كلمة التهيئة لموسم عاشوراء 1446هـ | 1- مُكوِّنات نجاح الموسم العاشورائيِّ | 2- مَن المسؤول عن إنجاح الموسم العاشورائيِّ؟ | كلمة أخيرة حول شعار الموسم
يوم الجمعة (ليلة السبت) 28 ذو الحجَّة 1445هـ، الموافق: 5 يوليو 2024 م | حسينيَّة النعيم الغربي – النعيم
الموسم العاشورائيُّ
ملخص الكلمة
♦ الموسم العاشورائيُّ موسمٌ استثنائيٌّ
فمطلوب التَّوفُّر على استعدادات استثنائيَّة
هنا عنوانان:
1- مُكوِّنات نجاح الموسم العاشورائيِّ
بمقدار ما يُنتج:
(1) مِن حزنٍ عاشورائيٍّ
(2) مِن وَعْيٍ عاشورائيٍّ
(3) مِن وُجْدانٍ عاشورائيٍّ
(4) مِن سُلوكٍ عاشورائيٍّ
(5) مِن حَراكٍ عاشورائيٍّ
2- مَن المسؤول عن إنجاح الموسم العاشورائيِّ؟
– إدارات
– خطاب
– جمهور
– مراسيم
العنوان الأوَّل: مُكوِّنات نجاح الموسم العاشورائيِّ
المُكوِّنُ الأَوَّل: الحزنُ العاشورائيُّ
– ليس انكسارًا وضعفًا ويأسًا؛ إنَّه صرخة غضبٍ على صُنَّاع مأساة عاشوراء.
– الأئمَّة أكَّدوا على ضرورة بقاء الدَّمعة العاشورائيَّة.
– الأساليب المشروعة لإنتاج الدَّمعة.
المُكوِّنُ الثَّاني: الوُجْدان العاشورائيُّ
مطلوبٌ مِن أجيالنا أنْ تعيش درجة عالية مِن العُشق العاشورائيِّ
إذا كانت الدَّمعة هي لغة العُيون
فإنَّ العشق هو لغة القُلُوب
ولا تكون الدَّمعة صادقة إلَّا إذا كانت تعبِّر عن عُشق القُلُوب.
فكما هو مطلوبٌ مِن خطاب عاشوراء أنْ يصنع حُزنَ عاشوراء، مطلوبٌ مِنه أنْ يصنع عُشقَ عاشوراء.
المُكوِّنُ الثَّالث: الوعيُ العاشورائيُّ
لا قِيمة لحزن
ولا قِيمة لعشق
إذا كانا بلا وعي
ماذا نعني بالوعي العاشورائيِّ؟
– ثقافة الدِّين
– ثقافة التَّاريخ
– ثقافة عاشوراء
– ثقافة العصر
مِن عاشوراء مطلوبٌ أنْ نستلهم الوعي
المُكوِّنُ الرَّابع: السُّلوكُ العاشورائيُّ
قِيمة الموسم العاشورائيِّ بمقدار ما يُنتجُ مِن تقوى وورع، وبمقدار ما يُنتجُ مِن أخلاقٍ ومُثُل.
ما قِيمة الدَّمعة إذا بقيت مجرَّد عاطفة؟
وما قِيمة العُشق إذا لم يتحوَّل سُلوكًا وقِيمًا وأخلاقًا؟
• {… إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.([1])
• {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}.([2])
• سُئِلَ الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) عن تفسير التَّقوى، فقالَ (عليه السَّلام): «أنْ لا يَفقِدَكَ اللهُ حَيثُ أمَرَكَ، ولا يَراكَ حَيثُ نَهاكَ».([3])
• وقالَ (عليه السَّلام): «لا يَغُرَّنَّكَ بُكاؤهُم، إنَّما التَّقوى في القَلبِ».([4])
فقِيمة عاشوراء بمقدار ما تصنع مِن تقوى
– ليس بعدد ما حضرت مِن مجالس
– ومِن مواكب
– ومِن فعَّاليَّات
قِيمة الحضور بمقدار ما يصنع مِن تقوى.
وقِيمة الحزن بمقدار ما يُنتج مِن تفاعل مع أهداف عاشوراء.
المُكوِّنُ الخامس: الحَراكُ العاشورائيُّ
هنا يرتقي مستوى التَّعاطي مع عاشوراء.
أنْ نكون دُعاةً نحملُ أهداف عاشوراء.
– رُبَّما أكون باكيًا فقط، هذا مطلوب.
– رُبَّما أكون عاشقًا لعاشوراء، هذا مطلوب.
– رُبَّما أكون عبدًا صالحًا، هذا مطلوب.
– ولكن تبقى القِيمة الكبرى حينما أكون حاملًا وداعية لأهداف عاشوراء
أنْ أكون داعية لأهداف عاشوراء، ليس بالضَّرورة أنْ أكون عالمًا، أو أكون خطيبًا، أو أكون مثقَّفًا.
في أيِّ مستوى أكون
حينما آمر بمعروف
حينما أنهى عن منكر
حيما أقول كلمة الحقِّ
حينما أرفض الباطل
بشرط أنْ أعرف المعروف وأعرف المنكر، والحقَّ والباطل.
عاشوراء مدرسة لكلِّ المُكوِّنات ولكلِّ المستويات.
العنوان الثَّاني: مَن المسؤول عن إنجاح الموسم العاشورائيّ
(1) الإدارات العاشورائيَّة
(2) الخطاب العاشورائيّ
(3) الجمهور العاشورائيّ
(4) المراسيم العاشورائيَّة
♦ كلمة أخيرة حول شعار الموسم
شعار هذا الموسم: (مع الحُسين أبدًا)
متى نكون مع الحُسين أبدًا؟
أوَّلًا: حينما نبكي الحُسين (عليه السَّلام)
ثانيًا: حينما نحمل ولاءً صادقًا للحُسين (عليه السَّلام)
ثالثًا: حينما نحمل بصيرةً بأهداف الحُسين (عليه السَّلام)
رابعًا: حينما نترسَّمُ خُطى الحُسين (عليه السَّلام)
فإذا غاب الحزن غاب الوهج.
فاذا غاب الولاء فلسنا مع الحُسين (عليه السَّلام)
وإذا غابت البصيرة انحرفنا عن خطِّ الحُسين (عليه السَّلام)
وإذا غاب التَّرسُّم فارقنا الحُسين (عليه السَّلام)
—————————————————————————
نصُّ الكلمة
ملاحظة: هذه محاضرة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، أُلقيت للتهيئة لموسم عاشوراء 1446هـ، والتي أقيمت في حسينيَّة النعيم الغربي في منطقة (النعيم)، وذلك في يوم الجمعة (ليلة السبت) 28 ذو الحجَّة 1445هـ، الموافق 5 يوليو 2024 م، وقد تمَّ تفريغها من تسجيلات مرئيَّة، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبة للقارئ الكريم.
أعوذ باللَّه السَّميع العليم مِن الشَّيطانِ الغويِّ الرَّجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّد ِالأنبياءِ والمرسلين، سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا،
وقائدنا مُحمَّد، وعلى آلهِ الهُداة الميامين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة ورحمة الله وبركاته.
الموسم العاشورائيُّ
♦ الموسم العاشورائيُّ موسمٌ استثنائيٌّ
موسمُ عاشوراء موسمٌ استثنائيٌّ، في هذا الموسم نعيش أجواءً استثنائيَّة؛ شارعٌ استثنائيٌّ، بيتٌ استثنائيٌّ، مآتم استثنائيَّة، كلُّ الواقع يتحوَّل إلى واقعٍ استثنائيٍّ في موسمِ عاشوراء.
هناك مواسم دينيَّة لها أيضًا حضورها الكبير، كموسم شهر رمضان أيضًا هو موسمٌ استثنائيٌّ، وكذلك موسم الحجِّ أيضًا موسمٌ استثنائيٌّ، لكن تبقى عاشوراء لها عنوانها الاستثنائيُّ الخاصُّ، أينما تُلقي بطرفك تجد عاشوراء: في البيت عاشوراء، في الشَّارع عاشوراء، في كلِّ المواقع عاشوراء.
إذًا هنا نقول: إنَّ هذا الموسم موسمٌ استثنائيٌّ بامتياز، ليس لدينا موسمٌ يملك هذه الاستثنائيَّة المُطلقة كموسم عاشوراء، حيث يتحوَّل فيه الواقعُ الشِّيعيّ إلى واقعٍ عاشورائيٍّ.
