حديث الجمعةشهر جمادى الأولى

حديث الجمعة 563: المعركة بين الإنسان والشَّيطان (1)

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين، محمَّدٍ وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين.
وبعد:

الشَّيطان والإنسان

فقد قال تعالى في سورة يوسف/ الآية 5:
﴿… إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾

بين الإنسان والشَّيطان عداوة قديمة ومتأصِّلة، أنتجت بينهما معارك ضارية، انتصر فيها الإنسان تارة، وانتصر الشَّيطان أخرى، وربَّما كان بينهما سجالات من الانتصار والانهزام.

ويحظى الإنسان بمقامات عظمى حينما ينتصر على الشَّيطان ممَّا يجعله في مقامات الملائكة أو أفضل، وحينما ينهزم أمام الشَّيطان يكون أسوء حالًا من البهائم، الملائكة عقل محض، والبهائم شهوة بلا عقل، والإنسان مركبٌ من عقل وشهوة، فإذا انتصر العقل في داخل الإنسان كان أفضل من الملائكة وإذا انتصرت الشَّهوة كان أحط من البهائم.

متى بدأت العداوة بين الشَّيطان والإنسان؟
بدأتْ هذه العداوة حينما أمر اللهُ الملائكة بالسُّجود لآدم، فتمرَّد إبليس على أمر الله، واتَّخذ قراره أنْ يمارس الغواية والإضلال لبني آدم.
•﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ (الأعراف/11)

هنا يطرح سؤالان:
السُّؤال الأوَّل: هل كان هذا السُّجود سجودَ عبادةٍ لأدم؟

السُّؤال الثَّاني: إنَّ إبليسَ لم يكن من الملائكة فكيف شمله خطاب السُّجود ﴿ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ﴾؟

السُّؤال الأول: هل كانَ هذا السُّجود سجودَ عبادة لآدم؟

نبدأ في الجواب عن السُّؤال الأول: هل كانَ هذا السُّجود سجودَ عبادة لآدم؟

الجواب: سجود العبادة لا يكون إلَّا للهِ وحده لأنَّ الله لا يرضى لخلقِهِ أنْ يعبدوا غيره.

إذًا ماذا يعني سجود الملائكة لآدم (عليه السَّلام)؟
هنا عدَّة أقوال:

القول الأوَّل: سجود تحيَّة وتكريم

إنَّ هذا السُّجود كان سجود تحيَّة وتكريم لآدمَ (عليه السَّلام)، وليس سجود عبادة، ولعلَّ هذا القول هو أشهر الأقوال وتدعمه بعض الأخبار.
•في الخبر عن الإمام الرِّضا (عليه السَّلام): «كان سجودهم [يعني الملائكة] للهِ تعالى عبوديَّة، ولآدمَ (عليه السَّلام) إكرامًا وطاعة». (مستدرك الوسائل ٤/٤٧٩، النوري)

ونظيره قوله تعالى في قصة يوسف (عليه السَّلام):
•﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا …﴾. (يوسف/100)
كان هذا السُّجود تحيَّة وتكريمًا ليوسف (عليه السَّلام).

في الخبر عن الإمام الهادي (عليه السَّلام):
«أمَّا سجود يعقوب [عليه السَّلام] وولده فإنَّه لم يكن ليوسف [عليه السَّلام]، وإنَّما كان ذلك منهم طاعة للهِ وتحيَّة ليوسف [عليه السَّلام]، كما أنَّ السُّجود من الملائكة لآدم [عليه السَّلام] كان منهم طاعة للهِ، وتحيَّة لآدمَ [عليه السَّلام]». (وسائل الشِّيعة ٦/ ٣٨٧، الحر العاملي، ح6)

وكما جاء في مجمع البيان نقلًا عن بعض المفسِّرين: “كانت تحيَّة النَّاس بعضهم لبعض يومئذ السُّجود، والانحناء، والتكفير، …، ولم يكونوا نهوا عن السُّجود لغير الله في شريعتهم، فأعطى الله تعالى هذه الأمَّة السَّلام، وهي تحيَّة أهل الجنَّة عجَّلها لهم”. (تفسير مجمع البيان5/457، الطبرسي)

قد يُطرح سؤال:
هل يجوز اعتماد أسلوب الرُّكوع أو السُّجود وسيلة للتحية واحترام الآخرين إذا كان ذلك لا بقصد العبادة؟

لا يجوز ذلك إطلاقًا لأنَّ الركوع والسُّجود أصبحا عنوانين خاصِّين لإظهار العبوديَّة المطلقة لله تعالى.

