دور المؤسَّسات القرآنيَّة في ظلِّ تحدِّيات جائحة كورونا
هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، ألقيت لملتقى المؤسَّسات القرآنيَّة الخليجيَّة الذي كان تحت عنوان: (المؤسَّسات القرآنيَّة وتحدِّيات ظروف جائحة كورونا(، وقد تمَّ بثُّها عبر البث الافتراضي في يوم الجمعة (ليلة السَّبت)، بتاريخ: (20 رجب 1442 هـ – الموافق 5 مارس 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.
دور المؤسَّسات القرآنيَّة في ظلِّ تحدِّيات جائحة كورونا
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
مباركة بالملتقى القرآنيِّ
أيُّها الأحبَّة:
أبارك لكم هذا الملتقى القرآنيَّ الكبير، وأشدُّ على أيديكم متمنيًّا لكم كلَّ التَّسديد، وكلَّ النَّجاح ما دمتم تحملون أهداف القرآن الكريم.
•«حَمَلَةُ القرآن هم المحفوفون برحمة الله المَلْبُوسُونَ بِنور الله، …» (محمَّد الريشهري: ميزان الحكمة 3/2523)، حديث عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
•وحديث آخر يقول: «أشراف أمَّتي حَمَلَة القرآن، وأصحاب اللَّيل» (محمَّد الريشهري: ميزان الحكمة 3/2523)
واللِّقاء مع حَمَلَة القرآن الكريم يملأ النَّفس روحانيَّة، وأُنسًا وإيمانيًّا.
أيُّها الأحبَّة، لكم مقامكم الكبير ما دمتم تحملون القرآن الكريم، وما دمتم مزوَّدين بـ:
1-الإخلاص القرآنيِّ
الإخلاص هو روح العمل.
الإخلاص هو لبُّ العمل.
الإخلاص هو الذي يعطي للعمل روحانيَّته، وقيمته، وقُربه إلى الله سبحانه وتعالى.
وما أحوج حَمَلَة القرآن الكريم إلى الإخلاص القرآنيِّ.
2-البصيرة القرآنيَّة (الوعي القرآنيِّ)
3-العشق القرآنيِّ
4-العزيمة القرآنيَّة
5-المحبَّة القرآنيَّة (التَّآلف القرآنيِّ)
هذه مرتكزات وأسس تدفع بالعمل القرآنيِّ في اتِّجاه المسارات الأرقى، والمسارات الأفضل، وهذه هي مكوِّنات النَّجاح لأيِّ حَرَاك قرآنيٍّ.
معطيات هذا الملتقى القرآنيِّ
ما هي معطيات الملتقى القرآنيِّ؟
وما هي معطيات أنْ يلتقي حَمَلَةُ القرآن الكريم، وأنْ يلتقي العاملون في حَقْل القرآن الكريم؟
ما قيمة هذا الملتقى؟
أنْ تلتقي فعاليَّات قرآنيَّة، وجمعيَّات قرآنيَّة، ومكوِّنات قرآنيَّة على هذا المستوى الكبير، وعلى هذا المستوى الواسع، ما هي معطيات هذا الملتقى؟
ما هي ضرورة هذا الملتقى؟
ملتقى قرآنيٌّ بهذا الحجم له معطيات عظمى:
أذكر هنا ثلاث معطيات مهمَّة، وأساس للقاء قرآنيٍّ بهذا المستوى، وبهذا الحجم:
المعطى الأوَّل – لملتقى قرآنيٍّ في هذا الحجم -: أنْ تلتقي الخُبرات القرآنيَّة
أنتم مجموعة خبرات قرآنيَّة، وخبرات متنوِّعة، وخبرات متعدِّدة.
لكلِّ جمعيَّة قرآنيَّة خبراتها الطَّويلة، وتجربتها الغنيَّة، ولكلِّ العاملين في المجال القرآنيِّ قدراتهم، وإبداعاتهم المتنوِّعة، فأنْ تلتقي هذه الخُبرات، والتَّجارب والقُدرات والابداعات له معطيات كبيرة،
وكبيرة جدًّا.