فمطلوب التَّوفُّر على استعدادات استثنائيَّة
هنا عنوانان:
1- مُكوِّنات نجاح الموسم العاشورائيِّ
بمقدار ما يُنتج:
(1) مِن حزنٍ عاشورائيٍّ
(2) مِن وَعْيٍ عاشورائيٍّ
(3) مِن وُجْدانٍ عاشورائيٍّ
(4) مِن سُلوكٍ عاشورائيٍّ
(5) مِن حَراكٍ عاشورائيٍّ
2- مَن المسؤول عن إنجاح الموسم العاشورائيِّ؟
– إدارات
– خطاب
– جمهور
– مراسيم
العنوان الأوَّل: مُكوِّنات نجاح الموسم العاشورائيِّ
ما هي مُكوِّنات النَّجاح لموسم عاشوراء؟
كُلُّنا نبحث عن عاشوراء ناجحة، نبحث عن عاشوراء مُعطِية، نبحث عن عاشوراء تصنع واقعنا،
أجيالنا، ناسنا، جماهيرنا، أُسرنا.
ما هي معايير النَّجاح؟
المُكوِّنُ الأَوَّل: الحزنُ العاشورائيُّ
– ليس انكسارًا وضعفًا ويأسًا؛ إنَّه صرخة غضبٍ على صُنَّاع مأساة عاشوراء.
– الأئمَّة أكَّدوا على ضرورة بقاء الدَّمعة العاشورائيَّة.
– الأساليب المشروعة لإنتاج الدَّمعة.
الحزن العاشورائي ليس انكسارًا وضعفًا ويأسًا…
هناك مَن يقول ويتَّهم الشِّيعة بأنَّهم يعيشون الانكسار والضَّعف في عاشوراء.
الحزنُ لا يعني الانكسار والضَّعف، أنا حينما أحزن في عاشوراء لا يعني أنَّي منكسر، لا يعني أنَّي
ضعفت، لا يعني أنَّي يئست.
قالها أحدهم – أحد كُتَّاب صُحفنا المحليَّة في السِّتينات – ولعلَّكم لم تدركوا ذلك الزَّمن، قالَ: “إلى متى هذا الحزن المُدمِّر؟”.
سمَّى حزن عاشوراء حُزنًا مُدمِّرًا.
حزن عاشوراء ليس حُزنًا مُدمِّرًا، ولا حُزن ضَعفٍ، ولا حُزن انكسار.
إنَّه صرخة غضبٍ على صُنَّاع مأساة عاشوراء
في التَّاريخ هناك صُنَّاع لمأساة عاشوراء، هذه الدَّمعة هي صرخة، صرخة غضبٍ، وصرخة رفضٍ لِمن صنع مأساة عاشوراء، ولكلِّ مَن يتعاطف مع صُنَّاع عاشوراء عبر كلِّ التَّاريخ، وعبر كلِّ العصور، هذه صرخة.
لو كانت الدَّمعة استسلامًا وانكسارًا فلماذا لا تتركونا نعيش الانكسار والاستسلام، لماذا تغضبون مِن الدَّمعة؟!
لماذا ترفضون الدَّمعة؟
إذا كانت هي انكسار وضعف دعوا الشِّيعة منكسرين وضُعفاء ويائسين، لكنَّهم يعلمون أنَّ الدَّمعة صرخة، صرخة رفضٍ لكلِّ ظلمٍ عبر التَّاريخ، وعبر كلِّ الأجيال.
ولذلك أكَّد الأئمَّة على ضرورة بقاء الدَّمعة العاشورائيَّة
أكَّدوا بقوَّة أنْ تبقى الدَّمعة العاشورائيَّة، صحيح هي مأساة تفرض الدَّمعة وتفرض الألم والحزن، إلَّا أنَّ استمرار الدَّمعة، واستمرار الحزن هو استمرار الصَّرخة والغضب على صُنَّاع عاشوراء، ومَن يتعاطف مع صُنَّاع مأساة عاشوراء.
الأساليب المشروعة لإنتاج الدَّمعة
نحن حينما ندعو إلى بقاء الدَّمعة العاشورائيَّة ندعو أنْ تكون بوسائل مشروعة، وهذا حديثٌ للخطباء، مطلوب أنْ ينتجوا الدَّمعة بأساليب مشروعة، ولا أريد أنْ أدخل في هذا الجانب مِن الحديث.
إذًا المُكوِّن الأوَّل مِن مُكوِّنات الموسم العاشورائيّ هو: الدَّمعة والحزن والبكاء على مأساة عاشوراء ومأساة الحُسين، ولسنا مع مَن يريد أنْ يُجفِّف الدَّمعة أو يُسكِت الدَّمعة.
المُكوِّنُ الثَّاني: الوُجْدان العاشورائيُّ
ما هي العلاقة بين الوُجْدان والدَّمعة؟
هل الدَّمعة تعني وُجْدان؟
الدَّمعة في العين.
الوُجْدان في القلب، أحاسيس قلب، أحاسيس وُجْدان.
(مطلوبٌ مِن أجيالنا أنْ تعيش درجة عالية مِن العُشق العاشورائيِّ)
الوُجْدان عُشق.
كم نملك مِن عُشق الحُسين (عليه السَّلام)؟
نحن نبكي على الحُسين، نتألَّم لمأساة الحُسين (عليه السَّلام)، نعطي الدَّمعة سخيَّة على الحُسين (عليه السَّلام) وأنصار الحُسين (عليه السَّلام).
لكن مطلوبٌ أنْ يتفاعل الوُجْدان مع الحُسين (عليه السَّلام)، هنا العشق العاشورائيّ.
كيف نصنع العُشق العاشورائيّ؟
هنا المطلوب مِن صُنَّاع الخطاب العاشورائيّ، كما ينتجون الدَّمعة ينتجون العُشق العاشورائيّ.
إذا كانت الدَّمعة هي لغة العُيون
فإنَّ العشق هو لغة القُلُوب
ولا تكون الدَّمعة صادقة إلَّا إذا كانت تعبِّر عن عُشق القُلُوب.
الدَّمعة مرتبطة بالعشق، كُلَّما ارتقى العُشق كُلَّما ارتقى مستوى الدَّمعة العاشورائيَّة.
الباكون على مستويات في عشقهم لعاشوراء، وبقدر ما يرتقي العُشق ترتقي الدَّمعة، وقِيمة الدَّمعة.
كُلَّما انخفض العُشق انخفضت قِيمة الدَّمعة.
إذًا هناك تزاوج بين الدَّمعة وبين الوهج الوُجْدانيّ والعُشق الوُجْدانيّ، فإنَّ العشق هي لغة القُلُوب، ولا تكون الدَّمعة صادقة إلَّا إذا كانت تعبِّر عن عُشقِ القُلُوب، وإلَّا هي دمعةٌ فاترة، دمعةٌ لا تملك عُمقًا في داخل الوُجْدان، كُلَّما ارتبطت الدَّمعة بالوُجْدان كانت أنقى وأصدق وأقوى.
فكما هو مطلوبٌ مِن خطاب عاشوراء [خطاب المنبر، خطاب الموكب، خطاب الرَّادود، خطاب الكلمات] أنْ يصنع حُزنَ عاشوراء، مطلوبٌ مِنه أنْ يصنع عُشقَ عاشوراء.
كُلَّما ارتقى العُشق ارتقى الحُزن العاشورائيّ.
المُكوِّنُ الثَّالث: الوعيُ العاشورائيُّ
صنعنا دمعة عاشورائيَّة قويَّة وغزيرة، وصنعنا وُجْدانًا عاشورائيًّا متركِّزًا وقويًّا، لكن لم نصنع وعيًا عاشورائيًّا، تبقى الدَّمعة منخفضة القِيمة، ويبقى الوُجْدان منخفض القِيمة إذا غاب الوعي العاشورائيّ، فكما هي مسؤوليَّة صُنَّاع خطاب عاشوراء أنْ يصنعوا دمعة عاشورائيَّة، ويصنعوا وُجْدانًا عاشورائيًّا، مطلوبٌ بدرجةٍ كبيرةٍ كبيرةٍ أنْ يصنعوا وعيًا عاشورائيًّا.
لا قِيمة لحزن
ولا قِيمة لعشق
إذا كانا بلا وعي
ماذا نعني بالوعي العاشورائيِّ؟
– ثقافة الدِّين
أنْ نرتقي بثقافة الدِّين في خطابنا العاشورائيّ، عاشوراء الدِّين، عاشوراء ثقافة الدِّين.
كم صنعنا مِن ثقافة دينيَّة في خطابنا العاشورائيّ؟
– ثقافة التَّاريخ
– ثقافة عاشوراء
– ثقافة العصر
الثَّقافة التي ترتقي بمستوى وعي الأجيال هذه ثقافة عاشوراء.
السَّرد التَّاريخيُّ لعاشوراء بطريقة واعية هو سردٌ للإسلام، للقُرآن، لقِيم الإسلام، لقِيم القُرآن.
بقدر ما نرتقي بوعينا للطَّرح العاشورائيّ؛ نرتقي في مستوى وعينا لفهم عاشوراء.
ثقافة عاشوراء هي ثقافة الإسلام، ثقافة القُرآن، الثَّقافة التي طرحها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وطرحها الأئمَّة (عليهم السَّلام) هذه ثقافة عاشوراء.
مِن عاشوراء مطلوبٌ أنْ نستلهم الوعي
نعيش الحُزن، ونعيش العُشق، ونعيش الوَعي.
المُكوِّنُ الرَّابع: السُّلوكُ العاشورائيُّ
صنعنا حُزنًا عاشورائيًّا قويًّا، وصنعنا وُجْدانًا عاشورائيًّا قويًّا، وصنعنا وَعيًا عاشورائيًّا قويًّا، لكن لم نصنع سُلوكًا عاشورائيًّا فإنَّنا لم نحقِّق شيئًا كبيرًا.
للدَّمعة قِيمتها، وللوُجْدان قِيمته، وللوعي قِيمته لكن السُّلوك، السُّلوك.
كم صنعنا مِن سُلوكٍ عاشورائيٍّ؟
كم صنع خطابنا العاشورائيُّ مِن سُلوكٍ عاشورائيٍّ؟
كم صنعت الرَّدَّات العاشورائيَّة سُلوكًا عاشورائيًّا؟
كم صنع إعلامنا العاشورائيُّ سُلوكًا عاشورائيًّا؟
كم صنع حضورنا العاشورائيُّ سُلوكًا عاشورائيًّا؟
هنا النُّقطة الأساس: بمقدار ما ننجح في صناعة السُّلوك العاشورائيّ؛ ننجح في طرح عاشوراء الحُسين (عليه السَّلام).
(قِيمة الموسم العاشورائيّ بمقدار ما يُنتجُ مِن تقوى وورع، وبمقدار ما يُنتجُ مِن أخلاقٍ ومُثُل)
هذه قِيمة عاشوراء، هذه قِيمة الخطاب العاشورائيِّ، هذه قِيمة الحضور للمجالس العاشورائيَّة، والمواكب العاشورائيَّة.
الحُسين (عليه السَّلام) أعطى دمه مِن أجلِ أنْ يصنع وعي الأُمَّة، وورع الأُمَّة، وتقوى الأُمَّة.
ما قِيمة الدَّمعة إذا بقيت مجرَّد عاطفة؟
الدَّمعة لها ثوابٌ عظيم، لكن إذا بقت مجرَّد عاطفة ينخفض مستوى قِيمة الدَّمعة.
كُلَّما ارتقى تجسيد المعطيات العاشورائيَّة؛ كانت الدَّمعة أرقى وأقوى وأكثر ثوابًا، وأكثر عطاء.
وما قِيمة العُشق إذا لم يتحوَّل سُلوكًا وقِيمًا وأخلاقًا؟
• {… إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.[5]
مُطلقة في كلِّ المجالات.
أنْ تكون عاشورائيًّا كن مُتَّقيًا، أنْ تكون حُسينيًّا كن مُتَّقيًا.
• {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}.[6]
• سُئِلَ الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) عن تفسير التَّقوى، فقالَ: «أنْ لا يَفقِدَكَ اللَّهُ حَيثُ أمَرَكَ، ولا يَراكَ حَيثُ نَهاكَ».[7]
• وقالَ (عليه السَّلام): «لا يَغُرَّنَّكَ بُكاؤهُم، إنَّما التَّقوى في القَلبِ».[8]
القلب إذا كان مُتَّقيًا؛ كانت كلُّ حركة الإنسان في خطِّ التَّقوى.
فقِيمة عاشوراء [أيُّها الأحِبَّة] بمقدار ما تصنع مِن تقوى
– ليس بعدد ما حضرت مِن مجالس
– ومِن مواكب
– ومِن فعَّاليَّات
– قِيمة الحضور بمقدار ما يصنع مِن تقوى.
– وقِيمة الحزن بمقدار ما يُنتج مِن تفاعل مع أهداف عاشوراء.
كم استطاع خطاب عاشوراء، وكم استطاع شِعار عاشوراء، وكم، وكم، وكم … أنْ يصنع مِن تقوى؟
بقدر ما يصنع هذا الخطاب مِن تقوى، وبقدر ما يصنع هذا الحضور العاشورائيُّ: حضور في مأتم، حضور في موكب، حضور في فعَّاليَّة، بمقدار ما يصنع هذا الحضور مِن تقوى تكون القِيمة الكبرى.
حضرتَ مجلسًا عاشورائيًّا، حضرتَ موكبًا، في كلِّ ليلة حاسب نفسك:
كم ارتقى مستوى التَّقوى عندك؟
كم ارتقى مستوى الورع؟
كلُّ حضور لَهُ قِيمته، لكن القِيمة بمقدار ما انتجت هذه المجالس، رُبَّما تحضر مجلسًا واحدًا يصنعُ مِنك تقيًّا، ويصنعُ مِنك ورِعًا، ويصنعُ مِنك حُسينيًّا حقيقيًّا خيرٌ مِن أنْ تحضر عشرات المجالس.
كم أنتج حضورك مِن عطاء روحيٍّ وأخلاقيٍّ وقِيمٍ وتقوى وورع؟
هنا القِيمة للحضور، وليس بعدد ما حضرت مِن مجالس.
رُبَّما يحضر الإنسان مجلسًا واحدًا يحقِّق لهُ مِن العطاء الرَّبانيّ والأُخروي ما لا تحقِّقه كثيرٌ مِن المجالس.
حضور المجالس مطلوب، المشاركة في المواكب مطلوبة وعظيمة جدًّا، لكن بشرط أنْ تحقِّق أهداف عاشوراء.
قِيمة الحضور بمقدار ما يصنع مِن تقوى.
وقِيمة الحزن بمقدار ما يُنتج مِن تفاعل مع أهداف عاشوراء.
المُكوِّنُ الخامس: الحَراكُ العاشورائيُّ
هنا يرتقي مستوى التَّعاطي مع عاشوراء. [أرقى مستوى للتَّعاطي مع عاشوراء هو هذا المكوِّن]
أنْ نكون دُعاةً نحملُ أهداف عاشوراء.
– رُبَّما أكون باكيًا فقط، هذا مطلوب.
– رُبَّما أكون عاشقًا لعاشوراء، هذا مطلوب.
– رُبَّما أكون عبدًا صالحًا، هذا مطلوب.
– ولكن تبقى القِيمة الكبرى حينما أكون حاملًا وداعية لأهداف عاشوراء.
كم ندعو، كم حرَّكنا مِن عطاءات عاشوراء في داخل الأُسر، في الشَّارع، في وسط مجتمعنا، في وسط جماهيرنا؟
قد تكون عاشورائيًّا لذاتك، أمَّا أنْ تكون عاشورائيًّا تصنع تقوى النَّاس، تصنع ورع النَّاس، تصنع عشق النَّاس الحقيقيّ للإسلام والدِّين وللقُرآن، هذا هو الموقع العاشورائيُّ الأكبر.
فمَن استطاع أنْ يصل إلى هذا الموقع؛ وصل إلى مستوى أرقى في التَّعاطي مع عاشوراء.
أنْ أكون داعية لأهداف عاشوراء، ليس بالضَّرورة أنْ أكون عالمًا، أو أكون خطيبًا، أو أكون مثقَّفًا.
في أيِّ مستوى أكون
حينما آمر بمعروف
حينما أنهى عن منكر
حيما أقول كلمة الحقّ
حينما أرفض الباطل
بشرط أنْ أعرف المعروف وأعرف المنكر، والحقَّ والباطل.
عاشوراء مدرسة لكلِّ المُكوِّنات ولكلِّ المستويات
العنوان الثَّاني: مَن المسؤول عن إنجاح الموسم العاشورائيّ
(1) الإدارات العاشورائيَّة
الإدارات تتحمَّل مسؤوليَّة كبيرة جدًّا، ومسؤوليَّة ثقيلة، وأيُّ تقصير هو تقصيرٌ خطير.
إذا كنت لست بمستوى أداء مسؤوليَّات هذه الإدارات لا تضع نفسك في هذا الموضع؛ لأنَّ التَّقصير في أداء مسؤوليَّات الإدارات العاشورائيَّة تقصيرٌ خطير جدًّا، أنت ملكت موقعًا ولم تكن بمستوى هذا الموقع.
حينما أتحدَّث عن إدارات أعني: إدارات مآتم، إدارات مواكب، إدارات فعَّاليَّات عاشورائيَّة.
هذه الإدارات تتحمَّل المسؤوليَّة الكبرى في إنجاح وافشال موسم عاشوراء.
رُبَّما مشروع المآتم، ومشروع المواكب، ومشروع الفعَّاليَّات ينجح ويفشل بسبب أداء الإدارات.
ما هي شروط الإدارات النَّاجحة؟
هذا بحثٌ آخر، يحتاج لحديثٍ آخر، فهناك مجموعة شروط لمن يتصدَّى لإدارة المواقع العاشورائيَّة، لا بدَّ أن يتوافر عليها؛ ليكون فعلًا إداريًّا حقيقيًّا مُساهمًا في إنجاح موسم الحُسين ، ومجالس الحُسين، ومآتم الحُسين، ومواكب الحُسين، وفعَّاليات الحُسين (عليه السَّلام).
(2) الخطاب العاشورائيّ
الخطاب العاشورائيُّ خطابٌ ينقل لنا عاشوراء، وينقل لنا مفاهيم وفكر ومدرسة عاشوراء.
خطابٌ فاشل يعني موسمٌ فاشل، خطابٌ ناجح يعني موسمٌ ناجح، رُبَّما تكون الإدارات في أرقى مستوى الإخلاص والنَّجاح لكنَّ الخطاب فاشل، الخطيب فاشل، الرَّادود فاشل، إذًا الخطاب لم يستطع أنْ يوصل مفاهيم عاشوراء، أو لم يوصلها بصدقٍ وإخلاص.
أعطني إدارة ناجحة، وأعطني خطابًا ناجحًا، ومنبرًا ناجحًا، ورادودًا ناجحًا، وشاعرًا ناجحًا؛ أصنع عاشوراء ناجحة.
(3) الجمهور العاشورائيّ
أوجدنا إدارات ناجحة بامتياز، وأوجدنا خطابًا ناجحًا بامتياز، لكن الجمهور فاشل، الجمهور لا يتعاطى مع الخطاب، ولا مع الموسم، ولا مع عطاءات الموسم، أيُّ قِيمة للخطاب، وأيُّ قِيمة للإدارات؟
الجمهور كم عاش عاشوراء؟
كم تفاعل مع عاشوراء؟
كم استفاد مِن خطاب عاشوراء؟
كم استفاد مِن مجالس عاشوراء؟
كم استفاد مِن مواكب عاشوراء؟
كلُّ هذه الفعَّاليَّات مِن أجلِ أنْ نصنع جمهورًا عاشورائيًّا، إذا لم نستطع أنْ نصنع جمهورًا عاشورائيًّا، أو أنَّ الجمهور لم يتفاعل، أو أنَّه لم يصنع مِن نفسهِ جمهورًا عاشورائيًّا، ماذا حقَّقنا؟
للخطاب قِيمته، للإدارات قِيمتها، لكن جمهورنا لم يتفاعل، جمهورنا لم ينصنع، جمهورنا لم يتحوَّل إلى جمهورٍ عاشورائيٍّ صادق، أيُّ قِيمة للخطاب؟
يبقى الخطاب بلا قِيمة، تبقى الإدارات بلا قِيمة.
(4) المراسيم العاشورائيَّة
المجالس والمواكب مِن أهم مراسيم عاشوراء، وهناك مجموعة فعَّاليَّات بشرط أنْ تكون مشروعة، بحيث نرجع إلى مواقع الفقه والشَّريعة فيما نصنع.
