حديث الجمعة 479: فوائدِ في الصَّلاةِ على النَّبيِّ وآلِهِ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلينَ محمَّدٍ وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين.
وبعد: فنتابع الحديث حول:
فوائدِ في الصَّلاةِ على النَّبيِّ وآلِهِ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)
الفائدة الحاديةَ عشرةَ: مَنْ أكثر من الصَّلاةِ على النَّبيِّ وآلِهِ (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم) كان يوم القيامةِ مِن الذّينَ يُظلُّهُم اللهَ في ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ
•قوله (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ): “…، وإنْ أكثر الصَّلاة عليه وآلِهِ كان يوم القيامة تحت العرش”.
هناك أصناف ٌمن النَّاس يكونون يومَ القيامة في ظلِّ عرش الله يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ، وهو مقامٌ كبير جدًّا لا يحظى به إلَّا ذو حظٍّ عظيم من عباد الله الصَّالحين، وأوليائه المقرَّبين.
أحاول – هنا – أنْ أذكر نماذج من الأحاديث التي تذكر أصنافًا من هؤلاء الَّذين يحظون بهذا المقام العظيم، أنْ يكونوا يوم القيامةِ في ظلِّ عرشِ اللهِ يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ.
الحديث الأوَّل: روي عن النَّبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم) أنَّه قال: “سبعةٌ يُظلُّهْم الله في ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلّا ظلُّهُ …” (الخصال، الصفحة434، الشَّيخ الصَّدوق).
وذَكَر (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم) هذه الأصناف:
الصِّنف الأوَّل: “إمامٌ عادلٌ”
كلمةُ (إمام) تعني كلَّ مَنْ ينصب نفسه للاقتداء، والإتِّباع، والائتمام، فقد يكون في موقع دينيٍّ، أو موقع اجتماعيٍّ، أو موقع سياسيٍّ.
وجاء في القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ …﴾ (سورة الإسراء: الآية71).
وللمفسرين أربعة أقوال في معنى كلمة (الإمام) في هذه الآية:
القول الأوَّل: المراد (النَّبي)، فكلُّ نبيٍّ هو إمامٌ لأمَّته.
القول الثَّاني: المراد (الكتاب المنزل) كالتَّوراة، والإنجيل، والقرآن.
القول الثَّالث: المراد (الشَّخص الذي يُؤْتَم، ويُقتدى به).
القول الرَّابع: المراد (كتاب الأعمال).
وقد صنَّف القرآن (الأئمَّة) إلى:
1- أئمَّة يهدون بأمر الله: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا …﴾ (سورة الأنبياء: الآية73(.
2- أئمَّة يدعون إلى النَّار: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ …﴾ (سورة القصص: الآية41)
ولا يراد بالجعل هنا (الجعل التَّكويني)، وإنَّما يصدر ذلك منهم بإرادتهم، واختيارهم فيما يمارسونه من أفكار، وخطط، ومواقف.
إذًا هناك أئمَّة هدى وعدل، وهناك أئمَّة ضلال وجور!
أئمَّة الهدى والعدل يكونون يوم القيامة في ظلِّ عرشِ الله يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ.
الصِّنف الثَّاني: “وشابٌ نشأ في عبادة الله (عزَّ وجلَّ)”
لماذا خصَّ الحديث (الشَّاب)؟
كون (الشَّاب) طاقةُ غرائز وشهواتٌ، ومصيدة للشَّيطان، فإذا استطاع أنْ ينتصر على الغرائز والشَّهوات، وأنْ يهزم الشَّيطان، فمِن الطَّبيعي جدًّا أنْ تكون له مكانة متميِّزة عند الله تعالى، وأنْ يكون ممَّن يُظلُّهم الله سبحانه في ظلِّهِ يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه.
وقد أكَّدت الرِّوايات على قيمة (الشَّاب العابد)، و(الشَّاب الطَّائع لله).
1- قال رسول الله (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم): “إنَّ الله تعالى يحبُّ الشَّاب التَّائب”. (ميزان الحكمة2/1401، محمد الريشهري).
2- وقال (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم): “ما من شيئ أحبُّ إلى الله تعالى من شاب تائب، وما من شيئ أبغض إلى الله تعالى من شيخ مقيمٍ على معاصيه”. (ميزان الحكمة2/1401، محمد الريشهري).
3- وقال (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم): “إنَّ الله تعالى يباهي بالشَّاب العابد الملائكة، يقول: انظروا إلى عبدي، ترك شهوته من أجلي”. (ميزان الحكمة2/1401، محمد الريشهري).
4- وقال (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “فضلُ الشَّاب العابد الَّذي تعبَّد في صباه على الشَّيخ الَّذي تعبَّد بعدما كبرت سنُّهُ كفضل المرسلين على سائر النَّاس”. (ميزان الحكمة2/1401، محمد الريشهري).
5- وقال (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “إنَّ أحبَّ الخلائقِ إلى اللهِ (عزَّ وجلَّ) شابٌ حدثُ السِّنِ في صورة حسنة جعل شبابه وجماله للهِ، وفي طاعتِهِ، ذلك الَّذي يباهي به الرَّحمن ملائكته، يقول: هذا عبدي حقًّا”. (ميزان الحكمة2/1401، محمد الريشهري).
6- وقال (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلّم): “ما مِن شاب يدع للهِ الدُّنيا ولهوَها، وأهرم شبابَهُ في طاعةِ اللهِ إلَّا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صدِّيقًا”. (ميزان الحكمة2/1401، محمد الريشهري).
إذًا الشَّاب الذي نشأ في عبادة الله (عزَّ وجلَّ) يظلِّه الله في ظلِّ عَرشه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلَّه.
وهناك تعبير (الفتى)، فقد أعطته الرِّوايات معنى أوسع من (الشَّاب).
1- قال الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) لسليمان بن جعفر الهذلي: “يا سليمان مَنْ الفتى؟
قال: جعلت فداك الفتى عندنا الشَّابُّ.
قال (عليه السَّلام): أمَا علمت أنَّ أصحاب الكهف كانوا كلُّهم كهولًا، فسمَّاهم اللهُ فتية بإيمانهم؟!
يا سليمان مَنْ آمن بالله، واتَّقى فهو الفتى”. (ميزان الحكمة2/1402، محمد الريشهري).
2- وعنه (عليه السَّلام) سأل رجلًا: “ما الفتى عندكم؟
فقال له: الشَّابُّ.
فقال (عليه السَّلام): لا، الفتى: المؤمن، إنَّ أصحاب الكهف كانوا شيوخًا، فسمَّاهم الله (عزَّ وجلَّ) فتية بإيمانهم”. (ميزان الحكمة2/1402، محمد الريشهري).
الصٍّنف الثَّالث: “ورجلٌ قلبُهُ متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتَّى يعود إليه”
هذا صنف من النَّاس يكون في ظلِّ عرش الله يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه، رجل عاشق للمساجد، مشدودٌ للصَّلاة فيها، متلهِّف لأجوائها الرُّوحيَّة.
1- في الحديث عن رسول الله (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “مَنْ مشى إلى مسجدٍ يطلبُ فيه الجماعة كان له بكلِّ خطوةٍ سبعونَ ألف حَسَنةٍ، ويرفع له من الدَّرجاتِ مثل ذلك، وإنْ ماتَ وهو على ذلك وكِّل به سبعين ألف مَلَكٍ يعودونه في قبرِهِ، ويُؤنسونَهُ في وحدتِهِ، ويستغفرون له حتَّى يُبعث” (ميزان الحكمة2/1259، محمد الريشهري).
2- وعنه (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “يا أبا ذرِّ، إنَّ الله تعالى يعطيك ما دمت جالسًا في المسجد بكلِّ نَفَسٍ تنفَّستَ درجةً في الجنَّةِ، وتُصلِّي عليك الملائكة، وتكتب لك بكلِّ نَفَسٍ تنفَّست فيه عشر حسناتٍ، وتمحى عنك عشر سيئات” (ميزان الحكمة2/1259، محمد الريشهري).
3- عنه (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “كلَّ جلوسٍ في المسجد لغوٌ إلَّا ثلاثة: قراءة مصلٍّ، أو ذِكرُ اللهِ، أو سائل عن علم” (ميزان الحكمة2/1259، محمد الريشهري).
4- وعنه (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “في التَّوراة مكتوبٌ: إنَّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لعبد تطهَّرَ في بيتهِ، ثمَّ زارني في بيتي، ألَا إنَّ على المزورِ كرامة الزَّائر، ألا بشِّر المشَّائين في الظُّلماتِ إلى المساجد بالنُّور السَّاطع يوم القيامة” (ميزان الحكمة2/1258، محمد الريشهري).
5- وقال الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): “عليكم بإتيانِ المساجد، فإنَّها بيوتُ الله في الأرضِ، ومَنْ أتاها متطهِّرًا طهَّره اللهُ مِن ذنوبِهِ، وكتب مِن زوَّارِهِ، فأكثروا فيها الصَّلاة والدُّعاء” (ميزان الحكمة2/1258، محمد الريشهري).
الصِّنف الرَّابع: “ورجلان كانا في طاعة اللهِ (عزَّ وجلَّ)، فاجتمعا في ذلك وتفرَّقا”
أنْ يلتقي رجلان أو أكثر؛ للقيام بعملٍ يُمثِّل طاعة لله تعالى.
والطَّاعة عنوانٌ واسع ينتظم في داخله:
1- العبادات من صلاة، ودعاء، وذِكْر، وتلاوة، وغيرها.
2- الخدمات الاجتماعيَّة، وأعمال البِرِّ والإحسان.
3- الفعاليات العلميَّة، والثَّقافيَّة.
4- الفعاليات التَّبليغيَّة.
وقد أكَّدت النصوص على (التَّعاون على البِرِّ والتَّقوى)
قال تعالى: ﴿… وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ …﴾ (سورة المائدة: الآية2).
(التَّعاون على البِرِّ والتَّقوى) شعارٌ كبير يطرحه الإسلامُ، يكرِّس حسَّ الانتظام؛ من أجلِ إنتاج الواقع الإنسانيِّ النَّظيف، المملوء بالخير والصَّلاح، والحبِّ، والتَّسامح، والإخاء، والصَّفاء، والتَّكاتف والتَّآزر، والبعيد كلُّ البعد عن الشَّرِّ، والفسادِ، والكراهية، والعصبيَّة، والفرقة، والعداوة، والخلاف، والشَّتات.
فما أحوج الأوطان إلى هذا الشِّعار ﴿… وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ …﴾ (سورة المائدة: الآية2).
فها هي أوطانُ المسلمين غزتها الصَّراعات، والخلافات، والعصبيَّات، والكراهيات، والفتن العمياء، والحروب المدمِّرة، والشِّعارات المُؤَزِّمة، والخطابات المفرِّقة، والأهداف المتناقضة، والمواقف المتباينة.
ما أحوج هذه المرحلة بكلِّ تعقيداتها الصَّعبة جدًّا، وبكلِّ إنتاجاتها المدمِّرة، وبكلِّ إنذاراتِها المرعبة، وبكلِّ مآلاتها الخطيرة.
ما أحوج هذه المرحلة إلى إعادة إنتاج كلِّ الواقع الثَّقافيِّ، والاجتماعيِّ، والسِّياسيِّ، والحقوقيِّ، والاقتصاديِّ، والأمنيِّ، والإعلاميِّ.
هنا الحاجة إلى قراءاتٍ جديدة، صادقة، وجريئة، ومتحرِّرة من هَيْمَنة الأوضاع الخطأ، ومن ضغوطات الواقع السِّياسيِّ الرَّاهن بكلِّ إشكالاتِه، وأخطائه.
هنا الحاجة إلى (إنتاج خطاب جديد) قادر على مقاربة كلِّ الواقع الرَّاهن بكلِّ تعقيداته.
وحينما نتحدَّث عن (إنتاج خطاب جديد) نتحدَّث عن (خطاب دين)، و(خطاب سياسة)، و(خطاب ثقافة)، و(خطاب تربية)، و(خطاب إعلام).
حينما نتحدَّث عن (إنتاج خطاب جديد) نتحدَّث عن (خطاب علماء)، و(خطاب أنظمة)، و(خطاب قِوى)، و(خطاب شعوب).
إنَّ مِن أخطر ما يواجه الأوطان، ويكرِّس الأزمات (غياب المراجعات)ن و(التَّمترُس في المواقع)، فتبقى (السِّياسات)، وتبقى (الاستراتيجيَّات)، وتبقى (التَّعقيدات)، وتبقى (المناخات المتأزِّمة)، وتبقى (الأوضاع الخطأ)، والعكس صحيح، فحينما (تتجدَّد القراءات)، و(تُعاد الحسابات) لا تبقى الأوطان مأسورة لقناعاتٍ خطأ، وخياراتٍ ملتبسةٍ، ولا تتكرَّس التَّعقيدات والاحتقانات والتَّوترات، بل تتَّجه أوضاعُ الأوطانِ نحو الصَّلاح والإصلاح، ونحو الأمن والأمان، ونحو التَّعافي من كلِّ الأزمات.
إنَّ الذين يحملون الولاء للأوطان، والوفاءَ للأوطان يريدون لها أنْ تتعافى، يريدون لها كلَّ الصَّلاح والإصلاح، وكلَّ الأمن والأمان، وكلَّ الحبِّ والتَّسامح، والتَّآلف، والتَّقارب، والتَّفاهم، والتَّحاور.
الصِّنف الخامس: “رجلٌ ذَكَر الله خاليًا، ففاضت عيناه”
هذا رجل يُظلِّه الله تعالى في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه.
إنَّ الدَّمعةَ الخاشعةَ لله سبحانه، الصَّادقةَ، العاشقة دمعة لها وزنها في حساب الآخرة، لها قيمتها عند الله (جلَّ وعلا)، لها أثرها في حياة الإنسان.
إنَّها دمعةٌ تملأ النَّفسَ عزمًا، ثباتًا، صمودًا، قوَّةً، إرادةً، أملًا، طُهرًا، صلاحًا، نظافةً، استقامةً.
إنَّها دمعةٌ تقهر الضَّعف، واليأس، والفشل، والهزيمة، والخنوع، والتَّراجع، والخوف، والانقهار.
نعم إنَّها دمعة ترفع العبد إلى أرفع المقامات، وأعلى الدَّرجات.
1- قال (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنبٍ من خشية الله (عزَّ وجلَّ)، لم يطلع على ذلك الذَّنب غيره” (ثواب الأعمال، الصفحة167، الشَّيخ الصَّدوق).
2- وعنه (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “ألا مَنْ ذرفت عيناه مِن خشية اللهِ كان له بكلِّ قطرةٍ قطرتْ من دموعِهِ قصرٌ في الجنَّةِ، مكلَّل بالدُّر والجواهرِ، فيه ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذُنٌ سمعتْ، ولا خطر على قلبِ بَشَرٍ”! (ميزان الحكمة1/284، محمد الريشهري).
3- وقال الإمامُ الباقر (عليه السَّلام): “كلُّ عينٍ باكية يوم القيامة غير ثلاث: عينٌ سهرت في سبيل الله، وعينٌ فاضت من خشية الله، وعينٌ غضَّت عن محارم الله” (ميزان الحكمة1/284، محمد الريشهري).
4- وعن الإمام الصَّادقِ (عليه السَّلام) قال: “ما من شيئ إلَّا وله كيلٌ، أو وَزْنٌ إلَّا الدُّموع، فإنَّ القطرةَ منها تطفي بحارًا من نارٍ، وإذا اغرورقتْ العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذِلَّة، فإذا فاضتْ حرَّمه الله على النَّار، ولو أنَّ باكيًا بكى في أمَّةٍ لرُحموا” (ميزان الحكمة1/285، محمد الريشهري).
الصِّنف السَّادس: “ورجلٌ دعتْهُ امرأة ذاتُ حسبٍ وجمالٍ، فقال: إنِّي أخاف الله”
هكذا تصنع الخشية من الله تعالى، تصنع نزاهةً، وطهرًا، ونظافةً، وتصنع تقوًى، وورعًا، واستقامةً.
ولو عاش النَّاسُ الخشية من الله (عزَّ وجلَّ) ما وجد ظلم، ولا جور، ولا استبداد، ولا عبثٌ، ولا فسادٌ، ولا عُهرٌ، ولا رذيلة، ولا جريمة، ولا كذب، ولا نفاق، ولا فتن، ولا صراعات، ولا عداوات.
الخشية من الله سبحانه تصنع (العفَّة)، والعفَّة أساسُ الفضائل، وأشرفُ الخصال.
1- كان (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم) يدعو بهذا الدُّعاء: “اللَّهمَّ، إنِّي أسألك الهدى، والتُّقى، والعفاف، والغنى” (ميزان الحكمة3/2007، محمد الريشهري).
2- وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): “أفضل العبادة العفاف” (ميزان الحكمة7/40، محمد الريشهري).
3- جاء رجل إلى الإمام الباقر (عليه السَّلام)، وقال له: “إنِّي ضعيف العمل، قليل الصَّلاة، قليل الصَّوم، ولكنِّي أرجو أنْ لا آكل إلَّا حلالًا، ولا أنكح إلَّا حلالًا.
فقال له الإمام الباقر (عليه السَّلام): “وأيُّ جهادٍ أفضل من عفَّةِ بطن وفَرْج” (ميزان الحكمة1/459، محمد الريشهري).
الصِّنف السَّابع: “ورجلٌ تصدَّق بصدقة، فأخفاها حتَّى لا تعلم شماله ما يتصدَّق بيمينه”
قال تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ …﴾ (سورة البقرة: الآية271).
إبداءُ الصَّدقات، وإظهارها إذا كان يهدف تشجيع النَّاس على الإنفاق، وبذْل المال في أعمال الخير، فهذا عمل خيرٌ وجيِّد.
وتبقى صدقة السِّرِّ هي الأفضل كما أكَّدت الآية ﴿… وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ …﴾ (سورة البقرة: الآية271).
وكذلك أكَّدت الرِّوايات:
1- قال رسول الله (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): “صدقةُ السِّرِّ تطفِئ غضب الرَّبَّ” ( الكافي4/7، الشَّيخ الكليني).
2- قال الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): “لا تتصدَّق على أعين النَّاس؛ ليزكُّوك، فإنَّك إنْ فعلت ذلك، فقد استوفيت أجرك، ولكن إذا أعطيت بيمينك، فلا تطلع عليها شمالك، فإنَّ الذي تتصدَّق له سرًّا يجزيك علانية” (ميزان الحكمة2/1600، محمد الريشهري).
3- كان الإمام زين العابدين (عليه السَّلام) يخرج في اللَّيلة الظَّلماء، فيحمل الجِراب على ظهره حتَّى يأتي بابًا بابًا، فيقرعه ثمَّ يناول مَنْ كان يخرج إليه، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيرًا؛ لئلَّا يعرفه” (ميزان الحكمة2/1600، محمد الريشهري).
للحديث تتمة إنْ شاء الله تعالى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.