حديث الجمعة 498: هذا هو خَيار الوطن! – أمنيات وأحلام متفائِلَة – الثَّبات أمام التَّحدِّيات من معتقدنا الإيمانيِّ -الحاجة لعلاج أزمات الوطن
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين محمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين، وبعد، فمع هذا العنوان:
هذا هو خَيار الوطن!
نقولها وبكلِّ صدقٍ: إنَّنا جميعًا نريد أنْ تُعالج (أزمات الوطن).
إنَّها ضرورة عاجلةٌ؛ لكيلا تتحوَّل (الأزمات) إلى (مآزق)، فتتعقَّد (العِلاجات)، وربَّما استعصت، ويكون الخاسر كلُّ الخاسر هو الوطن نظامًا، وشعبًا!
ولا نظنُّ أنَّ أحدًا يحمل حُبَّا وَوَفاءً لهذا الوطن يريد أنْ تبقى أزماتُه، ويريد أنْ تسوءَ أوضاعُهُ، ويريد أنْ تتعقَّد علاجاته.
ربَّما تتخالف الرُّؤى في فهم الأزمات، وفي قراءة الأوضاع، وفي تشخيص العِلاجات إلَّا أنَّ الجميع يريد للوطن أنْ يتعافى من أزماته، وأنْ تتحسَّن أوضاعه، وأنْ تتحقَّق أهدافه.
جميعًا نريده:
وطنَ خيرٍ، ورفاهٍ.
ووطنَ عزٍّ، وكرامةٍ.
ووطنَ أمنٍ، وسلام.
ووطنَ عَدْلٍ، وحرِّيَّة.
ووطنَ وحدةٍ، وتآلف.
ووطنَ محبَّةٍ، وتسامح.
ووطنَ رِفْقٍ، ورحمةٍ.
ووطنَ حياةٍ كريمة.
ووطنَ شراكةٍ صادقة.
نعم، جميعًا نريده وطنًا:
بلا أزمات سياسيَّة.
ولا أزمات أمنيَّة.
ولا أزمات حقوقيَّة.
ولا أزمات اقتصاديَّة.
ولا أزمات اجتماعيَّة.
هذا هو (خَيَار الوطن)!
خَيارُ التَّصالح، لا خَيار التَّخاصم.
خَيارُ الرِّفق، لا خيار العنف.
خَيارُ التَّسامح، لا خيار الكراهية.
خَيارُ الاعتدالِ، لا خَيار التَّطرُّف.
خَيار السَّلام، لا خَيار الإرهاب.
خَيار الحرِّيَّة، لا خَيار السُّجون.
خَيار الحياة، لا خَيَار الموت.
خَيار التَّعافي، لا خَيار الأزمات.
نتحمَّل جميعًا (مسؤوليَّة الإصلاح)!
وتبقى مسؤوليَّة النِّظام هي الأساس.
وتبقى إمكانات النِّظام هي الأكثر.
وتبقى قُدُرات النِّظام هي الأكبر.
فإذا خَطَى النِّظام خطوةً، فلن يتردَّد الشَّعب أنْ يخطو خطواتٍ.
فما توافرت النِّيَّة الجادَّة للإصلاح، وما توافرت الإرادات، وما تهيَّأت المناخات، وما بدأت الحوارات، وما توافقت القناعات، وما تحرَّكت المصارَحَات، فلن تكون العِلاجاتُ عسيرةً.
لا نشكَّ أنَّ هناك (تعقيدات) وهناك (معوِّقات)، وهناك (مثبِّطات)، وهناك (إشكالات)، وهناك (تراكمات)… .
ولكن لا نظنُّ إذا جاءت العِلاجات قادرةً أنْ تعالجَ الأزماتِ، وأنْ تنهي التَّوتُّراتِ، وأنْ تصحِّح المساراتِ، فلنْ يتردَّد مَنْ يبحث عن حلول مُرْضِيةٍ، وصالحةٍ، وناجحةٍ.
أمَّا إذا كانت (الحلول)، و(العِلاجات) غيرَ قادرة على تصحيح الأوضاع، وإنهاء الأزمات، ومقاربة الإشكالات الحقيقيَّة، فمن الطَّبيعيِّ جدًّا أنْ تتعثَّر هذه المعالجاتِ، وأنْ ترتَبِكَ هذه الحلول!
ومن الطَّبيعيِّ جدًّا أنْ تكون هناك تعقيدات.
وأنا أعتقد أنَّ (المصارحات) الصَّادقة، و(المكاشفات) النَّظيفة تؤسِّس لمسارات جادَّة، وباحثة عن حلول صائبة، وعلاجات ناجحة.
أمَّا إذا غابت هذه المصارحاتُ، والمكاشفاتُ، فسوف يبدأ (البحث عن حلول) في مسارات محكومة للمجاملات، والتَّرْضِيات، ومناغمة المشاعر والعواطف، وهذا طريق لا ينتج حلولًا جادَّةً، وعلاجات صادقة.
أمَّا حينما تتصارح الأطرافُ، وتتكاشف بلغة مملوءة بالحبِّ، والصِّدق، والتَّقدير، والرَّغبة الجادَّة في البحث عن مخارج وحلولٍ تصحِّح الأوضاعَ، وتنهي الأزمات، فأنا أعتقد أنَّ هذا يؤسِّس لمنطلقات سليمة في اتِّجاه الحلول السَّليمة.
ولن تبقى الطَّريق معقَّدة بين خَيارات النِّظام، ومطالب الشَّعب ما دامت هي مطالب حقَّة، وعادلة، وتقرُّها كلُّ الدَّساتير، والقوانين.
حينما تتوافق سياسات النِّظام مع مطالب الشَّعب العادلة، فلن يكون منتصرٌ ومهزومٌ، المنتصرُ هو الوطن، وحينما ينتصر الوطنُ انتصر النِّظامُ، وانتصر الشَّعبُ.
وأمَّا حينما ينهزم الوطنُ، فهي هزيمة للحكم بكلِّ مكوِّناته، وهي هزيمة للشَّعب بكلِّ قِواه، وجماهيرِهِ.
لسنا أمام معركة غالب ومغلوب، ومنتصر ومهزوم.
مطلبُنا جميعًا أنْ تنتصر العدالة.
أنْ ينتصر الحقُّ.
أنْ ينتصر الأمن.
أنْ ينتصر التَّسامح.
أنْ تنتصر المحبَّة.
أنْ ينتصر الرِّفق.
أنْ تنتصر المساواة.
أنْ تنتصر الحرِّيَّة الرَّاشدة.
أنْ تنتصر الشَّراكة المنصِفة.
أنْ ينتصر الانفتاح الجادُّ.
أنْ ينتصر كلُّ الخير في هذا الوطن.
أمنيات وأحلام متفائِلَة
ربَّما يقال: هذه أمنيات وأحلام بينها وبين الواقع مسافات طويلة وطويلة جدًّا!
والمساحات بين الواقع والطُّموحات مسافات شاسعة ومعقَّدة، وهي أكبر من الكلمات، وأكبر من الأمنيات!
صحيح هناك أملٌ، وهناك يأس، وهناك تفاؤل، وهناك تشاؤم.
والمسافات كذلك بين الأمل واليأس، وبين التَّفاؤل والتَّشاؤم هي مسافات طويلة ومعقَّدةِ.
هذا كلام صحيح كلُّ الصِّحَّة، وواقعيٌّ كلُّ الواقعيَّة إلَّا أنَّ العزائم الكبيرة والنَّوايا الصَّادقة ربَّما استطاعت أنْ تُقصِّر هذه المسافات، وتكسح كلَّ المعوِّقات، وأنْ تحوِّل اليأس أملًا، وتحوِّل التَّشاؤم تفاؤلًا.
وأنا قلتُ: ربَّما استطاعت، فاحتمال العكسِ واردٌ!
ويبقى التَّوكُّل على الله تعالى هو الملاذُ.
الثَّبات أمام التَّحدِّيات من معتقدنا الإيمانيِّ
إنَّ معتقدنا الإيمانيَّ علَّمنا ألَّا نسقط أمام التَّحدِّيات، وألَّا يموت الأملُ في داخلنا مهما كان حجم التَّحدِّيات، وحجم المعوِّقات، وحجم الإشكالات.
في الكلمة عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام): “أعظم البلاء انقطاع الرَّجاء” (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة117، علي بن محمَّد الليثي الواسطي).
وفي كلمة ثانية: “لا تيأسوا من مُدبرٍ، فإنَّ المُدبرَ عسى أنْ تزل به إحدى قائمتيه، وتثبت الأخرى، فترجعَا حتَّى تثبتا جميعًا” ( نهج البلاغة، الصَّفحة146، خطب الإمام عليٍّ عليه السَّلام، تحقيق: صبحي الصَّالح).
وفي كلمة ثالثة: “لا تيأسنَّ لشرِّ هذه الأمَّةِ مَنْ رَوْحِ اللهِ لقوله تعالى: ﴿… إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ (سورة يوسف: الآية87)” (نهج البلاغة4/90، خطب الإمام عليٍّ عليه السَّلام، شرح: الشَّيخ محمَّد عبده).
وإذا كانت النُّصوص تحذِّر من اليأسِ الَّذي يقتلُ الهِممَ والعزائمَ، فإنَّها لا تدعو إلى (أمل) مُفْرط يُخدِّر الإرادات، ويُضعِّف المواقف!، وإنَّما تدعو إلى (أملٍ) ينطلق من وعي بصير، قادر على قراءة الواقع بكلِّ موضوعيَّة، وبكلِّ تأنٍّ، فإنَّ أيَّ خطأ في فهم الواقع، وفي فهم معطياته يقود إلى (معطيات خطأٍ) ممَّا يجعل التَّأسيس عليها أمرًا خطأً وملتبسًا؛ لذلك حينما نقرأ النُّصوص التي تتحدَّث عن (الأمل)، فيمكن أنْ نصنِّفها إلى طائفتين:
طائفتان من الرِّوايات حول الأمل
أوَّلًا: طائفة تحثُّ على (الأمل)
ثانيًا: طائفة تحذِّر من (الأمل)
فالطَّائفة الأولى: الحاثَّة على الأمل
تعني (الأمل) المؤسَّس على حسابات واقعيَّة، وعلى رؤية بصيرة، وعلى فهم متأنٍ، وعلى قراءة رشيدة.
1- في الكلمة عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم): “الأملُ رحمةٌ لأمَّتي، ولولا الأملُ ما رضعت والدةٌ ولدَها، ولا غرس غارسٌ شجرًا” (بحار الأنوار74/173، العلَّامة المجلسي).
2- وفي كلمة لأمير المؤمنين (عليه السَّلام): “الأملُ رفيق مؤنِسٌ” (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة29، علي بن محمَّد الليثي الواسطي).
3- وفي دعاء للإمام زين العابدين (عليه السَّلام): “اللَّهُمَّ، ربَّ العالمين، …، أسألك، …، مِن الآمالِ أوفَقها” ( ميزان الحكمة1/102، محمَّد الريشهري،).
أمَّا الطَّائفة الثَّانية – من النَّصوص -: المُحذِّرة من الأمل!
فهي تُحذِّر من (الأمل) المؤسَّس على الباطل، وعلى الأوهام، وعلى القناعات السَّاذجة، والرُّؤى المرتَجَلة.
أوَّلًا: من القرآن الكريم
يقول تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (سورة الحجر: الآية3).
هنا أملٌ باطل محكومٌ للهوى، والشَّهوات، ومُتَع الدُّنيا، ومغرياتها، ولذَّاتها!
ليس محرَّمًا أنْ يأكل ويتمتَّع الإنسانُ، ولكن ألَّا يكون هذا هو هدفه الأكبر في الحياة، وينسى الأهداف التي خُلِق من أجلها، وينسى الغايات السَّامية التي من أجلها وُجِد على هذه الأرض، وهي عبادة الله سبحانه وتعالى، وعمارة الحياة، ونشر الخير، والعدل، والأمن.
ثانيًا: من الحديث الشَّريف
1- في الكلمة عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام): “اتَّقوا باطلَ الأملِ، فربَّ مستقبل يومٍ ليس بمستدبره، ومغبوطٍ في أوَّلِ ليلِهِ قامتْ بواكيهُ في آخره” (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة91، علي بن محمَّد الليثي الواسطي).
2- وفي كلمةٍ أخرى له (عليه السَّلام): “اتَّقوا خداعَ الآمالِ، فكم مِن مُؤمِّلٍ يومٍ لم يدركه، وباني بناءٍ لم يسكنه، وجامِع مالٍ لم يأكُلُهُ، …” (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة91، علي بن محمَّد الليثي الواسطي).
3- وفي كلمة ثالثة، قال (عليه السَّلام): “الأملُ خادعٌ غارٌّ ضارٌّ” (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة45، علي بن محمَّد الليثي الواسطي).
4- وفي كلمة رابعةٍ له قال (عليه السَّلام): “الأماني تعمِي عيونَ البصائرِ” (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة28، علي بن محمَّد الليثي الواسطي).
5- وفي كلمة للإمام الصَّادق (عليه السَّلام): “…، طوبى لِمَن لم تُلْهِهِ الأماني الكاذبة” (بحار الأنوار75/279، العلَّامة المجلسي).
6- وفي الحديث: “ما أطال عبدٌ الأملَ إلَّا أساء العمل، …” (الكافي3/259، الشَّيخ الكليني).
والكلمات بهذه المضامين كثيرة!
وليس هناك تنافٍ بين الطَّائفتين.
فالطَّائفة الأولى تؤسِّس للآمال التي تُنشِّط الهِمَم، وتحرِّك العزائم، وتقوِّي الإرادات، وتؤسِّس للآمال الواقعيَّة المرتكزة على معطياتٍ واقعيَّة، والمحكومة لدراساتٍ واعيةٍ، ورؤى بصيرة، وتجارب صادقة، وقناعاتٍ واثقة.
وأمَّا الطَّائفة الثَّانية، فهي تُحذِّر من الآمال الكاذبة، والخادعة، والباطلة، والسَّاذجة، والمُضلِّلَة، والمأسورة للأهواء، والمَزَاجات، والانفعالات، والمساومات، والمجاملات، والمداهنات.
الحاجة لعلاج أزمات الوطن
نعود إلى القول: بأنَّ أزماتِ الوطنِ في حاجةٍ إلى علاجاتٍ جادَّة، وصادقة، وعاجلة، والحديث عن هذه (العِلاجات) يضعنا أمام مسارين:
المسار الأوَّل: مسار الأمل، والتَّفاؤل.
المسار الثَّاني: مسار اليأس، والتَّشاؤم.
وهذا أمر طبيعي جدًّا لاختلاف الرُّؤى والقناعات، واختلاف المراجعات والحسابات، واختلاف الأهداف والخَيَارات، واختلاف المعطيات والمنتجات.
ورغم هذا الاختلاف والتَّباين، فإنَّ (المعالجات الجادَّة، والصَّادقة، والنَّاجحة) سوف تغيِّر الكثير من القناعات، والمواقف.
وإنتاج المعالجات الجادَّة، والصَّادقة، والنَّاجحة يفرض:
أوَّلًا: القراءة الموضوعيَّة لأسباب الأزمات
وجود قراءة موضوعيَّة قادرة على مقاربة (الأسباب) التي أنتجت الأزمات، وبدون هذه المقاربة سوف يبقى أيُّ تأسيس للمعالجات فاقدًا موضوعيَّته، ومبنيًّا على أرضيَّة هشَّةٍ، ومآله الانهيار، والتَّداعي.
إنَّ مقاربة الأسباب في حاجة إلى مصارحةٍ، ومكاشفة، ووضع مصلحة الوطن أساسًا في أيَّة قراءه للواقع السِّياسيِّ، والأمنيِّ، والحقوقيِّ، والاقتصاديِّ، والاجتماعيِّ.
ويجب أنْ يحكم المصارحاتِ، والمكاشفاتِ مستوياتٌ عالية من المحبَّة، والأريحيَّة، والاحترام، والثِّقة، ونظافة الكلمة، ونقاوة الأسلوب، وهدوء اللُّغة، وإلغاء الحساسيَّات، والانفعالات، والتَّوتُّرات.
ثانيًا: أولويَّة مقاربة الملفَّات العاجلة
في سياق (مَرْحلَةِ) المعالجات، تأتي مقاربة (الملفَّات العاجلة) على قائمة (الأولويَّات) والتي تخلق (أجواءً، ومناخاتٍ صالحةً) تؤكِّد (جدِّيَّة) التَّعاطي مع كلِّ الأوضاع، وجدِّيَّة الرَّغبة في محاسبة الأزمات، وجدِّيَّة البحث عن علاجات، وهذا ما يشكِّل (هدفًا صادقًا) لكلِّ الأوفياء لهذا الوطن، ولكلِّ الغيارى على مصالحه، وعلى أمنه واستقراره، وعلى وحدة طوائفِهِ ومذاهبه، وجميع مكوِّناته.
لا أظنُّ أنْ يخالِف في ضرورة هذا نظامٌ، أو شعبٌ!
ثالثًا: ممارسة الدَّفع بالعِلاجات
العِلاجات متى تمَّ التَّوافق عليها، فيجب على جميع الأطراف أنْ تمارسَ دورها في إعطاء هذه العِلاجات قدرتها على الحركة، والانطلاق، وألَّا تبقى مجرَّد (رَغَبات)، و(أمنيات) محبوسة في النُّفوس، ومدفونة في القلوب.
أنا لا أشكُّ أنَّ النَّظام بيده (مفاتيح العِلاجات)، وبيده كلُّ القدرة على تفعيلها، وتحريكها، إلَّا أنَّ الشَّارع بكلِّ قِواه يملك دورًا كبيرًا في التَّفعيل، والتَّنشيط، والتَّحريك، فيجب أنْ يُمارس هذا الدَّور ما دامت العِلاجات جادَّةً، وصادقةً، وقادرةً على إنهاء الأزمات.
إنَّ إنتاج (المعوِّقات) صدرت من هذا الطَّرف، أو ذاك من أخطر الأسباب لفشل كلِّ (المبادرات)!
وأنا لا أتكلَّم عن مبادراتٍ تختزن في داخلها أسبابَ فشلِها، وعوامل موتِها، الحديث – هنا – عن (مبادرات، وعلاجات) تختزن أسبابَ النَّجاح، وعواملَ القدرةِ على إنهاءِ الأزمات.
فمطلوبٌ من كلِّ الأطراف التي تؤمن بضرورةِ البحث عن (مخرجات) من أزمةٍ أرهقت هذا الوطن، وكلَّفته أثمانًا باهظةً.
مطلوب من كلِّ هذه الأطراف أنْ تبحث عن (العِلاجات الجادَّة)، وأنْ تمارس أدوارَها الفاعلة في تحريك هذه العِلاجات، وفي تهيئة كلِّ المناخات؛ لانطلاقتها، وبقائها.
رابعًا: المراجعة والمحاسبة ضرورة؛ لتقويم المسارات
إنَّ مبدأ (المراجعة، والمحاسبة) يُشكِّل ضرورة؛ لتقويم (المسارات السِّياسيَّة)، وبقيَّة المسارات.
فحينما يتمُّ التَّوافق على العلاجات، وعلى (الخطوات)، وعلى (الأدوات)، فهذا لا يعني أنَّه قد انتهى (دور المراجعة، والمحاسبة)، فقد تنكشف في (مساراتِ الحركة، والتَّطبيق) بعض أخطاء في حاجةٍ إلى تصحيح، وفي حاجة إلى تقويم، وهذا ما يفرض (المراجعة المستمرَّة)، و(المحاسبة المتحرِّكة)، هذا ما يعطي (المسارات السِّياسيَّة)، وبقيَّة المسارات القدرة على الاستقامة، والانضباط، والقدرة على معالجة الأزمات، والالتفاف حول مصالح هذا الوطن، وأهدافه الكبرى، والتَّصدِّي لكلِّ (المُؤزِّمات)، و(الموتِّرات)، و(المعقِّدات)، وكلِّ ما يقتلع الأمل من النُّفوس، ويؤسِّس للانفعالات، والتَّباينات، وكلَّما تراكمت هذه العناوين تصاعدت (الإشكالات)، وتكرَّست (الأزمات)، وتنامت (الحساسيَّات).
وقى الله (عزَّ وجلَّ) هذا الوطن كلَّ التَّداعيات، وكلَّ المعقِّدات، وكلَّ المثبِّطات، والمُيَئِّسات
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.