حديث الجمعةشهر شعبان

حديث الجمعة 573: الوباء المرعب! – إشكاليةٌ تواجُهُ هذه المناسبات التي ترتبط بأئمَّتنا (ع): هل أنَّ هذه الاحتفالات تكرِّس المشروع الطَّائفيَّ؟

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصَّلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمَّدٍ وعلى آله الطَّيِّبين الطَّاهرين.

أيّها الأحبّةُ الكرام:
تهنئة بمولد الإمام الحسين والأطهار (عليهم السَّلام)
أُهنئكُمْ بمولدِ السِّبطِ الإمام الحُسَينِ (عليه السَّلام).
وأُهنئكُمْ بمواليدِ الأطهارِ (عليهم السَّلام) من أهلِ بيتِ مُحمَّدٍ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّم).
ونسألُهُ تعالى أنْ يجعلَ هذه المناسبات الكريمةَ مناسباتِ يُمْنٍ، وبركةٍ، وخيرٍ، وهناء، وأنْ يدفعَ عن المسلمينَ، وعن كلِّ البشريَّة جميعَ المكاره، والأسواءِ، والمِحَنِ، والشَّدائدِ، والأمراضِ، والأوبئةِ، فهُوَ سبحانَهُ وليُّ النِّعَم.
أتناول في هذا اللِّقاء عنوانين:
العنوان الأوَّل: بعض كلمات عن الوباء المُرعب
العنوان الثَّاني: إشكاليةٌ تواجُهُ هذه المناسبات التي ترتبط بأئمَّتنا (عليهم السَّلام): هل أنَّ هذه الاحتفالات تكرِّس المشروع الطَّائفيَّ؟

العنوان الأوَّل: بعضُ كلماتٍ عن الوَباءِ المُرعب
أبدأ حديثي ببعضِ كلماتٍ عن (الوَباءِ المُرعب)، فلا زال العالمُ يعيشُ (استنفارًا استثنائيًّا) في مواجهةِ (وَباءِ الكُورونا)!
هذا الوباءُ الَّذي حَصَد آلافَ الأرواحِ من البشر – حتَّى اللَّحظة -!
وأصابَ مئاتِ الآلافِ!
ويُهدِّدُ حياة الملايين!
ولهذا فرض هذا (الاستنفار الاستثنائيُّ) بكلِّ امتداداتِه الصِّحيَّةِ، والاقتصاديَّةِ، والاجتماعيَّة، والسِّياسيَّةِ، والأمنيَّةِ نفسَهُ على الواقعِ البشريَّ في كلِّ بلدانِ العالم بدون استثناء!
المطلوب في ظلِّ هذا الوباء المُرعب
أيُّها الأحبَّةُ: ما هو المطلوب؟
1-مطلوب من الجميع – أوَّلًا، وأخيرًا – أقصى درجاتِ (اللُّجوءِ إلى الله سبحانه وتعالى).
2-ومطلوبٌ من الجميع أقصى درجاتِ (الاحتياط والاحتراز).
3-ومطلوبٌ من الجميع أقصى درجاتِ (التَّعاون، والتَّآزر).
4-ومطلوبٌ من الجميع أقصى درجاتِ (الالتزام بالتَّوجيهات الطِّبِّيَّة، والصِّحيَّة، والقرارات الرَّسميَّة).
مآل التَّساهل والتَّهاون مع الوباء
إنَّ أيَّ تساهلٍ، أو تهاونٍ يعرِّضُ حياتَكَ، وحياةَ الآخرين إلى الخطر.
•وهذا عملٌ محرَّمٌ شرعًا.
•وهذا عملٌ مُجرَّمٌ قانونًا.
•وهذا عملٌ مُدانُ أخلاقًا.
فالتَّمسُّكَ التَّمسّكَ بكلِّ التَّوصياتِ الطِّبِّيَّةِ، والصِّحيَّةِ.
والتَّمسُّكَ التَّمسُّكَ بكلِّ الإجراءاتِ الرَّسميَّة.
والتَّمسُّكَ التَّمسُّكَ بكلِّ التَّوجيهاتِ العُلمائيَّة.
ليس تَرَفًا أنْ نتمسَّك بهذه التَّوصيات، وهذه الإجراءات، وبهذه التَّوجيهات.
الأمر ليس كذلك.
إنَّها المسؤوليَّة الكبرى في أنْ نحافظ على أروحِنا، وأرواحِ الآخرين.
المسؤوليَّات الكبرى الثَّلاث
فنحن أمام ثلاث مسؤوليَّات كبرى!
المسؤوليَّة الأولى: نحن أمامَ المسؤوليَّة الشَّرعيَّة.
المسؤوليَّة الثَّانية: ونحن أمامَ المسؤوليَّة القانونيَّة.
المسؤوليَّة الثَّالثة: ونحن أمامَ المسؤوليَّة الأخلاقيَّة.
•فمخالفة المسؤوليَّة الشَّرعيَّة تعرِّضنا إلى (عقوبة الله تعالى).
•ومخالفة المسؤوليَّة القانونيَّة تعرِّضنا إلى (عقوبة الدَّولة).
•ومخالفة المسؤوليَّة الأخلاقيَّة تعرِّضنا إلى (عقوبة الضَّمير).
الجهود كبيرة؛ لمكافحة الوباء