بأنْ نضمَّ خِبرة إلى خبرة، ومعطى إلى معطى، وتاريخًا من العمل القرآنيِّ إلى تاريخ من العمل القرآنيِّ.
هنا الأهمِّية كلُّ الأهمية أنْ تستمرَّ هذه الملتقيات القرآنيَّة الهادفة.
المُعطى الثَّاني: أنْ يتطوَّر الأداء القرآنيُّ
حركة التَّطوُّر في الأداء القرآنيِّ مفتوحة، ولا تتجمَّد ولا تقف؛ لأنَّ حركة القرآن الكريم مفتوحة، لا تتجمَّد، ولا تقف، فحَراككم هو نبض لحَراك القرآن الكريم، وعطاؤكم هو من عطاء القرآن الكريم، وكلَّما تجذَّرت هذه العلاقة قَوِي الحَراك، وقوي العطاء، وقوي الحضور.
نحن نلتقي لماذا؟، حتَّى نطوِّر، وحتَّى ننشط أكثر، وحتَّى نفتح آفاقًا جديدة للعمل القرآنيِّ، هنا قيمة كبيرة لهذا الملتقى، ملتقى لمكوِّنات قرآنيَّة في هذا الحجم، وبهذا الامتداد، وبهذا التَّنوُّع.
فحركة التَّطوُّر في الأداء القرآنيِّ مفتوحة، فلا يقف العمل القرآنيُّ عند حدٍّ، فالقرآن الكريم مفتوح، وآفاق القرآن الكريم مفتوحة، فلا يمكن أنْ يتجمَّد العمل القرآنيُّ عند أفق محدود، فما دام القرآن الكريم مفتوحًا وآفاق القرآن الكريم مفتوحة، ومسارات التَّجديد القرآنيِّ مفتوحة، إذن العمل القرآنيُّ سيبقى مفتوحًا، وحركة التَّطوُّر في الأداء القرآنيِّ ستبقى مفتوحةً، ولا تتجمَّد ولا تقف؛ لأنَّ حركة القرآن الكريم مفتوحة، لا تتجمَّد، ولا تقف، فحراككم هو نبض لحَراك القرآن الكريم ما دام حَراك القرآن الكريم مفتوحًا لا يتجمَّد، لا يتوقَّف عند أفق معيَّن، فحَراككم هو نبض لحَراك القرآنِّ الكريم، وعطاؤكم هو من عطاء القرآن الكريم، وكلَّما تجذَّرت هذه العلاقة بين الفعاليات القرآنيَّة قَوِي الحَراك، وقَوِي العطاء، وقَوِي الحضور.
إذن هنا معطيان مهمَّان:
المعطى الأوَّل لهذا الملتقى الكبير، وللفعاليَّات، وللجمعيَّات القرآنيَّة، هو أنْ تلتقي الخُبرات القرآنيَّة.
المعطى الثَّاني هو أنْ يتطوَّر الأداء القرآنيُّ بِضمِّ هذه الخُبرات إلى بعضها، وبضمِّ هذا التَّأريخ من العمل القرآنيِّ إلى بعضه، فيتطوَّر الأداء القرآنيُّ، والعمل القرآنيُّ، والفعل القرآنيُّ.
المُعطى الثَّالث – لهذه الملتقيات الكبيرة التي تضمُّ منظومة مؤسَّسات قرآنيَّة، ومنظومة جمعيَّات قرآنيَّة فاعلة لها تاريخها، ولها خبرتها، ولها مساراتها الطَّويلة في العمل القرآنيِّ -: أنْ تعالج كلَّ التَّحدِّيات والإشكالات
أداء الجمعيَّات والفعَّاليَّات القرآنيَّة خاصَّة في هذا العصر تواجهه – قطعًا – تحدِّيات، وصعوبات وإشكالات؛ ممَّا يفرض أنْ تتلاقى جهود العاملين في الحقل القرآنيِّ؛ لمعالجة هذه التَّحدِّيات، والإشكالات.
