الكلمة الأولى: شعبان شهر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)
هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، تمَّ بثُّها يوم الاثنين بتاريخ: (1 شعبان 1442 هـ – الموافق 15 مارس 2021 م) ، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم، ورحمة الله وبركاته.
عنوان الكلمة: شعبان شهر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)
أوَّلًا: مكانة شهر شعبان
شهر شعبان له مكانة كبرى وعظمى تلي مكانة شهر رمضان المبارك.
يأتي في الفضل:
أوَّلًا: شهر رمضان المبارك، ثمَّ شهر شعبان، ثمَّ شهر رجب.
فشهر شعبان يأتي في المرتبة الثَّانية بعد شهر رمضان المبارك، وفيه ليلة تقترب من ليلة القدر، ليلة النِّصف من شعبان.
إذن، هذا الشَّهر له مكانة كبيرة عند الله تعالى.
مظاهر القيمة والمنزلة لشهر شعبان تتمثَّل في مجموعة مظاهر، ومجموعة نقاط:
1-شهر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)
شهر شعبان هو شهر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، كما أنَّ شهر رمضان المبارك هو شهر الله تعالى، وكما أنَّ رجب هو شهر أمير المؤمنين (عليه السَّلام).
فشهر شعبان هو شهر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، كما ذَكَرت ذلك الرِّوايات والأحاديث.
وفي بعض الرِّوايات هو شهر الله تعالى.
2-شهر شعبان أفضل من شهر رجب
كما قلنا في الفضل هكذا التَّسلسل: شهر رمضان، يليه شهر شعبان، ثمَّ شهر رجب.
فشهر شعبان أفضل من شهر رجب.
3- في الرِّوايات حَمَلة العرش تعظِّم شهر شعبان
توجد مجموعة روايات – لتقرأ في مصادر الحديث -، وأنَّ من جملتها: إنَّ حَمَلَة العرش – الملائكة – تعظم شهر شعبان.
4-لماذا سمِّي شعبان؟
في بعض الرِّوايات: «…، وإنَّما سمِّي شعبان، لأنَّه يتشعَّب فيه أرزاق المؤمنين لشهر رمضان، …» (ثواب الأعمال، الصفحة 62، الشَّيخ الصدوق).
الله يرزق العباد في هذا الشَّهر تهيئةً لشهر رمضان المبارك.
5- العمل في شهر شعبان «…، تُضاعَفُ الحسنةُ سبعين والسَّيِّئة محطوطة والذَّنب مغفور، …» (ثواب الأعمال، الصفحة 62، الشَّيخ الصدوق)
توجد مضاعفة للحسنات!
عندما يعمل الفرد الحسنةَ في غير شعبان تُكتب له حسنة، باستثناء شهر رمضان المبارك ورجب الأصب.
ففي شهر شعبان، فإنَّ أيَّ عمل حسن يُكتب له ثواب سبعين عملًا.
6- إنَّ الله (جلَّ جلاله) يباهي في شعبان بعباده حَمَلَةَ عرشه
الله سبحانه يباهي بالعباد، والصَّالحين، والصَّائمين في شهر شعبان!
ثانيًا: ما هي أعمال شهر شعبان؟
إنَّ هذه الأعمال موجودة في كتب الأدعية، وأنا أُذكِّر بها فقط.
ما هي الأعمال المطلوبة المستحبَّة حسبما ورد في الرِّوايات في هذا الشَّهر العظيم شهر شعبان؟
1-أوَّل الأعمال: الصِّيام
الصِّيام في شهر شعبان ثوابه عظيم جدًّا.
الحديث يقول قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «…، فمَن صام يومًا من شهري – يعني شعبان – كنت شفيعه يوم القيامة.
ومَنْ صام يومين من شهري غفر الله ما تقدَّم من ذَنْبِه.
ومَنْ صام ثلاثة أيَّام من شهري قيل له: استأنف العمل، …» (الأمالي، الصفحة 71، الشَّيخ الصَّدوق).
فهذه تعتبر ولادة ولادة جديدة.
تصوم يومًا من شعبان رسول الله شفيعٌ لك.
تصوم يومين تُغْفر ذنوبُك.
تصوم ثلاثة أيَّام من شعبان تكون لك ولادة روحيَّة جديدة.
فكيف بمَن صام أكثر!
وكيف بمَن صام الشَّهر بكامله!، فكم له من الأجر؟
وكم له من الثَّواب؟!
وكم له من العطاء، والقُرب من الله سبحانه وتعالى.
فالصِّيام هو أوَّل أعمال شهر شعبان.
2-الاستغفار
ورد التَّأكيد الكبير الكبير على الاستغفار في شهر شعبان.
توجد صِيغ للاستغفار في كتاب الأدعية.
توجد صيغة عامَّة للاستغفار وهي أنْ يذكر بلسانه: أستغفر الله ربِّي، وأتوب إليه.