أيُّها الأحبَّة الكرام:
الجهود كبيرة وكبيرة جدًّا للسَّيطرة على هذا الوباء.
والجهود كبيرة وكبيرة جدًّا للعثور على (اللِّقاحات، والعِلاجات).
إلَّا أنَّ هذا (الفيروس) لا زال متمرِّدًا!
ولا زال قادرًا على أنْ يفتك بأرواح البشر!
ولا زال قادرًا على أنْ يُربك كلَّ أوضاع الصِّحَّة!
وأنْ يُربَك كلَّ أوضاعِ الاقتصاد!
وأنْ يُربك كلَّ أوضاعِ السِّياسة، وكلَّ أوضاع الأمن!
(فكم هي حاجة البشر أنْ يلجأوا إلى اللهِ تعالى)؟!

إنَّ الإصرارَ على التَّمرُّدِ والمخالفةِ لأوامر الله تعالى سوف يعرِّض البشر:
1-إلى المزيد من الابتلاءات الإلهيَّة!
2-وإلى المزيد من الإنذارات الرَّبَّانيَّة!
3-وإلى المزيد من النَّكسَاتِ!
4-والمزيد من المُهلِكات!
‌أ- قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ …﴾ (سورة الشُّورى: الآية 30).
‌ب- وقال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (سورة الرُّوم: الآية 41).
‌ج- ونقرأ في دعاء كميل لأمير المؤمنين (عليه السَّلام):
•«اللَّهُمَّ، اغفرْ ليَ الذُّنوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَم».
•«اللَّهمَّ، اغفرْ ليَ الذُّنوبَ الَّتي تُغيِّرُ النِّعَم».
•«اللَّهُمَّ، اغفرْ ليَ الذُّنوبَ الَّتي تُنْزلُ البَلاء» (مفاتيح الجنان، الصَّفحة 127، الشيخ عباس القمي).
فما أحوجنا في مثل هذه (الابتلاءاتِ الصَّعبةِ) أنْ نلجأ إلى الله تعالى.
وما أحوجَنا في مثلِ هذه (الأزمات المرعبة) أنْ نسأل الله تعالى (العفو والعافية في الدُّنيا والآخرة).
5-جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وسأله عن أفضلِ دعاء؟
فقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «تسأل ربَّكَ العَفوَ والعَافيةَ في الدُّنيا، والآخرة.
ثمَّ أتاه من الغدِ، فأجابَهُ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مثل ما أجاب في اليوم الأوَّل، وهكذا إلى اليومِ الرَّابع.
ثمَّ أتاه من اليوم الرَّابع، فقال: يا رسولَ اللهِ، أيُّ الدُّعاءِ أفضلُ؟
قال – (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) -: تسأل ربَّكَ العفوَ والعافيةَ في الدُّنيا والآخرة، فإنّكَ إذا أُعطيتَهُما في الدُّنيا والآخرة، ثُمَّ أُعطيتَهما في الآخرةِ فقد أفلحتَ» (ميزان الحكمة 3/2023، محمد الريشهري).
6-ومن أدعية الإمام زين العابدين (عليه السَّلام) كما جاء في الصَّحيفة السَّجَّاديَّة: «اللَّهمَّ، صلِّ على محمَّدٍ وآلِهِ، وألبسني عافيتَك، …، عافية الدُّنيا والآخرة وامْنُنْ عليَّ بالصِّحَّةِ، والأمنِ، والسَّلامةِ في ديني وبدني، والبصيرة في قلبي، والنَّفاذِ في أموري» (الصَّحيفة السَّجَّاديَّة، الصَّفحة 124، الإمام زين العابدين عليه السَّلام).
الوقاية، والعلاج
وتبقى أيُّها الأحبَّةُ: الضَّرورة كلُّ الضَّرورة إلى (الوقاية، والعلاج) هكذا أمرنا الله سبحانه.
وهكذا أمرنا رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
وهكذا أمرنا الأئمَّة الهُداة (عليهم أفضلُ الصَّلوات).
وهكذا أمرنا دين الله تعالى.
فمع الدُّعاء لا بدَّ من اعتماد الأسباب الطَّبيعيَّة.
ومع الأسباب الطَّبيعيَّة لا بدَّ من اعتماد الدُّعاء.
نسأله تعالى أنْ يكشف هذا البلاء عن جميع العباد، فهو صاحب المَنِّ، والألطاف.
نداء للمسارعة في عودة العالِقين
وهنا أوجِّه بكلِّ حبٍّ هذه الكلمات إلى الجهات المسؤولة في الدَّولةِ – مع كلِّ التَّقدير للجهودِ المبذولةِ والمشكورةِ في مواجهة هذا الوباء – أنْ يُسارعوا في توفير الوسائل؛ لعودة العالِقين في الخارج من أبناء هذا الوطن.
سدَّد اللهُ كلُّ الخُطى، وحمى الله البلاد والعباد من كلِّ المكاره والأسواء.

العنوان الثَّاني: إشكاليَّة تواجهُ هذه الاحتفالاتِ التي نقيمُها إحياءً لمناسباتِ (أهل البيت عليهم السَّلام)
هذه الإشكالية تقول: (إنَّ هذه الإحياءات تكرِّسُ الحسَّ المذهبيَّ، وتنشِّطُ الصِّراعاتِ الطَّائفيَّة)
ولماذا؟
أوَّلا: لأنَّ هذه المناسبات هي مناسبات مذهبيَّة!
وثانيًا: لأنَّ هذه (الاحتفالات، والإحياءات) تعيد إلى ذَاكرة الأجيال (صراعات التَّاريخ).
فيجب أنْ تغلق (ملفَّات التَّاريخ بكلِّ صراعاتها، وخلافاتها، وتوتُّراتها؛ من أجل أنْ نُؤسِّس لمشاريع التَّقارب والتَّآلف بين المسلمين بكلِّ طوائفهم، ومذاهبهم).
الجواب عن هذه الإشكاليَّة:
نجيب عن هذه الإشكاليَّة من خلال مجموعة نقاط:
النقطة الأولى: تكريس خطاب الوحدة ضروريٌّ
إنّنا نؤمنُ كلَّ الإيمانِ بضرورة تكريس (خِطابِ الوحدةِ بين المسلمين)، ونرفض كلَّ الرَّفض أيَّ خطابٍ يؤسِّسُ للخلافاتِ والصِّراعاتِ بين المسلمين، ويدفع في اتِّجاه (العصبيَّات الطَّائفيَّة والمذهبيَّة)، فكم أنتجت هذه الخلافات، والصِّراعاتُ، والعصبيَّات من أوضاعٍ مُرعبةٍ، ومن أثارٍ مُدمِّرةٍ، ومن نتائج كارثيَّة، فزُهِقتْ أرواح، ودُمِّرت أموالٌ، وهُتكت أعراض، ودُنِّست مقدَّسات!
فلا نظنُّ أنَّ أحدًّا من المسلمين ينتمي إلى الإسلام حقًّا، ويؤمن بمبادئ الدِّين حقًّا، ويسمع نداء القرآن الكريم حقًّا يسمح لنفسه أنْ يكونَ (داعيةَ فتنةٍ بين المسلمين)!
ويسمح لنفسه أنْ يكونَ (ناشطَ عصبيَّةٍ)!
ويسمح لنفسه أنْ يكون (عنوانَ تطرُّف)!
ويسمح لنفسِهِ أنْ يكونَ مُؤزِّمًا، ومُفرِّقًا، وصَنَّاعَ خِلافاتٍ، وعَداوات.

النقطة الثانية: المناسبات إحياء لأمر أهل البيت (عليهم السَّلام)
هذه المناسبات التي نُحييها إنَّما هي (إحياء لأمر أهل البيت عليهم السَّلام) كما أمرنا أئمَّتنا (عليهم السَّلام)، حيث قالوا: «أحيُوا أمرَنا رحم الله من أحيا أمرنا» (هداية الأمَّة إلى أحكام الأئمَّة (عليهم السَّلام) 5/137، الحر العاملي).
وهنا نتساءل: أيمكن أنْ يكون من أمر (أهل البيت عليهم السَّلام) أنْ تنتشر الفتنُ بين المسلمين؟!
وأنْ تنتشر الخلافاتُ، والصِّراعاتُ، والعَصبيَّات؟!
وأنْ ينتشر العنفُ، والتَّطرُّف؟!
لا واللهِ ما هذا أمر أهل البيت (عليهم السَّلام).
سموُّ أمر أهل البيت (عليهم السَّلام)
أمر أهلِ البيت (عليهم السَّلام) تآلف، وتقارب بين المسلمين.
أمرُ أهل البيتِ (عليهم السَّلام) محبَّةٌ، وتسامح.
أمرُ أهلِ البيتِ (عليهم السَّلام) رِفقُ، واعتدال.
أمرُ أهل البيتِ (عليهم السَّلام) بناءٌ، وإصلاح.
أمرُ أهل البيتِ (عليهم السَّلام) هُدًى، ورَشَاد.
أمرُ أهل البيتِ (عليهم السَّلام) خير، وفلاح.
أمرُ أهل البيتِ (عليهم السَّلام) تقدُّمٌ، وازدهار.
فإذا وَجَدنا خِطابًا مَمْلوءًا بالقذف، والسَّبِّ، والشَّتم!
ووجَدَنا خِطابًا يُؤسِّس للعصبيَّاتِ المقيتةِ!
ووجَدَنا خَطابًا تَفوحُ منه روائحُ الفتنِ العمياء!
ووَجَدنا خِطابًا يُفرِّقُ، ويُمزِّقُ، ويستنهضُ العداواتِ والكراهيات!
ووَجَدنا خِطابًا قد ماتت في داخلِهِ قيمُ الحبِّ، والرِّفقِ، والتَّسامح!
ووَجَدنا خِطابًا قد تلوَّثت مضامينه، وتلوَّثت كلماته، وتلوَّثت أهدافُه.
إذا وجَدَنا خطابًا هذه صفاته فَوَ الله، ما هو من نبع مدرسة أهل البيت (عليهم السَّلام)، هذا النَّبع الَّذي هو نبعُ الإسلام، وهو نبعُ القرآن الكريم، وهو نبعُ رسولِ الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم).
•أمير المؤمنين (عليه السَّلام) يقول: «إنِّي أكره أنْ تكونُوا سبَّابين، …» (نهج البلاغة 2/186، خطب الإمام علي عليه السَّلام)، أو لعَّانين، أو شتَّامين.
لغة القذف والسَّبِّ!
1-تؤجِّج العصبيَّات.
2-توقِظ الفتن.
3-تؤسِّس للتَّطرُّف.
4-تدفع نحو العنف.
هنا يجب أنْ نحرص كلَّ الحرص أنْ لا ينزلق خطابنا الدِّينيُّ، خطاب المسجد، خطاب المنبر، خطاب المناسبات هذا المنزلق؛ لكيلا نعطي الفرصة لمَن يريد أنْ يتَّهمَ كلَّ خطابنا بأنَّه يُكرِّسُ للحسِّ الطَّائفيِّ.
شروط مقوِّمات الحوار المُنتج مع الآخر
لا مشكلة أنْ نحاور الآخر، الآخر الدِّينيَّ، الآخر المذهبيَّ، الثَّقافيَّ، الآخر السِّياسيَّ.
بشرط:
1-أنْ يكون الحوار علميًّا.
2-وأنْ يكون الحوار نظيفًا.
3-وأنْ يكون الحوار جادًّا.
4-وأنْ يكون الحوار هادفًا.
هذه هي مقوِّمات الحوار المُنتج.
وأمَّا إذا غابت هذه المقوِّمات، أو بعض هذه المقوِّمات كان الحوار عبثًا، استهلاكًا، تأزيمًا، تكريسًا للخلافات، للصِّراعات، للعصبيَّات.
هدف أئمَّتنا (عليهم السَّلام) تكريس شعار الوحدة والتَّقارب
أيُّها الأحبَّة:
إنَّ أئمَّتنا (عليهم السَّلام) يريدون لهذه المناسبات الدِّينيَّة أنْ تكرِّس (شعار الوحدة، والتَّقارب).
نقرأ في توجيهات أئمَّتنا (عليهم السَّلام) لشيعتهم، وأتباعِ مدرستهم أنْ يُجذِّرُوا العلاقة مع عموم المسلمين؛ من أجل أنْ تتكرَّس (وحدة الأمَّة):
