كلمة العلَّامة الغريفي بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس حُسَينيَّة النُّعيم الغربيّ
يوم الجمعة (ليلة السَّبت) 19 شعبان 1445 هـ - الموافق 1 مارس 2024 - حسينيَّة النُّعيم الغربي
هذه الكلمة لسماحة العلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، تحت عنوان (مرور مائة عام على تأسيس حُسَينيَّة النُّعيم الغربيّ)، والتي أُلقيت في الحفل الذي أقامته حُسينيَّة النُّعيم الغربيّ بمنطقة (النُّعيم) وذلك بمناسبة الذِّكرى المئويَّة لتأسيس الحُسينيَّة، وذلك في يوم الجمعة (ليلة السَّبت)، بتاريخ: (19 شعبان 1445 هـ – الموافق 1 مارس 2024 م)، وقد تمَّ تفريغها مِن تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.
مرور مائة عام على تأسيس حُسَينيَّة النُّعيم الغربيِّ
الملخص
1- قرنٌ على تأسيس حسينيَّة النعيم الغربي
هذا الصَّرحُ الحُسينيّ مضى على تأسيسِهِ قرنٌ مِن الزَّمنِ أو يزيد، واستمر يحمل أهداف الحُسين (عليه السَّلام) بجهود أجدادِكم وآبائِكم.
أ- أعطوا مِن أعمارهم وحياتهم
ب- ومِن جهادهم وتضحياتهم
ج- ومِن أموالهم وإمكاناتهم
د- ومِن سهرهم وأتعابهم
ه- مِن كلِّ إخلاصهم وولائهم لأبي عبد الله الحُسين (عليه السَّلام)
هكذا حملوا الأمانة وأوصلوها إليكم
لم تصل إليكم هذه الأمانة بلا عناء
الأمانة ليست أمانة بناء وحجر…
إنَّها أمانة موقع يحملُ أهدافًا عظمى وكبرى
إنَّها أهداف الحُسين (عليه السَّلام)
وعاشوراء الحُسين (عليه السَّلام)
2- المطلوب من أبناء هذا الجيل الحاضر (1)
فيا أبناءَ هذا الجيل الحاضر وصلت الأمانة إليكم فمطلوب منكم:
أوَّلًا: أنْ تحافظوا على هذه الأمانة بكلِّ صدقٍ وإخلاص.
(قيمة الخدمة الحُسينيَّة هي الإخلاص)
ثانيًا: أنْ توصلوا هذه الأمانة إلى الأجيال القادمة، والتي تستمر في حمل الأمانة لتُسلِّمها إلى أجيالٍ بعدها (حتَّى يتسلَّم أمانة هذه المواقع الحُسينيَّة إمامُنا صاحب العصر والزَّمان أرواحنا فداه)
3- المطلوب من أبناء هذا الجيل الحاضر (2)
أيُّها الأحبَّة، أبناءَ جيلنا الحاضر مطلوب منكم:
(1) أنْ لا تنسوا أجيالكم الماضية
– فمنهم تتعلَّمون
– ومنهم تقوى عزائمكم
(2) أنْ تشدُّوا أبصاركم إلى أجيالكم القادمة
(أعدُّوها لتحمُّل أمانة هذه المواقع)
(3) وتبقى مسؤوليَّتكم الكبرى في رعاية هذا الصَّرح الحُسينيّ بصدقٍ وأمانة
الحُسينيَّات صروح إيمانيَّة كبرى
– أهدافها كبرى
– قِيمتها كبرى
– تحدِّياتها كبرى
– أتعابها كبرى
قيمة هذه المؤسَّسات الحُسينيَّة:
أولًا: بمقدار ما تصنع وعيًا حُسينيًّا
ثانيًا: بمقدار ما تصنع وجدانًا حُسينيًّا
ثالثًا: بمقدار ما تصنع خُلُقًا حُسينيًّا
رابعًا: بمقدار ما تصنع سُلوكًا حُسينيًّا
خامسًا: بمقدار ما تصنع حراكًا حُسينيًّا
4- مَن يتحمَّل مسؤوليَّة إنتاج هذه الأهداف؟
يتحمَّل المسؤوليَّة مجموعة مواقع:
الموقع الأوَّل: حَمَلَة الخطاب الحُسينيّ
– علماء وخطباء منبر
– شعراء ورواديد
مكوِّنات حملة الخطاب الحسيني
وهؤلاء حَمَلَة الخطاب الحُسينيّ مطلوب أنْ يتوفَّروا على مجموعة مُكوِّنات:
(1) المُكوِّنُ العلميّ والثَّقافيّ
أ- ثقافه حوزويَّة
ب- ثقافه قُرآنيَّة
ج- ثقافة إسلاميَّة عامَّة
د- ثقافة عصريَّة
(2) المُكوِّنُ الرُّوحيّ
(الإخلاص والصِّدق)
أ- الخطيب الرَّبانيّ
ب- خطيب الدُّنيا
(الشُّهرة، المال، المصالح الذَّاتيَّة)
• «إنَّ العَبْدَ لَيُنْشَرُ لَهُ مِن الثَّناءِ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ وما يزن عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ…».( )
(3) المُكوِّنُ الأخلاقيّ
(صدق، أمانة، عِفَّة، تواضع، وفاء، صبر، وتحمُّل)
(4) المُكوِّنُ السُّلوكيّ
(التَّقوى والورع)
(5) المُكِّونُ الرِّساليّ
– الهمُّ الرِّسالي
– القُدرات الرِّساليَّة
(6) المُكوِّنُ الفنِّيّ والكفاءة الذَّاتيَّة
– طلاقه اللِّسان
– حسن الصَّوت
– الحافظة
– الموهبة الخطابيَّة
الموقع الثَّاني: القيِّمون على إدارة المؤسَّسات الحُسَينيَّة
والذين يمتلكون مواصفات كـ:
– الإخلاص
– الوعي
– الرؤية الشَّرعيَّة (العلاقة مع العلماء)
– الالتزام
– الكفاءة الإداريَّة
– الانفتاح على الجمهور
الموقع الثَّالث: الدَّاعمون
– ماديًّا
– معنويًّا
وهناك جنود مجهولون
الموقع الرَّابع: الجمهور
– حضَّار المآتم
– المتابعون
– خدَّام المآتم
– المراقبون
– المؤهلات
نص الكلمة
مرور مائة عام على تأسيس حُسَينيَّة النُّعيم الغربيِّ
أعوذ باللَّه السَّميع العليم مِن الشَّيطانِ الغويِّ الرَّجيم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمُرسلين، سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا، مُحمَّدٍ وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلامُ عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.
الدخول المبكِّر للإسلام في البحرين، والارتباط بخطِّ أهل البيت (عليهم السَّلام)
دخل الإسلام إلى أرض البحرين في وقتٍ مبكِّر – البحرين بهذا المعنى الحاضر أو بامتدادٍ أوسع – ودخل الولاء لأهل البيت (عليهم السَّلام) مع الإسلام.
دخل أهل البحرين الإسلام، وارتبطوا بخطِّ أهل البيت (عليهم السَّلام) مع بداية الإسلام، ولذلك الانتماء إلى مدرسة أهل البيت (عليهم السَّلام) هو أعرق انتماء في هذه الأرض.
لسنا دخلاء ولسنا أبناء الأمس، منذ أنْ دخل الإسلام دخلنا في خطِّ الولاء لأهل البيت (عليهم السَّلام)، فالولاء لأهل البيت (عليهم السَّلام) في هذه الأرض وُلد بشكلٍ مُبكِّر جدًّا.
وما دام الولاء لأهل البيت (عليهم السَّلام) ولد مُبكِّرًا في هذه الأرض الطَّيِّبة؛ فقضيَّة الحُسين (عليه السَّلام) وقضيَّة عاشوراء ولدت مُبكِّرة في هذه الأرض.
كما عاشوا الإسلام وعاشوا الولاء لأهل البيت (عليهم السَّلام)، فلمَّا حدثت واقعة كربلاء تفاعل أهل البحرين معها؛ حيث أقاموا مجالس العزاء ورُبَّما كانت في البيوت، حيث لم تكن المجالس بهذا المعنى المعروف في هذا العصر، كانوا يقيمون المجالس العزائيَّة في بيوتهم، واستمرت هذه المجالس العزائيَّة في البحرين منذ ذاك الوقت المبكِّر في تاريخ الإسلام.
بدأت تلك المجالس واستمرت.
ثُمَّ أخذت تتطوَّر تلك المجالس العزائيَّة، فأصبحوا يقرأون في المساحات الأوسع مِن البيوت، يقرأون في المساجد، وبمرور الزَّمن تشكَّلت مواقع خُصِّصت لذكر الحُسين (عليه السَّلام)، مواقع سُميِّت مآتم وحُسينيَّات، ومجالس عزاء.
وهكذا تشكَّلت المواقع العزائيَّة في البحرين في وقتٍ مبكِّر، واستمرَّت بمرور الزَّمن هذه المجالس العزائيَّة، وهذه المآتم الحُسينيَّة.
ونحن نلتقي هذه اللَّيلة الكريمة الطَّيِّبة في الاحتفاء بمرور قرن أو أكثر على تأسيس هذا الصَّرح الحُسينيِّ.
1- قرنٌ على تأسيس حسينيَّة النعيم الغربي
هذا الصَّرحُ الحُسينيّ مضى على تأسيسِهِ قرنٌ مِن الزَّمنِ أو يزيد، واستمر يحمل أهداف الحُسين (عليه السَّلام) بجهود أجدادِكم وآبائِكم.
آباؤنا وأجدادنا حملوا بكلِّ عناءٍ، وبكلِّ جهدٍ، وبكلِّ محبَّةٍ، وبكلِّ صدقٍ أمانة هذا الموقع الحُسينيّ، وكذا بقيَّة المواقع الحُسينيَّة.
أ- أعطوا مِن أعمارهم وحياتهم
ب- ومِن جهادهم وتضحياتهم
ج- ومِن أموالهم وإمكاناتهم
د- ومِن سهرهم وأتعابهم
ه- مِن كلِّ إخلاصهم وولائهم لأبي عبد الله الحُسين (عليه السَّلام)
هكذا حملوا الأمانة وأوصلوها إليكم
هذه الأمانة حملوها بكلِّ صدقٍ، وبكلِّ إخلاصٍ أوصلوها إليكم، فأنتم ورثة ذاك الجيل مِن الأجداد والآباء.
وأنتم الأمناء الآن، أمناء هذا التَّاريخ الطَّويل لهذا الصَّرح الحُسينيّ العريق، أنتم ورثة هذا التَّأريخ الولائيّ الحُسينيّ.
لم تصل إليكم هذه الأمانة بلا عناء
الأمانة ليست أمانة بناء وحجر…
إنَّها أمانة موقع يحملُ أهدافًا عظمى وكبرى
إنَّها أهداف الحُسين (عليه السَّلام)
وعاشوراء الحُسين (عليه السَّلام)
2- المطلوب من أبناء هذا الجيل الحاضر (1)
فيا أبناءَ هذا الجيل الحاضر وصلت الأمانة إليكم فمطلوب منكم:
أوَّلًا: أنْ تحافظوا على هذه الأمانة بكلِّ صدقٍ وإخلاص
آباؤكم، أجدادكم أخلصوا، صدقوا مع الله، صدقوا مع الحُسين (عليه السَّلام)، فكونوا مخلصين، كونوا صادقين مع الله، كونوا صادقين مع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، كونوا صادقين مع أهل البيت (عليهم السَّلام)، كونوا صادقين مع الحُسين (عليه السَّلام).
(قيمة الخدمة الحُسينيَّة هي الإخلاص)
لا قِيمة للبهرجات، ولا قِيمة للصَّدى العالي، ولا قِيمة للإعلام الكبير إذا لم يكن هناك إخلاص.
الإخلاص، الإخلاص، الإخلاص أوَّلًا، أوَّلًا، أوَّلًا، فكونوا مخلصين لحمل أمانة هذا المشروع العظيم.
ثانيًا: أنْ توصلوا هذه الأمانة إلى الأجيال القادمة، والتي تستمر في حمل الأمانة لتُسلِّمها إلى أجيالٍ بعدها (حتَّى يتسلَّم أمانة هذه المواقع الحُسينيَّة إمامُنا صاحب العصر والزَّمان أرواحنا فداه)
الأجيال القادمة ستتذكَّر جهودكم، ستتذكَّر كلَّ عناءاتكم فأوصلوا هذه الأمانة إلى الأجيال القادمة كما استلمتموها مِن أجدادكم وآبائكم، أوصلوها إلى أبنائكم، أوصلوها إلى أحفادكم، أحفاد أحفادكم.
سيتذكَّركم التَّاريخ، ويقول: مرَّ هذا الصَّرح الحُسينيّ بمقطعٍ مِن الزَّمن حمل رسالته فلان، وفلان، وفلان، وجيلٌ مِن أبناء هذه المدرسة حملوا رسالة هذا الصَّرح الحُسينيِّ.
وهكذا جيل بعد جيل إلى أنْ يستلم الأمانة صاحب العصر والزَّمان، أنتم أمناء في أنْ توصلوا كلَّ هذه الصُّروح الحُسينيَّة إلى صاحب العصرِ والزَّمان.
فهل نكون أمناء؟
وهل نكون صادقين؟
وهل نكون مخلصين؟
حتَّى نوصل هذه الأمانة، وحتَّى يتسلَّم أمانة هذه المواقع الحُسينيَّة إمامُنا صاحب العصر والزَّمان أرواحنا فداه؟
3- المطلوب من أبناء هذا الجيل الحاضر (2)
أيُّها الأحبَّة، أبناءَ جيلنا الحاضر مطلوب منكم:
(1) أنْ لا تنسوا أجيالكم الماضية
اذكروا المؤسِّسين، اذكروا رعاة هذا المشروع مِن أجداد ومِن آباء، لا تنسوهم، خصِّصوا لهم مناسبات، كلّ الذين عملوا وذابوا وأعطوا مِن عمرهم، مِن وقتهم، مِن جهدهم، مِن طاقاتهم، مِن أموالهم، اذكروهم ستذكركم الأجيال القادمة.
• فمنهم تتعلَّمون
• ومنهم تقوى عزائمكم
ننشط، نقوى، نعمل، نعطي، نبذل.
(2) أنْ تشدُّوا أبصاركم إلى أجيالكم القادمة
مع الماضي تنشدَّون إلى تاريخ، مع المستقبل تنشدَّون إلى أجيال، أنتم الحلقة: حلقة الوصل بين تاريخ عريق وبين أجيال قادمة تنتظر أنْ تحمل مسؤوليَّة هذه الصُّروح الحُسينيَّة، فشدُّوا أبصاركم إلى أجيالكم القادمة.
(أعدُّوها لتحمُّل أمانة هذه المواقع)
هيِّئوا أجيالًا قادمة، أنتم الآن تتحمَّلون المسؤوليَّة وبكفاءةٍ وبصدقٍ وبإخلاص، ابدأوا إعداد الأجيال القادمة، هيِّئوا الأطفال الصِّغار، سيكونون يومًا كبارًا، وسيكونون يومًا حملة هذا المشروع، إنْ نجحتم في إعداد أجيالكم القادمة، نجحتم في أمانة هذا المشروع.
وإلَّا كُنَّا خونة…
لم نهيِّئ، عملنا، أعطينا مِن جُهدنا، مِن وقتنا، مِن مالنا لكن لم نُعِد مواقع أمينة تتحمَّل المسؤوليَّة بعدنا، ولذلك يضيع المشروع.
كم مشروعٍ ضاع؟
وكم موقعٍ تعطَّل؟
لأنَّنا لم نهيِّئ له حَمَلَة قادمين، أنتم تسلَّمتم الأمانة مِن آبائكم وأجدادكم، سلِّموها لأجيالكم، أعدِّوا أجيالًا تتحمَّل المسؤوليَّة.
(3) وتبقى مسؤوليَّتكم الكبرى في رعاية هذا الصَّرح الحُسينيّ بصدقٍ وأمانة
عيشوا الإخلاص، فلا تعملوا لشهرة، ولا لجاه، ولا لمواقع، ولا ليُقال فلان حُسينيّ!
بل ليقال فلان صادقٌ مع الله، صادقٌ مع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، صادقٌ مع الحُسين (عليه السَّلام)، صادقٌ مع هذا الخطِّ المبارك، خطِّ الحُسين (عليه السَّلام)، صادقٌ مع هذه المؤسَّسات.
الحُسينيَّات صروح إيمانيَّة كبرى
– أهدافها كبرى
– قِيمتها كبرى
– تحدِّياتها كبرى
– أتعابها كبرى
هذه المشاريع الحُسينيَّة كبيرة في أهدافها، عظيمة في منطلقاتها، وكذلك تحدِّياتُها كبرى، ستواجه تحدِّيات، ستواجه إرهاصات، ستواجه حصارات، فكونوا الثَّابتين، كونوا الأقوياء، كونوا الحريصين على حماية هذه الصُّروح أنْ لا تسقط، أنْ لا تتجمَّد، أنْ لا تتوقَّف.
نحن لسنا صُنَّاع فِتن، نحن دُعاة خير، مآتمنا مواقع للدَّعوة إلى الله، مواقع لبناء الخير، مواقع لبناء الصَّلاح.
قيمة هذه المؤسَّسات الحُسينيَّة:
أوَّلًا: بمقدار ما تصنع وعيًا حُسينيًّا
وظيفة المأتم، وظيفة الحُسينيَّة أنْ تصنع وعيًا حُسينيًّا.
وماذا نعني بالوعي الحُسينيّ؟
الوعي الحُسينيّ هو: وعي الإسلام، والرِّسالة، والقرآن، والإمامة، والهُدى، والصَّلاح.
الوعي الحُسينيّ ليس مجرَّد دمعة.
الدَّمعة مطلوبة، الآهات مطلوبة، الحزن مطلوب، لكن الحُسين (عليه السَّلام) عنوان كبير، أكبر مِن الكلمات، وأكبر مِن كلِّ الاحتفاءات، فبمقدار ما نصنع وعيًا حُسينيًّا نكون حَمَلَة لأمانة هذه الصُّروح الحُسينيَّة التي وظيفتها صناعة الوعي الحُسينيّ، فخطاب هذه الحُسينيَّات يصنع الوعي الحُسينيّ، وبرامج هذه الحُسينيَّات يجب أنْ تصنع الوعي الحُسينيّ، وكلِّ الفعَّاليَّات الدِّينيَّة هي منطلق لصناعة الوعي الحسينيِّ.
ثانيًا: بمقدار ما تصنع وجدانًا حُسينيًّا
الوعي ثقافة في العقل، ومفاهيم، وأفكار، وتصوُّرات.
مطلوب أوَّلًا: أنْ نعيش وعي وثقافة الحُسين (عليه السَّلام)، ومفاهيم عاشوراء، ومطلوب ثانيًا: أنْ نعيش وجدانًا حُسينيًّا.
الوجدان عشق، الوجدان هيام، الوجدان مشاعر، الوجدان إحساس باطني.
لا قِيمة لثقافة بلا وجدان، كما لا قِيمة للوجدان بلا ثقافة.
فإذا كان مطلوب من هذه المؤسَّسات والصُّروح الحُسينيَّة أنْ تصنع وعي عاشوراء فمطلوب مِنها أنْ تصنع وجدان عاشوراء، الوجدان ليس مجرَّد دمعة، الدَّمعة جزء مِن الوجدان، الآهات جزء مِن الوجدان، الوجدان عشق وهيام.
كيف نعيش عشق الله، وعشق رسول الله، وعشق الأئمَّة، وعشق كربلاء؟
هذا العشق هو الذي يمثِّل صناعة الوجدان، فكما نصنع عقلًا مملوءًا بالمفاهيم والثَّقافة والوعي، مطلوب أنْ نصنع قلبًا مملوءًا بالعُشق للحُسين (عليه السَّلام).
عيشوا الحُسين (عليه السَّلام) وعيًا، عيشوا الحُسين (عليه السَّلام) ثقافة، عيشوا الحُسين (عليه السَّلام) وجدانًا، مشاعرًا، أحاسيسًا، هيامًا، حبًّا.
ثالثًا: بمقدار ما تصنع خُلُقًا حُسينيًّا
هذه وظيفة هذه المؤسسات، وظيفة هذه المواقع، التُّروس الحُسينيَّة المباركة: تصنع وعي عاشوراء، تصنع وجدان عاشوراء، تصنع خُلق عاشوراء.
لا قيمة لوعي ولا قيمة لوجدان إذا لم ينصهرا خُلقًا، مُثلًا، قِيمًا.
فماذا تصنع هذه المؤسَّسات؟
تصنع وعي عاشوراء، تصنع وجدان عاشوراء، ويجب أنْ تصنع مُثُل عاشوراء، وخُلق عاشوراء، وصدق عاشوراء، وأمانة عاشوراء، ونظافة عاشوراء، هذه مسؤوليَّة هذه المواقع، هذه مسؤوليَّة هذه الصُّروح.
رابعًا: بمقدار ما تصنع سُلوكًا حُسينيًّا
هكذا تلتقي المفردات، يلتقي الوعي مع الانصهار، مع العشق، مع الأخلاق، مع السُّلوك، هذه مساحات تحملها هذه المؤسَّسات.
