حديث الجمعة101:الخطبة السياسية/الإعتداء والفصل وجهان لسياسة واحدة:
الإعتداء على الشاب موسى عبد علي ,وفصل المهندس جلال فيروز وجهان لسياسة واحدة,هي سياسة الإمتهان لكرامة المواطن و حينما تسود هذه السياسة، فإن ذلك يؤسس لواقع مأزوم ينذر بالكثير من المخاطر و المآزق و التوترات و الاحتقانات فكيف يطلب من المواطن أن يكون مساهما حقيقيا في بناء هذا الوطن و في الحفاظ على امنه و استقراره، و في الدفاع عن شرفه و عزه و ازدهاره، كيف يطلب منه ذلك و المواطن لا يملك إحساسا بالكرامه و المواطن لا يامن على نفسه و عرضه و شرفه و لا يأمن على مصدر رزقه و عيشه.
إذا اريد لهذا المواطن ان يكون الفاعل الحقيقي في بناء الوطن و في الحفاظ على امنه و استقراراه و في الدفاع عن شرفه و ازدهاره و هذا ما يجب ان يمارسه كل مواطن, فيجب ان تصان كرامة الوطن و ان تؤمن له اوضاع معيشته عند ذلك سوف يندفع ذاتيا للبناء و الانتاج و العطاء و عند ذلك سوف يكون الدرع الحصين الذي يدافع عن مجد هذا الوطن و عزته وشرفه بلا حاجه إلى مزيد من الخطابات و التحشيدات و الاستنهاضات.
إذا تحركت على الارض سياسة العدل و الانصاف و سياسة الاحترام لكرامه الانسان فلن يكون هناك مكان للحقد و الكراهية و العداء و لن يكون هناك مكان للمواجهة و المصادمة و الخصام و سوف تتعزز الثقة و تتكرس المحبه و سوف يتأسس الوءام…
أما أني يوظف انسان و ان يفصل انسان بقرار سياسي تلك مسألة في غايه الخطورة ان تكون أرزاق المواطنين تحت رحمة المزاج السياسي مسألة تهدد روح الثقة.
ما يتحرك في الساحة إن قصة المهندس جلال فيروز هي واحده من قصص الفصل السياسي ربما حاولت الشركه التي يعمل لديها المهندس فيروز ان تبرر خطوة الفصل و انهاء الخدمات بوجود مخالفات ادارية و قانونيه متكررة، الا ان هذا كيف يتواءم مع خطوة التكريم التي تمت للمهندس فيروز من قبل الشركه نفسها اعترافا بكفاءته و إخلاصه، فكيف تحول هذا التميز و الكفاءة إلى فشل و عجز و تخلف؟! و كيف تحول الصدق و الإخلاص إلى تقصير و إهمال و مخالفات؟! و كيف تحول الاختفاء و التكريم إلى فصل و تسيب؟!
ثم ان قصة الشاب موسى عبد علي هي واحدة من قصص الامتهان الصارخ لكرامه الإنسان، وواحدة من قصص المصادرة لحرية الكلمة الناشطة في المطالبة بالحقوق، و لا زالت هذه القصة تتفاعل في داخل وجدان هذا الشعب و ضميره، و لن يهدأ هذا التفاعل مالم يتم الانتصاف لكرامه هذا الشاب، و الذي هو انتصاف لكرامة كل مواطن، لازال الناس ينتظرون نتائج التحقيق، و إن كانت المؤشرات لا توحي بوجود اتجاه جدي في الكشف عن خيوط الجريمه، الأمر يبعث على القلق الشديد، و يدفع نحو الشك و الريبة في كل التصريحات…
ما نطالب أن تسارع الأجهزة الأمينة المعنية بهذا الموضوع إلى إبراز الحقيقة، و الكشف عن ملابسات القصة،و تقديم الجناة إلى العدالة، فهذا هو الذي يعزز الثقة عند المواطنين، و إن هذا هو الذي يطمئن الناس في هذا الوطن..
ليس المهم هو الكلمات و طرح المشروعات، أنما المهم أن يكون للكلمات تطبيقات عمليه، و أن يكون للمشروعات حركة على الأرض.
لقد قلت للسيد وزير العمل حينما زارنا مشكورا و تحدث عن “مشروع التوظيف”:إننا نريد أن تكون لهذا المشروع مصداقية واضحة على الارض و ان لا يبقى مجرد كلمات مكتوبة على الورق، و أن المواطن لن يتردد في التفاعل مع هذا المشروع اذا وجد له حضورا حقيقيا في معالجة مشكلة العاطلين، و في إيجاد الحلول الناجحة لأزمة البطالة في هذا البلد، و هذه الأزمة التي مصدر توتر و تأزم و غليان.
يجب على الحكومة اذا أرادت ان تحافظ على استقرار هذا الوطن و ازدهاره أن تبادر جادة و صادقة إلى حلحلة كل الأزمات الضاغطة على أوضاع الناس في هذا البلد.
إن الحديث عن الازمات الضاغطة اصبح حديث الشارع و حتى لا يتحول هذا الحديث إلى غضب و رفض لابد من معالجات الازمات، و لا تكفي التطمنينات و الوعود و التهدءات…و لا تكفي الكلمات و الخطابات و الشعارات..
المسألة هي صنع المواطن الصالح، الذي يحمل هموم هذا الوطن، و يضحي من أجله، و من أجل أن ينصنع هذا المواطن الصالح يجب ان يتوفر على كل حقوق المواطنة، و إن أي انتقاص من هذه الحقوق سوف يشكل انتقاصا في مستوى المواطنه، و من يتحمل هذه المسؤولية، إنها الدولة بالدرجة الاولى…صحيح مطلوب من كل انسان ينتمي إلى هذه الأرض أن يحمل درجة عالية من الانتماء و المواطنه، إلا ان مصادرة الحقوق او الانتقاص منها غالبا ما يخلق خللا في درجه الانتماء و المواطنة، فقبل أن نطالب الفرد أن يكون مواطنا صالحا، يجب أن نطالب الدولة ان تكون الدولة الصالحة، التي توفر للفرد كل حقوق المواطنة الصالحة.
و هكذا تتكافأ المعادلة، و عندها يجب أن يحاسب المواطن حينما يفرط في مسؤوليات الانتماء و المواطنة.
دعاؤنا لهذا الوطن أن يكون وطن و حب و وءام، و وطن خير و ازدهار، و وطن أمن و استقرار و آخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.