّ العاملي: وسائل الشِّيعة 8/10، ص 508)
- وجاء في كتاب (الإقبال) عن الإمامِ الصَّادق عن أبيه عن جدِّهِ عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) قال:
«شَعْبَانُ شَهْرِي وَرَمَضَانُ شَهْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ شَهْرِي كُنْتُ شَفِيعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ مِنْ شَهْرِي غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِي قِيلَ لَهُ: اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ». (ابن طاووس: إقبال الأعمال، ص 195)
- وروى الشَّيخ في المصباح عن صفوان الجمَّال قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السَّلام): «حُثَّ مَنْ فِي نَاحِيَتِكَ عَلَى صَوْمِ شَعْبَانَ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَرَى فِيهَا شَيْئًا؟ قَالَ [عليه السَّلام]: نَعَمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كَانَ إِذَا رَأَى هِلَالَ شَعْبَانَ أَمَرَ مُنَادِيًا فنادى فِي المَدِينَةِ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنِّي رَسُولُ رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ، أَلَا إِنَّ شَعْبَانَ شَهْرِي، فَرَحِمَ اللهُ مَنْ أَعَانَنِي عَلَى شَهْرِي.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السَّلام) كَانَ يَقُولُ: مَا فَاتَنِي صَوْمُ شَعْبَانَ منذُ سَمِعْتُ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يُنَادِي فِي شَعْبَانَ فَلَنْ يَفُوتَنِي أَيَّامَ حَيَاتِي صَوْمُ شَعْبَانَ إِنْ شَاءَ الله تعالى». (الطُّوسي: مصباح المتهجِّد، ص 571)
والأعمال المندوبة في هذا الشَّهر كثيرة، أضع بين أيديكم بعضًا مِنها، أعاننا الله وإيَّاكم على أنْ نغترف مِن فيوضاتها الكبيرة.
مِن هذه الأعمال:
(1) الإكثار من الاستغفار
نقول في كلِّ يومٍ سبعين مرَّة: “استغفر الله وأسأله التَّوبة”
ويبقى العدد مفتوحًا في آناء اللَّيل والنَّهار.
والاستغفار الصَّادق توبة وإنابة ولجوء إلى الله سبحانه.
(2) الإكثار مِن التَّهليل
وقد وردت صيغة لهذا التَّهليل وهي: “لا إله إلَّا الله ولا نعبد إلَّا إيَّاه مخلصين له الدِّين ولو كره المشركون”.
تقولها وتكرِّرها في اللَّيل والنَّهار، وفي كلِّ الآناء.
ومَن قالها في هذا الشَّهر (ألف مرَّة) ولو تفرقة كُتب مِن العابدين، ومُحيت عنه ذنوب كثيرة، ويخرج مِن قبره يوم القيامة ووجهه يتلألأ مثل القمر ليلة البدر، وكُتب عند الله صِدِّيقًا.
(3) الإكثار مِن الصَّلوات على مُحمَّدٍ وآل مُحمَّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)
ففي هذه الصَّلوات الكثيرُ الكثيرُ مِن الخيراتِ والبركاتِ.
فأولَّ من صلَّى على مُحمَّدٍ وآل مُحمَّد هو الله العظيم، ثُمَّ ملائكتُه المُكرَّمون.
قالَ الله تعالى:
- {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ …}. (الأحزاب/56)
هنا جاءَ الأمرُ للمؤمنين:
- {… يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. (الأحزاب/56)
فهذه الصَّلوات تخلَّقٌ بأخلاقِ الله، وطاعةٌ لله، وتشبُّهٌ بملائكة اللهِ، ودخولٌ في سلام اللهِ.
- روي أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ والبُشرى تُرْى فِي وَجْهِهِ فقالَ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم): «إنَّهُ جاءني جبرئيل (عليه السَّلام) فقال: أَمَا ترضى يا مُحَمَّد أنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ صلاة واحدة إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا». (إحياء علوم الدِّين، ج 3، الغزالي، ص 168)
- وروى عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) أنَّه قالَ: «إِذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) فَأَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي أَلْفِ صَفٍّ مِنَ المَلَائِكَةِ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْئٌ مِمَّا خَلَقَهُ اللهُ إِلَّا صَلَّى عَلَى ذَلِكَ العَبْدِ لِصَلَاةِ اللهِ عَلَيْهِ وَصَلَاةِ مَلَائِكَتِهِ، فمن يَرْغَبُ في هَذَا فهو جَاهِلٌ مَغْرُورٌ قَدْ بَرِئَ اللهُ مِنْهُ وَرَسُولُهُ وأهلُ بيته». (الحرُّ العاملي: وسائل الشِّيعة 7/193)
- وفِي حديثٍ آخر للإمامِ الصَّادق (عليه السَّلام) قالَ:
«مَنْ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ عَشْراً صَلَّى الله عَلَيْه ومَلَائِكَتُه مِائَةَ مَرَّةٍ، ومَنْ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ مِائَةَ مَرَّةٍ صَلَّى الله عَلَيْه ومَلَائِكَتُه أَلْفًا، أمَا تَسْمَعُ قَوْلَ الله عَزَّ وجَلَّ: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (الأحزاب/43)». (الكليني: الكافي، ص 493)
فيا عبادَ الله: لا تجارة مع الله في هذا الشَّهر العظيم شهر شعبان أربح مِن الاكثار من الصَّلاة على الحبيب المصطفى وآله الأطياب (اللهُّمَ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد).
(4) الإكثار مِن أعمالِ البِّرِ والإحسان
فمَن تصدَّق في هذا الشَّهر ولو بشقِّ تمرةٍ حرَّم الله جسَدَهُ على النَّار.
- وعن الإمامِ الصَّادق (عليه السَّلام) أنَّه سُئل: ما أفضل ما يُفعل في شعبان؟ «…، قالَ: الصَّدَقَةُ والاسْتِغْفارُ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فِي شَعْبانَ رَبّاها اللهُ تعالى كَما يُرَبِّي أحَدُكُم فَصِيلَهُ حتَّى يُوافِي يَوْمَ القِيَامَةِ وقَد صارَ مِثْلَ أُحُد». (ابن طاووس: إقبال الأعمال، ص 196)
فما أعظم – أيُّها الأحبَّة – أنْ نشبع البطون الخاوية، وأنْ نكسو الأجساد العارية.
وأنْ نأوي ضائعين حائرين.
فهذا أكبر عند الله مِن تطوُّعٍ بصلاةٍ وصيام، وحجٍّ، وعمرةٍ، وزيارة، ومِن أداء الكثير مِن العبادات المَسنُونةِ والمندوبة.
- قالَ الإمامُ الباقر (عليه السَّلام): «…، ولأنْ أَعُولَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ المُسْلِمِينَ؛ أَسُدَّ جَوْعَتَهُمْ، وأَكْسُوَ عَوْرَتَهُمْ، فَأَكُفَّ وُجُوهَهُمْ عَنِ النَّاسِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحُجَّ حَجَّةً وحَجَّةً [وحَجَّةً] ومِثْلَهَا ومِثْلَهَا – حَتَّى بَلَغَ عَشْرًا -، ومِثْلَهَا ومِثْلَهَا – حَتَّى بلغ السَّبعين -». (الكليني: الكافي، 2/195، ح 11)
- وعن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «مَنْ كَسَا أَخَاه كِسْوَةَ شِتَاءٍ أَوْ صَيْفٍ كَانَ حَقًّا عَلَى الله أَنْ يَكْسُوَه مِنْ ثِيَابِ الجَنَّةِ، وأَنْ يُهَوِّنَ عَلَيْه سَكَرَاتِ المَوْتِ، وأَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْه فِي قَبْرِه، وأَنْ يَلْقَى المَلَائِكَةَ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِه بِالْبُشْرَى، …». (الكليني: الكافي 2/204)
(5) الإكثار مِن الطَّاعات التي تُقرِّبُ إلى الله سبحانه
حيث أنَّ الحسنات تضاعف سبعين ضعفًا، والسَّيِّئات محطوطة، والذُّنوب مفقودة، وأنَّ الله سبحانه يباهي في هذا الشَّهرِ بعبادِهِ الطَّائعين حَمَلةَ عرشه.
فالمزيد المزيد مِن الأعمالِ التي تُقرِّبُ إلى الله، في كلِّ المجالاتِ، وفي كلِّ المساحاتِ الفرديَّةِ، والأُسريَّةِ والاجتماعيَّة والثَّقافيَّة، والأخلاقيَّة والسِّياسيَّة، فطاعة الله تمتدُّ لكلِّ المواقع ما دام في العمل رضى الله، وما دام في العمل غفران الله، ففي كلِّ موقعٍ فثمَّة طاعة، وثمَّة معصية… فبادروا إلى الطَّاعات واستكثروا مِنها، والحذر الحذر مِن المعاصي والمخالفات والمُنزلقاتِ.
ليلةُ النِّصفِ مِن شعبان
وهي أفضلُ ليلةٍ بعد ليلة القدر
- سئل الإمام الباقر (عليه السَّلام) عن فضلِ ليلةِ النِّصفِ مِن شعبان؟
فقال (عليه السَّلام): «هي أفضلُ ليلةٍ بعدَ ليلةِ القدرِ، فيها يمنح اللهُ العبادَ فضلَهُ، ويغفر لهم بمنِّهِ، فاجتهدوا في القُربةِ إلى اللهِ تعالى فيها، فإنَّها ليلةٌ آلى اللهُ (عزَّ وجلَّ) على نفسِهِ أنْ لا يردَّ سائلًا فيها ما لم يسألِ اللهَ فيها معصية، …». (ابن طاووس: إقبال الأعمال، ص 209)
ومِمَّا زاد في شرفِ وعظمة هذه اللَّيلةِ أنَّها اللَّيلة التي وُلِد في فجرها “المهديّ مِن آلِ مُحمَّد (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)”.
فأفضل أعمال هذه اللَّيلة على الإطلاق أنْ نعدَّ أنفسنا لنكون مِن المنتظرين لظهور مولانا صاحب العصر والزَّمان.
ولا شكَّ أنَّ جميع ما تقدَّم مِن أعمال هذه اللَّيلة يصبُّ في مشروع الانتظار، ولستُ هنا في صدد الحديث عن (مُكوِّنات الانتظار) ورُبَّما يأتي في وقت آخر.
ما يهمّني هنا هو التَّأكيد على هذه اللَّيلة المباركة فيما تحمله مِن خصائص عظمى، ومميِّزات كبرى ممَّا جعلها تلي ليلة القدر في الفضل.
وكم هو مؤسف أنَّ هناك عابثين يخطِّطون لسرقة هذه اللَّيلة، وإفقادِها مِن مضامينها الكبرى، وأهدافها العظمى، وتحويلها إلى ليلة لهوٍ وانفلات، مستغلِّين براءة جمهور هذه المناسبة حتَّى صَدَّق بأنَّ هذا الانفلات هو عملٌ يُقرُّه الدِّين والشَّرع، أترى أنَّ ما يحدث مِن اختلاطات غير منضبطة أمرٌ يقرَّهُ الدِّين والشَّرع؟!
أترى أنَّ بعض الأجواء الصَّاخبة المنفلتة أمرٌ يقرَّهُ الدِّين والشَّرع؟!
صُنَّاع هذا العبث والانفلات مصرُّون على هذا المسار؛ لأنَّهم لديهم مشروعهم.
ما يعنينا هو جمهورنا الطَّيِّب، الذي يعيش الولاء والانتماء إلى مدرسة الأئمَّة من آل البيت النَّبويَّة صلوات الله عليهم، هذا الجمهور مطالب أنْ يكون مِن الحُرَّاس الأمناء لهذه المناسبة العظمى.
هنا المعترك بين خطِّ الإيمان وخطِّ الضَّلال
بين خطِّ العدل وخطِّ الظُّلم
بين خطِّ الوعي وخطِّ الهوى.
كلمة أخيرة
ليلةُ النِّصفِ مِن شعبان ميلاد المصلح الأعظم تُمثِّل مناسبة كبرى للعدلِ والأمنِ والسَّلامِ، ولكلِّ عناوينِ المحبَّةِ والتَّسامحِ والاِئتلاف.
فإذا أردنا أنْ نتخذ يومًا عالميًّا للعدل والأمن والسَّلام فهو (يوم الإمام المهديِّ مِن آل مُحمَّدٍ صلَّى الله
عليه وآلِهِ وسلَّم).
لا عُقدةَ لدينا أنْ تُخصِّص الأممُ المتَّحدة، أو أيُّ هيئةٍ دوليَّةٍ يومًا عالميًّا للعدالةِ الاجتماعيَّة أو للسَّلام. أو للمحبَّة، ولا عُقدة لدينا أنْ ترتفع صَرْخاتُ المساواةِ في كلِّ الأوطان، وصرخاتُ العدالة ومحاربة كلِّ أشكال التَّمييز… فهذا أمرٌ يباركه إسلامُنا، وتباركه قِيمُنا ومبادئُ ديننا.
إلَّا أنَّ لنا في (يوم الإمام المهديِّ مِن آلِ مُحمَّد صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) العنوانَ الأعظم لإطلاقِ نداءاتِ العدل والمساواة، ومواجهة كلِّ أشكال الظُّلم والتَّمييز، فهو (عليه السَّلام) المُصلِح الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلِئت ظُلمًا وجورًا.
وإنَّنا نبارك أيَّ مشروع يلتقي مع الهدفِ الأعظم لدولةِ الإمام المهديِّ مِن آل مُحمَّد (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم).
فالسَّائرون في خطِّ الانتظار يباركون كلَّ مشاريعِ العدلِ، وكلَّ مشاريعِ الإصلاح في كلِّ الأوطان، ما دامتْ هذهِ المشَاريعُ صادقةً ومُخلصةً، وليست مشاريعَ استهلاكٍ وتخديرٍ وهيمنةٍ كما هي غالبيَّة مشاريع هذا العَصْرِ، فهذا عصرُ المتاجرةِ بالشِّعاراتِ وتخديرُ الإراداتِ، وهذا عصرُ العبثِ بالقيمِ والمفاهيمِ.
إنَّ يومَ الإمامِ المهديِّ المنتظر هو (يوم المراجعة والمحاسبة) ويومُ الانطلاقِ في خطِّ الإصلاحِ والتَّغيير.
وآخرُ دَعْوَانَا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.