الكلمة الافتتاحيَّة لموسم النَّبيِّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله)
هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، قد أُلقيت في يوم الخميس بتاريخ: (27 صفر 1442 هـ – الموافق 15 أكتوبر 2020 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.
الكلمة الافتتاحيَّة لموسم النَّبيِّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله)
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصَّلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا، محمَّد وعلى آله الطَّيِّبين، الطَّاهرين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا، ورحمة الله، وبركاته.
الكلمة بمناسبة موسم النَّبيِّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)
رسول الإنسانيَّة
الحديث عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) مفتوح
الحديث عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لا ينحجز في مناسبة مولدٍ، أو مناسبة وفاة، بل يجب أنْ يكونَ مفتوحًا ما دام حضور النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مفتوحًا في حياة المسلمين.
نحن نلتقي من النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) يوميًّا.
نلتقي به في عبادتنا.
في صلواتنا.
في أذكارنا.
في أدعيتنا.
في تلاوتنا.
في كلِّ معالم ديننا.
النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله) حاضر في الأذان.
في الصَّلاة.
في الدُّعاء.
في كلِّ معالم ديننا.
إذًا، لا يمكن أنْ نحجز النَّبيَّ (صلَّى الله عليه وآله) في موسم!
في مناسبة!
مناسبة مولد!
مناسبة وفاة!
لأنَّ النَّبيَّ (صلَّى الله عليه وآله) هو الحاضر الدَّائم في حياتنا.
مَنْهَجَة الحضور الأعظم
إذًا، المطلوب ماذا؟
المطلوب أنْ نمنهج لهذا الحضور.
النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله) حاضر يوميًّا، وفي كلِّ الأوقات.
المطلوب أنْ نمنهج لهذا الحضور الأعظم.
إذًا، إذا أردنا أنْ نتحدَّث عن قيمة هذا الموسم، موسم النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله).
إذا أردنا أنْ نعطي لهذا الموسم القِيمة الحقيقيَّة، فقيمة الموسم المخصَّص للنَّبيِّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله)، أو للأئمَّة (عليهم السَّلام)، قيمة الموسم هي (أنْ يُمَنْهِج لهذا الحضور).
نحن – قلنا -: إنَّ النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله) حاضر في حياتنا، في عباداتنا، في أذكارنا، في مشاعرنا.
الأئمَّة (عليهم السَّلام) حاضرون كذلك.
إذا أردنا أنْ نقيم موسمًا، فالوظيفة الأساس للموسم هو مَنْهَجَة هذا الحضور، ليس إعطاء حضور، فالحضور موجود، إلَّا أنَّ هذا الحضور يحتاج إلى مَنْهَجَة، يأتي الموسم ويمنهج ويؤسِّس لهذه المَنْهَجَة التي أُسَمِّيها مَنْهَجَة الحضور.
كيف نمنهج حضور النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) في حياتنا؟
إنَّ الموسم المخصَّص للنَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) يتحمَّل مجموعة مسؤوليَّات، ونحن نتحدَّث في افتتاح موسمٍ باسم النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله).
هذا الموسم الذي يمكن أنْ يمتدَّ من ذكرى وفاة النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) إلى ذِكرى الميلاد، هذه المسافة الزَّمنيَّة يمكن أنْ تكون مناسبة لموسم ينفتح على النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله).
مسؤوليَّات الموسم
ما هي مسؤوليَّات الموسم؟
المسؤوليَّة المركزية هي مَنْهَجَة الحضور.
كيف نُمنهج حضور النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) في حياة المسلمين؟
هذا الهدف المركزي تتفرَّع عنه مسؤوليَّات.
ما هي المسؤوليات التي يحملها هذا الموسم؟
المسؤوليَّة الأولى: أنْ يُمَرْكِز لحضور النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) في حياة المسلمين
المَرْكَزَةُ هذه مسؤوليَّة أساس، بحيث يكون النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله) حاضرًا حقيقيًّا في حياة المسلمين، بـ:
1.أنْ لا يكون الحضور هامشيًّا.
2.أنْ لا يكون شكليًّا.
3.أنْ لا يكون ضعيفًا.
تقوية الحضور، ومَرْكَزَة الحضور، هذه مسؤوليَّة من مسؤوليَّات الموسم.
أنْ يُمَرْكِز حضور النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله).
أنْ يُمَرْكِز حضور الأئمَّة (عليهم السَّلام) في حياة النَّاس.
المسؤوليَّة الثَّانية – للموسم -: أنْ ينتج وعي الارتباط بالنَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، أو وعي الارتباط بالأئمَّة (عليهم السَّلام)
ربَّما يتمركز الحضور، ولكنَّه يكون تمركزًا غير واعٍ، فإذا أعطينا الموسم قيمة، فمسؤوليَّته إلى جانب أنْ يمركز الحضور أنْ يجعل هذا الحضور واعيًا.
ربما يكون حضور مُمَرْكَز، وقويٌّ لكنَّه غير واعٍ، هنا يأتي دور موسم يخصَّص للنَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، أو يخصَّص لأحد الأئمَّة (عليهم السَّلام).
هنا يأتي دور الموسم؛ ليخلق وعي الارتباط.
قيمة الموسم بمقدار ما ينتج وعيًا في عقل النَّاس، في عقل الجمهور.
هذا الوعي أساس وضروريٌّ جدًّا؛ من أجل أنْ يكون الموسم مُنْتِجًا، مُعْطِيًا.
فإذًا، المسؤوليَّة الأولى هي مَرْكَزَة حضور النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) في واقع المسلمين.
والمسؤوليَّة الثَّانية: مَرْكَزَة الوعي، وخَلق الوعي، وعي الارتباط بالنَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، ووعي الارتباط بالأئمَّة (عليهم السلام).
وإنَّ قيمة الارتباط تكمن إذا كان مؤسَّسًا على وعي، ورشد، وبصيرة.
هذه المسؤوليَّة الثانية.
المسؤولية الثَّالثة – للموسم، موسم يقام باسم النَّبي الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، أو باسم أحد الأئمَّة (عليهم السَّلام) -: أنْ يخلق درجةً عالية من الانصهار الوجدانيِّ
ربما يخلق الموسم وعيًا.
ربما يصنع الموسم عقلًا.
فالموسم ربَّما يتعامل مع العقل، مع الثَّقافة، مع الفكر، مع المفاهيم.
لكنَّه لا يتعامل مع القلب، مع الوجدان، مع الضَّمير.
ربما القيمة كبيرة للوعي، لكنَّ هذا الوعي إذا لم يمتزج بمشاعر وجدانيَّة، وبذَوَبَان، وبانصهار، تبقى مفاهيم راكدة مهما ارتقى مستوى المفاهيم، ومستوى الطَّرح الفكريِّ والثَّقافي يبقى طرحًا راكدًا، بليدًا، جامدًا، وذلك إذا لم يمتزج بانصهار، بوجدان.
وأنا حينما أتحدَّث عن انصهار، وعن وجدان لا أتحدَّث عن مجرَّد عواطف ومشاعر.
العواطف، والمشاعر مطلوبة، ولكن أنْ نرتقي بمستوى المشاعر، وبمستوى العواطف إلى درجة العشق، وإلى درجة الذَّوبان، وإلى درجة الانصهار، هذا هو المطلوب.
ربَّما تكون العواطف حارَّة وساخنة لكنَّها لا ترتقي إلى درجة العشق، وإلى درجة الانصهار.
المطلوب إذًا، أنْ يصنع الموسم درجة عالية من العشق، ومن الذَّوبان.
بقدر ما هو مهمٌّ إنتاج وعي الارتباط، فإنَّه مهمٌّ جدًّا إنتاج عشق الارتباط.
وعي بلا عشق لا يحمل قيمة.
وعشق بلا وعي لا يحمل قيمة.
ربما يصنع الموسم وعيًا كبيرًا، لكن لا توجد نبضات من العشق والانصهار، هذا الوعي يبقى بليدًا جامدًا.
وربما يصنع الموسم عشقًا، وانصهارًا، وذوبانًا، ولكنَّه لا يصنع وعيًا، أيضًا هذا لا قيمة له.
هنا يجب أنْ تتزاوج عمليَّة إنتاج الوعي، وعمليَّة إنتاج العشق والانصهار والذَّوبان في النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، أو في الأئمَّة (عليهم السَّلام).
هذه المسؤولية الثَّالثة.
المسؤولية الرَّابعة – للموسم -: أنْ يؤسِّس لحضور عمليٍّ (التَّمثُّل العملي)
ربَّما ينتج الموسم وعيًا، وربَّما ينتج الموسم عشقًا، ولكنَّه لا ينتج سلوكًا!
القيمة تبقى ناقصة.
للوعي أهمِّيته.
وللعاطفة أهمِّيتها.
وللانصهار أهمِّيته، لكن تبقى الأهمِّية للسُّلوك، للممارسة.
1.يبقى الوعي لا يحقِّق أهدافه إذا لم يتمثَّل عملًا.
الوعي ليس هدفًا بذاته.
الوعي وسيلة؛ من أجل إنتاج السُّلوك، السُّلوك الواعي، ومن أجل إنتاج العمل، فإذا بقي الوعي، وبقي الفكر فكرًا، ووعيًا لم يتمركز في عمل، لم يتحوَّل إلى عمل، يبقى ترفًا ثقافيًّا.
قد يحاول شخص أنْ يطَّلع على المفاهيم، وعلى الأفكار؛ من أجل التَّرف الفكريِّ، لكنَّ التَّرف الفكري، والتَّرف الثَّقافيِّ، لا قيمة لهما.
نحن نصنع وعينا؛ من أجل أنْ نصنع حياتنا، سلوكنا، عملنا، ممارساتنا.
هذا قيمة الوعي، وإلَّا نشحن أذهاننا بمفاهيم، ونشحن أذهانا بفكرٍ وثقافةٍ، لكن تبقى هذه المفاهيم، ويبقى هذا الفكر متمركِزًا في الذِّهن.
لا يتحوَّل إلى مشاعر، ولا يتحوَّل إلى سلوك، ولا يتحوَّل إلى ممارسات.
أيُّ قيمة لهذا الفكر؟!
وأيُّ قيمة لهذه الثَّقافة؟!
إذًا، نحن بقدر ما نحتاج إلى الثَّقافة، من أجل إنتاج السُّلوك، فمطلوب أنْ يكون الوعي أداةً، ووسيلةً لإنتاج السُّلوك الواعي.
2.ويبقى العشق لا قيمة له، لا يحقِّق أهدافه إذا لم يتمثَّل سلوكًا
قمَّة العشق.
قمَّة الانصهار.
قمَّة الذَّوبان.
لكنَّها لم تتحوَّل إلى سلوك.
هذا العشق لم يتحوَّل إلى سلوك.
هذا الانصهار لم يتحوَّل إلى ممارسة.
أي قيمة لهذه المشاعر؟!
وأي قيمة لهذه الانفعالات؟!
القيمة حينما تتحوَّل المشاعر إلى ممارسة.
القيمة حينما يتحوَّل الانصهار إلى سلوك.
إذًا، الهدف الرَّابع من أهداف الموسم هو إنتاج السُّلوك المرتبط بالنَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، المرتبط بالإسلام، المرتبط بالقرآن الكريم، المرتبط بالأئمَّة (عليهم السَّلام).
هذه المسؤولية الرَّابعة من مسؤوليَّات الموسم.
المسؤولية الخامسة – من مسؤوليَّات الموسم -: أنْ يُنشِّط فاعليَّة الانتماء
أنْ يصنع سلوكًا.
هذا تنشيط أيضًا، لكنَّه تنشيط لسلوك ذاتيٍّ، أخلاقيٍّ، تعاملاتي، ممارساتي.
هذا تنشيط، إلَّا أنَّ هناك نمطًا آخر من التَّنشيط، هو تنشيط الفاعليَّة، الرِّساليَّة، العطاء.
أنْ يتحوَّل الإنسان رساليًّا.
أنْ يتحوَّل الإنسان داعية إلى مفاهيم الدِّين، ومفاهيم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله).
هذه نسميها رساليَّة، ليس كلُّ مَن يطبِّق ويمتثل يتحوَّل إلى رساليٍّ!
الرِّساليَّة درجة عالية، وهي أنْ يتحوَّل الإنسان إلى إنسانٍ معطاء في خطِّ الإيمان.
في خطِّ الإسلام.
في خطِّ النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله).
في خطِّ الأئمَّة (عليهم السَّلام).
فتنشيط الفاعليَّة بمعنى: صنع الحَراك، وصنع الرِّساليَّة، هو هدف كبير من أهداف الموسم.
بل هو ذَروة القِيمة لموسم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) أنْ يصنع دُعاة، وأنْ يصنع مبلِّغين.
وحينما أتحدَّث عن دُعاة، ومبلِّغين، ورساليِّين، فليس بالضَّرورة أنْ يكونوا بمستوى واحد.
فالفقيه هو رساليٌّ.
العالم الفاضل في الحوزة هو رساليٌّ.
المثقَّف هو رساليٌّ.
الفلَّاح يجب أنْ يكون رساليًّا.
الكنَّاس يجب أنْ يكون رساليًّا.
لكن يختلف المستوى!
أنْ يقول الكلمة الخيِّرة الصَّالحة، أنْ يأمر بمعروف، أنْ ينهَى عن منكر، بمستوى ما يملك من وعي، وبمستوى ما يملك من بصيرة، وبمستوى ما يملك من مفاهيم.
أنا لا أطالب الكنَّاس، والفلَّاح، والموظَّف، والعامل بما أطالب به الفقيه، أو بما أُطالب به العالم الكبير، أو بما أُطالب به المثقَّف الكبير، فكل واحد يملك مستواه.
لكنَّ المطلوب في الإنسان المنتمي للدِّين أنْ يكون فاعلًا.
أنْ يكون داعيةً إلى الله تعالى بمقدار ما يملك.
أنْ يكون آمرًا بمعروف.
أنْ يكون ناهيًا عن منكر.
فـإذَا:
1.ذروة القيمة لموسم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) هو صنع هذا الحَرَاك، وصنع هذه الرِّساليَّة.
2.بقدر ما يرتقي هذا الحَراك، وبقدر ما ترتقي هذه الرِّساليَّة ترتقي القيمة للموسم.
هذه أهداف مركزيَّة للموسم، موسم النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، ولأيِّ موسم من مواسم أئمِّتنا (عليهم السَّلام).
ما هي العوامل لنجاح موسم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)؟
نحن نقيم موسمًا باسم النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، فما هي العوامل، والعناصر، والشُّروط لنجاح الموسم؟
لقد عرفنا أهداف الموسم، لكن متى يكون الموسم ناجحًا؟
ومتى يكون فاشلًا؟
هنا مجموعة شروط ومجموعة ضرورات، لا بدَّ من التَّوفُّر عليها؛ من أجل نجاح الموسم.
الضَّرورة الأولى: البرمجة المدروسة النَّاجحة
إنَّ أيَّ عمل لا توجد فيه برمجة ناجحة، فإنَّه يفشل!
ولا يعطي العطاء المطلوب.
عندما نريد أنْ نُقِيمَ مَوْسِمًا باسم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله) لا بدَّ أنْ نبرمج له برمجةً مدروسةً ناجحة مُتقنة، بما يتناسب مع القيمة الكبرى للنَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
هذا شرط، وهذه ضرورة، وهذا عنصر أساس في نجاح الموسم، فلا تكون الأعمال عشوائيَّة، ومنطلقة بمزاجِيات، وبلا دراسة، وبلا تخطيط، وبلا مَنْهَجة.
هذه الضَّرورة الأولى لنجاح الموسم، وهي: (المَنْهَجَة والبرمجة المدروسة النَّاجحة).
الضَّرورة الثَّانية – لنجاح الموسم -: أنْ تتنوع طروحات هذا الموسم
أن لا يشارك في الموسم عشرين مشاركًا وكلُّهم في عنوان واحد، أو في موضوع واحد.
إنَّنا تارةً نعطي للموسم عنوانًا مخصَّصًا، ونقول: إنَّ الموسم يريد أنْ يعالج هذا العنوان، فهذه مسألة.
وتارةً نجعل العنوان مفتوحًا، فموسم النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) حينما يكون مفتوحًا، فلا بدَّ أنْ تكون الطُّروحات متنوِّعة.
ماذا أعني بالطُّروحات المتنوِّعة؟
1.الطُّروحات العقيَّدية، أو العَقَدَيَّة.
2.طروحات فكريَّة ثقافيَّة عامَّة، ومفاهيم الإسلام.
3.طروحات روحيَّة.
4.طروحات أخلاقيَّة.
5.طروحات سلوكيَّة.
6.طروحات اجتماعيَّة.
7.طروحات رساليَّة.
8.طروحات جهاديَّة.
9.طروحات سياسيَّة.
وأيُّ مساحة من مساحات الإسلام.
هذه طروحات متنوِّعة متعدِّدة.
عندما نجعل الموسمَ مفتوحًا فيجب أنْ تتعدَّد الطُّروحات، وتتنوَّع الطُّروحات، حتَّى نفهم أنَّ الموسم يستوعب كلَّ المساحة الفكريَّة، والثَّقافيَّة، والعقيديَّة، والرُّوحيَّة، والأخلاقيَّة، والاجتماعيَّة، وكلَّ مجالات الحياة.
النَّبيَّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) هو الإسلام.
هو القرآن الكريم.
الإسلام مفتوح على كلِّ مساحات الحياة.
والقرآن الكريم مفتوح على كلِّ مساحات الحياة.
هذه الضَّرورة الثَّانية لنجاح الموسم.
الضَّرورة الثَّالثة – لنجاح الموسم -: أنْ تُرصد كلُّ المشروعات المضادَّة
نحن نتحدَّث عن النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله).
نحن نتحدَّث عن الإسلام.
نحن نتحدَّث عن القرآن الكريم.
توجد مشروعات يُهندس لها، ويُبرمج لها، وهي معادية للنَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله).
ومعادية للقرآن الكريم.
ومعادية للإسلام الحنيف.
من المفروض أنَّ الموسم يَرصد بوعي، وبذكاء، وبتتبُّع هذه المشروعات.
وكيف نواجه المشروعات المضادَّة؟
أنا تارةً أطرح الإسلام، أطرح المفاهيم، لكن تعنيني المشروعات المضادَّة!
هذه مسألة خطيرة.
ضروريٌّ أنْ أرصد، وأنْ أُلاحق، وأن أُتابع كلَّ مشروع يُهندَس له؛ من أجل محاربة النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله).
من أجل تشويه سمعة النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
من أجل تشويه سمعة القرآن.
من أجل تشويه سمعة الإسلام.
فالمطلوب هو ملاحقة، ومتابعة، ورصد دقيق لهذه المشروعات التي تُسيئ للنَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، خاصَّة في الأيَّام الأخيرة، وفي السَّنوات الأخيرة حيث كثرت الافتراءات والتَّشويهات للنَّبيِّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله).
إذًا، حينما نقيم موسمًا باسم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، فمن المفروض في هذا الموسم أنْ يَرْصُدَ بكلِّ علميَّةٍ ودقَّةٍ كلَّ المشروعات المضادَّة.
الضَّرورة الرَّابعة – لنجاح الموسم -: أنْ تُرصد كلُّ الاختراقات
ما هو الفرق بين المشروعات المضادَّة وبين الاختراقات؟
الاختراقات أخطر!
المشروعات المضادَّة هي المشروعات المكشوفة التي تحارب الإسلام.
بشكل عَلَنِيٍّ تحارب الإسلام.
تحارب النَّبيَّ (صلَّى الله عليه وآله).
تحارب الأئمَّة (عليهم السَّلام).
تحارب القرآن الكريم.
هذه مشروعات مضادَّة مكشوفة.
الأخطر من هذا هو الاختراقات.
ماذا أعني بالاختراقات؟
هو أنْ تُصاغ مفاهيم معادية للدِّين لكنَّها مُلَبَّسة بلباس الدِّين.
مُلَبَّسة بلباس القرآن الكريم.
مُلبَّسة بلباس الَّنبيِّ (صلَّى الله عليه وآله).
مُلَبَّسة بلباس الأئمَّة (عليهم السَّلام).
هذا هو الخطر الأكبر.
أنْ أطرح عناوين على أنَّها عناوين إسلام!
على أنَّها عناوين قرآن!
على أنَّها عناوين النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)!، بينما هي مفاهيم تحاول أنْ تقتلع الجذور الأساس لمفاهيم الدِّين.
هي مفاهيم معادية للدِّين لكنَّها ليست بوجه مكشوف، وبوجه مبرقع، هنا الخطر الأكبر!
أنا تارةً أتحدَّث بعنوان أحارب الدِّين.
أحارب النَّبيَّ (صلَّى الله عليه وآله).
أحارب القرآن الكريم، هذه مشروعات مكشوفة.
أمَّا أن آتي لأفسِّر القرآن الكريم تفسيرًا مشوَّهًا، بعيدًا عن مفاهيم الدِّين، وأطرحه على أساس هذا عنوان تفسير قرآن، وأتحدَّث عن النَّبيِّ وأطرحه بعنوان هذه مفاهيم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، هذه مفاهيم الإسلام، وهي في عمقها مفاهيم معادية للإسلام!
مثلًا يأتي باحث، يأتي كاتب، يأتي مشروع يهندس لعمليَّة السُّفور والتَّبرُّج على أنَّه جزء من الدِّين، فتارةً أدعو إلى السُّفور والتَّبرُّج بعنوان معادي لقيم الدِّين وللإسلام، هذا واضح مكشوف.
وتارةً آتي لأطرح التَّبرُّج والسُّفور على أنَّه مفهوم من مفاهيم الدِّين، ومن مفاهيم القرآن الكريم، وأهندس إليه وأشرعن إليه من خلال آيات قرآنيَّة، ومن خلال أحاديث، ومن خلال واقع تاريخيٍّ!
إذًا، هنا الخطورة الأكبر.
إذًا، حينما نؤسِّس لموسم يحمل اسم النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، ويحمل اسم الإسلام، ويحمل اسم الأئمَّة (عليهم السَّلام)، فالمطلوب إلى جانب رصد المشروعات المضادَّة أنْ يَرْصُد كلَّ الاختراقات.
الطُّروحات التي تتعنون باسم الإسلام، وباسم الدِّين، وباسم القرآن الكريم – وهي طروحات ملغومة تهدف إلى محاربة الإسلام من الدَّاخل -، فهذه الاختراقات خطرها أكبر على الإسلام، وعلى الدِّين.
الضَّرورة الخامسة – لنجاح الموسم -: أنْ يُمَؤْسَس العمل المتصدِّي للدِّفاع عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، والدِّفاع عن الإسلام
مشكلتنا أنَّ أعمالنا – دائمًا – إمَّا فرديَّة، وإمَّا مُرْتَجَلة، وإمَّا مبعثرة!
العصر عصر المؤسَّسات.
الزَّمن زمن المؤسَّسات.
أعداء الإسلام يُمَؤْسِسُون لمحاربة الإسلام!
مؤسَّسات ضخمة!
لجان ضخمة تعمل ليل نهار؛ من أجل محاربة الدِّين.
من أجل محاربة الإسلام.
من أجل محاربة المسلمين.
ونحن نقابلهم بخطابات فرديَّة.
لها قيمة هذه الخطابات التي تصدر من هذا، أو من ذاك.
من هذا المنبر، أو من ذاك المنبر.
من هذه الحوزة، أو من تلك الحوزة، هذا مطلوب، وهذا مهم جدًّا، وله دور كبير.
لكن القيمة الكبرى حينما تَتَمَأْسَس عمليَّة التَّبليغ الدِّينيِّ.
حينما يَتَمَأْسَس الخطاب.
أنْ أُمارس دوري كفرد له عطاؤه، له قيمته.
لا أريد أنْ أقلِّل من قيمة كلِّ الأدوار، لكن القيمة الكبرى حينما نُمَأسِس للعمل.
حينما ننطلق بالعقل المؤسَّسي للدِّفاع عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله).
وللدِّفاع عن الإسلام.
المقصود بالمَأسَسة
ما هو المقصود بِالمَأْسَسَة؟
أنْ نُمَأْسِس، أنْ ننطلق من عقل مؤسَّسيِّ، أو مؤسَّساتيٍّ.
1.أنْ تكون الأهداف واضحة
أنا عندما أنطلق من خطاب.
عندما أنطلق بمشروع.
عندما أنطلق بعمل، فأمامي أهداف واضحة: واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة … عشرة.
نحدِّد – دائمًا – في حَراكنا الإيمانيِّ الرِّساليِّ نحدِّد الأهداف.
ولذلك حينما ترتبك الأهداف يرتبك العمل، أو حينما تتضادُّ الأهداف بين خطاب هنا وخطاب هناك، بين حوزة هنا وحوزة هناك، بين منبر هنا ومنبر هناك، حينما تتناقض الخطابات، وتتناقض الأهداف يتعثَّر العمل والخطاب.
إذًا، المطلوب وضوح الأهداف لدى الخطيب، لدى الحوزة، لدى المبلِّغ، لدى العاملين للإسلام، لدى المؤسَّسات، لدى الجمعيَّات.
الآن في هذه المرحلة ما هو المطلوب؟
إنَّ المراحل تختلف.
لربما الزَّمن يختلف.
ربما الآن إنَّنا محتاجون لخطاب أخلاقيٍّ أكثر.
ربما المرحلة تفرض خطابًا عقيديًّا بدرجة أكبر.
ربما المرحلة تحتاج إلى معالجات اجتماعيَّة.
الشَّكل العام كلُّ العناوين مطلوبة، لكن قد تتمركز عناوين في مرحلة من المراحل.
موجة من الإلحاد، وموجة من التَّشكيك، فنحتاج إلى أنْ نمركز الحديث العقيديَّ.
موجة من التَّفسُّخ الرُّوحيِّ، والأخلاقي، فنحتاج إلى أنْ نمركز الحديث الرُّوحيَّ، والأخلاقيَّ.
مرحلة من التَّسيُّب، والانفلات، فنحتاج إلى أنْ نمركز الحديث عن التَّقوى، والصَّلاح.
مرحلة من الصِّراعات، والتَّناقضات الاجتماعيَّة تحتاج إلى أنْ نمركز الحديث عن الشَّأن الاجتماعيِّ.
إذًا، حينما أتحدَّث عن مَأْسَسَة، أتحدَّث أوَّلًا عن وضوح أهداف، وضوح أهداف لبرامجنا، لمشاريعنا، لخطابنا.
2.المَأْسَسَة تعني خطط مدروسة
الأهداف تكون واضحة.
وأنْ تكون هناك خطط مدروسة.
كيف نتحرَّك؟ كيف نعمل؟ كيف نواجه؟
هذا يحتاج إلى خطط.
يحتاج إلى تخطيط.
لا يكون العمل ارتجاليًّا.
لا يكون العمل فرديًّا.
إذا كان كلُّ فرد يريد أنْ يعمل بوحده، فهنا ربما تتناقض الأعمال، والخطط.
إذًا، إلى جانب وضوح الأهداف، نحتاج إلى خطط مدروسة.
ونحتاج إلى العقل الذي يهندس للخطط.
هناك عقول، لكن ليس كلُّ واحد يقدر أنْ يخطِّط.
ليس كلُّ واحد يستطيع أنْ يُمَنْهِج.
إذًا، نحتاج إلى كفاءات متخصِّصة تضع الخطط، وتضع البرامج.
وهذا مسؤوليَّة حوزاتنا، بأن تنتج عقولًا متخصِّصة.
مسؤولية القائمين على شؤون الدِّين أنْ ينتجوا عقولًا مخطِّطة، وليس عقولًا ارتجاليَّة.
إذًا، الأهداف يجب أنْ تكون واضحة، والخطط يجب أن تكون مدروسة.
3.الأدوات الفاعلة
إنَّنا الآن قد وضعنا الأهداف للبرنامج، وللمشروع.
ووضعنا الخطط طبق الأدوات التَّنفيذيَّة.
الأدوات التَّنفيذيَّة قد يخطئ الإنسان فيها، أمَّا الرُّؤية فهي واضحة.
الهدف واضح.
الخطط واضحة، إلَّا أنَّ الأدوات فاشلة، فيفشل المشروع.
ما هي الأدوات؟
1.أكتب
2.أحاضر
3.أمارس موسمًا
4.أمارس برنامجًا بأدوات
هنا نجاح الخطط والبرامج بنجاح الأدوات.
إذا كان الخطاب فاشلًا، فستفشل كلُّ المشاريع التَّبليغيَّة.
إذا كان دور الحوزة فاشلًا، فستفشل كلُّ المشاريع.
إذًا، هنا نحتاج إلى أدوات.
نحتاج إلى أقلام.
نحتاج إلى برامج.
ولذلك أقول: هل نملك مؤسَّسات علميَّة، ثقافيَّة، إعلاميَّة تدافع عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، وعن شخصيَّات الإسلام، وعن الدِّين ومفاهيمه؟
إنَّنا أقمنا موسمًا باسم النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، ودافعنا عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله)، ودافعنا عن الإسلام، ودافعنا عن الدِّين، فهل عندما ينتهي الموسم ينتهي كلُّ شيئ؟!
أمَّا إذا كان هناك مؤسَّسات علميَّة، وثقافيَّة، وإعلاميَّة تمارس دور هذا الدِّفاع سيبقى مشروع الدِّفاع، وسيبقى مشروع التَّصدِّي، فـإنَّ:
1.الجهود الفرديَّة رغم قيمتها إلَّا أنَّها لا تحقِّق الأهداف المطلوبة!
إنَّنا نبارك أيَّ جهد من هذه الحوزة، أو تلك الحوزة.
من هذا الخطيب، أو ذاك الخطيب.
من هذا العالم، أو ذاك العالم.
من هذا المفكِّر، أو ذاك المفكر.
من هذا الدَّارس، ومن هذا الكاتب، أو ذاك الكاتب.
إنَّنا نبارك كلَّ هذه الجهود، ولولا هذه الجهود لانتهى كلُّ شيئ.
إذًا، الجهود الفرديَّة مطلوبة أنْ تتحرَّك، لكن حينما تتحوَّل مشاريع سيكون عطاؤها أكبر، ومنتجاتها أكبر.
الجهود الفرديَّة رغم قيمتها إلَّا أنَّها لا تحقِّق الأهداف المطلوبة.
2.وإنَّنا كذلك محتاجون إلى إعلام بمستوى تحدِّيات العصر.
إعلامنا، فعندنا قنوات.
عندنا منابر.
عندنا وسائل.
عندنا أقلام، إلَّا أنَه يبقى لكن يبقى بأَّنَّ العصر لا زال يتحدَّانا بدرجة أكبر.
ولا زالت مؤسَّسات العصر تتحدَّانا بدرجة أكبر.
نحتاج أنْ نطوِّر خطابنا.
نطوِّر إعلامنا.
نطوِّر وسائلنا.
الخلاصة
إنَّ موسمًا يحمل اسم النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يجب أنْ يُعْطَى اهتمامًا استثنائيًّا:
1.من قِبل القائمين على هذا الموسم.
2.ومن قِبل المشاركين.
3.ومن قِبل الجمهور.
فلا قيمة للموسم إلَّا بمقدار تعاطي وتفاعل الجمهور:
أ- التَّفاعل الواعي.
ب- التَّفاعل الصَّادق.
ج- التَّفاعل المتحرِّك.
وأنا أدعو إلى قراءة تقويميَّة لهذا الموسم ولغيره من المواسم؛ من أجل أنْ نعطي هذا الموسم حضوره،
ونعطي هذه المواسم حضورها الحقيقيَّ، ومعطياتها الفاعلة.
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.