1-«…، صلُّوا في مساجدهم، …» (الوافي 8/1220، الفيض الكاشاني).
2-«…، وعُودُوا مرضاهم، …» (الوافي 8/1220، الفيض الكاشاني).
3-«…، واحضروا جنائزهم، …» (مستطرفات السرائر (باب النوادر)، موسوعة ابن إدريس الحلي 14/ 161، ابن إدريس الحلي).
4-«… واشهدوا لهم وعليهم، …» (مستطرفات السرائر (باب النوادر)، موسوعة ابن إدريس الحلي 14/ 161، ابن إدريس الحلي).
5-«…، وأدُّوا حقوقهم، …» (الوافي 5/525، الفيض الكاشاني).
وحينما نقرأ ما صدر عن أهل البيت من (توجيهات، وارشادات) في الكثير منها يُستخدم (مفردة المسلم) ممَّا يؤكِّد (نهجهم التَّوحيدي)، وأنَّهم (هداة وأئمَّة لكلِّ المسلمين).
6-روى الكلينيُّ في (الكافي) عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) أنَّه قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلُمُه، ولا يخذله، ولا يخونه، ويحقُّ على المسلمين الاجتهاد في التَّواصل، والتَّعاون على التَّعاطف، والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم على بعض، حتَّى تكونُوا كما أمركم الله (عزَّ وجلَّ)، رحماء بينكم متراحمين، مغتمِّين لِمَا غاب عنكم من أمرهم، …» (الكافي 2/174، الشيخ الكليني).
لا مصداقيَّة للإشكاليَّة!
في ضوء ما تقدَّم لا نجد أيَّة مصداقيَّة للإشكاليَّة التي تقول: إنَّ إحياء مناسبات أهل البيت (عليهم السَّلام) يُكرِّس الحسَّ المذهبيَّ، وينشِّط الصِّراع الطَّائفيَّ!
أهل البيت (عليهم السَّلام) يمثِّلون الإسلام
ثمَّ هل إنَّ (أهل البيت عليهم السَّلام) يمثِّلون (هُويَّة مذهبيَّة)؟
أم هم لكلِّ المسلمين بكلِّ مذاهبهم؟
يظلم أهل البيت (عليهم السَّلام) مَنْ يحاول أنْ (يمذهبهم) سواء هذه (المَذْهَبَة) صادرة من (شيعة)، أو من (سنَّة)!
كانت مدرسة الأئمَّة (عليهم السَّلام) مفتوحة لكلِّ المسلمين بكلِّ مذاهبهم، وانتماءاتِهم.
(مدرسة الإمام الصَّادق عليه السَّلام) والَّتي بلغ عدد طلابها أربعة آلاف كان من حضَّار هذه المدرسة ومنتسبيها (كبار أئمَّة المذاهب)!، وما كانوا يرون في ذلك أيَّ تحفُّظ، أو أيَّة غضاضة.
مِن حضَّار مدرسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)
من حضَّار هذه المدرسة:
1-الإمام أبو حنيفة – إمام المذهب الحنفيِّ -.
2-الإمام مالك بن أنس – إمام المذهب المالكيِّ -.
وإذا كان الإمام الشَّافعيُّ من تلامذة الإمام مالك، وإذا كان الإمام أحمد بن حنبل من تلامذة الإمام الشَّافعي، فهذا يعني أنَّ الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) يعتبر أستاذ الأربعة!
3-سفيان الثَّوري أحد الأعلام الكبار، ومن رؤساء المذاهب الفقهيَّة.
وآخرون من كبار أئمَّة الحديث، والفقه.
هكذا كان التَّواصل بين أئمَّة المذاهب ومدرسة الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السَّلام).
وإلى زمن ليس بعيدًا كان يتتلمذ دارسون من الشِّيعة على يد (شيوخ) من السُّنَّة، وكان يتتلمذ دارسون من السُّنَّة على يد (شيوخ) من الشِّيعة!
المشكلة حينما وضعت (الحواجز) بين المذاهب بسبب (العصبيَّات)، وبسبب (الصِّراعات)، تمَّ (التَّفاصُل)!
فمطلوب أنْ يتعاون المخلصون؛ من أجل (التَّقارب، والتَّواصل).

وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.

Show More

Related Articles

Back to top button