ليس بأيدينا أنْ ندخل في شعائر عاشوراء ما نشاء، شعائر عاشوراء لها ضوابط دِينيَّة فقهيَّة.
المراسيم العاشورائيَّة نجاحها وفشلها يُنجح الموسم ويفشله.
كلمة أخيرة حول شعار الموسم
اعتاد العلماء (حفظهم الله) في كلِّ عامٍ أنْ يطرحوا شعارًا يُسمَّى شعار الموسم العاشورائيّ.
شعار هذا الموسم: (مع الحُسين أبدًا)
شعارٌ قصيرٌ جدًّا – وطبيعة الشِّعارات تكون قصيرة – لكنَّه يحملُ مضمونًا كبيرًا.
متى نكون مع الحُسين أبدًا؟
أوَّلًا: حينما نبكي الحُسين (عليه السَّلام)
الحزن للحُسين (عليه السَّلام) جزء مِن التَّفاعل مع الحُسين، فالدَّمعة مطلوبة.
أنْ أكون حُسينيًّا يعني أنْ أبكي الحُسين، وأبكي مأساة الحُسين، وتدمع عيني على الحُسين (عليه السَّلام).
فنحن نرفضُ أيَّ محاولة لتجفيف الدَّمعة.
فمعنى أن أكون مع الحُسين (عليه السَّلام) يعني أعيش مأساة وألم وحزن عاشوراء، هذا إذا ما كنتُ مع الحُسين، ومع مأساة الحُسين، وأهل بيت الحُسين، وأصحاب الحُسين، وأولاد الحُسين، هكذا أكون مع الحُسين (عليه السَّلام)، فالدَّمعة الصَّادقة تجعلني مع الحُسين (عليه السَّلام).
ثانيًا: حينما نحمل ولاءً صادقًا للحُسين (عليه السَّلام)
الولاءُ في القلب الذي يعيش الوُجْدان الصَّادق مع الحُسين (عليه السَّلام).
دمعةٌ صادقة، وولاءٌ صادق.
أنصار الحُسين كانوا قمَّة في الولاء للحُسين (عليه السَّلام)، كانوا قمَّة في العشق للحُسين (عليه السَّلام)، أبو الفضل العبَّاس كان يعيش قمَّة العشق للحُسين (عليه السَّلام)، الأكبر، القاسم، حبيب بن مظاهر، بقيَّة الأنصار كانوا قمَّة في العشق والولاء للحُسين (عليه السَّلام)، فبقدر ما يرتقي هذا العشق وهذا الولاء للحُسين نكون مع الحُسين (عليه السَّلام).
إذًا دمعتنا مع الحُسين، وقلوبنا مع الحُسين.
ثالثًا: حينما نحمل بصيرةً بأهداف الحُسين (عليه السَّلام)
عقلنا مع الحُسين، وعينا مع الحُسين، بصيرتنا مع الحُسين (عليه السَّلام).
رابعًا: حينما نترسَّمُ خُطى الحُسين (عليه السَّلام)
فإذا غاب الحزن غاب الوهج.
فاذا غاب الولاء [غاب الانصهار والذَّوبان] فلسنا مع الحُسين (عليه السَّلام)
وإذا غابت البصيرة انحرفنا عن خطِّ الحُسين (عليه السَّلام)
وإذا غاب التَّرسُّم فارقنا الحُسين (عليه السَّلام)
فلكي نكون مع الحُسين (عليه السَّلام) يجب أنْ نعيش كلّ مُكوِّنات الانتماء إلى عاشوراء الحُسين (عليه السَّلام).
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
—————————————————————————————
الهوامش
[1] سورة المائدة: الآية 27.
[2] سورة القمر: الآيات 54-55.
[3] ابن فهد الحلي: عدَّة الداعي، 303، (في التَّقوى والخصال المعدودة له).
[4] الطبرسي: مشكاة الأنوار، ص 44، (ف 12: في التَّقوى والورع).
[5] سورة المائدة: الآية 27.
[6] سورة القمر: الآيات 54-55.
[7] ابن فهد الحلي: عدَّة الداعي، 303، (في التَّقوى والخصال المعدودة له).
[8] الطبرسي: مشكاة الأنوار، ص 44، (ف 12: في التَّقوى والورع).