الغريفي في افتتاح مركز الإرشاد الأسري: الأسرة هي الأساس، وصلاحها صلاح المجتمع
اعتبر سماحة العلامة السيد عبد الله الغريفي أن الأسرة هي الأسرة وإذا ما تشكلت صالحة وواعية ورسالية وهادفة ننجح في الإنتاجية الاجتماعية في خط الأهداف الإيمانية،مقدراً بأن أهم ما يميز المشروع الإيماني في فعالياته الثقافية والاجتماعية و السياسية إنها مصبوغة بالصبغة العبادية،وأن نجاح المشروع الإيماني يعتمد على ثلاث شروط هي الإخلاص والوعي والعمل،مشيداً بمشروع مركز الإرشاد الأسري بجمعية التوعية الإسلامية.
وثمن سماحته “جهود ونشاطات هذه الجمعية التي لها تأريخ في هذا البلد، يوم تأسست، ويوم حملت هم َّ الإسلام، وهمَّ الرسالة، وهمَّ هذه الأمة، ولذلك شكلت موقعا في ذاكرة الناس، ذاكرة الأجيال، وفي ضمير الناس، وفي حب الناس”،جاء ذلك في كلمته للإفتتاح الرسمي لمركز الإرشاد الأسري التابع للجمعية مساء الجمعة الماضي،والذي شارك فيه عدد الشخصيات العلمائية والنيابية والبلدية وممثلي الجمعيات والصناديق الخيرية، واشتمل الحفل على كلمة لرئيس المركز الأستاذ عباس المهدي ونائب الرئيس الأستاذ محمد جواد مرهون وكلمة لمرشدي المركز للأستاذ سلمان البناء، مع فتح باب المداخلات للحضور فيما أدار الحفل الأستاذ محمد الدقاق.
شروط النجاح..
وفي مستهل كلمة الإفتتاح قال سماحة السيد الغريفي “منذ تأسيسها الأول، وبعد أن صودِرت، وبعد أن عادت من جديد، هذه الجمعية التي عودتنا على الكثير الكثير من المبادرات الإسلامية الهادفة الواعية المخلصة، كم ساهمت جمعية التوعية الإسلامية في الدفع بحركة الوعي الديني في هذا البلد؟ وكم ساهمت هذه الجمعية المباركة الكريم في صنع كوادر عاملة في خط الله، في خط الإسلام، في خط أهل البيت عليهم السلام؟ وكم مارست وساهمت هذه الجمعية الإسلامية المباركة دورها الكبير والفاعل، في صنع أجيال من الشباب والشابات، أجيال منتمية إلى خط الإيمان وخط الإسلام وإلى خط الله سبحانه وتعالى.
وقال سماحته “عودتنا هذه الجمعية بمبادراتها الهادفة، الرائدة، المنتجة،المثمرة،ولعل هذا المشروع -مشروع المركز الأسري- واحد من مبادرات هذه الجمعيات المباركة، التي نتمنى لها مزيدا من المبادرات الثقافية، والمبادرات الاجتماعية في هذا الخط الإيماني الكريم، ونتمنى أن يحقق هذا المشروع الكريم أهدافه الكبيرة، ولكي يحقق هذا المشروع وأمثالها من المشروعات الإسلامية الإيمانية، أي مشروع ينطلق – مشروع إيماني إسلامي – لكي يحقق هذا المشروع أهدافه الكبيرة يحتاج لثلاثة شروط أساسية:الشرط الأول: الإخلاص والشرط الثاني: الوعي أما الثالث شرط العمل”.
ورأى أنه إذا تزاوجت هذه الشروط الثلاثة في مشروع من مشروعاتنا الإيمانية الإسلامية، فلا شك سوف يحقق أهدافه الكبيرة الكبيرة.
ما يميز العمل الإيماني ..
وتابع سماحته ” القائمون على أي مشروع إسلامي، يفترض أن يكونوا على درجة كبيرة من الإخلاص لله، هنا الفارق بين مشروعاتنا الثقافية ومشروعاتنا الاجتماعية ومشروعاتنا التربوية ومشروعاتنا السياسية، بين المشروعات التي تنطلق من ذهنية الإيمان بالله وبالرسالة، ومن مشروعات تنطلق من إيديولوجيات أخرى ومن خلفيات أخرى، الفارق أننا حينما ننطلق بمشروعاتنا الإسلامية، أو بمشروعاتنا الثقافية، أو بمشروعاتنا الاجتماعية، أو بمشروعاتنا السياسية، ننطلق من خلفية الإخلاص لله سبحانه وتعالى، يوم يكون العمل مخلصا وصادقا لله سبحانه وتعالى يحقق أهدافه في هذا الاتجاه، ربما يحقق مشروع شهرة، وربما يحقق انتشارا، ولكن هل يحقق أهدافه في خط الله؟ نحن نريد لمشروعاتنا أن تحقق أهدافها في خط الرسالة، في خط الله، فيما يحقق رضا الله سبحانه وتعالى، وإلا قد نحقق عملا سياسيا، أو قد نحقق عملا ثقافيا، أو قد نحقق عملا اجتماعيا، الفارق الواضح بين مشروعات تنطلق من منظور إيماني، ومن مشروعات تنطلق من منظور اجتماعي بحت، أو من منظور ثقافي بحت، أو من منظور سياسي بحت، وبين مشروع ينطلق من منظور إيماني ، ولهذا نحن تتحول مشروعاتنا الثقافية إلى مشروعات عبادية، وإلى أعمال عبادية، ويتحول مشروعنا الثقافي إلى مشروع عبادي، إلى عمل عبادي، وحتى مشروعنا السياسي يتحول إلى عمل عبادي، من هنا لما يكون الإخلاص لله تنصبغ المشروعات بصبغة عبادية، وهذا الفرق الكبير بين أن نمارس عمل اجتماعي ويتشكل مركز، كم هناك مراكز للعمل الاجتماعي؟ وكم هناك مراكز للعمل الأسري؟ وكم هناك مراكز للعمل الثقافي؟ وكم هناك مراكز وقوى للعمل السياسي؟ إلا أنه ما يميز المشروع الإيماني في فعالياته الثقافية والاجتماعية و السياسية إنها مصبوغة بالصبغة العبادية، أنا حينما أمارس عملي الاجتماعية الأسري على أي مستوى من المستويات، أحس أنا أمارس عمل عباديا أتقرب به إلى الله كما أتقرب بالصلاة إلى الله، وكما أتقرب بالصيام إلى الله، و كما أتقرب بالحج إلى الله، أتقرب إلى الله بعمل اجتماعي وبعمل ثقافي، وربما قد يفوق هذا العمل الاجتماعي في عطائه وفي ثوابه الكثير الكثير من العبادات المستحبة، ربما أصلي صلاة الليل وأحظى بثواب كبير، ربما أمارس حجا مستحبا، ربما أمارس صياما مستحبا وأحصل على ثواب عظيم، لكن حينما أمارس نشاطا اجتماعيا من أجل الله أحظى بثواب أكبر وأكبر وأكبر؛ لذلك الحديث يقول “لقضاء حاجة المؤمن أفضل من الطواف حول البيت أسبوعا” الطواف حول البيت بما له من ثواب عظيم عظيم عظيم عند الله، قضاء حاجة المؤمن أفضل من الطواف حول البيت أسبوعا، هذا عمل اجتماعي، فيه خدمة اجتماعية، الطواف صحيح يمثل عمل عبادي فردي، مردوداته فردية،و أؤكد العمل الاجتماعي الذي ينطلق من نية خالصة لله، لذلك الإمام الكاظم سلام الله عليه يقول” لئن أعول بيتا من المسلمين -هذه خدمة اجتماعية، أقدم خدمة اجتماعية، أقدم عمل اجتماعي – لئن أعول بيتا من المسلمين أحب إليَّ – أسد جوعتهم،وأكسو عورتهم،وأكف وجهوهم عن الناس- أحب إليَّ من حجة وحجة و حجة إلى أن أعد عشرا ومثلها ومثلها ومثلها إلى أن عد سبعين حجة” يعني في ميزان العمل العبادي الرباني، الإمام يقول أنا أمارس عمل اجتماعي من منطلق الإيمان بالله، وخدمة الناس يعدل في ثوابه سبعين حجة.
الوعي والبصيرة..
أؤكد نحن لما ننطلق في أي مشروع اجتماعي أو ثقافي أو سياسي، ننطلق من منطلق إيماني رباني مخلص لله يتحول هذا المشروع إلى عبادة، فإذن نحتاج في مشروعاتنا إلى درجة من الإخلاص، قد ننتشر كما قلت، وقد نبرز، وقد يكون لنا حضور على مستوى كبير، لكن إذا لم يكن هناك إخلاص الله هذا جهد عند الله ليس له قيمه، القيمة ليس بالانتشار، و لا بالشهرة، وليس بالبروز، هناك مقولة “أن العبد لينشر له من الثناء ما بين المشرق والمغرب- ينتشر ضجيج، صحافة، إعلام- ولا يساوي عند الله جناح بعوضة” تصورا هذا الذي ملأ الدنيا ضجيجا وإعلاما وصدى لا يساوي عند الله جناح بعوضة. القيمة القيمة للإخلاص لله، فهذا أول شرط لنجاح مشروعاتنا الإيمانية، تنطلق من الإيمان بالله.
أن نملك درجة عالية من الوعي ليس المعوقات التي تواجه أي مشروع فعندما تملك وعي بالمشروع و بأهدافه، وبوسائل أهدافه و انطلاقاته، وبمعوقاته، صارت الصورة واضحة وبدأ الإنسان ينطلق انطلاقه في الاتجاه الصحيح، في اتجاه الأهداف الحقيقية. هذا شرط ثاني وعي وبصيرة و إدراك وفهم، نحتاج إلى ثقافة العمل بمشروعاتنا الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية.
العمل والحركة ..
آخر الشروط العمل وإلا ملكة الإخلاص، ملكة الوعي في عقله، لكن ما أتحرك ما أعمل، القيمة الحقيقية للعمل. وإلا قد نشكل مؤسسات، ونشكل جمعيات، و نشكل مراكز.
ولكن تبقى مراكز راكدة، جامدة، مكلسة الانطلاقة الحقيقية الجادة بحيث أعطيه من جهدي، أعطيه من وقتي، أعطيه من طاقتي، تصبح همي الحقيقي. الإنسان من يتحمل مسؤولية مشروع لا بد أن يكون المشروع همه الحقيقي، بحيث يدخل في عمق مشاعره، وعمق اهتماماته، أو يكون على هامش اهتماماته اجعل مشروع الإسلامي أو مشروع ديني، على هامش وظيفتي على هامش أعمالي الأخرى، هذا ما يتحرك المشروع وإذا حقق المشروع بعض الأهداف ما يتحقق مساحة كبيرة من أهدافه. فلا بد من حركية لمشروعاتنا، فإن من يتصدى لمشروع ثقافي ،ديني، تربوي، اجتماعي، سياسي، لا بد أن يكون لديه حراك قوي، هذا الحراك القوي، هذا النشاط، هذا الفاعلية تمثل تطبيق تمثل تجسيد للاتجاه الأهداف. فيوم يكون الإنسان واعيا، يوم يكون الإنسان مخلصا، يوم يكون واعيا ويكون فاعلا، متحركا نشطا، يحقق المشروع أهدافه.
مشروع المركز ..
هذا المشروع المبارك مشروع رائد،وهادف، ويشكل ضرورة؛ لأنه يلامس موصل خطير من مواصل مكوناتنا الاجتماعية، وهو الموصل الأسري.
الأسرة يوم تتشكل الأسرة الصالحة، يوم تتشكل الأسرة الواعية، الهادفة، الرسالية، يتشكل مجتمعا صالح، لأن المجتمع ما هو إلا وحدات من الأسرة، ما هو إلا إنتاج من الأسر، هذا الجيل صحيح اليوم ما يصنع الإنسان الأسرة فقط، تصنعه مؤسسة تربوية، تصنعه مؤسسة ثقافية، تصنعه مؤسسة إعلامية، لكن تبقى الأسرة هي الأساس في إنتاج هذا الجيل. يوم ننجح في صنع أسر تملك وعي اسري بتشكلات الأسرة، تملك وعي اسري بتعايش الداخلي في الأسرة،تملك وعي اسري بالخلافات داخل الأسرة، يوم ننجح في إنتاج أسرة على هذا المستوى إنما بذلك نهيئ للإنتاجية اجتماعية في خط أهدافنا الإيمانية، في خط أهدافنا الرسالية،دعواتنا لهذا المشروع وأمثاله من المشاريع التوفيق والتسديد والخير.