الإمام الحجة المنتظر (ع)من وحي الذكريات

الإتجاهات حول قضية الإمام المهدي(ع)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وآله الهداة الطيبين…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد…


فإني أهنئكم بهذا المولد الأغر، مولد بقية الله في  الأرض مولانا الإمام الحجة المهدي بن الحسن أرواحنا له الفداء…


أيها الأحبة في الله…
لا زال العلماء والدارسون والمهتمون بشؤون الفكر الإسلامي يجدون في قضية ((الإمام المهدي)) مجالاً خصباً للبحث والدراسة والكتابة، ورغم ما توّفر عليه تاريخُ هذه القضية من معالجاتٍ ودراساتٍ وأبحاث، إلاّّ أنّها بقيت مثالاً للجدلِ في إشكاله العلمية تارة، وفي سياقاته المتعصبة أخرى…
ومن خلال قراءة راصدةٍ لكل النتاجات والكتابات التي حاولت أن تتناول هذه المسألة –سلباً أو إيجاباً- فإنه يمكن أن نكتشف ثلاثة اتجاهاتٍ متعددة:


الاتجاه الأول:
الاتجاه النافي لوجود الإمام المهدي…

هذا الاتجاه لا يعترف بصحة الفكرة، ولا يؤمن بوجودها ضمن منظومة المفاهيم والتصورات الإسلامية، وإذا كان لهذه الفكرة حضور في ذهنية المسلمين فهو بفعل تسربات من موروثات دخيلة على فكر المسلمين، استطاعت نتيجة غياب الوعي أن تقتحم ثقافة الأمة…
وفي ضوء هذه القناعة فقد اعتبر هذا الاتجاه مجموعةَ الروايات والأحاديث الواردة في (( المهدي)) رواياتٍ وأحاديثٍ موضوعةً ومكذوبةً على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي من نتاج ((العقل الشيعي)) ومنه تسربت إلى ((العقل الإسلامي العام)) بسبب الغفلة والتهاون والتساهل في نقد ومحاسبة الأخبار …
ولعل أول من تبنى هذه الاتجاه العلامة ابن خلدون في مقدمته المعروفة وسار في هذا المنحى الرافض لفكرة  المهدي عدد من الكتاب المتأخرين منهم:
–  الدكتور أحمد أمين المصري
– الشيخ محمد رشيد رضا
–  الشيخ محمد أبو زهره
–  الشيخ عبد الله بن زيد المحمود
– وبعض المستشرقين


 ويمكن –في ضوء القراءة الراصدة- القولُ بأن هذا الاتجاه هو أقل الاتجاهات نصيباً عند العلماء والمفكرين والباحثين المسلمين.. كونه لا يملك أيَّ مبرر موضوعي، ولا يحمل أيَّ سند علمي … وقد تصدّى للرد على هذا الاتجاه، والبرهنةِ على فساده وبطلانه كتاّب وباحثون وعلماء من مختلف المذاهب الإسلامية ..


فغياب المبررات العلمية، والتاريخية، والموضوعية أعطت هذا الاتجاه ضموراً وخواءً وإفلاساً … ولعل وراء هذا الاتجاه دوافع سياسية، ودوافع مذهبية –ليس هنا محل بحثها- 


أنا الآن في صدد إعداد دراسة علمية موسعة بعنوان ((الإمام المنتظر إشكاليات وردود)) حاولت فيه معالجة أهم الإشكاليات التي واجهت ((مسألة الإمام المنتظر)) بكل ما تحمله هذه الإشكاليات من صياغات متعددة .. ولازلت عاكفاً على هذه الدراسة والتي بدأتها منذ أكثر من سنة ونصف تقريباً، أسأل الله تعالى –وببركة الإمام المهدي- أن يمنحني التوفيق والتسديد والوقت  لإنجاز هذا المشروع وهو بضاعة مزجاة متواضعة أقدمها بين يدي مولاي بقية الله في الأرض أرواحنا لتراب مقدمه الفداء
وقد حاولت في هذه الدراسة اعتماد ((القراءات السندية)) للروايات والأحاديث، الأمر الذي يكاد يكون مفقوداً في أغلب ((الكتابات)) التي تناولت قضية ((الإمام المهدي))… ولعل الكثير من الرافضين للفكرة من الكتّاب المتأخرين يؤكدون على ((إشكالية السند)) واتهام الأحاديث بالضعف السندي …وقد توفقت لدراسة عدد كبير من ((الأحاديث)) واستطعت أن أبرهن على سلامتها من الناحية السندية، وفق ((المعايير)) المعتمدة في نقد الأحاديث كما هي عند أئمة الجرح والتعديل من علماء السنة…


•إشكالية إعراض الشيخين
1.الصحيحان لم يستوعبا كل الأحاديث الصحيحة (20 شاهد من تصريحات العلماء)
2.في أحاديث المهدي ما يتوفر على الشروط المعتمدة عند الشيخين(شواهد على ذلك)
3.الأحاديث التي توفرت على صحة الإسناد ولم يخرجها البخاري ومسلم (شواهد)
4.أحاديث صرح العلماء الحّفاظ بنسبتها إلى أحد الصحيحين إلا أنها غير مدونة في الطبقات المتداولة ( أمثلة)
5.في الصحيحين أو أحدهما وردت أحاديث في شأن المهدي المنتظر
•((كيف بكم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم))
-أجمع شراح البخاري ومسلم أن المقصود بالإمام هو الإمام المهدي
-مصادر أخرى للحديث ذكر فيها لفظ المهدي
•يكون في آخر الزمان خليفة يحثو المال …
•يعود عائد بالبيت فيبعث إليه بعث فتحف به البيداء…
•أحاديث الدجال
 6.  هل يبرر عدم ذكر قضية  المهدي في الصحيحين رفض القضية.
 قضية العشرة المبشرين بالجنة من المسلمات في الفكر السني.


الاتجاه الثاني:
هذا الاتجاه لا ينحى المنحى الأول الرافض للفكرة تماماً، حيث أن الحشد
الكبير من النصوص الإسلامية الصحيحة لا يسمح بهذا الرفض…
لذلك تشكّل هذا الاتجاه الثاني القائل بصحة فكرة ((الإمام المهدي)) وأنه ((المصلح)) الذي سوف يظهر في آخر الزمان فيملأ الأرض قسطاً وعلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، كما يعترف هذا الاتجاه بأنّ المصلح هو من ((ذرية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم))…
وما يميز هذا الاتجاه أنّه يعتقد بأنّ الإمام المهدي المبشر به في الأحاديث والروايات سوف يولد في آخر الزمان خلافاً للاتجاه الثالث الذي يؤمن بالولادةِ والغيبةِ..


الاتجاه الثاني هو المعتمد عند أغلب العلماء والباحثين ورجال الحديث من أهل السنة كما تؤكد ذلك الكتابات والدراسات والمدونات الحديثية عند هؤلاء… ويدّعي هذا الاتجاه أنّ القول بفكرة ((الولادة والغيبة)) لا يملك ((سنداً دينياً))ولا ((سنداً تاريخياً)) ولا((سنداً عقلياً))
وقد حاولت في دراستي ((الإمام المنتظر إشكاليات وردود)) أن أمارس نقداً علمياً لهذه الإشكالات… وقد  توصلت إلى عدة نتائج:
1.مسألة الغيبة والانتظار ليست نظرة شيعية, واستعرضت قائمة كبيرة بأسماء العلماء الكبار من أهل السنة يؤمنون بالولادة والغيبة.
2. توفر السند الديني على صحة الولادة والغيبة… وهنا حاولت أن توفر على دراسة عدد كبير من الأحاديث والروايات … وثبت لديّ صحتها وسلامتها من الناحية السندية.
3.توفر السند التاريخي للفكرة… وقد اعتمدت الدراسة على مجموعة كبيرة من ((المثبتات التاريخية))
4.وأما الإشكال العقلي فقد عالجته الدراسة معالجة تفصيلية…


  الاتجاه الثالث:
ويتشكل هذا الاتجاه -كما ألمحنا من خلال الحديث عن الاتجاه الثاني- من فكرتين:

(الولادة والغيبة)
فمسألة ((الإمام المهدي)) – وفق المنظور الثالث- ليست حالةً افتراضيةً تنتظر التجسّد في مستقبل الزمن –كما هو المنظور الثاني- وإنماّ هي حقيقة موضوعية لها ((تجسّد فعلي)) بدأ في منتصف القرن الثالث الهجري حينما ولد الإمام محمد ابن الحسن آخر المنظومة الاثني عشرية من أئمة أهل البيت عليهم السلام…
وقد اعتمد هذا الاتجاه مجموعة نصوص دينية كونت لديه القناعة بصحة ما تبناه من اعتقاد…
ويعتبر ((الرأي الشيعي)) هو المعبّر عن هذا الاتجاه… ويشاركه عدد ليس قليلاً من علماء المذاهب الأخرى.
وقد عالجت الدراسة هذه المسألة بالتفصيل…
الاتجاه الثالث في صياغته العلمية
 كيف تعاطت الذهنية الشيعية مع فكرة ((الإمام الغائب))؟
وكيف عاش الواقع الشيعي فكرة ((الانتظار)) ؟
هناك أشكال متعددة لهذا التعاطي والمعايشة…


ويمكن أن نوجزها ضمن الأشكال التالية:
الشكل الأول:

التعاطي الإسترخائي…
هذا الشكل من التعاطي فهم الانتظار حالة روحية بحتة …
وفي ضوء هذا الفهم، أصبحت المعايشة الانتظارية مجرد ((الدعاء)) …
ورغم القيمة الكبيرة للدعاء لتأصيل العمق الروحي والنفسي والوجداني مع قضية الإمام المهدي… إلا أن الانتظار –وفق هذا الفهم- أنتج حالة من ((الاسترخاء)) في الواقع الشيعي، بما لهذا الاسترخاء العملي من مردودات خطيرة على حركة الأمة.


الشكل الثاني:
التعاطي التعطيلي…

هذا الشكل من التعاطي فهم الانتظار حالة من العزلة والانزواء، والانكماش والتخلي عن مسؤوليات الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومسؤوليات الجهاد والتصدي للواقع الفاسد والواقع المنحرف. وقد أنتج هذا الفهم ((تعطيلاً)) للدور الرسالي، والدور الاجتماعي، والدور السياسي، والدور التغييري، والدور الجهادي…


 الشكل الثالث:
التعاطي الانحرافي…

   وهذا التعاطي يمثل حالة إسفافٍ خطير في فهم الانتظار…… كونهُ يرى أنّ الشرط الموضوعي لظهور الإمام المهدي هو ((امتلاء الأرض بالظلم والفساد والضلال)) فيجب العمل على توفير هذا الشرط من خلال ((الامتناع)) عن مواجهة الانحرافات، ومن خلال ((المساهمة)) في إنتاج((الواقع الفاسد)) …….


ولاشك أنّ هذا اللون من التعاطي تروج له الاتجاهات المعادية للإسلام، وهو يتناقض بشكل صريح مع ((الثوابت الإسلامية))


 الشكل الرابع:
التعاطي الواعي الأصيل…..

ويتكون هذا الشكل من التعاطي من أربعة عناصر:
 العنصر الأول:
الترقب الدائم لظهور الإمام المهدي…


 العنصر الثاني:
الاستعداد الدائم:

1.    الاستعداد العقيدي
2. الاستعداد الروحي
3.  الاستعداد الفكري والثقافي
4.  الاستعداد السلوكي
5.  الاستعداد الاجتماعي
6.   الاستعداد السياسي
7.  الاستعداد الرسالي و الجهادي
•   من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر.
•  (( إنهم الصلحاء والنجباء والفقهاء))
• ((يشتاقون إلى الشهادة ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله))
•   ((رجال كأنَّ قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات الله))
•  رجال لا ينامون الليل لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل
• ((رهبان بالليل ليوث بالنهار))
•  ((إنّ أصحاب الإمام شباب لا كهل فيهم إلا كالكحل في العين))
•  ويبايعه بين الركن والمقام ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً منهم الأخيار كلهم شبان لا كهل فيهم…


 العنصر الثالث:
الارتباط الفعلي بالقيادة النائبة في عصر الغيبة….. ((القيادة الفقهائية الأمينة الكفوءة ))


 العنصر الرابع:
التوطئة والتهيئة لظهور الإمام المهدي من خلال:
1.  إعداد الكوادر المؤهلة
2. إعداد الأرضية المساندة
3.    إعداد الأجواء النفسية والفكرية والسياسية.

Show More

Related Articles

Back to top button