هنا الضَّرورة كلُّ الضَّرورة لمثل هذه الملتقيات، وهنا الحاجة كلُّ الحاجة أنْ تتواصل الخُبرات القرآنيَّة.
ورغم تنوُّع (بيئات العمل القرآنيِّ) – وقد يكون لكلِّ بيئة خصوصيَّاتها – إلَّا أنَّه في الغالب تكون التَّحدِّيات، والإشكالات مشتركة، لهذا فالمعالجات مشتركة أيضًا.
هذه بعض معطيات لملتقى كبير يضمُّ فعاليَّات قرآنيَّة كبيرة، ويضمُّ جمعيَّات لها تاريخ طويل من العمل القرآنيِّ.
إذن، ضمُّ هذه الخُبرات، وضمُّ هذا التَّاريخ إلى بعضه ينتج مجموعة كبيرة من المعطيات.
الحضور الدَّائم للفعَّاليَّات القرآنيَّة
مطلوب جدًّا أنْ يكون للفعَّاليَّات القرآنيَّة حضور دائم، لا يتوقَّف، ولا ينضب، ما دام عطاء القرآن الكريم لا ينضب، وما دام عطاء القرآن الكريم متحرِّكًا، فجمعيَّات القرآن الكريم، ومؤسَّسات القرآن الكريم مطلوب منها أنْ تكون عطاءاتها متحرِّكة ودائمة، ومطلوب جدًّا أنْ يكون للفعَّاليات القرآنيَّة حضور دائم في كلِّ الظُّروف والمتغيِّرات، فلن يأتي ظرف معيَّن نقول فيه سنجمد العمل القرآنيَّ؛ كون القرآن الكريم حاجة لا تتجمَّد.
لن يأتي يوم من الأيَّام نقول فيه: نحن غير محتاجين للقرآن الكريم، أو إذن، سنوقف عمل القرآن الكريم، لا!، فالقرآن الكريم حاجة لا تتجمَّد، والتَّعاطي مع القرآن الكريم ضرورة لا تتوقَّف.
فإذا كان الظَّرف الرَّاهن يشهد (المأزق الوبائي المرعب)، فمطلوب من فعاليَّات القرآن الكريم أنْ تبقى متحرِّكة، أوَّلًا، وثانيًا، وثالثًا.
يوجد ظرف استثنائيٌّ، فإذا كنَّا مضطَّرين أنْ نوقف الكثير من الفعَّاليات، فالفعَّاليات القرآنيَّة لا تتوقَّف، ممكن أنْ تتجمَّد بعض الفعَّاليات في ظروف استثنائيَّة، لكن القرآن الكريم لا يتجمَّد، وفعاليات القرآن الكريم لا تتجمَّد.
فإذا كان الظَّرف الرَّاهن يشهد (المأزق الوبائي المرعب)، فمطلوب من فعاليات القرآن أوَّلًا، وثانيًا، وثالثًا!
فما هو المطلوب في ظِلِّ أوضاع استثنائيَّة، وفي ظِلِّ اضطرار إلى تجميد كثير من الفعَّاليات؟، ما هو المطلوب من الفعَّاليات القرآنيَّة؟
ما هو المطلوب من حَمَلَة القرآن الكريم، وفعَّاليات القرآن الكريم؟
المطلوب من فعَّاليات القرآن الكريم
أوَّلًا: أنْ تُصِّر على البقاء، والحضور
إصرار على أنْ يكون للفعَّاليات القرآنيَّة حضور دائم وبقاء، ولا يصمت صوت القرآن الكريم، ولا يتجمَّد حَراك القرآن الكريم.
إصرار على أنْ يبقى هذا العطاء القرآنيُّ.
فالقرآن الكريم لا يجوز أنْ يغيب مهما كانت الظُّروف الاستثنائيَّة.
القرآن الكريم لا يجوز أنْ يغيب إطلاقًا مهما كانت الظُّروف، بل تشتدُّ الحاجة للحضور القرآنيِّ كلَّما كانت المآزق، وكلَّما كانت الظُّروف استثنائيَّة، فالحاجة أكبر إلى الحضور القرآنيِّ.
لا يجوز – إطلاقًا – أنْ يغيب القرآن الكريم مهما كانت الظُّروف، بل تشتدُّ الحاجة للحضور القرآنيِّ حينما تشتدُّ الأزمات، فالقرآن الكريم رحمة وشفاء: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ …﴾ (سورة الإسراء: الآية 82).
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ (سورة يونس: الآية 57).
«…، فهو – أي: القرآن الكريم – في كلِّ زمان جديد، وعند كلِّ قوم غضٌّ إلى يوم القيامة» حديث عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) (محمَّد الريشهري: ميزان الحكمة 3/2519).
إذن، لا بدَّ من الإصرار على أن يبقى الحضور القرآنيُّ مهما كانت الظُّروف صعبة، ومهما كانت الظُّروف استثنائيَّة، فالقرآن الكريم يجب أنْ يكون حاضرًا.
وهنا دور الفعَّاليات القرآنيَّة، وهنا دور حَمَلَة القرآن الكريم بأنْ يُبقوا هذا الحضور القرآنيَّ في ظلِّ كلِّ الاستثناءات، وفي ظلِّ كلِّ الظُّروف.
هذا أوَّلًا.
ثانيًا: أنْ تُطوِّر أساليب الحضور القرآنيَّ وفق الظُّروف والمتغيِّرات
نحن نصرُّ على بقاء الحضور القرآنيِّ رغم الاستثناءات، ورغم الظُّروف، لكن هذا يفرض أنْ نطوِّر أساليب الحضور القرآنيِّ وِفق الظُّروف الاستثنائيَّة، وأنْ تُطَوَّر أساليب الحضور القرآنيِّ وِفق الظُّروف والمتغيِّرات.
إذا كانت الملتقيات المباشرة متعذِّرة بسبب الظُّروف الرَّاهنة، فهناك الملتقيات البديلة الفضائيَّة وهي قادرة على أنْ تحقِّق أهداف الملتقيات المباشرة.
إذن، هنا نحن بحاجة أوَّلًا إلى الحضور الدَّائم رغم الاستثناءات، وثانيًا نحن بحاجة أنْ نُطوِّر أساليب الحضور.
ثالثًا: أنْ نحافظ على الأهداف المركزيَّة للمشاريع القرآنيَّة
مهما كانت الظُّروف استثنائيَّة، ومهما كانت الظُّروف متغيِّرة، ومهما كانت الظُّروف ضاغطة فنحن ينبغي أنْ نطوِّر من الأساليب، ونطوِّر من الممارسات القرآنيَّة، ونطوِّر من الفعَّاليات بشرط أنْ نحافظ على الأهداف المركزيَّة للمشاريع القرآنيَّة.
الإبقاء على أهداف المشاريع القرآنيَّة رغم المتغيِّرات
المشاريع القرآنيَّة لها أهداف مركزيَّة، هذه الأهداف يجب أنْ تبقى، قد تتغيَّر الأساليب، وقد تتغيَّر الأدوات، وقد تتغيَّر الوسائل، لكنَّ الأهداف يجب أنْ تبقى.
بشكلٍ مجمل، هناك خمسة أهداف مركزيَّة للمشاريع القرآنيَّة، هذه الأهداف الخمسة المركزيَّة يجب أنْ نحافظ عليها، فلتتعدَّد الأساليب، ولتعدَّد أنماط الملتقيات، لكن تبقى الأهداف المركزيَّة حاضرة.
الهدف المركزي الأوَّل – للمشروع القرآنيِّ هو -: حضور التِّلاوة القرآنيَّة
أنْ يبقى القرآن الكريم يُتلى، وأنْ يبقى القرآن الكريم يُقرأ آناء اللَّيل وأطرف النَّهار.
لا ينبغي أن يأتي يوم من الأيَّام يصمت صوت القرآن الكريم، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة القرآن الكريم، وتجويد القرآن الكريم.
هذا هدف مركزيٌّ.
قد تتعدَّد الأساليب، فلا توجد مشكلة لكن أنْ يبقى للتِّلاوة القرآنيَّة حضورها، وأنْ تبقى التَّلاوة القرآنيَّة حاضرة في البيوت، وفي المواقع، وفي كلِّ المسارات، وأنْ يُتلى القرآن الكريم، وأنْ يُقرآ القرآن الكريم، وأنْ نُسمع صوت القرآن الكريم، هذا الهدف المركزي الأوَّل للمشاريع القرآنيَّة.
الهدف الثَّاني: حضور الرَّوحانيَّة القرآنيَّة
نحن نريد التِّلاوة أنْ تبقى، لكن نريد وهجَ القرآن الكريم، ونريد روحانيَّة القرآن الكريم، ونريد ربانيَّة القرآن الكريم تبقى، وإلَّا لا قيمة لتلاوة قرآنيَّة إذا غاب الوهج القرآني، وإذا غابت الربانيَّة القرآنيَّة، وإذا غابت العرفانيَّة القرآنيَّة.
إذن، نريد أنْ نخلق وهجًا قرآنيًّا، وروحانيَّةً قرآنيَّة، ونبضًا إيمانيًّا قرآنيًّا، هذا هو الهدف الثَّاني.
الهدف الثَّالث: حضور المفاهيم القرآنيَّة
كما نريد للقرآن الكريم الحضور على اللِّسان وهو التِّلاوة، ونريد للقرآن الكريم حضورًا في الوجدان والقلب وهو الحضور الرَّوحانيُّ نريد للقرآن الكريم حضورًا في العقل وهو حضور المفاهيم القرآنيَّة، وهو حضور الثَّقافة القرآنيَّة، وهو حضور الرُّؤى القرآنيَّة.
هنا يلتقي الحضور اللِّسانيُّ مع الحضور الوجدانيِّ مع الحضور العقليِّ للقرآن الكريم.
الهدف الرَّابع – المركزي للمشاريع القرآنيَّة -: حضور الممارسات القرآنيَّة
لا يكفي أنْ يكون القرآن الكريم حاضرًا على الألسن، ولا يكفي أنْ يكون القرآن الكريم حاضرًا في الوجدان، ولا يكفي أنْ يكون القرآن الكريم حاضرًا في العقل، بل لا بدَّ أنْ يكون القرآنُ الكريم حاضرًا في السُّلوك، وحاضرًا في الممارسة، وحاضرًا في الواقع، وحاضرًا في كلِّ التَّصرُّفات، فهذا الحضور العمليُّ الحقيقيُّ يجب أنْ يكون فيه القرآن الكريم هو الذي يحكم سلوك الإنسان، وحركة الإنسان، وفعل الإنسان، ونشاط الإنسان سواء في الفرد، أم الأسرة، أم المجتمع، وفي أنماط السُّلوك السِّياسيَّة، والاجتماعيَّة، والثقافيَّة، فمثل هذا حضور حقيقيٌّ للقرآن الكريم.
إذن، حضور التِّلاوة، وحضور الرَّوحانيَّة القرآنيَّة، وحضور المفاهيم القرآنيَّة، وحضور الممارسات القرآنيَّة.
الهدف الخامس – المركزي هو -: حضور الفعَّاليات القرآنيَّة
وهذا دوركم!
إنَّ حضور الفعَّاليات القرآنيَّة هو الذي يحتفظ بالتِّلاوة، ويحتفظ بالرَّوحانيَّة، ويحتفظ بالمفاهيم، ويحتفظ بالممارسات من فعاليات، ونشاطات، وَحَراكات.
فهذه الملتقيات القرآنيَّة قادرة بإذن الله تعالى أنْ تؤسِّس لحضور قرآنيٍّ فاعل، وحينما أقول: حضور قرآنيٌّ فاعل، فأعني أنْ يكون لهذه الملتقيات دورها في الحفاظ على الأهداف المركزيَّة للمشاريع القرآنيَّة.
بارك الله لكم، وسدَّد الله خطاكم، وأيَّدكم، وإلى مزيد من العطاء القرآني.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.