الكلمة الأولى: شهر رجب وشهر شعبان محطَّتان للشَّحن الرُّوحيِّ
هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، قد تمَّ بثُّها في يوم الخميس بتاريخ: (5 رجب الأصب 1442 هـ – الموافق 18 فبراير 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغوي الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.
عنوان الحديث: شهر رجب وشهر شعبان محطَّتان للشَّحن الرُّوحيِّ
1-الإنسان المؤمن في حاجة لأنْ يتعبَّأ روحيًّا باستمرار، فهو يواجه استنزافًا روحيًّا باستمرار نتيجة التَّحدِّيات، والانزلاقات.
يبدأ الإنسان مشواره اليوميَّ، ويبدأ الاستهلاك الرٌّوحيُّ، نتيجة حَراك.
ونتيجة تَوَاصلات.
ونتيجة ممارسات.
ونتيجة تحدِّيات.
يوجد استنزاف دائم في حركة الإنسان، استنزاف روحيُّ، وتفريغ روحيٌّ.
التَّحدِّيات، والصُّعوبات، والمشاكل، والانزلاقات، والانحرافات كلُّها تشكِّل استنزافًا روحيًّا للإنسان بشكل دائم، وبشكل يوميٍّ.
إذن، الإنسان – أيضًا – محتاج يوميًّا إلى تعبئة روحيَّة، فبقدر ما يكون هناك استنزاف روحيٌّ، تكون هناك ضرورة إلى التَّعَبُّؤ الرُّوحيِّ.
التَّعبُّؤ الرُّوحيُّ يملأ الإنسان، ويعوِّض حالات الاستهلاك والاستنزاف.
إذن، هناك حاجة إلى أنْ يتعبَّأ الإنسان روحيًّا وباستمرار في مواجهة تحدِّيات الاستنزاف الرُّوحيِّ.
محطَّات الشَّحن الرُّوحي
الشَّحن الرُّوحيُّ له محطَّات.
تصنيف المحطَّات
أُصنِّف هذه المحطَّات إلى مجموعة تصنيفات:
التَّصنيف الأوَّل: محطَّات يوميَّة للشَّحن الرُّوحيِّ.
التَّصنيف الثَّاني: محطَّات أسبوعيَّة للشَّحن الرُّوحيِّ.
التَّصنيف الثَّالث: محطَّات شهريَّة للشَّحن الرُّوحيِّ.
التَّصنيف الرَّابع: محطَّات سنويَّة للشَّحن الرُّوحيِّ.
هذه محطَّات من خلالها يتعبَّأ الإنسان روحيًّا.
ومن خلالها يواجه مشروع الاستنزاف الرُّوحيِّ الخطير.
أوَّلًا: المحطَّات اليوميَّة
مثل:
1-الصَّلاة اليوميَّة
فهي تعتبر محطَّة للتَّعبئة الرُّوحيَّة.
لدينا خمس فرائض واجبة تعبِّئ الإنسان.
طِيلة الأربع وعشرين ساعة يتعبَّأ الإنسان روحيًّا من خلال الصَّلاة.
2-النَّوافل
إضافة إلى الفرائض الواجبة، هناك النَّوافل.
هناك صلوات مندوبة أخرى، فهذه كلُّها تعتبر محطَّات يوميَّة للتَّعبُّؤ الرُّوحيِّ.
3- الدُّعاء
يضاف إلى الصَّلاة الدُّعاءُ، فهو محطَّة يوميَّة، بل دائمة ومستمرَّة للتَّعبُّؤ الرُّوحيِّ.
4-الذِّكْر الدَّائم
5- تلاوة القرآن الكريم
هذه مفردات تشكِّل محطَّاتٍ يوميَّة تُعبِّئ الإنسان روحيًّا.
هذا صنف من أصناف محطَّات التَّعبئة الرُّوحيَّة في مواجهة الاستنزاف الرُّوحيِّ الدَّائم والمستمرِّ، وفي مواجهة التَّحدِّيات الدَّائمة.
هذه محطَّات نسمِّيها محطَّات يوميَّة.
ثانيًا: المحطَّات الأسبوعيَّة
مثل:
1-ليلة الجمعة، ويوم الجمعة هما محطَّتان أسبوعيَّتان.
توجد فيهما أعمال ومندوبات ومستحبَّات.
لماذا يوجد تكثيف للأعمال العباديَّة في ليلة الجمعة، ويوم الجمعة؟
هذه محطَّة تضاف إلى المحطَّات اليوميَّة؛ من أجل أنْ يتعبَّأ الإنسان روحيًّا، ويُشحن باستمرار وبديمومة.
إذا لم تستطع المحطَّات اليوميَّة أنْ تعبِّئ الإنسان روحيًّا، فتأتي المحطَّة الأسبوعيَّة، وتأتي ليلة الجمعة بأعمالها العباديَّة الكبيرة.
يأتي يوم الجمعة فكما ورد عن أبي الحسن الرِّضا (عليه السَّلام)، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «إِنَّ يوم الجمعة سيِّدُ الأيَّامِ يُضَاعِفُ الله فيه الحَسَنَاتِ ويَمْحُو فيه السَّيِّئَاتِ ويرفعُ فيه الدَّرَجَاتِ ويستَجيبُ فيه الدَّعَوَاتِ ويَكشِفُ فيه الكُرُبَاتِ ويَقْضِي فِيه الحَوَائِجَ العِظَامَ» (الكافي3/414، الشَّيخ الكليني)
إنَّه يوم مبارك عظيم جدًّا.
فإذا عجزت المحطَّات اليوميَّة أنْ تشحن الإنسانَ روحيًّا، فتأتي المحطَّة الأسبوعيَّة متمثِّلة في ليلة الجمعة، ويوم الجمعة.
2-صيام يومين في الأسبوع.
هذه محطَّة أسبوعيَّة، وليست محطَّة يوميَّة.
هذه محطَّة أسبوعيَّة؛ لكي يتعبَّأ الإنسان روحيًّا.
إذن، عندنا محطَّات يوميَّة.
وعندنا محطَّات أسبوعيَّة.
وعندنا محطَّات شهريَّة.
ثالثًا – من محطَّات التَّعبئة الرُّوحيَّة -: المحطَّات الشَّهريَّة
توجد في الشَّهر أعمال، مثل:
1-صلاة أوَّل الشَّهر.
هذه محطَّة شهريَّة.
صلاة في بداية كلِّ شهر، فهي تحفظ الإنسان، وتحمي الإنسان، وتعبِّئ الإنسان روحيًّا.
هذه محطَّة، إلَّا أنَّها ليست محطَّة يوميَّة، ولا أسبوعيَّة.
هذه محطَّة شهريَّة.
بالشَّهر مرة واحدة في بداية كلِّ شهر يصلِّي الإنسان صلاة أوَّل الشَّهر، وهي موجودة في كتب الأدعية.
إذن، هذه نسمِّيها محطَّة شهريَّة، تُضاف إلى المحطَّات اليوميَّة.
تُضاف إلى المحطَّات الأسبوعيَّة.
2-صيام ثلاث أيَّام في الشَّهر.
فمَن صام أوَّل خميس، وآخر خميس، والأربعاء الأولى من العشر الوسطى، فقد صام الشَّهر كلَّه!
ومَن داوم على ذلك في كلِّ شهر، فقد صام الدَّهر!
إنَّ الصِّيام ثلاثة أيَّام في الشَّهر محطَّة لتعبئة الإنسان روحيًّا، لكنَّها ليست محطَّة يوميَّة، ولا محطَّة أسبوعيَّة، هذه محطَّة شهريَّة.
إذن، عندنا ثلاث محطَّات:
المحطَّة اليوميَّة.
المحطَّة الأسبوعيَّة.
المحطَّة الشَّهريَّة.
رابعًا: المحطات السَّنويَّة
المحطَّات السَّنويَّة مثل:
1-شهر رجب هذه محطَّة سنويَّة.
2-شهر شعبان هذه محطَّة سنويَّة.
3-شهر رمضان هذه محطَّة سنويَّة.
4-المناسبات التَّاريخيَّة.
5-المناسبات الدِّينيَّة، كـ:
أ- النِّصف من شعبان.
ب- ليلة القدر.
ج-يوم عرفة.
هذه كلُّها محطَّات سنويَّة، تُضاف إلى المحطَّات اليوميَّة، والأسبوعيَّة، والشَّهريَّة.
ربما تعجز محطَّات اليوم، ومحطَّات الأسبوع، ومحطَّات الشَّهر، ربما تعجز بأنْ تنهض بالحالة الرُّوحيَّة عند الإنسان، وربما تعجز في مواجهة الاستنزاف الرُّوحيِّ، فتأتي المحطَّة السَّنويَّة؛ لتستنفر في داخل الإنسان الحالة الرُّوحيَّة.
فمن هذه المحطَّات شهر رجب، كما سنرى فيه بعض الممارسات والعبادات.
ففي شهر رجب توجد أعمال مكثَّفة، والغرض منها هو الامتلاء الرُّوحيُّ، والارتقاء بالحالة الرُّوحيَّة، ومواجهة حالة الاستنزاف الرُّوحيِّ.
والحمد لله ربِّ العالمين.
والصَّلاة على محمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين.