حديث الجمعة222: خصوصيّة المكان في الدّعاء (5)
الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصّلوات على سيّد الأنبياء والمرسلين محمّدٍ وعلى آله الطيّبين الطّاهرين..
خصوصيّة المكان في الدّعاء:
كما أنّ للزّمان خصوصيّة في الدّعاء، كذلك للمكان خصوصيّة وهنا نُشير إلى بعض الأمكنة ذات الخصوصيّة:
(1) الدّعاء عند بيت الله الحرام:
ومن أبرز مواطن الدعاء في بيت الله الحرام:
1- الحجر الأسود وهو موضوع في أحد زوايا الكعبة ومنه يبدأ الطواف:
أكدّت الروايات أنّ الحجر الأسود من أحجار الجنّة، وكان أشدّ بياضًا من القراطيس، فاسودّ من خطايا بني آدم…
• وفي الحديث: «الحجر يمين الله في الأرض، فمن مسح يده على الحجر فقد بايع الله أن لا يعصيه».
• وفي حديث الإمام زين العابدين عليه السّلام مع الشّبلي:
قال الإمام: صافحت الحجر يا شبلي؟
• قال الشّبلي: نعم يا رسول الله..
فصاح الإمام زين العابدين عليه السّلام صيحةً كاد يفارق معها الحياة وقال: آهٍ آه من صافح الحجر فقد صافح الله تعالى، فانظر يا مسكين، ولا تضيّع آجر ما عظم حرمته، وتنقض المصافحة بالمخالفة وقبض الحرام نظير أهل الآثام…
2- الحطيم (ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة):
وهو من أفضل المواطن لاستجابة الدّعاء..
ولماذا سُمّي حطيمًا؟
سُمِّي بذلك لازدحام النّاس فيه على الدّعاء ويحطم بعضهم بعضًا..
وقيل سُمِّي حطيمًا لانحطام الذّنوب عنده.
3- المستجار (الموضع المقابل لباب الكعبة دون الرّكن اليماني)، وقيل إنّ في هذا الموضع انشق جدار الكعبة لفاطمة بنت أسد، حينما فاجأها الطّلق وهي حامل بأمير المؤمنين عليه السّلام، فدخلت إلى جوف الكعبة، وعند الرّخامة الحمراء كانت ولادتها بأمير المؤمنين عليه السّلام، والروايات متضافرةٌ بولادة عليّ عليه السّلام في داخل الكعبة وهو أول مولود يولد في الكعبة المشرفة، ولم يولد بعده مولود فيها…
قال الكاتب المصري الكبير عباس محمود العقّاد:
«ولد عليّ في داخل الكعبة، وكرّم الله وجهه عن السّجود لأصنامها، فكأنّما كان ميلاده ثمّة إيذانًا بعهدٍ جديدٍ للكعبة والعبادة فيها».
(نقل هذا الكلام السيد هاشم معروف في كتابه سيرة الأئمّة الاثنى عشر)
فهذا الموضع الذي يُسمّى «المستجار» ولعله هو الذي يُسمّى «المُتَعوَّذ والملتزم» من المواطن المهمّة للدّعاء والاستغفار.
• قال الإمام زين العابدين عليه السّلام: «لمّا هبط آدم إلى الأرض طاف بالبيت، فلمّا كان عند المستجار دنا من البيت فرفع يده إلى السّماء فقال: يا ربّ اغفر لي، فنودي: إنّي قد غفرت لك، قال: يا ربِّ ولولدي؟، فنودي: يا آدم من جاءني من ولدك فباء بذنبه بهذا المكان غفرت له».
• وقال الإمام الصّادق عليه السّلام: «إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخّر الكعبة – وهو بحذاء المستجار دون الرّكن اليماني بقليل- فابسط يديك على البيت والصق بطنك وخدّك بالبيت وقل: (اللهمّ البيتُ بيتُك، والعبدُ عبدُك، وهذا مكان العائذ بك من النّار)
ثمّ أقرّ لربّك بما عملت، فإنّه ليس من عبدٍ مؤمنٍ يُقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلاّ غفر الله له إن شاء الله».
4- الركن اليماني:
الكعبة لها أربعة أركان:
أ- ركن الحجر الأسود ومنه يبدأ الطواف.
ب- وبعدها يأتي الرّكن العراقي.
ج- ويليه الرّكن الشّامي.
د- والرّكن الرابع: الرّكن اليماني.
وقد وردت في الرّكن اليماني أحاديث كثيرة:
• قيل: يا رسول الله، رأيناك تُكثر استلام الرّكن اليماني، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ما أتيت عليه قطّ إلاّ وجبرئيل قائمٌ عنده يستغفر لمن استلمه».
• وقال الإمام الباقر عليه السّلام: «كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يستلم إلاّ الرّكن الأسود واليماني ثمّ يقبلهما، ويضع خدّه عليهما، ورأيت أبي يفعله».
• وقال الإمام الصّادق عليه السّلام: «الرّكن اليماني بابٌ من أبواب الجنّة، لم يغلقه الله منذ فتحه».
• ويقول الإمام الصّادق عليه السّلام – حين يجوز الرّكن اليماني-: «إنّ في هذا الموضع ملكًا أعطي سمع أهل الأرض، فمن صلّى على رسول الله [صلى الله عليه وآله] حين يبلغه أبلغه إياه».