فلا ركوعَ ولا سجودَ لأيِّ بشرٍ مهما كان موقعه، وحتى لو كان نبيًّا أو وصيًّا أو حاكمًا، وحتَّى لو كان هذا الرُّكوع أو السُّجود لا يحمل عنوان العبادة.
فشعار الإنسان المسلم لا ركوع إلَّا لله، ولا سجود إلَّا لله.
•﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ …﴾. (الحج/77)

القول الثاني: السُّجود لله وآدم قِبلة

القول الثاني في تفسير معنى سجود الملائكة لآدم (عليه السَّلام): إنَّ السُّجود كان لله تعالى، وآدم (عليه السَّلام) كان قبلة.
•﴿اسْجُدُواْ لآدَمَ﴾
أي اجعلوا قبلتكم في سجودكم لله هي (آدم)
فالسُّجود ليس لآدم، وإنَّما هو لله تعالى، نعم القبلة في هذا السُّجود هي آدم (عليه السَّلام).

وناقش بعضهم هذا القول:
•فيستفاد من قوله تعالى ﴿اسْجُدُواْ لآدَمَ﴾ ومن قوله: ﴿… فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ﴾ (الحجر/29)، هو تعظيم وتفضيل آدم، وهذا ما دفع إبليس أنْ يتمرَّد، وإلَّا لو كان الأمر مجرَّد كون آدم قبلة، ما كان الأمر ليدفع الشَّيطان الرَّجيم أنْ يتمرَّد هذا التمرُّد الكبير.

ثمَّ إنَّ ظاهر الآيات لا تساعد على هذا الفهم، وإلَّا لو كان الأمر كذلك لاختلف التعبير، فالقرآن حينما أمر المسلمين أن يجعلوا الكعبة قبلتهم قال: ﴿… فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ …﴾. (البقرة/144)

القول الثَّالث: الانقيادٍ والخضوع

القول الثَّالث في تفسير معنى سجود الملائكةِ لآدم (عليه السَّلام)
إنَّ السُّجود في اللغةِ هو الانقياد والخضوع وهذا هو السُّجود لآدم (عليه السَّلام)
فقوله تعالى: ﴿اسْجُدُواْ لآدَمَ﴾ أي انقادوا له وأخضعوا، وليس معناه السُّجود المعروف وهو وضع الجبهة على الأرض.

وورد على هذا القول عدَّة إشكالات:
1-أنَّه خلاف التبادر، فالمتبادر من لفظ السُّجود هو السُّجود المتعارف بمعنى وضع الجبهة على الأرض.

2-هذا المعنى لا ينسجم مع قوله تعالى: ﴿… فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ﴾ (الحجر/29)، فهذا النَّص صريح كلّ الصَّراحة في كون السُّجود الَّذي أُمر به الملائكة هو السُّجود المتعارف.

3-وهو أيضًا مخالف لصريح الأحاديث ومنها:
قول الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «سجَدَت الملائكة لآدم عليه السَّلام ووضعوا جباههم على الأرض؟ قال [عليه السَّلام]: نعم تكرمة من الله تعالى». (بحار الأنوار ١١/١٤١، المجلسي، ح3)

السُّؤال الثاني: إنَّ إبليس لم يكن من الملائكة فكيف شمله خطاب السُّجود (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ)؟

التكليف هنا موجَّه إلى الملائكة، وإبليس ليس من الملائكة، فكيف شمله خطاب التكليف؟

نقرأ في كتب التفسير جدلًا حول هذه المسألة، وقد برز لدى المفسرين رأيان:

الرأي الأول: يذهب أنَّ إبليس كان من الملائكة، ولذلك شمله (خطاب السُّجود).

