آخر الأخبارشهر ذي الحجة

حديث الجمعة 600: كيف نُحيي موسمَ عاشوراء؟

حديث الجمعة 600 | تاريخ: 28 ذو الحجَّة 1443هـ | الموافق: 28 يوليو 2022 م | مسجد الإمام الصَّادق (ع) بالقفول - البحرين

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّد الأنبياء والمرسلين، محمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين.

السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

كيف نُحيي موسمَ عاشوراء؟

هذهِ بعضُ كلماتٍ:

الكلمة الأولى: مُوجَّهة إلى الخطباء والشُّعراء والرَّواديد

الكلمة الثَّانية: مُوجَّهة إلى إدارات المآتم والمواكب والفعَّاليات

الكلمة الثَّالثة: مُوجَّهة إلى جمهور عاشوراء

الكلمة الرَّابعة: مُوجَّهة إلى الجهات الرَّسميَّة

الكلمة الخامسة: مُوجَّهة إلى العلماءِ

الكلمة السَّادسة: مُوجَّهة إلى النَّشء الحسيني (براعم عاشوراء)

الكلمة السَّابعة: كلمة عامَّة لكلِّ العاشورائيِّين

 

الكلمة الأولى: مُوجَّهة إلى الخطباءِ والشُّعراءِ والرَّواديد

أنتم أيُّها الخطباءُ والشُّعراءُ والرَّواديدُ لِسانُ عاشوراء.

أوَّلًا: مسؤوليَّتكم الثَّقافيَّة

1- أنْ تَعرِضُوا قضيَّة عاشوراء عرضًا سليمًا نقيًّا بعيدًا عن كلِّ ما يسيئ إلى عاشوراء، وبعيدًا عن كلِّ دخيل ومختلق.

2- أنْ تُعرِّفُوا مفاهيم الإسلام وتاريخ الإسلام تعريفًا واعيًا وبصيرًا.

3- أنْ تُعالجوا كلَّ التَّحدِّيات الثَّقافيَّة التي تُواجه الواقع المعاصر، وخاصَّة قضايا الشَّباب، وقضايا المرأة.

 

ثانيًا: مسؤوليَّتكم الرُّوحيَّة والأخلاقيَّة والتَّربويَّة

فالخطاب العاشورائي يجب أنْ يتحمَّل مسؤوليَّة كبرى في الوعظ والإرشاد، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.

وبين قوسين، وانطلاقًا من مسؤوليَّة الخطاب العاشورائي في مواجهة الفساد والانحراف أضع هذه الكلمة:

قرأنا في إحدى الجرائد المحليَّة أنَّ الرَّقابة أجازت عرض فيلم يروِّج للمثليَّة والشُّذوذ الجنسي، وإنْ تمَّ بالفعل البداية في عرضه إنْ صحَّ ذلك فإنَّنا نتساءل بكلِّ أسف:

– مَنْ الذي أو مَنْ هي الجهة التي أجازت عرض هذا الفيلم الذي يتنافى مع التَّعاليم الدِّينيَّة ومع القِيَم والأخلاق؟!

– مطلوب التَّصدِّي بقوَّة إلى مثل هذه الأفكار المدمِّرة؛ التي تعمل على سرقة أبنائنا وشبابنا وأخذهم إلى مستنقع وهاوية وحده الله يعلم مداها إذا لم يتم التَّصدِّي وبكلِّ قوَّة إلى مثل هذه الأفكار المسمومة.

– وهنا نطالب المسؤولين وبشكلٍ فوري إيقاف عرض هذا الفيلم وغيره، ومحاسبة الجهة التي أجازت عرضه.

 

ثالثًا: مسؤوليَّتكم الاجتماعيَّة

أن تكونوا دُعاةَ محبَّةٍ وتسامح، ودُعاة تقاربٍ وتآلفٍ، ودُعاة وِحدةٍ وتماسك، ودُعاة تكافلٍ وتعاطفٍ.

رابعًا: ومسؤوليَّتكم بكلِّ تأكيد أنْ تبقوا مأساة عاشوراء، ووهج عاشوراء، وحزنَ عاشوراء، ودمعة عاشوراء، وعشق عاشوراء.

وهنا سُؤال يُطرَح:

هل مطلوب من خطاب عاشوراء أنْ يتعاطى مع الشَّأن السِّياسي؟

خلق الوعي بكلِّ امتداداته مسؤوليَّة أيّ خطاب ديني وثقافي واجتماعي وسياسي، إلَّا أنَّنا ننصح بعدم نقل التَّوتُّرات إلى أجواء الموسم العاشورائي.

 

الكلمة الثَّانية: مُوجَّهة إلى إدارات المآتم والمواكب والفعَّاليَّات

أوَّلًا: حافظوا على هُويَّة الموسم العاشورائي في كلِّ أهدافه الثَّقافيَّة والرُّوحيَّة والأخلاقيَّة والسُّلوكيَّة والوجدانيَّة والعاطفيَّة.

ثانيًا: كونُوا نماذج حيَّة لأهدافِ عاشوراء.

فلا يجوز أنْ يكون قيِّمُا على هذه الأهداف مَنْ لا يُجسِّدها.

ثالثًا: كونُوا دُعاة وحدة وتقارب.

وحذارِ حذارِ من الخلافاتِ والصِّراعاتِ، فلا يُسيئ إلى هذا الموسم شيئ كما تُسيئ إليه المعتركات.

رابعًا: كونُوا على بصيرة فقهيَّة في كلِّ ما يصدر عنكم من مواقف وتصرُّفات وقرارات في شؤون هذا الموسم، وفي أمواله وفعَّاليَّاته.

فحذارِ حذارِ من أيَّةِ تصرُّفاتٍ غير خاضعةٍ للضَّوابط الشَّرعيَّة.

خامسًا: حافظوا بقوَّة على نظافة الأجواء العاشورائيَّة لكي لا نعطي صورة تُسيئ إلى سمعة هذا الموسم.

وهنا ألفت النَّظر إلى بعض ظواهر:

الظَّاهرة الأولى: وجود كثافة نسائيَّة في الشَّوارع

وهنا أحذِّر:

– مِنْ أيِّ شكلٍ من أشكال الاختلاط.

– ومِنْ أيِّ شكلٍ من أشكال التَّبرُّج.

مطلوبٌ من النِّساء أنْ يتواجدوا في المآتم النِّسائيَّة بكثافةٍ لا في الشَّوارع.

حسب المعلومات أنَّ الكثير من الشَّابات لا يتفاعلن مع المآتم النِّسائيَّة، أنا لا أشكُّ أنَّ هذه المآتم في حاجةٍ إلى تطوير، إلَّا أنَّ هذا التَّطوير لا يحدث إذا غابت الكفاءات النِّسائيَّة الشَّابَّة.

 

الظَّاهرة الثَّانية: انزلاقات النَّظر والسُّلوك لدى الشَّباب

مطلوبٌ من الشَّباب أن يملكوا حصانة إيمانيَّة وشرعيَّة قويَّة تحميهم من أيَّة انزلاقات.

انزلاقات النَّظر، انزلاقات السُّلوك، خاصَّة في المواقع التي يتكاثف فيها الوجود النِّسائي هنا يرمي الشَّيطان حبائله ليصطاد من يصطاد.

 

الظَّاهرة الثَّالثة: اصطدام مراسيم عاشوراء مع أوقات الصَّلاة

حذارِ من أنْ تصطدم مراسيم العزاء مع أوقات الصَّلواتِ، فمن أهمِّ أهداف عاشوراء هو الحفاظ على الصَّلاة والعبادة، ومن أهمِّ أهداف عاشوراء بناء الإيمان والتَّقوى والصَّلاح.

 

◊ لجانُ إشرافٍ ومراقبة

مطلوبٌ جدًّا أن تُشكَّل (لجان إشراف ومراقبة)، من كفاءات متميِّزة بقدراتها الإيمانيَّة والثَّقافيَّة والأخلاقيَّة والسُّلوكيَّة.

وهذا العمل هو من أعظم الأعمال في موسم عاشوراء، وهنا أشدُّ على أيدي الحرَّاس الأمناء من أجل أن يبقى الموسم العاشورائيِّ في غاية النَّقاء والنَّظافة، ومن أجل أن يحقِّق أهدافه الكبرى.

 

الكلمة الثَّالثة: مُوجَّهة إلى الجمهور العاشورائي

(جمهور المآتمَ، جمهور المواكب، جمهور الفعَّاليَّات، كلُّ الجمهور العاشورائي)

هذا الجمهور بكلِّ امتداداته يُشكِّل المساحة الأكبر في موسم عاشوراء.

لا منبر بلا جمهور

لا موكب بلا جمهور

لا إدارات بلا جمهور

لا فعَّاليات بلا جمهور

لا موسم عاشورائيٍّ بلا جمهور

وبقدر ما يكون الجمهورُ عاشورائيًّا يكون الموسمُ ناجحًا، ويكون الخطابُ ناجحًا، ويكون الإشرافُ ناجحًا.

وهنا الكلمة موجَّهةٌ إليكم أيُّها الجمهورُ العاشورائي

1- لستم عاشورائيِّين ما لم تملكوا وعي عاشوراء، وثقافة عاشوراء، وكلَّما ارتقى مستوى هذا الوعي ومستوى هذه الثَّقافة كنتم جديرين أكثر بهذا الوسام العاشورائيِّ.

فحاسبوا مستوى الوعي العاشورائي لديكم وإلَّا كنتم أرقامًا عاشورائيَّة مهملة.

 

2- كونوا عُشَّاقًا حقيقيِّين لعاشوراء.

ولا أعني بالعشق العاشورائيِّ مجرَّد الفوران العاطفي وإنْ كان هذا مطلوبًا، فالحزن العاشورائيُّ مطلوبٌ جدًّا، والعاطفة العاشورائيَّة مطلوبة جدًّا.

وإنَّما أعني بالعشق العاشورئيِّ درجة التَّفاعل الإيماني والرُّوحي، فكلَّما ارتقى مستوى العشق العاشورائي كان الانتماء إلى عاشوراء أقوى وأصدق، بشرط أنْ يكون هذا العشق محصَّنًا بدرجة عالية من الوعي العاشورائي خشية الانفلات الضَّار بعاشوراء.

 

3- كونُوا نماذج عُليا لخُلُقِ عاشوراء، ولتقوى عاشوراء، فليس جمهورًا عاشورائيًّا مَنْ يملك ثقافةَ عاشوراء، ومَنْ يملك عاطفة عاشوراء، إذا كان فاقدًا لأخلاق عاشوراء، وإذا كان فاقدًا لتقوى عاشوراء، وسلوك عاشوراء.

صحيح إنَّنا لا نريد للفوران العاطفي أنْ يفتر.

إلَّا أنَّنا نريده فورانًا واعيًا، ونريده فورانًا ملتزمًا.

أيُّها الجمهور العاشورائي حاسبوا أخلاقكم، وحاسبوا سلوككم في ضوء خطاب عاشوراء، وفي ضوء رسالة عاشوراء.

 

أيُّها الجمهور العاشورائي حافظوا على نظافة الموسم العاشورائي، وعلى حضاريَّة الموسم العاشورائي، وعلى انضباطيَّة الموسم العاشورائي، وعلى أهداف الموسم العاشورائي، وعلى عنوان الموسم العاشورائي، وعلى مسار الموسم العاشورائي.

 

والخطابُ هنا للشَّباب:

كونوا القوى الفاعلة في الموسم.

كونوا حضَّار المجالس والمواكب والفعَّاليَّات العاشورائيَّة.

فأنتم الطَّاقات والقُدُرات، ولا تكونوا جوَّالين في الطُّرقات ومتفرِّجين ومزدحمين عند المضايف، هذه المضايف التي أصبحت تُزاحم مجالس العزاء ومواكب العزاء.

إنَّنا نتمنَّى على المضايف القريبة من المآتم أن تتوقَّف أثناء إقامة مجالس العزاء.

 

الكلمة الرَّابعة: مُوجَّهة إلى الجهات الرَّسميَّة

إنَّنا نثمِّن بكلِّ تقدير أيَّ جهدٍ رسميٍّ يُبذل من أجل حماية هذا الموسم العاشورائي، ومن أجل ِتوفير الأجواء لممارسة الشَّعائر العاشورائيَّة.

وهذا ما عهدناه منذ تاريخ طويل، فما توقَّفت في يوم من الأيام شعائر عاشوراء في هذا الوطن ولن تتوقَّف بإذن الله تعالى.

وهذا ما يفرض تعاونًا جادًّا وصادقًا بين الجهات الرَّسميَّة ومواقع المسؤوليَّة في هذا الموسم؛ لكي يتحرَّك الموسم بكلِّ نجاح، وبعيدًا عن أيَّة تعقيداتٍ، وأيَّة معوِّقات.

إنَّنا نريد لهذا الموسم أنْ يكون ناجحًا.

وإنَّنا نريد لهذا الموسم أن يكون محقِّقًا لأهدافه.

وإنَّنا نريد لهذا الموسم أن يزرع التَّسامح والمحبَّة، والاعتدال والتَّقارب في هذا الوطن، وفي كلِّ الأوطان.

فمطلوبٌ من الجهات الرَّسميَّة أنْ تُوفِّر كلَّ الأجواء لكي ينطلق الموسم بنجاح وبعيدًا عن أيِّ تعقيد.

ومطلوبٌ من القائمين على هذا الموسم ومن جماهير هذا الموسم أن يحافظوا على مكوِّنات النَّجاح وِفق توجيهات العلماء ومواقع الإشراف.

 

الكلمة الخامسة: مُوجهّة إلى العلماءِ

وأعني بهم النُّخبة والكفاءات المؤهَّلة من علماء المذهب في هذا الوطن.

أوَّلًا: مسؤوليَّتكم أيُّها العلماءُ الأبرار: (الإشراف الفقهي على ممارسات الموسم العاشورائي)

فكلُّ المراسيم والشَّعائر والفعَّاليَّات العاشورائيَّة يجب أنْ تكون خاضعة لمعايير الشَّرع، ولا يجوز أنْ تُترك لمزاجات الشَّارع، وإلَّا اخترقت هذا الموسم ممارساتٌ مخالفة للشَّرع ولأحكام الدِّين، الأمر الذي يُسيئ إلى سمعة هذا الموسم، ويُسيئ إلى سمعة المذهب.

 

ثانيًا: مسؤوليَّتكم أيُّها العلماء الأبرار: (الاشراف الفكري على ثقافة الموسم)

فيما هو الخطاب

وفيما هو الشِّعار

وفيما هي الرَّدَّات

وفيما هي الكلمات

وفيما هي كلُّ ثقافة الموسم العاشورائي.

 

ثالثًا: مسؤوليَّتكم أيُّها العلماء الأبرار: (الإشراف العملي على مسارات الموسم فيما هي الشَّعائر، والمراسيم، والأعمال، وجميع الممارسات العاشورائيَّة).

 

رابعًا: مسؤوليَّتكم أيُّها العلماء الأبرار: (الحفاظ على شعار الوحدة والتَّقارب)

ومواجهة كلِّ منتجات الخلاف والصِّراع، فعاشوراء موسم المحبَّة والتَّسامح، وليس موسم الكراهية والتَّعصُّب.

يُسيئ إلى موسم عاشوراء مَنْ يُؤزِّم العلاقات ومَنْ ينشر الكراهيات إلَّا كراهية الباطل والفساد والعبث.

 

خامسًا: مسؤوليَّتكم أيُّها العلماء: (الحضور الدَّائم في هذا الموسم العاشورائي)

الحضور في مجالس العزاء

الحضور في مواكب العزاء

الحضور في كلِّ مواقع الموسم العاشورائي

متى توفَّرت الأجواء الملائمة للحضور.

 

الكلمة السَّادسة: مُوجَّهة إلى النَّشء الحسيني (براعم عاشوراء)

هنا الكلمة موجَّهة إليكم أيُّها الأبناء الأعزَّاء:

كونوا عُشَّاقًا للحسين ولعاشوراء الحسين.

تعلَّموا الكثيرَ الكثيرَ من مدرسةِ عاشوراء.

تعلَّموا الأخلاقَ والمُثلَ والقِيَمِ.

يا براعم عاشوراء أحيوا عاشوراء كما الكبار يُحيون عاشوراء.

ليكن لكم مجالسكم العاشورائيَّة الخاصَّة

ليكن لكم مواكبكم العاشورائيَّة الخاصَّة

ليكن لكم برامجكم العاشورائيَّة الخاصَّة.

نعم يجب أن يكون هناك إشراف وتوجيه؛ لحماية مسارات عاشوراء البراعم من كلِّ الانزلاقات، ومن كلِّ الأخطاء، فتجاربهم ناشئة وهي في حاجةٍ إلى رعايةٍ وتوجيه، وحمايةٍ وتسديد، ودعم وتأييد.

 

الكلمة الأخيرة: كلمة عامَّة لكلِّ العاشورائيِّين

أيُّها العاشورائيُّون وأنتم تُحيون عاشوراء الحُسين حافظوا بدقَّةٍ على كلِّ  إجراءاتِ وتوجيهاتِ الوقايةِ ضدَّ الوباءِ الفاتكِ، فلا زال هذا الوَباءُ يُهدِّد البشر، ولا زال هذا الوَباءُ يُدخل الرُّعبَ، ولا زال لهذا الوباءِ ضحايا، فلا يجوز شرعًا وعقلًا التَّهاونُ والتَّساهلُ في الحمايةِ والوقايةِ، نعم موسم عاشوراء مطلوبٌ أنْ يُقام بكلِّ طاقاتِه وقدراته وفعَّاليَّاتِه ولكن هذا لا يمنع من اعتماد كلِّ وسائل الوقاية والحماية، فمدرسة عاشوراء تُعلِّمنا الانضباط، ومدرسة عاشوراء تُعلِّمنا الالتزام، ومدرسة عاشوراء تُعلِّمنا الطَّاعة والانقياد لتوجيهاتِ الشَّرعِ والعقلِ.

 

وآخر دعوانا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Show More

Related Articles

Back to top button