قصة الإمام زين العابدين (ع) مع الشيخ الكبير
قصة الإمام زين العابدين (ع) مع الشيخ الكبير:-
يحدثنا التاريخ أن قافلة الأسارى من آل الرسول (صلى الله عليه وآله)، وفي هذه القافلة الإمام علي بن الحسين زبن العابدين (ع)، وزينب بنت أمير المؤمنين(ع)، ونساء وأطفال من آل البيت وهم بقية مذبحة كربلاء، هذه القافلة من الأسارى لما وصلت إلى الشام وعند باب دمشق، كانت الجماهير قد ازدحمت في الطرقات، مشدودة بأنظارها إلى القافلة من أسارى الخوارج – هكذا قال الإعلام – وفي نشوة هذا الفرح والابتهاج بانتصارات خليفة المسلمين … في هذا الجو من الاحتفال بالنصر، ووصول هؤلاء الأسارى من الخوارج، يشاهد شيخ كبير طاعن في السن يقترب من قافلة الأسارى وهو يرفع صوته بالدعاء:
(الحمد لله الذي خذلكم وقتل رجالكم ونصر أمير المؤمنين يزيد عليكم)، وصلت هذه الكلمات إلى سمع الإمام زين العابدين (ع) والى سمع الحوراء زينب (ع)، والى أسماع النساء الأسيرات واليتامى من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تصل هذه الكلمات إلى أسماعهم، فتجرح قلوبهم وتتندى في عيونهم دموع خرسى صامتة لا تملك أن تعبر عن آهاتها وتوجعاتها، فتخنق في داخل الصدور، لا يسمح لهم أن يبكوا وإلا فالسياط تلتهب على ظهورهم ووجوههم، كما أنّهم لا يريدون أن يتعرضوا لذل الشماتة، هذا الشيخ الشامي واحد من ضحايا الإعلام الأموي.
فلما سمع الإمام زين العابدين (ع) هذه الكلمات الجارحة الصادرة من هذا الشيخ المسكين الضحية توجّه إليه بكلمات تقطر حباً وشفقة ورحمة:
* وقال: (يا شيخ هل قرأت القرآن) وهنا تكون المفاجأة المذهلة لهذا الشيخ هؤلاء خوارج فكيف يعرفون القرآن؟!
– فأجاب الشيخ بكلمات ذاهلة : (وما أنتم والقرآن).
نعم هكذا قال لهم الاعلام الأموي، أنّ هؤلاء خوارج لا صلة لهم بالقرآن، وانّما الممثلون الحقيقيون للقرآن هم الأمويون، يزيد بن معاوية هو الممثل الحقيقي للقرآن، يزيد قاتل الحسين، هادم الكعبة، مبيح المدينة، اللاعب بالقردود، الشارب للخمور، الغارق في المجون والشهوات، هو ممثل القرآن – كما يقول الإعلام – .
قال بولس سلامه في ملحمته يخاطب المؤذن :
رافع الصوت داعياً للفلاح أخفض الصوت في أذان الصباح
وترفق بصاحب العرش مشغولاً عن الله بالقيان الملاح
ألف الله أكبر لا تساوي بين كفي يزيد نهلة راح
* أعاد الإمام زين العابدين (ع) السؤال على هذا الشيخ المذهول (يا شيخ هل قرأت القرآن)؟
– نعم قرأت القرآن.
* فقال الإمام: يا شيخ هل قرأت هذه الآية ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)
– نعم قرأتها
* فنحن القربى يا شيخ .
فتندت دمعة خفيفة في عيني الشيخ المخدوع.
* وآصل الإمام أسئلته: يا شيخ هل قرأت هذه الآية (وآت ذا القربى حقه)
– نعم قرأتها
* فنحن القربى يا شيخ.
بدأت الدموع تزدحم في عيني الشيخ المسكين.
* قال الإمام: يا شيخ هل قرأت هذه الآية (إنّما يريدُ الله ليُذهِبَ عنكم الرِجسَ أهل البيت ويُطهركم تطهيرا)
– نعم قرأتها
* فنحن أهل البيت يا شيخ .
فصرخ الشيخ باكيا: بالله عليك أنتم هم؟ وظل يصرخ وهو يكرّر: أنتم هم أنتم هم .
* أجاب الإمام: (وحق جدنا رسول الله إنّا لنحن هم)
فانفجر الشيخ باكياً صارخاً: الله أكبر، أبناء رسول الله أسارى، أبناء رسول الله أسارى، واستمر يصرخ وهو يردّ هذه الكلمات إلى أن هدأت فورته، فالتفت إلى الإمام زين العابدين بعين مملوءة بالدموع، والحياء والخجل والانكسار قائلاً (يا ابن رسول الله هل لي من توبة)
* نعم ان تبت تاب الله عليك وأنت معنا
– فصاح الشيخ: اللهم اني تائب، اللهم اني تائب، ورفع كفيه الى السماء وهو يقول: (اللهم انا نبرأ إليك من عدو آل محمد)
وما أن أتمّ هذه الكلمات حتى تلقفتها أجهزة المخابرات وأجهزة القمع التي لا تستطيع أن ترى إنساناً واعياً في صفوف الشعب، فصدر القرار بإعدامه فوراً، وسقط رأس الشيخ ثمناً لموقفه الجرئ وكلماته الشجاعة