وأُشكِل على هذا الرأي بأنَّ القرآن يصرِّح بأنَّ إبليس من الجن، كما في قوله تعالى: ﴿… إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ …﴾. (الكهف/50)

وأجابوا بأنَّ هناك فصيلًا من الملائكة يسمُّون (الجنَّ) وهم غير الجن الذين خلقوا من نار ﴿وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ﴾ (الحجر/27)

الرأي الثاني: يذهب إلى أنَّ إبليس ليس من الملائكة وإنَّما كان الجنِّ حسب تصريح القرآن ﴿… إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ …﴾، ولم يتأوَّلوا لفظ (الجنِّ) وطرحوا عدَّة إشكالات على الرأي الأول منها:

الإشكال الأول: الملائكة لا يعصون الله، وهذا صريح النَّص القرآني ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ (التحريم/6)، فكيف يُدَّعى أنَّ إبليس من الملائكة وقد تمرَّد على أوامر الله.

الإشكال الثَّاني: الملائكة لا يتناسلون، وإبليس بحسب نصِّ القرآن له ذرِّية ﴿… أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ …﴾ (الكهف/50)، فلا يصح أنْ ينسب إبليس إلى الملائكة.
ويبقى السُّؤال مطروحًا: إذا لم يكن إبليس من الملائكة فكيف شمله خطاب السُّجود وهو خطاب موجَّه للملائكة ﴿ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ﴾؟.

قالوا: إنَّه كان من الجنِّ إلَّا أنَّه كان يعيش مع الملائكة ويتعبَّد معهم، وقد ورد عن عبادته الكثير.
•جاء في نهج البلاغة خطبة لأمير المؤمنين (عليه السَّلام) تسمَّى (القاصعة) جاء فيها: «فاعتبروا بما كان من فعل اللهِ بإبليس، اذ أَحبَطَ عملَه الطويل، وجهدَه الجهيد، وكان قد عَبَدَ اللهَ ستة آلاف سنة لا يُدرى أمِن سني الدُّنيا أم من سني الآخرة، عن كِبْر ساعة واحدة». (نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السَّلام)، تحقيق صالح، ص ٢٨٧)
إذًا إبليس كان يتعبَّد مع الملائكة وهو من الجنِّ فشمله خطاب السُّجود.

لماذا تمرَّد إبليس على أمر الله تعالى بالسُّجود لآدم (عليه السَّلام)؟
•﴿… فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. (البقرة/34)
•﴿… فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾. (الأعراف/11)
أخذه الغرور والكبرياء والعصبيَّة
•جاء في تفسير علي بن إبراهيم: “إنَّ الاستكبار أول معصية عُصِي الله بها، قال إبليس: يا ربِّ اعفني من السُّجود لآدم، وأنا أعبدك عبادةً لم يعبدكها ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ، فقال الله تعالى، لا حاجة لي إلى عبادتِك، إنَّما أريد أن أُعبد من حيث أريدُ لا من حيث تريد، فأبى أنْ يسجدَ فقال الله تعالى: ﴿… فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ (الحجر/34)”. (تفسير علي بن إبراهيم القمِّي 1/ 42)

•وفي الكلمة عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «إيَّاكم والكبر فإنَّ إبليس حمله الكبر على أنْ لا يسجد لآدم». (ميزان الحكمة 3/ 2650، الرَّيشهري، الكبر)

•وفي الكلمة لأمير المؤمنين (عليه السَّلام) في ذمِّ إبليس: «… فافتخر على آدم بخلقه وتعصَّب عليه لأصله فعدو الله [يعني إبليس] إمام المتعصِّبين وسلف المستكبرين، الَّذي وضع أساس العصبيَّة …». (نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السَّلام)، تحقيق صالح، ص ٢٨٦)

الحوار بين الله سبحانه وإبليس:
قال الله تعالى مخاطبًا إبليس: ﴿… مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ …﴾ (الأعراف/12)، الله سبحانه عالمٌ ومطَّلع بكلِّ الدَّوافع التي منعت إبليس من السُّجود، ولكنَّه تعالى أراد أنْ يكشف نوايا الشَّيطان، لكيلا يسقط الإنسان في هذا الجرم الكبير، هذا أولًا.

وثانيًا: أراد الله تعالى أنْ يعلِّمنا قيمة الحوار، فالله تعالى بكلّ قدسِه وجلالِه وعظمته يحاور إبليس الشَّيطان الرَّجيم رمز الشَّر في الأرض، كما يحاور الملائكة والأنبياء، فلا عقدة في أيِّ حوار ما دام الحوار جادًّا وهادفًا وواعيًا ونظيفًا.

إنَّ القرآن حافلٌ بأرقى نماذج الحوار في مجالات العقيدة والفكر والقيم والأخلاق والسُّلوك وفي كلِّ مجالات الحياة وشؤون الدّنيا والآخرة.

هكذا بدأ الحوار بين الله سبحانه وإبليس الرَّجيم:
•﴿… مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ …﴾ (الأعراف/12)
هنا أمرٌ بالسُّجود صادر من الله جلَّ جلالُهُ، السجود لآدم.
وهنا تمرُّدٌ صادرٌ من إبليس الرَّجيم.
وهنا سؤال مُوَجَّهٌ من الله سبحانه إلى إبليس.
لماذا تمرَّدتَ يا إبليس فلم تسجد لآدم كما سجد الملائكة طائعين لأمر الله تعالى.
فماذا كان جواب إبليس؟
كان جوابه:
•﴿… أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ (الأعراف/12)

فإبليس أوَّل مَنْ أسَّس للتَّمايز العنصري، فإبليس مخلوق من عنصر النَّار وآدم من عنصر التراب، وفي منظور إبليس (النَّار أفضل من التراب) فيكون (إبليس أفضل من آدم)، فكيف يسجدُ الفاضل إلى المفضول؟

لهذا يُعتبر إبليس أول من مارس القياس الباطل
-المقدمة الأولى من هذا القياس: إبليس خُلق من نار وآدم خُلق من تراب.
-المقدمة الثانية من هذا القياس: والنَّار أفضل من التُّراب.
-النتيجة: إبليس أفضل من آدم.
هذا قياس باطلٌ، لأنَّ المقدمة الثَّانية باطلة.
فليس صحيحًا أنَّ النَّار أفضل من التُّراب، فكما أنَّ للنَّار خصوصيَّاتِها، فإنَّ للتُّرابِ خصوصيَّاتِه.
ثمَّ إنَّ آدم ليس مكوَّنا ترابيًّا بحتًا فهناك (امتيازات آدم الرُّوحانيَّة والمعنويَّة)
فكيف تعامى عن ذلك إبليس؟!
والأمر الأساس أنَّه صدر أمر من الله سبحانه بالسُّجود لآدم.
فالمخالفة تمرُّدٌ على أمر الله، وعصيان في غاية القبح.
هكذا أسَّس إبليس لكلِّ ضلالات البشر في كلِّ زمان وفي كلِّ مكان.
ولكلِّ ألوان الفساد في الأرض.
ولكلِّ أشكال الضَّياع.
ولكلِّ العصبيَّات.
ولكلِّ تطرُّفٍ وعنفٍ وإرهاب.
ولكلِّ عبث ودمارٍ.

وهنا يُطرح هذا السُّؤال:
ما القرار الإلهي الذي اتُّخذ ضدَّ إبليس عقوبة له على تمرُّده؟
وكيف استقبل إبليس هذا القرار؟
هذا ما نتناوله في حديث قادم إنْ شاء الله تعالى.
وآخر دعوانا أنْ الحمد للهِ ربِّ العالمين.

Show More

Related Articles

Back to top button