حديث الجمعة 584: شبابُنا ومعركة الانتصار على الشَّيطان
هذا الحديث للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، قد أُلقي في تاريخ: (10 ذو القعدة 1441 هـ – الموافق: 2 يوليو 2020 م)، وقد تمَّ تفريغه من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقه بما يتناسب وعرضه مكتوبًا للقارئ الكريم.
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصَّلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا، محمَّد وعلى آله الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا ورحمة الله وبركاته.
عنوان الحديث في هذا اللِّقاء الطَّيِّب:
شبابُنا ومعركة الانتصار على الشَّيطان
لماذا الشَّباب؟، مع أنَّ معركة الشَّيطان مفتوحة مع كلِّ الفئات من البشر؟
الشَّيطان يستهدف كلَّ البشر، وكلَّ المستويات، وكلَّ الأعمار.
لماذا نخصِّص الحديثَ عن معركة الشَّيطان مع الشَّباب؟، ومعركة الشَّباب مع الشَّيطان؟
سببا تخصيص الحديث بالشَّباب في معركتهم مع الشَّيطان
إنَّ تخصيص الحديث بالشَّباب في معركتهم مع الشَّيطان لسببين:
السَّبب الأوَّل: كون الشَّباب هم المصيدة الكبرى للشَّيطان
فمرحلة الشَّباب هي مرحلة فَوَرَان الغرائز والشَّهوات؛ ممَّا يجعلهم مَطْمَعًا كبيرًا للشَّيطان.
ولِمَا يختزنونه من غرائز، وشهوات تبلغ الذَّروة في الفَوَرَان.
السَّبب الثَّاني: إنَّ انتصار الشَّباب على الشَّيطان يضعهم في مواقع متميِّزة جدًّا عند الله تعالى لا تملكها الفئات الأخرى
قد لا يضع غيرهم!، فربما الشَّيخ الكبير يصل إلى مراتب عالية في التَّديُّن، وفي الالتزام، وفي الانتصار على الشَّيطان.
لكن الشَّباب حينما ينتصرون على الشَّيطان، فالله تعالى يعطيهم مواقع متميِّزة كما سنرى.
1-فـي الحديث عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «سبعة يظلهم الله (عزَّ وجلَّ) في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه، …، وشاب نشأ في عبادة الله (عزَّ وجلَّ)، …» (الخصال، الصَّفحة 343، الشَّيخ الصَّدوق).
حديث معروف ومشهور، حيث في هذا الحديث يتحدَّث النَّبيُّ (صلَى الله عليه وآله) عن سبعة يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه.
هذا موقع متميِّز، ومتقدِّم في يوم القيامة.
الذين يكونون في عرش الله تعالى هم مجموعات متميِّزة.
عناوين متميِّزة.
وهنا النَّبيُّ (صلَى الله عليه وآله) يتحدَّث عن سبع فئات من النَّاس يكونون في ظلِّ الله تعالى يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه، وعدَّ من تلك الفئات السَّبع: «… شاب نشأ في عبادة الله (عزَّ وجلَّ)، …».
هذا الشَّابُّ الذي استطاع أنْ ينتصر على الشَّيطان هو من الفئات السَّبع التي يستظِّلها اللهُ بظلِّ عرشه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه.
2-حديث آخر عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله): «إنَّ اللهَ تعالى يباهي بالشَّابِّ العابدِ الملائكةَ، …».
انتبهوا، إنَّ الله يباهي بالشَّابِّ المُلتزم المُطيع المنتصر على الشَّيطان: «إنَّ الله تعالى يباهي بالشَّابِّ العابد الملائكةَ يقول – أي: يقول الله تعالى – انظروا إلى عبدي، ترك شهوتَه من أجلي» (ميزان الحكمة 2/1401، محمَّد الريشهري).
الشَّاب بكلِّ فَوَرَانه، وبكلِّ شهواته استطاع أنْ ينتصر عليها من أجل الله تعالى، وطاعة لله سبحانه، ولأمر الله (عزَّ وجلَّ).
3-حديث ثالث عنه (صلَّى الله عليه وآله): «ما مِن شابٍ يدع الدُّنيا ولهوَها، وأهرَم شبابَه في طاعة الله إلَّا أعطاه الله أجرَ اثنين وسبعين صِدِّيقًا» (ميزان الحكمة 2/1401، محمَّد الريشهري).
إنَّ هذا موقع متقدِّم جدًّا لخصوص الشَّاب الذي يملك القُدرة على أنْ ينتصر على الشَّيطان.