خامسًا: بمقدار ما تصنع حراكًا حُسينيًّا
مِن هذه المؤسَّسات ينطلق الحَراك الحُسينيُّ، الحَراك الذي يواجه الباطل، يواجه الفساد، يواجه العبث، يواجه الظُّلم، هذه تروس، مواقع، حصون ينطلق منها خطاب الوعي، خطاب الوجدان، خطاب الأخلاق، خطاب السُّلوك، خطاب الحركة، والجهاد، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.
مِن هنا ينطلق الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.
أليس مؤلمًا جدًّا في مواقعنا، في قُرانا، في مُدننا، أعداد كبيرة مِن الحُسينيَّات، أعداد كبيرة مِن المساجد، فيها حوزات، فيها علماء، فيها خطباء، وينتشر الفسق والفجور في هذه المناطق؟!
هكذا ينهزم المسجد، وهكذا تنهزم الحُسينيَّة، وهكذا تنهزم الحوزة، وهكذا ينهزم حَمَلَة الخطاب الدِّينيّ؟! (أنا لا أتحدث عن منطقة معيَّنة).
إنَّ مواقعنا ومناطقنا غنيَّة بهذه الصُّروح الحُسينيَّة، غنيَّة بالمساجد، غنيَّة بمواقع العِلم، غنيَّة بالخطباء، فكيف تنهزم هذه المواقع وهذه المناطق أمام موجٍ مِن الفساد بدأ ينتشر بعمق وبقوَّة وبشراسة في هذه المنطقة، وفي تلك المنطقة، وفي أيِّ منطقة مِن مناطقنا؟!
حُسنيَّاتنا تجمعنا، تملأ قلوبنا بعشق وحبِّ وثقافة الحُسين (عليه السَّلام)، ولكن كم صنعت مِن جهاد الحُسين (عليه السَّلام)؟
كم صنعت مِن حَراك الحُسين (عليه السَّلام؟
كم جعلتنا نقف سدًّا منيعًا أمام كلِّ لوثات المناطق؟
إذًا نحن عندما نحتفل بمشروعٍ حُسينيّ، نحتفل بالكلمة الرَّشيدة، والواعية، والجريئة، الكلمة التي ترفض الفساد والباطل.
4- مَن يتحمَّل مسؤوليَّة إنتاج هذه الأهداف؟
(أهداف الحُسينيَّات، وأهداف المساجد)
مَن يتحمَّل مسؤوليَّة إنتاج أهداف هذه المواقع، وهذه الصُّروح الحُسينيَّة؟
يتحمَّل المسؤوليَّة مجموعة مواقع:
الموقع الأوَّل: حَمَلَة الخطاب الحُسينيّ
– علماء وخطباء منبر
– شعراء ورواديد
يتحمَّلون المسؤوليَّة الأولى في إيصال رسالة هذه الصُّروح الحُسينيَّة.
هؤلاء يحملون خطاب الحُسين (عليه السَّلام)، يتحملون مسؤوليَّة رسالة هذه المواقع.
مكوِّنات حملة الخطاب الحسيني
وهؤلاء حَمَلَة الخطاب الحُسينيّ مطلوب أنْ يتوفَّروا على مجموعة مُكوِّنات:
[ولعلَّ هذا يحتاج إلى حديث خاص حول ما هو المطلوب مِن الخطيب؟ ما هو المطلوب مِن المبلِّغ؟ ما هو المطلوب مِن الرَّادود؟ ما هو المطلوب مِن الشَّاعر؟ ما هو المطلوب مِن مَنْ يحمل كلمة عاشوراء وكلمة الحُسين؟]:
(1) المُكوِّنُ العلميّ والثَّقافيّ
نحن اليوم نحتاج إلى خطاب واعي، ما عادت أجيالنا تكتفي بأيِّ خطاب، أجيالنا تنتظر مِن المنبر، مِن الخطيب، مِن العالِم، مِن المبلِّغ خطابًا واعيًا، بصيرًا، مُثقَّفًا.
أجيالنا بدأت تعيش العقل والوعي والثَّقافة، فخطاب المنبر يجب أنْ يكون خطابًا واعيًا مُثقَّفًا:
أ- ثقافه حوزويَّة
ب- ثقافه قُرآنيَّة
ج- ثقافة إسلاميَّة عامَّة
د- ثقافة عصريَّة
(2) المُكوِّنُ الرُّوحيّ
(الإخلاص والصِّدق)
أ- الخطيب الرَّبانيّ
ب- خطيب الدُّنيا
(الشُّهرة، المال، المصالح الذَّاتيَّة)
• «إنَّ العَبْدَ لَيُنْشَرُ لَهُ مِن الثَّناءِ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ وما يزن عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ…».( )
حَمَلَة الخطاب الدِّينيّ يجب أنْ يملكوا روحانيَّة عالية، بقدر ما يملك العالِم مِن روحانيَّة، بقدر ما يحمل الخطيب مِن روحانيَّة، بقدر ما يحمل صاحب الخطاب الحُسينيّ مِن ثقافة روحانيَّة يستطيع أنْ يقتحم القلوب والعقول.
بمقدار ما نعيش روحانيَّة الإيمان نقتحم عقول النَّاس، عقول الأجيال، عقول الشَّباب.
الرَّوحانيَّة: إخلاص، صدق، أمانة، هكذا نستطيع أنْ ننطلق بمشروع عاشوراء.
(3) المُكوِّنُ الأخلاقيّ
(صدق، أمانة، عِفَّة، تواضع، وفاء، صبر، وتحمُّل)
(4) المُكوِّنُ السُّلوكيّ
(التَّقوى والورع)
(5) المُكِّونُ الرِّساليّ
• الهمُّ الرِّسالي
• القُدرات الرِّساليَّة
(6) المُكوِّنُ الفنِّيّ والكفاءة الذَّاتيَّة
• طلاقه اللِّسان
• حسن الصَّوت
• الحافظة
• الموهبة الخطابيَّة
فمكوِّنٍ علميّ، ومكوِّن روحيّ، ومُكوِّن أخلاقيّ، ومُكوِّن سلوكيّ، ومُكوِّن رساليّ، هذه مسؤوليَّة الخطاب. هذه الصُّروح الحُسينيَّة يتحمَّل مسؤوليَّة استمرارها: منبر، خطاب، كلمة واعية، كلمة بصيرة.
الموقع الثَّاني: القيِّمون على إدارة المؤسَّسات الحُسَينيَّة
يتحمَّلون مسؤوليَّة كبرى في أداء رسالة هذه المؤسَّسات، في استمرارها، في أدائها، في بقائها، في خطابها، في كلِّ مسؤوليَّاتها، إدارات مسؤولة ومعنيَّة بأنْ تحمل رسالة هذه المؤسَّسات.
والذين يمتلكون مواصفات كـ:
– الإخلاص
– الوعي
– الرؤية الشَّرعيَّة (العلاقة مع العلماء)
– الالتزام
– الكفاءة الإداريَّة
– الانفتاح على الجمهور
الموقع الثَّالث: الدَّاعمون
– ماديًّا
– معنويًّا
وهناك جنود مجهولون
هناك داعمون، هناك جنود مجهولون، ليس مَن يعمل في هذه المؤسَّسات هو الخطيب فقط، أو صاحب الخطاب فقط، أو الإدارة المُرشَّحة فقط، هناك جنود يمارسون دورهم بلا إعلام، بلا ضجيج، بلا عناوين، هؤلاء داعمون، هؤلاء مؤيِّدون.
الموقع الرَّابع: الجمهور
– حضَّار المآتم
– المتابعون
– خدَّام المآتم
– المراقبون
– المؤهلات
هذه الحُسينيَّات حصون منيعة في الدِّفاع عن قضايانا الإيمانيَّة، مِن خلالِ الخطاب: المنبر، الشَّاعر، الرَّادود، الكلمة الواعية.
ومِن خلالِ البرامج.
هنا يتساءل كثيرون: هل مسموح للحُسينيَّات أنْ تُمارس برامج اجتماعيَّة ثقافيَّة علميَّة؟
الجواب: إنَّ كلَّ ما يخدم أهداف الإسلام فهو عمل مشروع في الحُسينيَّات، سواء كان: برنامجًا علميًّا، أم ثقافيًّا، أم تربويًّا، أم روحيًّا، كل ما يخدم أهداف الإسلام فهو عمل مشروع لهذه المؤسَّسات.
لعلَّ البعض يفهم أنَّ المؤسَّسة الحُسينيَّة تعني العزاء والبكاء واللَّطم على الإمام الحُسين (عليه السَّلام)، صحيح إنَّ كلَّ هذا مطلوب، فمطلوب أنْ نبكي الحُسين (عليه السَّلام)، وأساس مُنطلق المؤسَّسات الحُسينيَّة الدَّمعة على الحُسين بلا إشكال، ولكنَّ الدَّمعة والبكاء على الحُسين (عليه السَّلام) هما مُنطلق للانفتاح على مشروع عاشوراء.
