حديث الجمعة 633: الانتظار الحقيقي – لسنا دُعاة تأزيم – من همومنا همُّ أوقافنا – الوضع المعيشيِّ للمواطنين – سُكَّانُ غَزَّةَ يموتُونَ جُوعًا
حديث الجمعة 633 - 29 فبراير 2024 الموافق 18 شعبان 1445
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين؛ مُحمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين.
السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.
العنوان الأوَّل: الانتظار الحقيقي
- في الحديث المأثور عن نبيِّنا الأعظم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أَفْضَلُ أَعْمَالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَجِ».
أي انتظار ظهور المهديِّ مِن آلِ مُحمَّدٍ.
- وفي الحديث عن إمامنا الصَّادق (عليه السَّلام) قالَ: «مَنْ ماتَ مِنْكُمْ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِهذَا الأَمْرِ كَمَنْ هُوَ مَعَ القآئِمِ فِي فِسْطاطِهِ.
قالَ: – ثُمَّ مَكَثَ هُنَيئَةً – ثُمَّ قالَ: لا بَلْ كَمَنْ قارَعَ مَعَهُ سَيْفَهُ.
ثُمَّ قالَ: لا وَاللهِ إِلَّا كَمَنِ اسْتَشْهَدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله)».
لماذا يُمثِّل الانتظارُ هذه القِيمةَ العُظمى؟
ولكي نفهم الانتظار الذي يحملُ هذه القِيمة العُظمى يجب أنْ نُلقي ضوءًا على ألوان مِن الانتظار مرفوضة:
اللَّونُ الأوَّل: الاِنتظار الاسترخائي
– مجرَّد تمنیَّات
– مجرَّد أدعية
– مجرَّد زيارات
هذه العناوين لها قِيمتها حينما تكون ضمن (مشروع الاِنتظار الواعي).
اللَّونُ الثَّاني: الانتظار التَّعطيلي
تجميد كلِّ المشاريع التَّغييريَّة وإرجاء الأمر إلى حين الظُّهور.
اللَّونُ الثَّالث: الانتظار الانحرافي
العمل على ملء الأرض فسادًا لكي يتم التَّعجيل بظهور الإمام.
اللَّونُ الرَّابع: سُرَّاق الانتظار
(أدعياء السَّفارة) وهؤلاء هم أخطر العابثين بمشروع الاِنتظار، فمَن ادَّعى النِّيابة الخاصَّة في عصر
الغيبة الكبرى فهو مفتري كذَّاب.
- النِّيابة العامَّة نيابة الفقهاء الصَّالحين.
الانتظار الحقيقيُّ
مَنْ هم المنتظرون الحقيقيُّون؟
(1) الذين يملكون درجةً عاليةً مِنْ الإيمان (عقائديُّون مبدئيُّون)
لسنا صُنَّاع عُنفٍ وتطرُّف.
(2) الذين يملكون درجةً عاليةً مِنْ الوعي والبصيرة
- قال النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «إذا أرادَ اللهُ بعَبدٍ خَيرًا فَقَّهَهُ في الدِّينِ، وألهَمَهُ رُشدَهُ».
(3) الذين يملكون درجة عاليةً مِنْ الرَّوحانيَّة
- «…، رُهبانٌ فِي اللَّيل، …».
- «…، رِجالٌ لا يَنامونَ اللَّيلَ، لَهُم دَوِيٌّ في صَلاتِهِم كَدَوِيِّ النَّحلِ، …».
(4) الذَّين يملكون درجةً عاليةً مِنْ الصَّلاح والتَّقوى
- «صُلَحَاء نُجَباء».
- «مَن سَرَّهُ أنْ يَكونَ مِن أصحابِ القائِمِ فَليَنتَظِر، وَليَعمَل بِالوَرَعِ ومَحاسِنِ الأَخلاقِ وهُوَ مُنتَظِرٌ، …».
(5) الذين يملكون درجة عاليةً مِن الرِّساليَّة
يوظِّفون كلَّ قدراتهم في خدمة أهداف الدِّين، وفي التَّوطئة لظهور الإمام المهديِّ.
- القُدرات الفكريَّة والنَّفسيَّة
- القُدرات العمليَّة
مواجهة كلّ الواقع الفاسد بالأساليب المشروعة.
الشَّباب الرِّساليُّون
- «إنَّ أصحاب القائم شَبابٌ لا كَهلَ فيهِم إلَّا كالكحل في العين، …».
- «ويبايعه بين الرُّكن والمقام ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا مِن الأخيار كلُّهم شَبانٌ لا كَهلَ فِيهِم».
- وفي بعض الرِّوايات أنَّ فيهم عددًا مِن النِّساء.
العنوان الثاني: كلماتٌ أخيرة
الكلمةُ الأولى:
لسنا دُعاة تأزيم، فحبُّ الوطن يملأ قلوبنا، وأمن الوطن مِن أقدس أهدافنا، فحينما نطرح بعض هموم فمِن أجلِ أنْ يبقى هذا الوطن بلا هموم، بلا أزمات، بلا موتِّرات، فأبناء الوطن الأوفياء حرَّاسُ أمناء، يؤلمهم ما يؤلم الوطن، ويُوجعهم ما يوجع الوطن، ويقلقهم ما يقلق الوطن.
الكلمةُ الثَّانية:
مِن همومنا التي باتت تُشكِّل قلقًا كبيرًا (همُّ أوقافنا مِن مساجد ومآتم وأراضي) وقد بُحَّت الأصوات
ونحن نتحدَّث ونطالب، فهذا الأمر يجب أنْ يُحسم لكي لا يُشكِّلَ مصدر تأزيمٍ ومصدر قلقٍ لدى
طائفة كبيرة مِن أبناءِ هذا الوطن.
الكلمةُ الثَّالثة:
واحدة مِن أهم أزماتِ هذا الوطن (الوضع المعيشيِّ للمواطنين) وحينما نتحدَّث عن الوضع المعيشيِّ نتحدَّث عن عاطلين، ونتحدَّث عن وضع معيشيٍّ متدنِّي.
فالسُّلطة رغم مساعيها فهي مطالبة بدرجة أكبر أنْ تُولي هذا الملفَّ اهتمامًا أكبر، نريده وطنًا بلا عاطلين، وبلا مرهَقين معيشيًّا، وبلا مأزومين.
الكلمةُ الرَّابعة:
سُكَّانُ غَزَّةَ يموتُونَ جُوعًا…
القوَّات الإسرائيليَّة تفرض حصارًا مُمنهجًا، لمنع وصول المساعدات الغذائيَّة والأدوية إلى سُكَّان غَزَّة.
95 في المائة مِن أطفال قِطاع غزَّة لا يتوفَّر لهم الحليب والمواد الغذائيَّة، ويعانون مِن سُوء التَّغذية.
وحذَّر برنامج الأغذية العالميِّ التَّابع للأمم المتحدة قبل أيَّام أنَّ نصف مليون مِن سُكَّان غَزَّة على بعد خطوة واحدة مِن المجاعة.
فأين ضمير العَالَم؟