وعلى كلِّ هوى النَّفس.
وكلِّ نزوات النَّفس.
وشهوات النَّفس المحرَّمة، بحيث «… أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صِدِّيقًا»!
إذًا، هنا الحديث مخصَّص لمعركة الشَّباب مع الشَيطان.
أصناف الشَّباب في معركتهم مع الشَّيطان
ويمكن أنْ نصنِّف الشَّباب في هذه المعركة مع الشَّيطان إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: هم المنتصِرون على الشَّيطان انتصارًا كاملًا
هذه مراتب عالية!
مراتب كبيرة!
لقد انتصروا على كلِّ الهوى في داخلهم!
على كلِّ الشَّهوات!
على كلِّ النَّزوات!
وأسقطوا الشَّيطان في هذه المعركة!
لقد انتصروا على الشَّيطان انتصارًا كاملًا!
هؤلاء يعتبرهم الحديث خيرًا من الملائكة – كما سيأتي الحديث -.
هؤلاء الذين انتصروا على الشَّيطان انتصارًا كاملًا، وعلى كلِّ هوى النَّفس، وغرائزها، وشهواتها لهم مقامات عالية عالية جدًّا، تفوق حتَّى الملائكة!
هذه الفئة الأولى.
الفئة الثَّانية: الفئة التي تنهزم انهزامًا كاملًا أمام الشَّيطان
تسقط في يد الشَّيطان!
وهؤلاء يعبِّر عنهم الحديث بأنَّهم شرٌّ من البهائم – كما سيأتي -.
إذًا، فئة تنتصر انتصارًا كاملًا، وفئة أخرى تنهزم انهزامًا كاملًا.
الفئة الثَّالثة: هي الفئة التي تعيش الكَرَّ والفَرَّ مع الشَّيطان
تنتصر تارة على الشَّيطان، وتنهزم تارة أمام الشَّيطان.
معركة، ينهزم فيها أناس، وينتصر فيها أناس.
هذه الفئة الثَّالثة لم تصل إلى حدِّ الانتصار الكامل على الشَّيطان، ولم تسقط السُّقوط الكامل أمام الشَّيطان.
هي تنتصر في مرحلة من المراحل، وتنهزم في مرحلة أخرى.
وهكذا تعيش الكَرَّ والفَرَّ مع الشَّيطان.
اقرأ هذا الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: «إنَّ الله (عزَّ وجلَّ) ركَّب في الملائكة عقلًا بلا شهوة …» (ميزان الحكمة 1/222، محمَّد الريشهري).
الملائكة عقل محض.
الملائكة لا يحملون شهوات، ولا غرائز!
«إنَّ الله ركَّب في الملائكة عقلًا بلا شهوة، وركَّب في البهائم شهوةً بلا عقل، …».
البهائم غرائز، شهوات!
«…، وركَّب في بني آدم كلتيهما، …» العقل، والشهوة.
في الإنسان عقلٌ وشهوة، «…، فمَن غَلَب عقلُهُ شهوتَه كان خيرًا من الملائكة، …»، لأنَ الملائكة لا شهوة لها، «…، فهو خيرًا من الملائكة، ومَنْ غلبت شهوتُهُ عقلَهُ كان، فهو شرٌّ البهائم»، لأنَّ البهائم لا عقل لها.
بعد هذه المقدمة، نطرح هذا السُّؤال: كيف يتحصَّنُ الشَّبابُ في معركتهم مع الشَّيطان؟
معركة تحتاج إلى تسلح!
تحتاج إلى تزوُّد!
تحتاج إلى إعداد!
تحتاج إلى تحصُّن!
فما هي المحصِّنات؟
وما هي الاستعدادات؟؛ لكيلا ينهزم الشَّباب، ولا يضعفوا، ولا يسقطوا أمام الشَّيطان.
ولكي ينتصروا على الشَّيطان.
استعدادات الشَّباب في المعركة للانتصار على الشَّيطان
هناك مجموعة استعدادات، أذكر بعضها:
الاستعداد الأوَّل: الاستعاذة بالله تعالى من الشَّيطان في كلِّ المواقع
ما معنى الاستعاذة بالله تعالى؟
يعني الاستعانة بالله تعالى على الشيطان.
نحن لكي ننتصر على الشَّيطان مطلوب أنْ نستعين بالله (عزَّ وجلَّ).
أنْ نلجأ إلى الله سبحانه.
أن نلوذ إلى الله تعالى.
فالاستعاذة بالله تعالى من الشَّيطان هي الاستعانة بالله تعالى.
والرُّكون إلى الله (عزَّ وجلَّ).
والرُّجوع إلى الله سبحانه.
واستمداد العون والقوَّة من الله تعالى؛ لكي ننتصر على الشَّيطان.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ …﴾ (سورة الأعراف: الآية 200) الشَّيطان يدخل أوهامًا.
الشَّيطان يحاول دائمًا أنْ يحرِّك في داخل الإنسان الإغراءات الفاسدة، والإغراءات الضَّالة والمنحرفة، هنا حينما تبرز هذه النَّزغات، ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ …﴾، يُفرغ في داخلك نزغات، أهواء، شهوات، هنا تذكَّر الله تعالى.
هنا الجَأ إلى الله سبحانه.
هنا استعن بالله، ﴿… فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
إنَّ الله سبحانه يسمعك حينما تلجأ إليه ضارعًا صادقًا.
حينما تستعين به، الله تعالى يسمع، ويعلم.
وهنا مطلوب اللُّجوء إلى الله سبحانه في مواجهة النَّزغات الشَّيطانيَّة.
قوله تعالى في آية أخرى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (سورة المؤمنون: الآية 97)،
الله سبحانه يأمر: ﴿وَقُلْ …﴾ حينما تتحرَّك في داخلك همزات الشَّياطين، ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾.
ما معنى همزات الشَّياطين؟
يعني: إيحاءاتهم الباطلة.
وتسويلاتهم الفاسدة.
وأساليبهم المنحرفة.
مواقع اقتحام الشَّيطان للإنسان
التَّحصين بالاستعادة، واللُّجوء إلى الله تعالى ﴿… أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ في كلِّ المواقع.
الشَّيطان يحضر في كلِّ المواقع.
المواقع الفكريَّة، والثَّقافيَّة.
المواقع النَّفسيَّة، والوجدانيَّة، والرُّوحيَّة.
المواقع السُّلوكيَّة.
الشَّيطانُ يحاول أنْ يقتحم في كلِّ هذه المواقع.
وللتوضيح أكثر نقول:
الشَّيطان يقتحم كلَّ المواقع:
1-مواقع الفكر
إذا كان إنسان عنده موقع فكر، فالشَّيطان يقتحم هذا الموقع بإدخال أفكار ضالَّة.
وأفكار منحرفة.
وأفكار فاسدة عقيديَّة، فكريَّة، ثقافيَّة.
هنا الشَّيطان يقتحم العقل؛ ليفرغ مفاهيمه الفاسدة.
ليشوِّش عقيدة الإنسان.
وليربك أفكار الإنسان النَّظيفة.
هذا موقع من مواقع اقتحام الشَّيطان.
2-موقع العاطفة
الشَّيطان يقتحم موقع العاطفة.
يحرِّك عواطف، ونزغات في داخل القلب، شحناء، بغضاء، حسد، ضغينة.
هنا اقتحام موقع عاطفة.
كما يقتحم مواقع العقل، والفكر، والثَّقافة يقتحم مواقع العاطفة؛ ليفرغ مجموعة نزغات عاطفيَّة فاسدة!
3-موقع العبادة
كذلك يقتحم الشَّيطان موقع العبادة.
موقع الصَّلاة.
موقع الصِّيام.
موقع الدُّعاء.
موقع التِّلاوة.
موقع الذِّكْر.
هذه مواقع يقتحمها الشَّيطان، يجعل الإنسان متهاونًا بصلاته.
يجعل الإنسان يأخِّر عبادته.
يجعل الإنسان يتراخى عن تلاوة القرآن الكريم.
يجعل الإنسان يغفل عن ذِكْر الله تعالى.
هنا الشَّيطان اقتحم موقع العبادة.
هذا الموقع يحتاج أنْ نحصِّنه.
4-موقع السُّلوك
سلوك الإنسان.
حركة الإنسان.
نشاط الإنسان.
هنا يقتحم الشَّيطان السُّلوك؛ لينحرف بالسُّلوك.
غِيبة، معصية، شُرب خمر، فساد سلوكيٌّ.
وهكذا بقيَّة المواقع.
مواقع المال (المعاملات المحرَّمة – مثلًا -).
مواقع العلاقات الاجتماعيَّة (التَّقاطع والتَّهاجر – مثلًا -).
كلُّ المواقع معرَّضة لاقتحام الشَّيطان!
إذًا، نحن بحاجة دائمًا إلى أنْ نلجأ إلى الله تعالى.
الاستعاذة بالله (عزَّ وجلَّ) هو الاستعداد الأوَّل لمواجهة الشَّيطان، وهو التَّحصُّن الأوَّل في هذه المعركة الكبرى مع الشَّيطان.
الاستعداد الثَّاني: الإكثار من العبادة
الإكثار من ذِكْر الله تعالى.
الإكثار من الصَّلاة.
الإكثار من تلاوة القرآن الكريم.
العبادة من أقوى المحصنات ضدَّ الشيطان، فكلَّما أكثرنا من ذِكر الله تعالى صادقين ومخلصين كلَّما هرب الشَّيطان.
كلَّما فرَّ الشَّيطان.
كلَّما مارسنا العبادة بصدق، وبإخلاص.
كلَّما نَفَرَ الشَّيطان، وحصَّنا أنفسنا ضدَّ الشَّيطان.
كلَّما مارسنا تلاوة القرآن الكريم، فإنَّنا نحصِّن أنفسنا ضدَّ الشَّيطان.
فالعبادة من أقوى المحصِّنات ضدَّ الشيطان بشرط أنْ تتوفَّر العبادة على مضموناتها الرُّوحيَّة، والفكريَّة، والفقهيَّة، والعمليَّة.
وإلَّا كانت عبادة فارغة، وجافَّة لا تستطيع أنْ تهزم الشَّيطان.
فالاستعداد الثَّاني إذًا هو اعتماد أسلوب العبادة من ذِكْر، وصلاة، وتلاوة قرآن.
أمَّا بقيَّة العبادات فمتى ما تَحصَّن بها الإنسان، فإنَّه ينتصر على الشَّيطان.
﴿… إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ …﴾ (سورة العنكبوت: الآية 45).
إنَّ الصَّلاة تمنع السُّقوط في حبائل الشَّيطان.
هذا الاستعداد الثَّاني.
الاستعداد الثَّالث – وهو مهمٌّ أيضًا جدًّا -: إغلاق المنافذ التي يمكن للشَّيطان أنْ يدخل من خلالها
الشَّيطان يدخل للإنسان من خلال منافذ، هذه المنافذ إذا سيَّجْنَاها حصَّنَّاها، أغلقناها، لم نترك للشَّيطان مجالًا لأنْ يقتحم مواقعنا.
للشَّيطان منافذ، ومداخل، ومن هذه المنافذ التي يحاول من خلالها أنْ يدخل:
1-مجالس اللَّهو
مجالس اللَّهو.
هي مرتع ومدخل واسع جدًّا للشَّيطان!
حينما يكون الإنسان في مجالس اللَّهو فقد فتح نفسه، وفتح وجوده، وشخصيَّته، وعقله، وعواطفه، وسلوكه على الشَّيطان، هنا الشَّيطان يدخل بقوَّة ليحتوي الإنسان.
فبمجرَّد أنْ يتواجد الإنسان في مجلس لَهْوٍ، في مجلس فساد، في مجلس انحراف فقد وضع نفسه في مصيدة الشَّيطان!
وأغرى الشَّيطان به.
2-المجالس التي يُعصى الله سبحانه فيها.
مجلس غِيبة.
ومجلس بهتان.
ومجلس حديث على النَّاس.
هذا مجلس لا يحبُّه الله تعالى.
هذا المجلس منفذ من منافذ الشَّيطان.
ربما الإنسان لا يغتاب، ربما الإنسان لا يبهت، لكن وجوده في أجواء من هذا النَّوع تجعله في مصيدة الشَّيطان!
3-مخالطة الفسَّاق، والأشرار
أنْ تُصاحب إنسانًا فاسقًا.
أنْ تُصاحب إنسانًا فاسدًا.
أنْ تُصاحب إنسانًا منحرفًا عن الدِّين، أو فيه بعض انحرافات، فأنت حينئذٍ تكون في مصيدة الشَّيطان.
ولذلك الآيات الكريمة، والأحاديث الشَّريفة تحذِّر كلَّ التَّحذير من مصاحبة الأشرار، وقُرناء السُّوء.
أ- الآية الكريمة تقول: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ …﴾ (سورة فصلت: الآية 25).
أصحاب، أصدقاء، زملاء ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ …﴾.
قرين السُّوء يُزيِّن الباطل!
يُزيِّن الضَّلال!
يُزين الشَّهوات!
يُزيِّن الانحراف، فيسقط الإنسان!
ب- الحديث عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «مَن لم تنتفع بدينه ودنياه، فلا خير لك في مجالسته، …» (ميزان الحكمة 2/1585، محمَّد الريشهري).
تنتفع منه بدينه، وتنتفع بدنياه.
ربما تنتفع من دنيا إنسان، ولكن لا تنتفع بدينه، فلا خير في مجالسته!
ج- وقال الإمام عليٌّ (عليه السَّلام): «صحبة الأشرار تكسب الشَّرَّ» (ميزان الحكمة 2/1568، محمَّد الريشهري).
أنت حينما تصاحب شرِّيرًا تكتسب شرًّا.
تكتسب فسادًا.
تكتسب انحرافًا.
ولو من غير شعور يتفرَّغ في داخلك الشَّرُّ، والفساد، والانحراف ممَّا يهيِّئُك للانحراف والفساد!
د- وقال (عليه السَّلام) – أي: الإمام عليٌّ (عليه السَّلام) – «احذروا مجالسة قرين السُّوء، فإنَّه يهلك مقارنه، ويردي مصاحبه» (ميزان الحكمة 2/1583، محمَّد الريشهري).
ه- وقال (عليه السَّلام): «احذروا مصاحبة الفسَّاق، والفجَّار المجاهرين بمعاصي الله»( ) (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة 104، علي بن محمد الليثي الواسطي).
و- وقال الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «احذر من النَّاس ثلاثة: الخائن، والظَّلوم، والنَّمام، لأنَّ مَن خان لك خانك، …».
هذا الذي يخون الآخرين عندك سوف يأتي يوم يخونك أنت! «… لأنَّ من خان لك خانك، ومَن ظَلم لك ظلمك، …».
اليوم يظلم من أجلك، وغدًا سيظلمك أنت، «…، ومَن نمَّ إليك سينمُّ عليك» (ميزان الحكمة 2/1585، محمَّد الريشهري).
إذًا، ثلاثة يحذِّر الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) من مصاحبتهم.
4-المنفذ الرَّابع للشَّيطان هو من أخطر المنافذ: البرامج والمواقع المحرَّمة
اليوم يوجد تلفاز.
اليوم يوجد مواقع إلكترونيَّة.
هذه أصبحت مرتعًا خطيرًا للشَّيطان!
منفذاً خطيرًا مدمِّرًا للشَّيطان.
أخطر المنافذ اليوم هي المواقع فيما تهندسه من برامج؛ لإسقاط الشَّباب بالخصوص!
فأخطر المنافذ الشَّيطانية هذه البرامج، وهذه المواقع الفاسدة، والفاسقة والمنحرفة التي تسقط الأفكار، والعقائد.
وتسقط الأخلاق.
وتسقط السُّلوك.
وهذه البرامج التِّلفازيَّة، أو الإلكترونيَّة هناك مؤسَّسات تهندس لها!
فهذه البرامج لم توجد بشكل عفويٍّ.
بل توجد مؤسَّسات عالميَّة تهندس لهذه البرامج.
وتُهندس لهذه المواقع.
هنا الضَّرورة كلُّ الضَّرورة؛ لإنتاج برامج نظيفة قادرة على أنْ تستقطب الشَّباب.
أن ننشِّط برامجنا التلفازيَّة، والإلكترونيَّة، وبكلِّ الوسائل المعتمدة المعاصرة.
مطلوب من حَمَلة الفكر الدِّينيِّ: حوزات، أساتذة، طلَّاب، خطباء، مبلِّغين، قائمين على شؤون البرامج الدِّينيَّة ضرورة إنتاج برامج نظيفة قادرة على أنْ تستقطب الشَّباب.
هذه مسؤوليَّة الحوزات.
هذه مسؤوليَّة العلماء.
هذه مسؤوليَّة الخطباء.
هذه مسؤوليَّة كلِّ القيِّمين على حراسة الأجيال.
هذه مسؤوليَّة أولياء الأمور.
قد لا يستطيع الآباء وحدهم، ولا تستطيع الأمَّهات وحدهنَّ أنْ يواجهوا – أي: الآباء، والأمهات – هذا الزَّخم من البرامج الانحرافيَّة، هنا نحتاج التَّعاون بين الأُسر، وأولياء الأمور، وكلَّ مواقع التَّحصين الإيمانيِّ، والثَّقافيِّ، والفكريِّ.
بقي عنوان، وهو: إنَّ المرأة أخطر الحبائل التي يعتمدها الشَّيطان.
وهذا ما يتناوله الحديث القادم إن شاء الله تعالى
وآخر دعونا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.