حديث الجمعة 535: التَّقوى وأزمة التَّطبيق والممارسة والعمل!
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين.
التَّقوى وأزمة التَّطبيق والممارسة والعمل!
وبعد، فقد قال الله تعالى: ﴿… وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى …﴾. (سورة البقرة: الآية 197)
أنْ نتحدَّث عن التَّقوى – مجرَّد الحديث البارد – تلك مسألة لا تحمل صعوبةً.
أنْ نتعامل مع الكلمات – في قضيَّة التَّقوى – مسألة لا تكلِّفنا أكثر من (القدرة الكلاميَّة)!
ليس صعبًا أنْ نؤكِّد من خلال الكلمات إيمانَنا بالتَّقوى، وحبَّنا للتَّقوى.
البعدُ الأصعب في التَّقوى هو: (أنْ نطبِّق التَّقوى)، (أنْ نمارس التَّقوى).
أنْ نحرِّك كلَّ واقعنا من خلال التَّقوى.
أنْ نؤمنَ بالصِّدق، أنْ نحبَّ الصِّدق مسألةٌ سهلةَ، ولكن أنْ نكون الصَّادقين دائمًا، فتلك مسألة صعبة جدًّا.
أنْ نؤمن بالأمانة، أنْ نحبَّ الأمانة مسألةٌ سهلةٌ، ولكن أنْ نكون الأمناء دائمًا، فتلك مسألةٌ صعبة جدًّا.
أنْ نؤمنَ بالعدل، أنْ نحبَّ العدل، مسألة سهلةٌ، ولكن أنْ نمارس العدل في كلِّ مواقعنا، فتلك مسألةٌ صعبة جدًّا.
أنْ نؤمنَ بالصَّلاح، أنْ نحبَّ الصَّلاح مسألة سهلةٌ، ولكن أنْ نمارس الصَّلاح في كلِّ مواقعنا، فتلك مسألةٌ صعبةٌ جدًّا.
أنْ نؤمنَ بطاعةِ الله تعالى، أنْ نحبَّ طاعة الله تعالى مسألة سهلةٌ، ولكن أنْ نكون من الطَّائعين للهِ دائمًا، فتلك مسألة صعبة جدًّا.
القضيَّة التي تواجهُنا في موضوع التَّقوى هي (أزمة التَّطبيق)، أزمة الممارسة، أزمة العمل.
أ-جاء في إحدى مواعظ أمير المؤمنين (عليه السَّلام) قوله: «لا تكنْ ممَّن يرجو الآخرةَ بغير العملِ، ويُرجِّي – يؤخِّر – التَّوبةَ بطولِ الأملِ، يقولُ في الدُّنيا بقولِ الزَّاهدين، ويعملُ فيها بعملِ الرَّاغبين، …». ( نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السَّلام)، الصَّفحة 38، تحقيق: الشَّيخ محمَّد عبده).
إلى أنْ قال (عليه السّلام): «يَنْهَي ولا ينتهِي، ويأمر بما لا يأتي، يُحبُّ الصَّالحين ولا يعملُ عملَهُمْ، ويبغضُ المُذنبينَ وهُوَ أحدُهُمْ، يكرَهُ الموتَ لكثرةِ ذنوبِهِ، ويقيم على ما يكرَهُ الموت له – يعني الذُّنوب -، …». ( نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السَّلام)، الصَّفحة 38، تحقيق: الشَّيخ محمَّد عبده).
أيُّها الأحبَّة، إذا كانت القضيَّة الَّتي تواجهُنا في موضوع (التَّقوى) هي (أزمة التَّطبيق)، يعني: أزمة العمل والممارسة، فما الأسباب الَّتي خلقت هذه الأزمة؟
هنا مجموعة أسباب، أذكر منها ثلاثة أسباب:
السَّببُ الأوَّل: الفهمُ الخاطئ للتَّقوى
هذا الفهم الخاطئ للتَّقوى يُحدِثُ إرباكًا في التَّطبيق، والممارسة.
ومن أمثلة هذا الفهم الخاطِئ للتَّقوى:
1-عدم وضوح الرُّؤية الفقهيَّة
كثيرون يمارسون (المخالفات الشَّرعيَّة) لغياب الرُّؤية الفقهيَّة عندهم.
ولهذا أكَّدت الرِّوايات على ضرورة التَّفقُّه في الدِّين:
أ-قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «إذا أراد اللهُ بعبدٍ خيرًا فقهَّهُ في الدِّين، وألهمَهُ رُشْدَه». (ميزان الحكمة 1/841، محمَّد الريشهري).
ب- وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «ما عُبِدَ اللهُ تعالى بشيئ أفضل من الفقهِ في الدِّين». (ميزان الحكمة 3/2454، محمَّد الريشهري).
ج-وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «أُفٍّ لكلِّ مسلمٍ لا يجعل في كلِّ جمعة – يعني في كلِّ أسبوع – يومًا يتفقَّهُ فيه أمر دينهِ، ويسأل عن دينه». (ميزان الحكمة 3/2454، محمَّد الريشهري).
د-وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «لا خير في عبادةٍ ليس فيها تفقُّهٌ، ولا خير في عمل ليس فيه تفكُّرٌ، ولا خير في قراءةٍ ليس فيها تدبُّر». (ميزان الحكمة 3/2459، محمَّد الريشهري).
ه-وقال (عليه السَّلام): «قصم ظهري اثنان: عالم متهتِّك، وجاهل متنسِّك، …». (ميزان الحكمة 3/2095، محمَّد الريشهري).
وقد أكَّدت النُّصوص الدِّينية على أهمية (السُّؤال)؛ من أجلِ التَّوفر على ثقافة الدِّين:
أ-قوله تعالى في: (سورة النَّحل: الآية 43): ﴿… فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
ب- وقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «العلم خزائن ومفاتيحُهُ السُّؤال، فاسألوا رحمكم الله، فإنَّه توجر أربعة: السَّائل، والمتكلِّم، والمستمع، والمحبُّ لهم». (ميزان الحكمة 2/1216، محمَّد الريشهري).
ج-وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «سلْ عمَّا لا بدَّ لك من علمِهِ، ولا تُعْذَر في جهلِهِ». (ميزان الحكمة 2/1216، محمَّد الريشهري).
نخلص إلى القول: إنَّ غياب (الرُّؤية الشَّرعيَّة)، وغياب (الفهم الدِّينيُّ) من الأسباب التي توقع الإنسان في (المنزلَقَات)، وفي (المخالفات) ممَّا يؤسِّس لأزمات التَّقوى.
2-الرُّؤية التَّجزيئيَّة للتَّقوى
كثيرون يفهمون التَّقوى فهمًا تجزيئيًّا.
وماذا أعني بالفهم التَّجزيئيِّ للتَّقوى؟
أنْ أصلِّي، أنْ أصوم، أنْ أحجَّ، أنْ أزور، أنْ اقرأ القرآن الكريم، فأنا متقٍّ؟!
وإنْ تعاملت بالحرام في تجارتي؟!
وإنْ مارست الظُّلم مع زوجتي؟!
وإنْ آذيتُ جاري؟!
وإنْ كانت أخلاقي مع النَّاس سيِّئة؟!
وإنْ كان سلوكي الاجتماعيُّ فاسدًا؟!
وإنْ كانت ممارساتي في كلِّ مساحات الحياة غير ملتزمة؟!
المهم ألَّا أترك الصَّلاة.
ألَّا أترك الصِّيام.
ألَّا أترك الحجَّ.
ألَّا أترك الزِّيارة.
ألَّا أترك التِّلاوة.
ألَّا أترك مجالس الإمام الحسين (عليه السَّلام).
مهمٌّ جدًّا ألَّا أترك كلَّ هذا.
بشرط أنْ تؤدِّي هذه الممارسات العباديَّة وظائفها في صناعة التَّقوى.
فلا قيمة لصلاة لا تصنع التَّقوى.
أ-قال تعالى: ﴿… إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ …﴾. (سورة العنكبوت: الآية 45).
ب- وقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «مَنْ لم تنهه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلَّا بعدًا». (ميزان الحكمة 2/1628، محمَّد الريشهري).
ج-وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «لا صلاة لمَن لم يُطع الصَّلاة، وطاعة الصَّلاة أنْ تنهى عن الفحشاء والمنكر». (ميزان الحكمة 2/1628، محمَّد الريشهري).
ولا قيمة لصيام لا يصنع التَّقوى!
أ-قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. (سورة البقرة: الآية 183).
ب- في الحديث: «رُبَّ صائم حظُّهُ من صيامِهِ الجوع والعطش، وربَّ قائم حظُّهُ من قيامِهِ السَّهر». (ميزان الحكمة 2/1686، محمَّد الريشهري).
وهكذا بقيَّة الممارسات العباديَّة.
فما فهم العبادة مَنْ فرَّغها من التَّقوى!
وما فهم التَّقوى مَنْ فصلها عن العبادة!
السَّببُ الثاني: – من الأسباب التي خلقت أزمة التَّقوى، وأعني أزمة تطبيق التَّقوى، وهذا السَّبب هو: – ضعف الخشية من الله تعالى!
كلَّما ارتقى مستوى (الخشية من الله تعالى) في داخل الإنسان كانَ ذلك عاملًا مهمًّا في الارتقاء بمستوى (التَّقوى).
وكلَّما انخفض مستوى (الخشية من الله تعالى) في داخلِ الإنسان كان ذلك عاملًا مهمًّا في الانخفاض بمستوى التَّقوى.
1-قال تعالى في: (سورة النَّازعات: الآية 40 – 41): ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾.
2-وقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «أعلى النَّاسِ منزلةً عند اللهِ أخوفهم منه». (ميزان الحكمة 1/824، محمَّد الريشهري).
3-وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «إنَّ الله إذا جمع النَّاس نادى فيهم مناد: أيُّها النَّاسُ، إنَّ أقربكم اليوم من الله أشدُّكم منه خوفًا». (ميزان الحكمة 1/824، محمَّد الريشهري).
ورغم القيمة الكبيرة للخوف من الله تعالى، فإنَّه مطلوبٌ أنْ يتوازى في داخل الإنسان المؤمن (الخوف والرجاء).
•قال تعالى في: (سورة الزمر: الآية 9): ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ …﴾.
•في الكلمة عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «لو تعلمونَ قدرَ رحمةِ اللهِ لاتَّكلتم عليها وما عملتم إلَّا قليلًا، ولو تعلمون قَدَرَ غضب اللهِ لظننتم بأنْ لا تنجوا». (ميزان الحكمة 1/826، محمَّد الريشهري).
•من وصايا لقمان لابنه: «خَفِ اللهَ (عزَّ وجلَّ) خيفةً لو جئته ببر الثَّقلين لعذَّبكَ، وارجُ اللهَ رجاءً لو جئتَهُ بذنوب الثَّقلين لرحمك». (ميزان الحكمة 1/826، محمَّد الريشهري).
•في الكلمة عن الإمام الباقر (عليه السَّلام): «إنَّه ليس مِن عَبْدٍ إلَّا وفي قلبِهِ نوران: نور خيفة، ونور رجاء، لو وُزِنَ هذا لم يزد على هذا، ولو وُزِن هذا لم يزد على هذا». (الوافي 4/287، الفيض الكاشاني).
فمن أهم الأسباب التي تؤصِّل (التَّقوى) في حركة الإنسان، أنْ يتجذَّر (الخوف، والرَّجاء) في داخله، وكلَّما انخفض هذا التَّجذُّر ارتبك مسار التَّقوى في حياة الإنسان، وسقط في منزلقات الشَّيطان.
السَّبب الثَّالث: – من أسباب تأزُّم التَّطبيق للتَّقوى – غيابُ المَثَلِ، والقُدْوة
إنَّ وجودَ (المَثَل، والقُدْوةِ) يُسَاهم بدرجةٍ كبيرةٍ في تفعيلِ التَّقوى في حياة النَّاسِ، وذلك لعدَّةِ اعتبارات:
1-التَّعبير العمليُّ عن مصداقيَّة التَّقوى
حينما يرى النَّاسُ نماذجَ عمليَّةً مجسِّدةً للتَّقوى، فإنَّ هذا يُرسِّخ في وعيهم (القناعة) بإمكانيَّة تطبيق التَّقوى، وأنَّها ليست مجرَّد (مفاهيم مثاليَّة) غير قابلةٍ للتَّجسيد.
وهكذا يُعطي وجودُ (الأشخاص المتَّقين) مصداقيَّة عمليَّة للتَّقوى، وأنَّها ليست عنوانًا طُوبائيًّا يعيش في الأذهان، والتَّصوُّرات الدِّينيَّة.
2-الإحساسُ العمليُّ بقيمة التَّقوى
إنَّ وجودَ (المِثال، والقدوة الصَّالحة) يخلق إحساسًا عمليًّا لدى النَّاسِ بقيمة، وأهمية، وضرورة التَّقوى.
إنَّ الآثار العمليَّة للتَّقوى لا تكتشف إلَّا من خلال وجود تطبيقاتٍ فعليَّةٍ لمبدأ التَّقوى، وكلَّما اتَّسعت مساحات التَّطبيق تعمَّق الإحساس بالقِيمة العمليَّة للتَّقوى في حياة النَّاس.
3-الدَّعوة العمليَّة للتَّقوى
الفارق كبير جدًّا بين أنْ ندعو للتَّقوى بالكلام المجرَّد، وأنْ ندعو للتَّقوى من خلال الممارسة والسُّلوك.
لا شكَّ أنَّ النَّمط الثَّاني من الدَّعوة هو الأكثر تأثيرًا، والأكثر فاعليَّة.
نفهم من خلال (السَّبب الثَّالث) أنَّ (غياب المَثَل، والقدوة) له تأثيرات سلبيَّة كبيرة من أهمِّها:
أوَّلًا: أنْ تبقى (التَّقوى) مجرَّد عنوان نظريٍّ.
ثانيًا: أنْ يغيب الإحساس بقيمة التَّقوى.
ثالثًا: أنْ تفقد التَّقوى دورها العمليَّ في التَّوجيه، والإرشاد.
وعلى ضوء ذلك ينحسر البعد التَّطبيقيُّ للتَّقوى في حياة النَّاس.
وإذا كان غياب (القُدوَةِ الحَسنة) يُشكِّل خطرًا على سلوك النَّاسِ، فإنَّ الأخطر من ذلك وجود (النَّموذج السَّيِّئ)، وخاصَّة إذا كان هذا النَّموذج السَّيئ يفترض أنْ يكون (مَثَلًا حَسَنًا)، (وقدوة حسنة).
وكلَّما كان الموقع لهذا النَّموذج أكبر كانت النَّتائج أكثر خطرًا!
فالعلماء، والخطباء، والمبلِّغون، والمربُّون كم يشكِّلون خطرًا على سلوك النَّاس حينما يتحوَّلون (نماذج سيِّئة)، ونماذج منحرفة.
أ-قال الله تعالى في: (سورة الصَّف: الآية 2 – 3): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.
ب- وقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «ألا إنَّ شرَّ الشَّرِّ شِرارُ العلماء، وأنَّ خير الخير خيار العلماء». (ميزان الحكمة 3/2100، محمَّد الريشهري).
ج-وسئل (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) عن شَرِّ النَّاس، فقال: «العلماءُ إذا فَسَدُوا». (ميزان الحكمة 3/2100، محمَّد الريشهري).
د-وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «زلَّة العالم كانكسار السَّفينة تَغْرَقُ، وتُغْرِق». (ميزان الحكمة 3/2099، محمَّد الريشهري).
هكذا خطر (المواقع الكبيرة) إذا فَسَدتْ!، ولهذا تكون عقوبتها عند الله تعالى أشدَّ:
أ-قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «مَنْ تعلَّم العلم ولم يعمل بما فيه حشره الله يوم القيامةِ أعمى». (ميزان الحكمة 3/2097، محمَّد الريشهري).
ب- وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): «يطَّلع قومٌ من أهل الجنَّة على قومٍ من أهلِ النَّار فيقولون: ما أدخلكم النَّار وقد دخلنا الجنَّة لفضلِ تأديبكم، وتعليمكم؟!
فيقولون: إنَّا كنَّا نأمر بالخير، ولا نفعله»! (ميزان الحكمة 3/2097، محمَّد الريشهري).
ولعلَّ هذا النَّمط من الوعَّاظ، والعلماء هم الذين عناهم نبيُّ الله عيسى بن مريم (عليهما السَّلام) حينما قال: «سيكون في آخر الزَّمانِ علماءُ يُزهِّدُون في الدُّنيا ولا يَزْهَدُون، ويُرغِّبونَ في الآخرةِ ولا يَرْغبون، يُقرِّبُون الأغنياءَ، ويُبعِدُون الفقراء، أولئك إخوان الشّيطان، وأعداءُ الرَّحمن».
نسأله تعالى أنْ يُجنّبنا المزالق والأهواء، وأنْ لا يجعلنا من الذين يأمرون ولا يَأْتَمِرون، ويَنْهَون ولا يَنْتَهُون، فهو تعالى الهادي إلى سبيل الرَّشاد، والعاصم من الزَّيغ والضَّلال.
وآخر دعوانا أنْ الحمد الله ربِّ العالمين.