حديث الجمعة 490: ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلينَ، محمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين وبعد:
فقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (سورة البقرة: الآية208).
1- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ …﴾ (سورة البقرة: الآية208).
الخطابُ – هنا – مُوجَّهٌ لكلِّ الذّينَ آمنوا باللهِ، ورسولِهِ، واليوم الآخر إيمانًا صادقًا وحقيقيًّا وبصيرًا.
موجَّهٌ للأمَّةِ بكلِّ مكوِّناتها، وبكلِّ مواقِعها، حُكَّامِها، ومحكُوميها، وعلمائِها، ومثقَّفيها، وعوامِها، وأثريائِها، وفقرائِها، وكلمة ﴿كَآفَّةً﴾ تؤكِّد هذا الشَّمول، والاتِّساع، فلا يسمح لأحد أنْ يَخْرُج، أو يُخْرَج من دائرة ﴿السِّلْمِ﴾.
2- ﴿… ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً …﴾ (سورة البقرة: الآية208).
رغم تعدُّد الآراء في تفسير كلمة ﴿السِّلْمِ﴾ الواردة في هذه الآية، إلَّا أنَّ المعنى الأوضح هو (الوفاق الاجتماعي، وإنهاء كلِّ أشكالِ الخلاف، والصِّراع، والقتال)، وهو (الاعتدال، والتَّسامح)، فالآية تخاطب المؤمنين جميعًا أنْ يَتوحَّدُوا، وأنْ يبتعدوا عن كلِّ الأسباب التي تؤجِّج الخلافاتِ، والصِّراعاتِ، والعداواتِ، والقتنَ، والعصبيَّات، وبذلك يكونون قد دخلوا ﴿… فِي السِّلْمِ كَآفَّةً …﴾ (سورة البقرة: الآية208)، وبدون استثناء، فلا خيار لأحد في هذا الدُّخول.
وإذا تنكَّبُوا هذا الطَّريق (طريق المُسالمة، والمُصالحة)، فقد سلكوا (منهج الشَّيطان)!
3- ﴿… وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (سورة البقرة: الآية208).
فأمام المسلمين نهجان لا ثالث لهما:
النَّهج الأوَّل: نهج الله سبحانه
وهو نهج المُسالمة، والمُصالحة، والمحبَّة، والتَّسامح، والتَّوحُّد، والتَّقارب.
النَّهج الثَّاني: نهج الشَّيطان
وهو نهج المنازعة، والمفارقة، والكراهية، والعصَبيَّة، والتَّشتُّت، والتَّمزُّق.
فإذا وُجدت في أوطان المسلمين (فتنٌ، وخلافاتٌ، وصراعاتٌ، وعداواتٌ)، فهي من (صنع الشَّيطان).
وربَّما يتمثَّل الشَّيطان في (قوًى) بشريَّة تمارسُ إنتاج (الفتن، والخلافات)، وقد تكون هذه القوى (دولًا معادية للإسلام والمسلمين)، فتعمل جاهدةً على تمزيقِ المسلمين، وزرعِ الخلافات بينهم، وإشعالِ الفتنِ في أوطانِهم؛ من أجلِ فرضِ الهيمنةِ والسَّيطرةِ على بلدانِ المسلمين، ومن أجلِ إضعافِ شوكتِهم، وعزَّتِهم.
وقد تكون هذا القوى (وُجُوداتٍ) في داخل أوطانِ المسلمين تُصنِّع الفتن، والعصبيَّات الطَّائفيَّة، والمذهبيَّة، والثَّقافيَّة، والاجتماعيَّة، والسِّياسيَّة.
وقد شكَّل (التَّطرُّف) أحدَ أخطر (المؤزِّمات)، وأحدَ أسوءِ الأسباب في مصادرةِ (الأمنِ، والأمان)، وفي مناقضة (السِّلمِ، والسَّلام).
وإذا كان الله تعالى يخاطب المؤمنين أنْ يدخلوا ﴿… فِي السِّلْمِ كَآفَّةً …﴾ (سورة البقرة: الآية208)، فهذا يعني أنْ يُوظِّفُوا كلَّ (قدراتهم، وإمكاناتهم الدِّينيَّة، والثَّقافيَّة، والاجتماعيَّة، والسّياسية) في إنتاج هذا ﴿السِّلْمِ﴾، وفي الدِّفاع عنه، وفي محاربةِ كلِّ الفتنِ، وأسبابِ التَّأزُّماتِ.
وكلَّما كانت (المواقعُ) أكبرَ كانت مسؤوليَّتُها أشدَّ وأخطر؛ فأنظمة الحكم في أوطانِ المسلمين تتحمَّل أكبر المسؤوليَّات في إيجادِ ﴿السِّلْمِ﴾ من خلال السِّياسات الرَّشيدةِ الصَّالحةِ القادرةِ على إنتاج (المحبَّة، والتَّسامح، والاعتدال) بين أبناء الوطن الواحد، وبين شعوب الأمَّةِ الواحدة.
أمَّا إذا غاب الرُّشد، والصَّلاح لدى هذه السِّياسات، … .
وأمَّا إذا ضعفت القُدُرات على إنتاج (المحبَّة، والتَّسامح، والاعتدال) كانت الكوارث عظمى على الأوطان، وعلى الشُّعوب!
ويتحمَّل الإعلام الرَّسميُّ في بلدانِ المسلمين أصعب المسؤوليَّات في التَّأسيس للسِّلْم الأهليِّ، أو في الدَّفع نحو التَّأزُّم، والتَّوتُّر، والتَّطرُّف.
مواقع لها مسؤوليَّتها في إنتاج السِّلم
1- المنابر، والمواقع الدِّينيَّة
وهناك (مواقع أخرى) لا تقلُّ مسؤوليَّاتُها في إنتاجِ ﴿السِّلْمِ﴾ عن مسؤوليَّات الأنظمة الحاكمة، ولا يقلُّ إعلامها خطورةً عن إعلام الأنظمةِ، تلك هي (المواقع الدِّينيَّة)، و(المنابر الدِّينيَّة).
فهذه المواقع، وهذه المنابر قادرةٌ أنْ تكون قوى بناءٍ وإعمارٍ، وقوى أمنٍ وأمان، وقوى سِلْمٍ وسلام، وذلك حينما تُكرِّس (المحبَّةَ، والتَّسامحَ، والاعتدال)، وتكرِّسُ (التَّقارب، والتَّآلف)، وحينما تحاربُ (الكراهية، والتَّعصُّبَ، والتَّطرُّف).
أمَّا إذا كان العكس، فتحوَّلت (منابرُ الدِّين، ومواقعُ الدِّين) قوى هدمٍ ودَمارٍ، وقوى عنفٍ وإرهابٍ، وقوى فرقةٍ وخلافٍ، وتحوَّلت قوى تحاربُ (المحبّةَ، والتَّسامحَ، والاعتدالَ)، وتكرِّس (الكراهيةَ، والتَّعصُّبَ، والتَّطرُّفَ)، فالويل كلُّ الويلِ للأوطانِ وللشُّعوب!
والويل كلُّ الويلِ للقِيم، والمُثُل.
2- القوى النَّاشطة في الأوطان
ومن المواقع – أيضًا – والتي تتحمَّل مسؤوليَّة (السِّلْم)، أو (العنف): (القوى النَّاشطة في الأوطان).
قد تكونُ هذه القوى سياسيَّةً.
وقد تكونُ حقوقيَّةً.
وقد تكونُ ثقافيَّةً.
وقد تكونُ اجتماعيَّةً.
وقد تكونُ اقتصاديَّةً.
هذه القوى تلعب أدوارًا كبيرة وخطيرة في إنتاج (السِّلْم)، أو في إنتاج (العنف)!
إنَّها قوى فاعلة ومؤثِّرة في الجماهير، وفي وعي الجماهير، وفي وجدان الجماهير، وفي حركة الجماهير.
وبقدر ما تَصلُحُ هذه القُوى يكونُ لها أدوارُها في إصلاح الجماهير والأوطانِ، وبقدر ما تفسُدُ هذه القوى يكون لها أدوارُها في إفسادِ الجماهير والأوطانِ!
وإذا رجعنا إلى النَّصِّ القرآني: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (سورة البقرة: الآية208)، فهو خطابٌ موَجَّهٌ إلى حُكَّامِ المسلمين.
وهو خِطاب مُوَجَّهٌ إلى علماءِ المسلمين.
وهو خِطابٌ مُوجَّهٌ إلى كلِّ النَّاشطين سياسيًّا، وحقوقيًّا، وثقافيًّا، واجتماعيًّا، واقتصاديًّا.
وهو خِطابٌ مُوجَّهٌ إلى كلِّ جماهيرِ المسلمين.
فجميع هذه المواقع يخاطبها النِّداء الإلهيُّ في أنْ تدخل ﴿… فِي السِّلْمِ كَآفَّةً …﴾ (سورة البقرة: الآية208)، وأنْ تبتعد عن ﴿… خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ …﴾ (سورة البقرة: الآية208) التي توجِّج (الفتنَ، والصِّراعاتِ، والخلافاتِ)، والتي تؤسِّس للتَّطرُّفِ، والعنفِ، والإرهابِ.
لا نقول بأنَّ هذه المواقع متساوية في (حجم المسؤوليَّات)، نعم هي متساوية في الخطاب، إلَّا أنَّ (حجم المسؤوليَّات) متفاوت بحجم المواقع، وحجم القُدُرات، والإمكانات، فالمواقع الحاكمة، والقائدة مسؤوليَّاتها أكبر.
وهذا لا يلغي مسؤوليَّة التَّعاون والتَّآزر بين جميع المواقع؛ من أجل إنتاج ﴿… السِّلْمِ …﴾، ومن أجل محاربة (الأسباب) التي تهدِّد ﴿… السِّلْمِ …﴾.
من أسباب التَّأزيم
قد تكون الأسبابُ (سياساتِ أنظمةٍ).
وقد تكون الأسبابُ (منابرَ دينيَّةً متطرِّفةً).
وقد تكون الأسبابُ (قوى ناشطةً متشدِّدةً).
وقد تكون الأسباب (جماهيرَ منفعلةً).
المطلوب أنْ تتوافق (الإرادات)؛ لإنتاج (مشروعاتِ السِّلم)، ولمحاربة (مشروعات التَّطرُّف)، فما لم تتوافق الإرادات، فسوف يكون من العسير جدًّا معالجة حالات التَّشدُّد والتَّطرُّف، وحالات التَّوتُّر والتأزُّم.
مناخ توافق الإرادات
أمَّا كيف تتوافقُ الإراداتُ؟
فلا أعتقد أنَّ ذلك عسيرٌ!
متى ما صَدَقتْ النَّوايا.
ومتى ما قَوِيتْ العزائم.
ومتى ما تقاربتْ الرُّؤَى.
ومتى تأسَّستْ الحِواراتُ الجادَّةُ، والصادقة.
أمَّا بغير ذلك، فسوف تبقى الإراداتُ متباعدة، وسوف تبقى الرُّؤى متنافرةً، وسوف تبقى النَّوايا ملتبسةً، وسوف تبقى العِلاجات متعثِّرةً، وسوف تبقى الحلولُ غائبةً.
مسؤولو صناعة السِّلم
صناعة السِّلْمِ في الأوطان مسؤوليَّة كلِّ الأوفياء لهذه الأوطان، ومسؤوليَّة كلِّ الغيارى على وحدة الشُّعوب.
هذه العناوين ليست شعارات تٌطلق؛ من أجل الاستهلاك، وأمن أجل المتاجرة بالكلمات!
النَّصُّ القرآنيُّ الذي طرحناه أكَّد على هدفين كبيرين:
الهدفُ الأوَّل: بذل كلِّ الجهود والطَّاقات؛ من أجل إنتاج ﴿… السِّلْمِ …﴾ في كلِّ واقع المسلمين.
الهدفُ الثَّاني: التَّصدِّى لكلِّ مُخطَّطاتِ القُوى الشَّيطانيَّة، والَّتي تعمل جاهدةً؛ من أجلِ تحطيم ﴿… السِّلْمِ …﴾، وتحريك (الفتن) و(الصِّراعات)، وشَرْعَنَة العنف، والتَّطرُّف.
فمطلوبٌ من كلِّ الأوفياء للسِّلْمِ والأمن، والمحبَّة والتَّسامح، والتَّقارب والتَّآلف أنْ يكونوا (أعزَّاء أقوياء)، وأنْ لا يسقطوا أمام مخطَّطات قوى الشَّرِّ والضَّلالِ، وسماسرةِ الفتنِ والصِّراعاتِ، وصُنَّاعِ العنف والتَّطرُّف، وعشَّاقِ البطش والانتقام.
ومطلوب من هؤلاء (الأوفياء) أنْ يكونوا في أعلى درجات الوعي في مواجهة مشروعات الفتنة، هذه المشروعات المُدمِّرة، والعابثة بوحدة المسلمين، وبأمنِ المسلمين، والعابثة بالدِّين، وقِيم الدِّين.
لا نجاة من الفتن إلَّا بالوعي، والبصيرة، والصِّدق، والتَّقوى.
1-قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “ستكون فتنٌ يصبح الرَّجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا إلَّا من أحياهُ اللهُ بالعلم” (ميزان الحكمة2/1452، محمَّد الريشهري).
2-وقال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “طُوبى للمخلصِين، أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كلُّ فتنةٍ ظلماء” (ميزان الحكمة1/755، محمَّد الريشهري).
3-وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): “…، اعلموا أنَّه مَنْ يتقِ الله يجعل له مخرجًا من الفتن، ونورًا من الظُّلَمِ” (نهج البلاغة2/112، خطب الإمام علي عليه السَّلام).
4-وقال (عليه السَّلام): “أيُّها النَّاسُ، شُقُّوا أمواجَ الفتنِ بسُفنِ النَّجاةِ” (نهج البلاغة1/40، خطب الإمام علي عليه السَّلام).
إنَّنا في عصر كَثُرتْ فيه الشَّعاراتُ، واختلطت فيه العناوينُ، وتاهتْ فيه المساراتُ، وارتبكتْ فيه المفاهيمُ والرُّؤى، وسادتْ فيه سياساتُ القسوةِ، والتَّشدُّد.
فما عاد الكثيرون يُفرِّقُون بين ﴿… السِّلْمِ …﴾، و(نقيض السِّلْم)!
ولا يُفرِّقُونَ بين (الأمنِ)، و(نقيض الأمن)!
ولا يُفرِّقُونَ بين (مشروعات الأمن)، و(مشروعات الفتن)!
ولا يُفرِّقُونَ بين (التَّسامح)، و(التَّعصُّب)!
ولا يُفرِّقُونَ بين (الحبِّ)، و(الكراهية)!
ولا يُفرِّقُونَ بين (الرِّفق)، و(العُنفِ)!
ولا يُفرِّقُونَ بين (الاعتدال)، و(التَّطرُّف)
في مثل هذه الأوضاع المُلْتَبِسة تتشكَّل (الفتن العمياء)، وهنا الحاجة إلى (العلم، والبصيرة، والرُّشد)؛ لكيلا تنزلق الرُّؤى، والمفاهيمُ، والقناعات.
وهنا الحاجة إلى (الإخلاص، والصِّدق)؛ لكيلا تنحرفَ المسارات، والخَيَارات.
وهنا الحاجة إلى التَّقوى، ففيها المَخْرَج من الفتن.
5-يقول تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً …﴾ (سورة الأنفال: الآية 25)
من هذا النَّصِّ نفهمُ أمرين مهمَّين:
الأَمرُ الأوَّل: إنَّ صنَّاعَ الفتنةِ هم من الظَّلَمةِ في أيِّ موقعٍ تموقَعُوا في موقعِ الدِّين، في موقع الحُكْمِ، في موقع الإعلام، في موقع السِّياسةِ، في موقعِ الثَّقافةِ، في موقع التَّربية، في موقع الاقتصادِ، وفي كلِّ المواقع.
الأمر الثَّاني: مطلوبٌ من كلِّ الغيارى على دينهم، وقِيمهم، وعلى أمنهم، وأوطانِهم أنْ يواجهُوا (أسبابَ الفتنةِ)؛ لكَيلا تتحوَّل دمارًا مُرعبًا لا يُبقي ولا يَذر.
الخلاصةُ
1-إنَّ السِّلْمَ في الأوطانِ يحتاجُ إلى (حُكَّامٍ عقلاءَ رحماءَ).
2-ويحتاجُ إلى (علماءَ أتقياءَ صلحاءَ).
3-ويحتاجُ إلى (نُشَطاءَ أوفياءَ).
4-ويحتاجُ إلى (شعوبِ أمناءَ).
فالحكَّامُ العقلاءُ الرُّحَماءُ هُمْ (قوامُ السِّلْمِ، وأساسُهُ).
والعُلماءُ الأتقياءُ الصُّلحاءُ هم (حُصُونُ السِّلْمِ، وحُمَاتُهُ).
والنُّشطاءُ الأوفياءُ هُمْ (دعائمُ السِّلْمِ، وأركانُهُ).
والشُّعوبُ الأمناءُ هم (حُرَّاسُ السِّلْمِ، ورعاتُه).
فمن تخلَّفَ مِن هذه المواقع عن مسؤوليَّاتِه كان من المفرِّطينَ بالسِّلْمِ، والعابثين بأهدافِهِ، وغاياتِه، والمربكين لمساراتِهِ، وخياراتِه، حاكمًا كان هذا المتخلِّف أو عالمًا، أو ناشطًا، أو إنسانًا من عامَّة النَّاس.
مع التَّفاوت الكبير جدًّا بين المواقع، فيما هي الإمكانات والقُدُرات، وفيما هي الواجبات والمسؤوليَّات.
وإنْ كان أيُّ تخلّفٍ في أيِّ موقع له تأثيراته الضَّارَّة جدًّا بالسِّلْمِ، وأهدافِهِ.
وبقدر ما تمارسُ هذه المواقعُ مسؤوليَّاتِها بِصدقٍ وإخلاصٍ، وبقدر تتعاونُ فيما بينها بكلِّ ثقةٍ واطمئنانٍ يكونُ (السِّلْمُ) حقيقيًّا، وفاعلًا، ومنتجًا، وقادرًا أنْ يحمي الأوطان من كلِّ الفتن، والخلافات، والتَّوتُّراتِ، والتَّأزُّماتِ.
سدَّدَ الله الخُطى.
وأصلحَ الله النَّوايا.
ووحَّدَ اللهُ الرُّؤى، والمواقف.
إنَّه تعالى، نِعْم الهادي، والنَّصير.
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.