يُحضِر في قلبه ندمًا على المعاصي، ويصحِّح سلوكه، ويلجأ إلى الله تعالى ويتوب، هذا الاستغفار في مضامينه الحيَّة المتحرِّكة، وإلَّا ما قيمة أنْ أقول: أستغفر الله، وقلبي ملوَّث؟
ما قيمة أنْ أقول: أستغفر الله، وسلوكي ملَّوث؟
إذن، هنا الاستغفار مطلوب باللِّسان.
الله تعالى يحبُّ عبدَه أنْ يستغفر بلسانه، لكنَّه – أيضًا – يريد استغفارًا ينطلق من قلوب نقيَّة طاهرة.
الله سبحانه يريد الاستغفار أنْ ينطلق من سلوكٍ نقيٍّ طاهر.
إذن، هنا تلتقي الكلمة في اللِّسان مع القلب، ومع السلوك؛ ليتشكَّل الاستغفار الحقيقيُّ الذي يصنع الإنسان صُنعًا إيمانيًّا كبيرًا.
3-من الأعمال المؤكَّد عليها في شهر شعبان: الإكثار من الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد (صلَّى الله عليه وآله)
هذه عبادة مفتوحة، فإنَّ الصَّلاة على محمَّد وآله في كلِّ وقت لها ثواب، لكن يتضاعف ثوابها في شهر رمضان المبارك!
يتضاعف ثوابها في شهر شعبان!
يتضاعف ثوابها في شهر رجب!
يتضاعف ثوابها في ليلة القدر!
يتضاعف ثوابها في يوم عرفة!
يتضاعف ثوابها في المواقع المقدَّسة!
أنت تصلِّي على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في بيتك، وفي الشَّارع، وفي العمل.
لكن في المسجد يكون ثوابها أكثر.
وفي المشاهد المشرَّفة يكون الثَّواب أعظم.
وعند بيت الله يتضاعف الأجر أكثر فأكثر.
إذن، الصَّلاة على محمَّد وآله مفتوحة.
مَن لم يستطع أنْ يكفِّر عن ذنوبه، فليكثر من الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد، فإنَّها تهدم الذُّنوب هَدْمًا، اللَّهمَّ، صلِّ على محمَّد وآله محمَّد.
إذن، الصَّلاة على محمَّد وآل محمَّد لها فوائد مذكورة ما يقرب من خمسين فائدة، أو أكثر!
إذن، مِن المواسم العباديَّة السَّنويَّة التي يجب أنْ نستنفر فيها الصَّلوات على محمَّد وآل محمَّد هو شهر شعبان فلا تكلِّفنا الصَّلاةُ شيئًا كثيرًا، ولكن بشرط أنْ نحوِّلها إلى واقع عمليٍّ.
4-أعمال البِرِّ والخير
تفقَّدوا حاجات النَّاس.
ابحثوا عن البائسين، والمحرومين.
اقضوا حوائج المحتاجين.
فهذا له عطاء كبير، قد يفوق ثواب الصَّلاة، وثواب الحجِّ، وثواب العمرة، وثواب الزِّيارة!
أنْ نعيش هموم الآخرين.
أنْ نعيش آلام الآخرين.
أنْ نعيش عَذَابات، وعَنَاءَات الآخرين خاصَّة حينما تكون هناك مواسم استثنائيَّة، وظروف استثنائيَّة قاهرة، هنا تتأكَّد ضرورة الاهتمام بحاجات النَّاس، وقضايا النَّاس، وآلام النَّاس.
5-في هذا الشهر مناسبات عظيمة
كلُّ مناسبة لها دلالتها الكبيرة، ولها معطياتها الكبيرة!
فهو شهر المناسبات.
المناسبات الإيمانيَّة، والرُّوحيَّة، والدِّينيَّة، مثل:
أ- ولادة الإمام الحسين (عليه السَّلام) سبط رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في الثَّالث من شهر شعبان.
ب- ولادة أبي الفضل العبَّاس (عليه السَّلام)، بطل كربلاء، قمر بني هاشم، في الرَّابع من شهر شعبان.
ج- ولادة الإمام السَّجَّاد (عليه السَّلام) في الخامس من شعبان.
د- ولادة علي الأكبر (عليه السَّلام) في الحادي عشر من شعبان.
ه- ولادة الإمام صاحب العصر، والزَّمان (عجَّل الله فرَجَه الشَّريف)، في النِّصف من شعبان.
كم هي مناسبات عظيمة!
و- ليلة النِّصف من شعبان
ليلة النِّصف من شعبان من أقدس اللَّيالي!
جاء في الرِّوايات أنَّها: تلي ليلة القدر في الفضل!
أوَّل ليلة في الدُّنيا كلُّها في الفضل هي ليلة القدر، والمرتبة الثَّانية بعد ليلة القدر هي ليلة النِّصف من شعبان.
فكم هو شهر عظيم، وكم فيه من نفحات كبيرة، ومن عطاءات ربَّانيَّة مباركة؟!
فدونكم هذا الشَّهر، استنفروا طاقاتكم؛ من أجل الاستفادة من نفحات هذا الشَّهر المبارك.
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.
وأفضل الصَّلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا محمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين.