حديث الجمعة 437: اليَومُ العَالميُّ للشَّباب – شَبَابُنا وَمَسؤُوليَّاتُ المرحلةِ
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّد الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ وعلى آلِهِ الهداةِ الميامين.
وبعد: فمع بعض عناوين:
اليَومُ العَالميُّ للشَّباب
احتفل العالمُ هذا الأسبوع بـ(اليومِ العَالمي للشَّباب) فيما يعنيه هذا اليوم من تأكيدٍ على دورِ الشَّباب في إثراء ِحركةِ المجتمعات على كلِّ المستوياتِ العلميَّةِ، والثَّقافيَّةِ، والاجتماعيَّةِ، والسِّياسيَّةِ.
ليس لدَينا أيُّ عُقدةٍ في التَّعاطي مع هذه (العناوين) ما دامتْ تحملُ أهدافًا نظيفةً، وتُوظَّفُ تَوظِيفًا نظيفًا، وأمَّا إذا حَمَلتْ أهدافًا سيِّئةً، أو وُظِّفَتْ توظيفًا سَيِّئًا، فهيَ مَرفُوضةٌ، كلَّ الرَّفض، ولا يجوز التَّعاطي معها.
وهنا أُؤكدُّ أنَّنا نَملِكُ في ثقافتِنا الإسلاميَّةِ الأصيلةِ، وفي نُصُوصِنا الدِّينيةِ ما يُعطي هذا المكوَّنَ – الشَّباب – مُوْقِعًا لا يُعطيه لَهُ أيُّ مشروعٍ آخر، أو أيُّ فكرٍ آخر، مهما كانت المسميات والعناوين.
تحدَّث القرآنُ الكريم عن أصحاب الكهفِ فقال عَنْهُم: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (سورة الكهف: الآية 10).
وقال عَنهُمْ: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (سورة الكهف: الآية 13).
هنا تَتحدَّثُ سُورةُ الكهفِ عن كوكبةٍ من الفِتيَةِ والشُّبَانِ تَحدَّوُا نظامًا وَثَنيًّا جبَّارًا، فتحرَّرُوا مِن عبادةِ الأَصْنَامِ، واهتدَوْا إلى طريقِ الإيمانِ، وانفتحوا على اللهِ في كلِّ أفكارِهم ومشاعِرِهِم، وفي كلِّ خطواتِ حياتِهم.
كم هو عَدَدُ هؤلاءِ الشُّبَانِ؟
اختلف النَّاسُ كما أشارتْ الآية: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ …﴾ (سورة الكهف: الآية 22).
استفاد بعضُ المفسِّرين من هذا السِّياقِ في هذه الآية أنَّ القولَ الثَّالثَ هو الصَّحيح، حيث إنَّ كلمةَ ﴿… رَجْمًا بِالْغَيْبِ …﴾ وردت بعد القولِ الأوَّلِ والثَّاني، وهي إشارة إلى بطلانِ هذين القولين، ولم ترد بعد القول الثَّالث، وإنَّما استتبع بقوله تعالى: ﴿… قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ …﴾.
وإنْ كان هذا الجدلُ لا فائدة كبيرة فيه، إلَّا أنَّ الفائدة أنْ تُدرَس تجربة هؤلاءِ الشُّبانِ.
هذه التَّجربة التي دَوَّنَها القرآن الكريم لَتُمَثِّل دَرْسًا يُغذِّي كلَّ الأجيال، وخاصَّة أجيالَ الشَّباب.
وقد تَدَخَّلَ التَّدبيرُ الإلهيُّ فأرقدهم في كهفٍ رَقْدةً طويلة جدًّا، ليست كالمألوف من الرَّقدات.
وكم امتدَّتْ هذه الرَّقدة؟
ظنُّوها بعد أنْ استيقظوا ﴿… يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ …﴾ (سورة الكهف: الآية 19).
إلَّا أنَّ الله تعالى حدَّدَ مُدَّةَ هذه الرَّقدةِ، فقال: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ (سورة الكهف: الآية 25).
هكذا دوَّنَ القرآنُ (تجربةً إيمانيَّةً شبابيَّةً) هي من أغنى التَّجاربِ في تاريخِ الإنسانِ، فلا حاجة لشبابِ أمَّتِنَا أنْ يَبحثُوا عن روافد مِن هنا أو هناك، وإنْ كان إسلامُنا يُشجِّع على الاستفادةِ المشروعةِ والتي تُغْنِي الوعي والثَّقافة، وبناءِ الإنسان، والارتقاء بقُدراتِه العلميَّة، والفكريَّة.
وممَّا يُؤكَّد الدَّورَ الشَّبابيَ الكبيرَ في حركةِ الوعي الإيمانيِّ، والرِّساليِّ، والجهاديِّ ما سوف يتَبوَّأهُ هؤلاءِ الشَّبابُ من مواقع قياديَّة في أعظم حركةٍ تغييريَّةٍ كبرى في العالم، وهي: حركة الإمام المنتظر من آل محمد (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم).
وقد جاء في الخبر: “إنَّ أصحابَ القائم شبابٌ لا كهول فيهم إلَّا كالكحلِ في العين، …” (الغَيبة، الصَّفحة 330، النعماني).
وجاءَ في خبر آخر: “ويبايعه – يعني الإمام المهدي (عليه السَّلام) – بين الرُّكنِ والمقام ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا من الأخيار كلُّهم شبان لا كهلَ فيهم” (ينابيع المودَّة 3/220، القندوزي).
الشَّبابُ طاقةُ البناءِ والتَّغيير
الشَّبابُ يُشكِّلون (طاقة البناءِ والتَّغيير) في المجتمعاتِ، كما يُشكِّلونَ (بُؤرَ التَّوتُّرِ والفوضى)، و(مشروعاتِ الجريمة)، و(أدواتِ العُنْفِ والتَّطرُّف)!
وبَقَدرِ ما تتوفَّر (الموجِّهات) يتحدَّدُ (النَّهجُ) الَّذي يصوغ (مساراتِ الشَّباب)، فيما هي: المنطلقاتُ، والغاياتُ، والأدواتُ، والممارساتُ؟!
وإذا لم تتكاملْ (الأبعادُ) التي توجِّهُ (المسارات)، فالمنتجاتُ سوف تكونُ في غاية الخطورةِ!
فالمكوِّناتُ العلميَّةُ، والثَّقافيَّةُ، والفكريَّة مهمَّةٌ في بناءِ (مساراتِ الشَّباب).
والمكوِّنات النَّفسيَّة مهمَّةٌ في هذا البناء.
وكذلك المكوِّنات الاجتماعيَّة، والسِّياسيَّة، والمكوِّنات التَّرفيهيَّة، والرِّياضيَّة.
ولكن يبقى أهم هذه المكوِّنات هو: (المكوِّن الإيمانيِّ، والرُّوحيِّ، والأخلاقيِّ، والسُّلوكيِّ) بشرط أنْ يُصاغ هذا المكوِّن صوغًا صحيحًا، وإلَّا تحوَّل إلى كارثة كبرى!
وهل مساراتُ التَّطرُّفِ والعنفِ والإرهابِ إلَّا نتيجة فهمٍ مزوَّرٍ للمكوِّن الدِّينيِّ؟!
فما يمارسُهُ (إرهابيُّو هذا العصرِ) من قتلٍ، وذَبْحٍ، وهتكٍ، وحَرَقٍ، وطيشٍ، وفسادٍ، ودمارٍ، وجنونٍ، وعبثٍ، وعنفٍ، وتطرُّفٍ …، ليس إلَّا نتيجة (فهمٍ مزوَّرٍ للدِّين)!
قد تزوَّرُ الثَّقافةُ، فيكون لذلك مردوداتٌ خطيرة جدًّا.
وقد تزوَّرُ السِّياسةُ، فيكون لذلك مردوداتٌ خطيرة جدًّا.
وقد يُزوَّرُ اقتصادٌ، إعلامٌ، أعرافٌ اجتماعيَّةٌ، أنظمةٌ، قوانين…، فيكون لذلك مردوداتٌ خطيرة جدًّا.
ولكن حينما يزوَّرُ الدِّينُ، فالمردوداتُ كارثيَّةٌ، ومُدمِّرةٌ، ومُرعبة!
أسسُ الدِّينِ ومُسلَّماتُهُ
لا مُشكلةَ في أنْ تختلفَ الرُّؤى والاجتهاداتُ في فهم الدِّين ما دامتْ الأسُس، والثَّوابت، والمُسَلَّماتُ، والضَّرورات متَّفقٌ عليها.
أمَّا حينما تُنسَفُ هذه الأسُس، والثَّوابت، والمُسَلَّماتُ، والضَّروراتُ فهنا الكارثةُ، وهنا الدَّمار، وهنا التَّطرُّف!
من أسُس الدِّين، ومُسلَّماتِه، وثوابتِهِ، وضروراته، ومقاصِده الكبرى:
(1) حرمةُ الدَّمِ
كما أكَّدتْ ذلك الآياتُ، والرِّوايات:
•﴿… مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا …﴾ (سورة المائدة: الآية 32).
•قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “لزوالُ الدُّنيا جميعًا أهونُ على اللهِ مِن دَمٍ سُفِكَ بغير حقٍّ” (الحكمة 3/2496، محمد الريشهري، والتَّرغيب والترهيب 3/293، عبد العظيم المنذري).
•وعنه (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “مَنْ أعانَ على قتل مؤمنٍ بشطر كلمةٍ لقي الله يوم القيامةِ مكتوب بين عينيه آيسٌ من رحمةِ الله” (كنز العمَّال 15/22، المتقي الهندي).
•وعنه (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “أوَّلُ ما يُقضى بين النَّاسِ يوم القيامةِ في الدِّماء”. (المصدر نفسه: الصَّفحة 22).
(2) حُرْمةُ العِرْضِ
•في الحديث: “فمَن استطاع منكم أنْ يلقى اللهَ وهو نقي الرَّاحةِ مِن دماءِ المسملين وأموالِهم، سليم اللِّسان من أعراضهم، فليفعل”. (نهج السَّعادة 7/273، الشَّيخ المحمودي).
•وفي حديث آخر: “مَنْ كفَّ عن أعراضِ المسلمين أقاله الله عثرَته يوم القيامة”. (بحار الأنوار 72/256، العلَّامة المجلسي).
(3) حُرْمة المال
المال الذي يُملك حَلالًا، ويُنفق حلالًا له حرمتُهُ، فلا يجوز الاعتداء عليه، سواءً أكان هذا المال مالًا خاصًّا أم مالًا عامًّا يخدم مصالح النَّاس المشروعة، وربَّما تكون الحرمةُ أشدَّ حينما يكون المال مُعَدًّا لمصالحِ النَّاسِ العامَّةِ، وكذلك لا يَجوزُ تعطيلُ المنافعِ والخدماتِ التي يُشكِّلُ تعطيلُها إضرارًا بمصالح النَّاسِ الحياتيَّة.
فيما هي حاجاتهم وضروراتُهم.
ولذلك ورد في الرِّوايات أنَّ إزالة كلِّ المعوِّقات في طريق النَّاس صَدَقة، فـ:
•عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) قال: “إنَّ على كلِّ مسلمٍ في كلِّ يوم صَدَقةٌ!
قيل: ومَنْ يطيق ذلك؟
قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): إماطتُك الأذى عن الطَّريق صدقةٌ.
وإرشادُك الرَّجلَ إلى الطَّريق صَدَقةٌ.
وعيادتُك المريضِ صَدَقةٌ.
وأمرُكَ بالمعروفِ صَدَقةٌ.
ونهيُك عن المنكرِ صَدَقةٌ.
وردُّكَ السَّلام صَدَقةٌ” (مستدرك الوسائل 7/242، الميرزا النوري).
حَاجاتٌ ضَرُوريَّةٌ
وانطلاقًا من الأسُسِ والثَّوابتِ المتقدِّمةِ تتشكَّلُ حاجاتٌ مركزيَّةٌ في حياةِ النَّاس:
الضَّرُورة الأولى: الأمَنُ
فأيُّ عمل يُصادُر أمَنَ النَّاسِ، وأمَنَ الأوطانِ والشُّعوبِ، فهو محرَّمٌ في دينِ اللهِ تعالى.
الضَّرُورة الثَّانية: العدلُ
فأيُّ عملٍ يُصادر العَدلَ في حياةِ النَّاسِ، فهو محرَّمٌ في دين الله تعالى.
الضَّرُورة الثَّالثة: المحبَّةُ والتَّسامُح
فأيُّ عملٍ يُصادرُ المحبَّةَ، والتَّسامحَ بين النَّاسِ، فهو محرَّمٌ في دين اللهِ تعالى.
الضَّرُورة الرَّابعة: الوحدة والتَّآلف
من خلال (الاعتصام بحبل الله)، والتَّمسك بـ(القِيَم، والمُثل النَّظيفة).
فأيُّ عمل يُصادر ذلك، فهو محرَّم في دين الله تعالى.
الضَّرُورةُ الخامسة: التَّعاونُ على البرِّ والتَّقوى
فأيُّ عملٍ يُصادِرُ ذلك، فهو محرَّم في دينِ اللهِ تعالى.
الضَّرُورة السَّادسة: الحرِّيَّةُ
المحكومةُ لضوابط الشَّرعِ، والقِيم، والقوانين العادلة.
فأيُّ عملٍ يصادِرُ هذه الحرِّيَّة، فهو محرَّم في دين الله تعالى.
شَبَابُنا وَمَسؤُوليَّاتُ المرحلةِ
مِن أجلِ أنْ يُحصَنَّ شَبَابُنا في خطِّ (المسؤوليَّاتِ)، في مرحلةٍ تحملُ من التَّعقيداتِ ما تحملُ، ولكي لا تنزلقَ (مخزُوناتُهم) من (الطَّاقاتِ، والقُدُرات) يَجبُ:
أوَّلًا: التعبئة الرشيدة للشَّباب
أنْ يَتَعبَّأَ شبابُنا إيمانيًّا، وثقافيًّا، ورُوْحيًّا، وأخلاقيًّا من خلال (مُعَبِّئاتٍ) رشيدةٍ، نقيَّةٍ، أصيلةٍ، وليس مِن خلالِ (مُعَبِّئاتٍ) متخلِّفةٍ، ملوَّثةٍ، مزوَّرةٍ.
ثانيًا: التَّوظيف الهادف
أنْ تُوظَّف قُدُراتُ وطاقاتُ وإمكاناتُ شبابِنا توظيفًا هادِفًا، نظيفًا، جادًّا، بعيدًا عن المنزلقاتِ، والمتاهاتِ، والانحرافاتِ، وعن كلِّ ما يقودُ إلى الشَّرِّ، والفسادِ، والتَّمرُّد، والانفلاتِ، والضَّياع.
ثالثًا: تنشيط روح النَّقد وحرِّيَّة التَّعبير
أنْ تُنشَّطَ لدى الشَّباب (روحُ النَّقدِ والمحاسبة)، و(حرِّيَّة التَّعبير عن الرَّأي) كلُّ ذلك وفق (الضَّوابط الصَّحيحة)، وليس انسياقًا وراء (الأهواء، والمزاجاتِ، والانفعالات)، فإنَّ هذا الانسياق يفقد (النَّقد) موضوعيَّتُه، ويفقد (المحاسبة) واقعيَّتها، كما يحوِّل (الحرِّيَّة في التَّعبير) انفلاتًا، وتخبُّطًا، وإسفافًا.
ومطلوبٌ جدًّا في لغة النَّقد والمحاسبة، وفي لغةِ التَّعبير عن الرَّأي أنْ تكون نظيفةً، مُهذَّبةً، راقيةً، مَرِنةً، ليِّنةً، مملوءةً حبًّا، وتسامحًا، وشفافيَّةً، وإلَّا فإنَّها لا تملك القدرة على اقتحام القلوب والعقول، وسوف تكونُ عاجزةً أنْ تحقِّقَ أهدافَها، وغاياتها النَّبيلة.
وإذا كان النَّقدُ رشيدًا، والتَّعبيرُ عن الرَّأي مُحصَّنًا، فلا يجوز أنْ يُصادر، وأنْ يُقمع، فإنَّ هذا يُحوِّل الشَّبابَ إلى قُوى متمرِّدةٍ، وعناصر متطرِّفةٍ، وأدواتٍ عابثة.
فهؤلاء الشَّبابُ (مخزونٌ كبيرٌ) من الطَّاقاتِ والقُدُراتِ، فإذا أُلجمَ هذا المخزونُ انفجر دمارًا، وعبثًا، وتطرُّفًا.
فيجب على أنظمة السِّياسة، ويجب على منابر الدِّين، ويجب على مواقع الفِكر والثَّقافة، ويجب على مؤسَّسات الرِّعاية والتَّربية، ويجب على كلِّ المعنِيِّين بشؤون الأجيال، يجب على هؤلاء جميعًا أنْ يتحمَّلوا مسؤوليَّاتِهم الكبيرة في حماية الشَّباب من الانزلاقِ نحو (التَّطرُّف، والعنف، والإرهاب) من خلال (الاحتضان)، و(الانفتاح)، و(التَّرشيد)، و(حرِّيَّة التَّعبير عن الرَّأي) ما دام ذلك لا يتجاوز المعايير الصَّحيحة، والضَّوابط القويمة، والأدوات السَّليمة.
أمَّا اعتماد الشِّدَّة والقسوة في التَّعاطي مع قناعاتِ الشَّبابِ الدِّينيَّةِ، أو الثَّقافيَّةِ، أو الاجتماعيَّةِ، أو السِّياسيَّةِ، وسواءً أكانت هذه القناعاتُ صائبةً أم خاطئةً، اعتماد هذا النَّهج له منتجاتُه الخطيرة، وتداعياتُه الصَّعبة، ومعطياتُه السَّيِّئة!
وكلَّما كان التَّعامل مع (خَيَاراتِ) الشَّبابِ يحملُ رفقًا، ولِينًا، ورحمةً، وحبًّا، وتسامحًا، وَفَّر ذلك القُدرةَ على إنتاج أجيالٍ صالحةٍ خيِّرةٍ، محبَّةٍ لأوطانِها، حارسةٍ لأمنِ بلدانِها، وَفِيَّةٍ لشعوبها، مدافعةٍ عن كلِّ ذرَّةٍ من تراب أراضيها، صادقةٍ كلَّ الصِّدقِ مع أنظمتها.