مشروعات الفساد والعبث بأخلاق البلد ودينه وهويته
إنّ الذي يهيء لهذه الجرائم، وهذه الممارسات الشائنة في حق هذا الجيل الناشئ هو هذه (التسهيلات) الموجودة في هذا البلد لارتكاب الفجور، وتعاطي شرب الخمور، فأماكن اللهو المحرم، وأسواق الدعارة، والبارات ومحلات الخمور منتشرة ليس في الفنادق و الصالات الراقية فقط، بل امتدت هنا وهناك، وزحفت إلى قلب الأماكن الآهلة بالناس، والمناطق الملتزمة بالدين والقيم، مما وفّر الفرص السهلة لأبناء هذا الجيل أن يسقطوا في ممارسة هذه الأعمال الشائنة، وهكذا تتحرك مشروعات الفساد والعبث بأخلاق البلد ودينه وهويته.
حدثني أحد الأخوة الذين أثق بهم أنّه حاول أن يراقب بعض الأماكن المخصصة لبيع الخمرة والدعارة – وللعلم أنّ هذا المكان في منطقة قريبة جداً من أحياء تسكنها العوائل المحافظة والملتزمة – وإننا نوجّه كل المؤمنين الغيارى على دينهم، وقيمهم، وأعراضهم أن يراقبوا ويحاصروا هذه الأماكن الفاجرة المدمرة، ولتكن الأساليب مدروسة وحكيمة..
يقول هذا الأخ أنّه وفي أثناء مراقبته لهذا المكان الموبوء شاهد فتىً صغيراً في الرابعة عشرة من العمر أو يزيد قليلاً دخل هذا المكان، ولبث بعض الوقت، ثم خرج وبصحبته واحدة من بائعات العهر والفجور والدعارة، ولا شك أنّه ابتاع زجاجة خمرة لتكتمل اللذة المحرمة (العُهر والسُكر) فما ظنكم
بهذا البلد الصغير تنتشر فيه تجارة العُهر والسُكر؟!
ما ظنكم بهذا البلد الصغير، وأطفاله، وشبابه الذين لم يتجاوزوا الرابعة عشرة من العمر، يرتادون أماكن العُهر والسُكر ؟
إن مستقبلاً مرعباً مخيفاً ينذر بكل الخطر ينتظر هذا البلد، أجيال هذا البلد، هوية هذا البلد، إذا بقيت أجواء الفساد الأخلاقي تعبث بهذا البلد، وتنهش في قيمه وأخلاقه.
قد يقال:لماذا تتحدثون بهذه اللغة المتشائمة ؟!
أليس المشروع الإصلاحي الذي تعيشه البحرين، وفي طموحاته الكبيرة يبعث على الأمل بمستقبل زاهر مشرق ؟
وتعقيباً على هذا الكلام نقول:
أولاً: إننّا لا نتحدث بلغة متشائمة، إنّها اللغة التي تحاسب الواقع بكل موضوعية، وبكل صراحة، وإنّه لمن الخيانة لهذا البلد، ولهذا الشعب أن تسكت الكلمة، وأن تهادن الباطل وأن تجامل الفساد والانحراف.
ثانياً: ليس مشروعاً إصلاحياً ؛ هذا المشروع الذي لا يضع في أولوياته حماية أخلاق البلد، وقيمه، ودينه، وهويته الإيمانية والروحية، وإذا قدر لهذا المشروع أنه استطاع أن يبرهن على مصداقيته، واستجاب لشيء من طموحات الشعب، المادية والمعنوية، فإنّ جماهيرنا سوف تبقى تعيش كل القلق، وكل الريبة إذا لم تطمئن على سلامة دينها، وقيمها، وأخلاقها، وهويتها..
ثالثاً: إن الخطابات النظرية التي يعتمدها المشروع الإصلاحي لن تقدر على أن تخلق الاطمئنان والرضا في القلوب والنفوس إلاَّ إذا تحوّلت هذه الخطابات إلى مبادرات حقيقية متحركة على الأرض، ولم تكن مجرد أدوات لتخدير الناس، واستمالة العواطف والمشاعر، خاصةً وأنّ عدداً من الإجراءات والقوانين قد أوجدت (خيبة أمل) كبيرة عند الجماهير، وما يترتب على ذلك من(تعقيد صعب) في التعاطي مع المشروع بكل صياغاته وتشكلاته.