مشروع عاشوراء دمعة، ومشروع عاشوراء وعي، ومشروع عاشوراء ثقافة، ومشروع عاشوراء مفاهيم.
إذًا مسؤوليَّة هذا الموقع أنْ يمارس دورَ إيصال مفاهيم عاشوراء، مفاهيم الإسلام، مفاهيم القرآن، فمِن خلالِ أيّ برنامج يخدم أهداف الإسلام فهو برنامج مشروع في الحُسينيَّات، أيّ مشروع يخدم أهداف الإسلام، أقول يخدم أهداف الإسلام، لا يخدم جماعة أو يخدم عنوان أو يخدم جهة، وإنَّما يخدم أهداف الإسلام، كلُّ مشروع يخدم أهداف الإسلام فهو جزء مِن رسالة هذه المؤسَّسات الحُسينيَّة.
فمِن خلالِ الخطاب، ومِن خلالِ البرامج، ومِن خلالِ المواقع، ومِن خلالِ الجمهور يمارس هذا المشروع دوره الكبير.
فمناطقنا الغنيَّة بهذه الحصون الحُسينيَّة مطلوب أنْ تكون مواقع نموذجيَّة، مأتم واحد يستطيع أنْ يغيِّر، فكيف بأعدادٍ كبيرة مِن الحُسينيَّات وبأعدادٍ كبيرة مِن المآتم.
فمطلوب مِن هذه المؤسسات الحُسينيَّة، ومطلوب مِن هذه المؤسَّسات العاشورائيَّة أنْ تمارس دورها الكبير.
فحينما نحتفل بمرور مئة عام على تأسيس مؤسَّسة حُسينيَّة، هذا مشروعٌ مبارك، هذه خطوة مباركة جدًّا، أنا أبارك هذه الخطوة، أؤيِّدها، لكن أتمنَّى أنْ تتحوَّل إلى نقطة انطلاق، ونقطة تطوير لأداء هذا المشروع، فمشروع الحُسينيَّة يحتاج إلى تطوير باستمرار، ويحتاج إلى أداء وتغيير باستمرار، حتَّى يمارس دوره بكفاءة، بإخلاص، بصدق، بعطاء، بتعاون.
تعاونوا لإنجاح هذا المشروع
لا بدَّ مِن التَّعاون، التَّلاقي، التَّآزر، التَّحابّ.
اعطوا مِن جهدكم، مِن طاقاتكم، مِن فكركم، استفيدوا مِن الخبرات المتراكمة، ليست مسؤوليَّة إدارة فقط، بل كلُّ أبناء المنطقة، وكلُّ أبناء المشروع يتحمَّلون مسؤوليَّة استمرار هذا المشروع، كما استمر عبر التَّاريخ، وكما بقي شامخًا في هذا العصر، سيبقى شامخًا في المستقبل وذلك بجهودكم، بتآزركم، بتقاربكم، بمحبَّتكم، بوعيكم، بثقافتكم، هكذا تستطيعون أنْ ترتقوا بأداء هذا المشروع العملاق الكبير، مشروع الحُسين (عليه السَّلام)، فالمسألة ليست مسألة عمر مِن الزَّمن، مائة عام، أو ألف عام، أو أيَّ وقت مِن أوقات هذا الزَّمن.
وإنَّما المهم كم هي رسالة هذا المشروع؟
كم هو أداؤه؟
كم صنع مِن أجيال ارتبطت بعاشوراء الحُسين (عليه السَّلام)؟
بمقدار ما تتحقَّق هذه الأهداف الكبرى لهذا المشروع، يكون المشروع ناجحًا.
فجزاكم الله خيرًا حيث انطلقتم في تأسيس هذا الإحياء لمرور قرنٍ على هذا الصَّرح الحُسينيّ المبارك، وقبل هذه الحُسينيَّة هناك مجالس حُسينيَّة في المنطقة، هناك تعزية، هناك قراءة.
إذًا لا بدَّ أنْ نمركز تاريخ الولاء الحُسينيّ لكلِّ مناطقنا، غير مسموح في يوم مِن الأيام أن تتجفَّف مناطقنا مِن وقدة الإيمان والولاء للحُسين (عليه السَّلام)، فبقدر ما نصنع أجيالًا حُسينيَّة نكون قد أدَّينا مسؤوليَّة هذه المؤسَّسات المباركة الكريمة.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته.