كلمة العلاّمة الغريفي في تأبين الوجيه الحاج كاظم عبد الحسين (رحمه الله تعالى)
هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، قد أُلقيت في يوم الجمعة – ليلة السَّبت بتاريخ: (28 صفر 1442 هـ – الموافق 16 أكتوبر 2020 م) بمناسبة تأبين الوجيه الحاج كاظم عبد الحسين (رحمه الله تعالى)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.
خواطر متواضعة في ذِكرى رحيل الحاج كاظم عبد الحسين (رحمه الله تعالى)
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصَّلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، محمَّد وعلى آله الطَّيِّبين الطَّاهرين المُنْتِجبين الأخيار الأبرار.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا، ورحمة الله وبركاته.
هذه خواطرُ متواضعةٌ تحملُ بعضَ وفاءٍ لرجلٍ يستحقُّ كلَّ الوَفاء، شخص في حجم الوجيه الكبير الحاج كاظم عبد الحسين (رحمة الله عليه)، شخص في هذا الحجم لا يمكن أنْ يُخْتَزَل الحديث عنه في هذا الوقت المضغوط، ولكنَّها بعض خواطر عاجلة في إنسان أحبُّه في الله كلَّ الحبِّ.
وسيبقى في ذاكرتي.
وفي وجداني.
وفي دعائي.
وفي كلِّ حياتي.
البقاء في ذَاكرة الأجيال
شخص في هذا الحجم يجب أنْ يبقى في ذَاكرة الأجيال، كلِّ أجيالنا.
شخص في حجم الحاج كاظم عبد الحسين يجب أنْ يبقى في ذاكرة الأجيال.
لماذا؟
لماذا هذا النَّمط من الشَّخصيات يجب أنْ تبقى في ذَاكرة الأجيال؟
لماذا يجب ألَّا تنمحي، يجب ألَّا تنتهي من الذَّاكرة؟
أوَّلًا: لتملك هذه الأجيال عشقًا للعاملين الرِّساليِّين
إنَّ بقاء هذه النَّماذج في ذَاكرة أجيالنا يخلق عشقًا، عشق الأجيال للرُّموز الكبيرة، للنَّماذج العالية في تاريخ الإسلام.
في تاريخ العمل الإسلاميِّ.
كلَّما بقيت في الذَّاكرة بقيت في الوجدان، وجدان العشق، وجدان الحبِّ، وجدان الهيام لهذه النَّماذج الكبيرة.
والحاج كاظم واحد من هذه الرُّموز الكبيرة التي يجب أنْ تعشقها الأجيال.
ثانيًا: لكي تملك أجيالنا وعيًا بنهج العاملين الرِّساليِّين
حينما تبقى هذه النَّماذج الكبيرة المتميِّزة في ذاكرة أجيالنا ينخلق وعيٌ رساليٌّ، وعي بنهج العاملين الرِّساليِّين.
والحاج كاظم واحد من هؤلاء، من هؤلاء العاملين الرِّساليِّين الكبار، فبقاؤه في الذَّاكرة يؤسِّس لبقاء هذا النَّهج الهادف العامل للإسلام.
ثالثًا: لكي تتمثَّل الأجيال سلوك العامِلين الرِّساليِّين
لماذا يجب أنْ يبقى في الذَّاكرة هذا النَّموذج وغيره من نماذج العمل الإسلاميِّ؟
لكي تتمثَّل الأجيال سلوك العاملين الرِّساليِّين.
نحن لا نريد أنْ نُبقِي نماذجنا العاملة؛ لتبقى في الذَّاكرة فقط!
ولتبقى في الوعي فقط!
ولتبقى في العواطف فقط!
إنَّما يُراد أن تبقى في السُّلوك.
في الممارسة.
فبقدر ما يتأصَّل هذا النَّموذج في وعي الأجيال تتأصَّل الحركة.
يتأصَّل السُّلوك.
تتأصَّل الممارسة.
تتأصَّل القِيم.
إذًا، مِن هنا نقول: يجب أنْ يبقى هذا الرَّمز الكبير كالحاج كاظم في ذاكرة الأجيال.
في وعي الأجيال.
في وجدان الأجيال.
في سلوك الأجيال.
في حركة الأجيال.
خواطر عاجلة جدًّا
بعد هذه المقدمة العاجلة جدًّا أحاول – وبشكل عاجل حيث الوقت مضغوط ومحدَّد – أحاول أنْ أمرَّ ببعض خواطرَ.
الخواطر كثير حول هذا الإنسان الذي عشت معه زمنًا طويلًا يربو على نصف قرن.
الخواطر تزدحم في داخل النَّفس!
ماذا نقول؟
ماذا نتحدَّث عن هذا الرَّجل الكبير؟
ولذلك اعتبرتها خواطر عاجلة ومستعجلة، وليست وقفات متأنِّية وطويلة.
هذه بعض خواطرَ:
الخاطرة الأولى: الحاج كاظم عبد الحسين (رضوان الله عليه) من أرقى النَّاشطين الإسلاميِّين
قد يقال: كيف يكون ناشطًا إسلاميًّا؟
ليس عالمًا!
ليس مفكِّرًا!
نعم، هو من أنشط العاملين الإسلاميِّين، الذين خدموا الإسلام.
خدموا المذهب.
خدموا هذا الخطَّ المبارك.
وهو نموذج راقٍ.
ولا أقول: إنَّه مجرَّد مثال، ولا مجرَّد نموذج!
أقول: مِن أرقى النَّماذج!
الحاج كاظم عبد الحسين من أرقى النَّماذج النَّاشطة في خدمة أهداف الدِّين.
وأهداف المذهب.
وخدمة هذا الخطِّ المبارك، فلقد:
1.وظَّف كلَّ أوقاته في خدمة الهدف الكبير، هدف الدِّين، والإسلام، والمذهب
أقول: وظَّف كلَّ أوقاته.
لم يترك فراغًا في وقته.
نشَّط كلَّ أوقاته!
هكذا رأيناه.
وهكذا عايشناه.
وهكذا تعاملنا معه.
لا يعرف فراغًا في الوقت.
وقته مملوء.
مملوء بالكثير من العطاء.
مملوء بالكثير من الحَراك.
مملوء بالكثير من النَّشاط.
أَتْعَبَ نفسَه.
أتعب جهدَه، فوظَّف كلَّ الأوقات، ويستريح قليلًا!
أوقاته مملوءة بالعطاء، وبالنِّشاط، وبالحركة.
هذا واحد، ضمن الخاطرة الأولى، أنَّه قد وظَّف كلَّ أوقاته.
2.الحاج (رضوان الله عليه) وظَّف كلَّ قدراته النَّفسيَّة، والذِّهنيَّة، والعمليَّة
كم يملك من قدرات نفسيَّة، وقدرات ذهنيَّة، وقدرات عمليَّة وظَّفها في خدمة الهدف الكبير.
خدمة الدِّين، وخدمة الإسلام، وخدمة المذهب، وخدمة هذا الخطِّ المبارك.
لم يترك طاقة نفسيَّة، وقدرة نفسيَّة، ولا طاقة ذهنيَّة، ولا طاقة عمليَّة إلَّا وشغَّلها؛ من أجل خدمة الأهداف الكبيرة التي آمن بها.
إذًا، وظَّف وقته، وظَّف طاقاته، قدراته.
3.وظَّف كلَّ إمكاناته الماليَّة
ما لديه من مال كلِّه قد وظَّفه في خدمة أهداف الرِّسالة.
في خدمة الدِّين، في خدمة الإسلام.
لم يدَّخر لنفسه شيئًا من المال.
ما ترك شيئًا كثيرًا من المال؛ لأنَّه وظَّف كلَّ ما يملك، واستعان ما يستطيع أنْ يستعين به من أموال الآخرين في سبيل تنشيط هذا الحَراك المبارك في خدمة الدِّين، وخدمة الإسلام!
إذًا – ثلاثة – قد وظَّف كلَّ إمكاناته الماليَّة.
4.وظَّف كلَّ إمكاناته الاجتماعيَّة، وكلَّ علاقاته
كم له من موقع اجتماعيٍّ كبير قد وظَّفه لخدمة أهداف الدِّين.
كم له من علاقات واسعة قد وظَّفها في خدمة الدِّين.
لم يدَّخر طاقةً في علاقاته الاجتماعيَّة إلَّا وشغَّلها ووظَّفها في خدمة الدِّين.
5.صنع عاملين، وناشطين إسلاميِّين!
أولاده قد حوَّلهم إلى ناشطين.
أصدقاؤه قد حوَّلهم إلى ناشطين.
الكثير من النَّاس الذين عرفوه، وارتبطوا به قد تحوَّلوا إلى ناشطين بفضل جهوده، وعطاءاته، وحَرَاكه، ونشاطه.
إذًا، الخاطرة الأولى كان الحاج ناشطًا إسلاميًّا من أرقى النَّاشطين!
ولا أقول: مجرَّد ناشط، بل أقول: من أرقى النَّاشطين في العمل للإسلام، وخدمة الإسلام بما وظَّف من أوقات، وقدرات نفسيَّة واجتماعيَّة، وإمكانات ماليَّة، وإمكانات اجتماعيَّة، وأنتج الكثير الكثير.
هذه الخاطرة الأولى.
الخاطرة الثَّانية: أنتج الحاجُّ (رضوان الله عليه) مشاريع رائدة في خدمة قضايا الدِّين والمذهب
(عقلٌ مؤسَّساتي ناجح)
كان عقلُه عقلًا مؤسَّساتيًّا، لا يعمل بمَزاجات فرديَّة!
بقدر ما يملك من طاقات، وقدرات، وإمكانات لم ينشط كفرد!
كاف يفكِّر بعقل المؤسَّسة!
قليل هم الذين يشتغلون بالعقل المؤسَّسيِّ!
كثير من العاملين ينطلقون انطلاقاتٍ فرديَّةً، مزاجيَّةً، نفسيَّةً، أمَّا الحاج (رضوان الله عليه) كان يفكر بعقل المؤسَّسة!
كيف نصنع المؤسَّسة؟
كيف نُمَؤْسِس لنشاطاتنا الثَّقافيَّة، والاجتماعيَّة، والماليَّة؟
هكذا عقل كان يضغط عليه!
كان يلتقي.
كان يتشاور، مع العلماء، مع النَّاشطين، مع العاملين؛ من أجل تأسيس المشاريع الرَّائدة في خدمة قضايا الدِّين، والمَذهب.
هذا العقل المُؤسَّسيُّ عقل منتج.
حينما يتحوَّل العقل إلى عقل مؤسَّسيٍّ، وليس عقلًا فرديًّا مزاجيًّا ينتج الكثير.
لا زلنا – مع الأسف – في الكثير من فعالياتنا نتحرَّك بالعقل الفرديِّ، وبالعقل المزاجيِّ، ولا نفكِّر بعقل المؤسَّسة.
الحاج كان عقلًا مؤسَّساتيًّا نادرًا!، يفكِّر بعقل المؤسَّسة.
يفكِّر في إنتاج المشاريع المؤسَّساتيَّة؛ من أجل أنْ يخدم أهداف الإسلام.
نماذج من مشاريعه:
1.عنده مشاريع ماليَّة
تضخُّ العمل في خدمة العمل الرِّساليِّ، وأهداف الرِّسالة.
هي مشاريع؛ من أجل تنشيط العمل.
ومن أجل أنْ تضخَّ في مسارات العمل الإيمانيِّ، والإسلاميِّ، والرِّساليِّ.
إنَّ أحد أزماتنا وأزمات مشاريعنا هو النُّضوب الماليُّ.
إنَّ أكثر المشاريع تتعطَّل؛ لأنَّها ليست مدعومة ماليًّا، فتتعثر، وتنتهي، وتقف.
لذلك كان يفكِّر قبل أنْ ينطلق بأيِّ مشروع، يفكِّر أنْ يؤسِّس لرافد يرفد هذا المشروع.
لرافد ماليٍّ يرفد هذا المشروع، فيؤسِّس للرَّافد، ثمَّ ينطلق بالمشروع؛ ليبقى المشروع.
وكم له من مشاريع ماليَّة في عدَّة مناطق، وعدَّة دول!
إنَّ الهدف هو أنْ تبقى هذه المشاريع رافدة، وداعمة، ومنشِّطة، ومقوِّية للبرامج والمشاريع؛ حتَّى لا تتعثَّر.
حتَّى لا تقف!
قد ينتهي الرَّجل!
قد يموت!
قد يروح، لكن يبقى المشروع متحرِّكًا؛ لأنَّه مرفود.
فإذًا، بَدَأ يفكِّر بالمشاريع المالِّيَّة التي تخدم أهداف البرنامج الإسلاميِّ، والدِّينيِّ الذي يفكِّر فيه هذا الرَّجل.
فلقد كانت عنده مشاريع مالِّيَّة ومعروفة في مناطق متعدِّدة من العالم الإسلاميِّ.
2.عنده مشاريع ثقافيَّة
كان يُصدر إصدارات فكريَّة وثقافيَّة قد خدمت الكثير، وصنعت وعيًا كبيرًا.
لقد احتضن كُتَّابًا.
احتضن باحثين.
احتضن مفكِّرين.
من خلال هذا الاحتضان أنتج الكثير.
إذًا، هو يفكِّر بالمشروع الثَّقافيِّ؛ لأنَّ المشروع الثَّقافيَّ هو الذي يحصِّن الأجيال، وهو الذي يحمي وعي الأجيال!
الذي يحمي ثقافة الأجيال، ومسار الأجيال النَّفسيِّ، وسلوك الأجيال.
إنَّ المعركة معركة ثقافة، ومعركة وعي.
كان يتقن هذه المشكلة، ولذلك فكَّر في أنْ يحرِّك، ويؤسِّس لمشاريع ثقافيَّة، ليس انطلاقًا من مَزاجات فرديَّة، إنَّه المشروع، المشروع الثَّقافيُّ، لأنَّ المشاريع الثَّقافيَّة المضادَّة للإسلام هي مشاريع مؤسَّساتيَّة. لم يحاربوا الإسلام بجهود فرديَّة، لقد حاربوا الإسلام ثقافيًّا بجهود مؤسَّساتية كبيرة جدًّا!، لذلك كان يفكِّر هذا الرَّجل – وهو يحمل العقل المؤسَّسيَّ – أنْ نُواجه الهجمة المؤسَّساتيَّة الثَّقافيَّة بمشاريع ثقافيَّة، ولهذا أنتج الكثير من المشاريع الثَّقافيَّة التي خدمت أهداف الدِّين، والمذهب، والرِّسالة.
3.عنده مشاريع اجتماعيَّة
يوجد تواصل بين اللُّحمة، لُحْمة المذهب، لُحْمة هذه الجماعة المنتمية إلى خطِّ أهل البيت (عليهم السَّلام).
كان يتواصل مع كلِّ المستويات.
كان يحاول أنْ يخلق أجواءً متلاحمة، متواصلة.
وهكذا كان يحمل مشاريع رائدة، رائدة جدًّا في خدمة قضايا الدِّين، والمذهب.
الخاطرة الثَّالثة – وأختصر الحديث، لأنَّ الوقت محدَّد، ومضغوط لا يتجاوز ربع ساعة، أو ثلث ساعة -: كان هذا الرَّجل الحاج كاظم عبد الحسين (رضوان الله عليه) قمَّةً في الخُلُق، والطُّهر، والنُّبْل، والصِّدق، والصَّفاء، والإخلاص
والإخلاص كان يمثِّل صفةً متأصِّلة فيه.
كثيرون يعملون، لكن لا نلمس في عملهم الإخلاصَ، والصدق مع الله تعالى.
كثيرون ينشطون، ولكن لا نقرأ في نشاطهم عمق الإخلاص، وعمق الصِّدق مع الله سبحانه.
هذا الرَّجل بكلِّ عفويَّة تقرأ في عينيه إخلاصًا.
تقرأ في مشاعره إخلاصًا.
تقرأ في حَراكه إخلاصًا.
تقرأ في كلِّ نشاطاته إخلاصًا.
1.ما كان يعمل لجاه وشهرة
لم يفكَّر في يوم من الأيَّام أنْ يعمل ليشتهرَ!
ليُعرف بين النَّاس!
ليُقال: إنَّ فلانًا ناشط، وعامل!
أبدًا!
كان يضغط على ذَاته.
يضغط على كلِّ شيئٍ يعبِّر عن أنانيةٍ في النَّفس.
قتل الأنانيَّة في داخله.
قتل المَزَاجَات الذَّاتيَّة في داخله؛ ليبقى العمل لله، العشق لله، الإخلاص لله تعالى.
فإذًا، لم يكن يعمل للافتات إعلاميَّة!
لم يكن يعمل لشهرة.
لم يكن يعمل لجاهٍ.
2.لم يكن يعمل لأغراض، ومصالح ذاتية
هدفه الرِّسالة.
هدفه الدِّين.
هدفه الإسلام.
هكذا عرفناه، وعشنا معه.
لم يكن يعمل لمصالح وأغراض ذاتيَّة.
3.عاش الذَّوبان في الله تعالى
وهذا سرُّ نجاحه، وسرُّ عَظَمَتِه.
هذا الذَّوبان في الله تعالى هو سرُّ نجاح النَّاس الكبار.
النَّاس الذين أعطوا في خطِّ الله تعالى، وفي خطِّ الإسلام، فإنَّ سرُّ نجاحهم، وسرَّ إبداعهم هو صدقهم مع الله سبحانه، وإخلاصهم لله (عزَّ وجلَّ)، نقاؤهم، طهرهم.
كلَّما كانت الشَّخصيَّة أكثر ذوبانًا في الله، وأكثر انقطاعًا لله، وأكثر ارتباطًا بالله تعالى كانت الشَّخصيَّة التي تتألَّق في هذا الخطِّ المبارك.
الخاطرة – الأخيرة – الرَّابعة: كان الحاج (رضوان الله عليه)، الحاج كاظم عبد الحسين ثقة الفقهاء والمجتهدين
نادرًا ما تتوفَّر لأحدٍ أنْ يكون ثقة كبار الفقهاء وليس أيَّ فقيه!
كبار فقهاء الطَّائفة كانوا يثقون بهذا الرَّجل!
وكانوا يعتمدون هذا الرَّجل!
وكانوا يتواصلون مع هذا الرَّجل؛ لأنَّهم وجدوا فيه الصِّدق والإخلاص!
ووجدوا فيه الأمانة!
ووجدوا فيه كلَّ الخُلق الطَّيِّب.
ذاب في الفقهاء، وفي خطِّ الفقهاء!
وذاب في هذا الطَّريق المبارك، فكان ثقة كبار وعظماء الفقهاء والمجتهدين، وعلى رأس هؤلاء أذكر نماذج من الفقهاء كان الحاج يمثِّل جزءًا كبيرًا من اهتمامهم، ويشكِّل جزءًا كبيرًا من العلاقة معهم، من هؤلاء الفقهاء – وأقول كنماذج من الفقهاء الذين كانوا يعيشون كلَّ الثِّقة بهذا الرَّجل الكبير -:
1.أستاذ الفقهاء السَّيِّد الخوئي (رضوان الله عليه)
أستاذ الفقهاء السَّيِّد الخوئي (رضوان الله عليه)، فلقد كان الحاج كاظم يمثِّل عنوانًا كبيرًا عند السَّيِّد الخوئي.
كان ثقته.
كان مُعْتَمَدَه.
يعتمده كثيرًا في قضايا المال، وفي قضايا كثيرة.
فإذًا، هو ثقة هذا الفقيه الكبير.
2.كان ثقة الشَّهيد السَّعيد السَّيِّد محمَّد باقر الصَّدر (رضوان الله عليه)
كانت العلاقة متميِّزة بين الشَّهيد الصَّدر (قدِّس سرُّه) والحاج كاظم عبد الحسين، ليست علاقة عادية، علاقة معرفة.
بل علاقة هموم.
وعلاقة رسالة.
وعلاقة أهداف.
وعلاقة عمل.
السَّيِّد الصَّدر (رضوان الله عليه) قد احتضن الحاج احتضانًا كبيرًا، والحاج ملأ كلَّ وجودِه، وعقله بشخصيَّة الشَّهيد الصَّدر.
هذان اثنان من الفقهاء.
3.السَّيِّد محمَّد حسين فضل الله (رضوان الله عليه)
وكم هي العلاقة المتميِّزة البارزة بين الحاج وبين السَّيِّد فضل الله (رضوان الله عليه)!
لقد بلغت إلى القمَّة العلاقة بين السَّيِّد (رضوان الله عليه) والحاج كاظم.
بلغت درجة عالية متميِّزة!
كلُّ مَن يقرأ تاريخ هذا الرَّجل يعرف كم هي علاقته كبيرة وكبيرة في خطِّ لسَّيِّد فضل الله (قدِّس سرُّه)، وفي مشاريعه، وفي برامجه، وفي كلِّ حراكه.
4.العلاقة مع المرجع الكبير السَّيِّد السَّيستاني
كانت علاقة – أيضًا – متميِّزة وكبيرة، وكان ثقة هذا الفقيه الكبير.
هكذا عرفته
هكذا عرفته منذ تاريخ يربو على نصف قرن 50 – 60 سنة وأنا أعرف هذا الرَّجل.
إنَّ العلاقة معه كانت قويَّة وكبيرة.
علاقة إيمان.
وعلاقة حبٍّ إيمانيٍّ.
وعلاقة عمل.
وعلاقة نشاطات.
ومنذ عرفته كان (وَقْدَة عمل، وشعلة عطاء، ومدرسة جهاد).
لم أجده في يوم الأيَّام راكدًا، خاملًا!
كان وَقْدَةً متحرِّكة، وشعلة مِعطاءة، ومدرسة عطاء، ومدرسة جهاد.
ما كان يعرف الرَّاحة.
لا يؤمن بالرَّاحة إلَّا بقدر ما يستمدُّ من طاقة؛ ليواصل المسير.
وما كان يعرف الرَّاحة.
سفراته عنوان واضح في حَراكه، ونشاطه.
لم يكن يستقرُّ.
كان يسافر إلى هذا البلد، وذاك البلد، وإلى كلِّ مكان حتَّى كان يتعرَّض لأخطار، وأمراض، وإلخ! سفراته إلى أفريقيَّا معروفة مشهورة!
فمَن يعرفه لا يملك إلَّا أنْ ينصهر معه (حبًّا، وثقةً، وتفاعلًا، وذَوَبَانًا).
إحياء الذِّكرى بمواصلة المسيرة
وأخيرًا:
أؤكِّد أنَّ إحياء ذِكْراه هو مواصلة المسيرة الرَّائدة للفقيد الكبير.
هذا هو الإحياء الحقيقيُّ.
إنَّ مواصلة المسيرة الرَّائدة للفقيد الكبير مسيرة العمل في خدمة أهداف الرِّسالة، وقضايا المؤمنين.
هذا هو الإحياء الحقيقيُّ لهؤلاء الرُّموز الَّذين أصبحوا (معالم) تترسَّمُهم الأجيال وإلَّا فالكلمات تبقى عابرة لا قيمة لها إذا لم تترجم حَرَاكًا حقيقيًّا يؤصِّل لمسيرة العطاء.
الرَّحمة له، ولكلِّ العاملين في هذا الدَّرب الطَّويل.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.