حديث الجمعة 159: إستقواء أم وظيفة شرعية؟ – أسئلة وأجوبة حول الحج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إستقواء أم وظيفة شرعية؟
يدور هذه الأيام جدل بين الناشطين السياسيين وفي مداولاتهم ولقاءاتهم، هل يصح الإستقواء بموقف المرجعية الدينية في قضايا السياسة، وفي قرارات السياسة؟
فصيل من هؤلاء الناشطين يرفض اللجوء إلى المرجعية الدينية في القرار السياسي، فهذا اللجوء يشكل إستقواء لهذا الفصيل أو ذاك ضد فصائل سياسية أخرى وهذا لا يجوز في العمل السياسي، وهو يربك القرار السياسي، كما يسبب انقساما وخللا وتشظيا، فيجب على فصائل السياسة أن تدير هذا الشأن السياسي فيما هي الحوادث والمداولات، وفيما هي القرارات بدون اللجوء إلى مرجعيات دينية، ثم إن القرار السياسي هو مسؤولية المتصدين للشأن السياسي فهم أصحاب الخبرة والاختصاص في هذا الأمر، أما المرجعيات الدينية فهي معنية بشؤون الفقه والدين.
ولنا حول هذا الكلام مجموعة ملاحظات:
الملاحظة الأولى: هل اللجوء إلى المرجعية الدينية في العمل السياسي هو إستقواء ضد الفصائل الأخرى؟
المسالة ليست كذلك، وإنما يمثل هذا اللجوء استنطاقا للوظيفة الشرعية التي قد تتفق مع موقف هذا الفصيل أو ذاك الفصيل، فلا ينطلق هذا اللجوء من دافع سياسي أو من رغبة في الإستقواء، فلماذا نستنكر على جماعة سياسية تبحث عن وظيفتها الشرعية مادامت مؤمنة كل الإيمان أن الدين معنّين بكلّ قضايا الحياة الروحية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسّياسية، وما دامت تثق كلّ الثقة بمرجعياتها الدينية وبقدراتهما وكفاءتها وبوعيها لكلّ أوضاع السّاحة.
الملاحظة الثانية: هل هناك مفاصلة بين عالم الدين ورجل السّياسة.. صحيح أنّ عالم الدين هو المتخصص في شؤون الفقه والدين، وأن رجل السّياسة هو المتخصص في شؤون السّياسة ، ولكن ألا يمكن أن يكون عالم الدين هو رجل متخصص في السّياسة، وخبير بشؤونها.. ولست في حاجة أن أُذكّر بأسماء لعلماء دين يمثلون حضورا متميزا في الشأن السّياسي باعتراف أقطاب السّياسة ورجالاتها، فلماذا نصر على أن عالم الدين لا خبرة له بالسّياسة؟
أنا لا أدّعي هنا أن كلّ عالم دين هو خبير بشؤون السياسة، فما أكثر علماء الدين الذين لا يملكون أوليات الفقه السّياسي المعاصر، ولا يملكون الحد الأدنى من الخبرة بأوضاع السّياسة، ثم من قال أنّ كلّ الناشطين السّياسيين وأنّ كلّ المتصدين للعمل السّياسي من شخصيات وأحزاب وحركات وجمعيات وتكتلات هم كفاءات سياسية ناجحة، فها نحن نجد إرباكات واضحة في السياسة رغم أنّ المتصدين هم رموز سياسية لامعة، وذات تاريخ سياسي طويل، مع ذلك فالتعثرات السّياسية جليّه، والأخطاء السّياسية كبيرة ، ولا أتحدث هنا عن الخيانات السّياسية فهذا موضوع آخر لست في صدد الحديث عنه في هذا السياق، فمقولة أنّ المتصدين للشأن السّياسي هو الأكفأ سياسيا، وهم الأقدر سياسيا، وهم الأنجع سياسيا، مقولة في حاجة إلى مراجعة وإعادة نظر، والمقام لا يتسع لكشف الأخطاء والممارسات السّياسية التي أرهقت الواقع السياسي وأرهقت جماهير الأمة، تلك الأخطاء والممارسات التي صدرت ولا زالت تصدر من متصدين للشأن السّياسي ومن ناشطين وضعوا أنفسهم قادة ورادة للعمل السّياسي وأن هنا لا أقصد أشخاصا معينين، وإنما هو الواقع السّياسي يشهد بان الكثير من المتصدين لهذا الشأن ليسوا بمستوى مسؤولياته.
سوف أتابع الملاحظات في الحديث القادم إن شاء الله
أسئلة وأجوبة حول الحج:
شخص توفرت لديه الإمكانية المالية للحج إلا أنه طالب في الجامعة أو الثانوية، وقد صادف موعد الامتحان موعد الحج، فأيهما يقدّم؟
الجواب: هنا حالتان:
الأولى: يمكن أن يؤدي الامتحان في دور ثاني بلا أي مشكلة، هنا يتعين عليه الحج
الثانية: لا يمكن تأجيل الامتحان، وذهابه للحج يوجب رسوبه، وهذا يترتب عيه ضياع سنة دراسية وفي ذلك حرج شديد لجهات مادية أو معنوية، هنا يجوز ترك الحج وتقديم الامتحان
شخص أقترض مبلغا من المال يغطي نفقات الحج، فهل يجل عليه الحج، وهل يجزي عن حجة الإسلام؟
الجواب: هنا رأيان فقهيان:
الرأي الأول: إذا كان سداد القرض لا يشكل أي إرباك في وضعه المعيشي، فيجب عليه الحج بهذا المال المقترض، ويجزي عن حجة الإسلام، أما إذا كان السداد مربكا لوضعه المعيشي فهو غير مستطيع، ولا يجزي لو حج عن حجة الإسلام.
الرأي الثاني: لا يعتبر مستطيعا، وإذا حج فحجه صحيح إلا انه لا يجزي عن حجة الإسلام، وإلا أذا كان القرض مؤجلا إلى أجل طويل جدا كخمسين سنه مثلا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين