حديث الجمعة 475: ماذا بعد الشهر الفضيل؟ – أبناؤنا وبناتُنا وخياراتُ العطلةِ الصَّيفية – قانون الأسرة الموَّحد
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلينَ محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُدَاةِ الميامين، وبعد فهذه بعضُ عناوين:
ماذا بعد الشهر الفضيل؟
في الشهر الفضيلِ يتصاعدُ الوَهَجُ الرُّوحي بدرجاتٍ عاليةٍ.
– تَنْشُطُ العبادة: صلاة، دعاء، ذكر، تلاوة…
– تزدحم المساجد ودور العبادة.
– تسمو النفوس وتطهر القلوب.
– تزدهر أجواء الوعظ والإرشاد الروحي والأخلاقي.
هذه بعضُ عطاءاتِ هذا الشهر.
والسُّؤال الكبيرُ الذي يُطرح عادةً بعد كلِّ موسمٍ رمضاني:
• وماذا بعد الشَّهرِ الفضيلِ؟
هل يبقى الوهجُ الرُّوحي والعبادي؟
وكيف نحافظ على هذا الوهج أو على نسبة منه؟
من الطبيعي جدًّا أنَّ للشهر الفضيل خصوصياتِهِ في إنتاج أعلى المستوياتِ من الوهجِ الرُّوحي والعبادي، هذه الخصوصيات لا تتوفَّر في بقية الشهور.
نعم هناك في بقية الأشهرِ (محطاتٌ للتعبئة الرُّوحية) تملك شيئًا من خصوصيات الشهرِ الفضيل.
هذه المحطَّاتُ لو أتقنَّا توظيفَها لاستطاعتْ أنْ تزوِّدَنا بشحناتٍ روحية كبيرة، ولاستطاعت أنْ تبقي لدينا على نسبة عاليةٍ من وَهَج الشهر الفضيل.
إنَّ محطَّاتِ التعبئة الرُوحية الممتدة طيلةَ السَّنة يمكن أنْ نصنِّفها إلى: محطَّات زمانية ومحطَّات مكانية.
وتصنِّف المحطات الزَّمانية إلى: يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية.
المحطَّات الزمانية اليومية:
وتتمثَّل في:
1-الفرائض الخمس اليومية:
• جاء في فلاح السَّائل لابن طاووس عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم):
“إذا قامَ المؤمنُ إلى صلاتِهِ نظر اللهُ إليهِ – أو قال أقبل الله إليه – حتى ينصرف، وأظلَّتْهُ الرَّحمةُ مِن فوقِ رأسِهِ إلى أفق السَّماء، والملائكةُ تحفُّهُ من حولِهِ إلى أفق السَّماء، ووكَّلَ اللهُ به مَلَكًا قائمًا على رأسِهِ يقول، أيُّها المصلِّي لو تعلم مَنْ ينظر إليك، ومَنْ تناجي، ما التفتَ، ولا زلتَ من موضِعِكَ أبدًا”.
• وجاء في روضة الواعظين:
“قال موسى (عليه السَّلام): إلهي فما جزاء مَنْ قام بين يديك مُصليًّا؟
قال: يا موسى أباهي به ملائكتي راكعًا وساجدًا وقائمًا وقاعدًا، ومَنْ باهيتُ به ملائكتي لم أُعذِبْهُ”.
أمَّا إذا كانت الصَّلاة في المساجد فيتضاعف ثوابها، ويتضاعف الثواب أكثر وأكثر إذا كانت في جماعة:
• جاء في كتاب (من لا يحضره الفقيه) للشيخ الصدوق عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “ألا مَنْ مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة، كان له بكلِّ خطوةٍ سبعون ألف حَسَنة، ويرفع له من الدَّرجاتِ مثل ذلك، فإنْ مات وهو على ذلكَ وكَّل الله عزَّ وجلَّ به سبعين ألف مَلَك يعودونهُ في قبرِهِ، ويبشِّرونَهُ ويؤنسونه في وحدتِهِ ويستغفرون له حتَّى يبعث”.
• وجاء في مستدرك الوسائل للشيخ النوري:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآلِهِ وسلّم):
“أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال، يا محمَّد إنَّ ربَّك يُقرئكَ السَّلام وأهدى لك هديتين لم يهدهما إلى نبيٍّ قبلك.
قلت: وما الهديتان؟
فقال: الوتر ثلاث ركعات، والصَّلاة الخمس في جماعة.
قلت: يا جبرئيل وما لأمتي في الجماعة؟
قال: يا محمد إذا كانا اثنين كتب الله لكلِّ واحد بكلِّ ركعة مائة وخمسين صلاة…
[واستمر الحديث إلى أن قال جبرئيل:]
فإنْ زادوا على العشرة، فلو صارت السَّموات كلُّها مِدادًا، والأشجارُ أقلامًا، والثقَلان مع الملائكةِ كُتَّابًا، لم يقدروا أنْ يكتبوا ثوابَ ركعةٍ واحدةٍ… إلى آخر الحديث”.
نتابع الكلام حول (محطات التعبئة الروحية) الزمانية والمكانية في لقاءٍ قادم إنْ شاء الله تعالى.
أبناؤنا وبناتُنا وخياراتُ العطلةِ الصَّيفية:
كلَّما أطلَّتْ عطلةُ الصَّيفِ بدأتْ خياراتٌ متعدِّدةٌ أمامَ الأبناءِ والبناتِ، وربَّما ترك الآباءُ والأمهاتُ لأبنائهم وبناتهم أنْ يُحدِّدوا خياراتِهم، وربَّما تدخلَّوا هم في التحديد، خشيةَ أنْ تكون خياراتُ الأبناء والبناتِ خاطئةً أو منحرفةً.
فمن هذه الخياراتِ الخاطئةِ أو المنحرفةِ أنْ تتحوَّل العطلةُ وقتًا للفراغ والاسترخاء والكسل وربَّما برَّر ذلك البعضُ بأنَّ الطُّلابَ والطالبات بعد عام دراسي مثقلٍ بالأتعاب والإرهاقات هم في حاجةٍ إلى فترة راحةٍ استعدادًا لعام دراسي جديد.
هذا كلام له بعض الوجاهة إلَّا أنَّه لا يبرِّر أنْ يجنح الأبناء والبنات إلى حالةٍ من الكسل، فيتحول الوقت فراغًا وخواءً وضياعًا…
• يقول تعالى مخاطبًا نبيَّه (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم):
(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) {الشرح/7-8}.
فالآية توجِّه النبي الأكرم (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) أنْ يكونَ في حراك دائم، فيما هي مهامه الرسالية، وفيما هو لجوؤُه إلى الله واعتماده عليه، فلا مجال للفراغ وإضاعة الوقت، وإنما هو السعي الدائم والمجاهدة المستمرة، فمهامه (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) كثيرة، ومسؤولياته متنوعة، فمتى ما فرغ من مهمةٍ فأمامه مهمات، ومتى أنهى مسؤولية، فتنتظره مسؤوليات فالنص يضع الإنسان المسلم أمام توجيهٍ بضرورة توظيف الوقت توظيفًا هادفًا وجادًّا ومنتجًا.
• وفي الحديث عن النبي (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم):
“إنَّ الله يبغض الصحيحَ الفارغ، لا في شغل الدُّنيا، ولا في شغل الآخرة”.
• وفي الكلمة عن الإمام الكاظم (عليه السَّلام):
“إنّ الله تعالى ليبغض العبد النوَّام، إنَّ الله تعالى ليبغض العبدَ الفارغ”.
فالحذر الحذر أنْ تتحول العطلة فراغًا، وكسلًا، واسترخاءً، ونومًا، وهكذا يخسر أبناؤنا وبناتُنا شطرًا من حياتهم، بلا فائدة، ولا استثمار، ولا توظيف…
وإذا كان مطلوبًا جدًّا أنْ توظف أوقاتُ العطلةِ الصَّيفيةِ، فمطلوبٌ جدًّا كذلك أنْ لا يكون هذا التوظيف توظيفًا استهلاكيًا.
وماذا يعني التوظيف الاستهلاكي؟
إنَّه توظيف في ممارساتٍ تقتل الأوقات بلا فائدة، وبلا عطاءات نافعة، قد لا تكون هذه الممارسات أعمالًا محرَّمة شرعًا، لكنَّها تصادر الجُهْدَ والوقت بشكل ضائع، وربَّما تتحول بالعناوين الثانوية إلى أعمال محرَّمة، قد يكون العمل بعنوانِهِ الأولي عملًا مباحًا، ولكنَّه يتحول بالعنوان الثانوي سلوكًا محرَّمًا.
أنْ يمارس الشباب لعبة (كرة القدم) أو (كرة الطاولة) أو غير ذلك من الألعاب الجائزة، هذه الممارسة عملٌ مباح شرعًا، ولكن لو استوعبت هذه الممارسات كلَّ جهود وأوقات الشباب، وأدَّت إلى التفريط في التكاليف الشرعية، والعبادية، والمسؤوليات الثقافية والاجتماعية والاهتمامات الأخرى الكبيرة، فإنَّها تتحول بالعناوين الثانوية إلى ممارسة غير مشروعة.
وهكذا كلّ الممارسات التي تستثمر الأوقات استثمارًا ضائعًا، ومن أمثلة ذلك:
– التجوال في الشوراع والطرقات بلا هدف.
– جلسات فارغة وسهرات ضائعة كجلسات المقاهي وشرب الشيشة.
– ساعات طويلة أمام شاشات التلفاز ومع برامج الإنترنت، والهواتف وأدوات التواصل الاجمتاعي…
– الإسرافُ في ألعاب التسلية.
– وغير ذلك من الممارسات التي تسرق الأوقات وتقتل الطاقات والقدرات.
وأمَّا إذا انتقلنا إلى (الممارسات المحرَّمة) بحسب عناوينها الأولية، فهنا الكارثة على أوقات وطاقات الأولاد والبنات.
وهنا تشتد المسؤولية على أولياء الأمور وعلى كلِّ القائمين على شؤون الأجيال والطلاب والطالبات.
ماذا نعني بالممارسات المحرَّمة؟
هي كلُّ الأعمال غير المشروعة في منظور الدِّين.
ومن أمثلتها:
– حفلات الفُسق والمجون.
– الممارسات الجنسية المحرَّمة.
– ألعاب القمار.
– البرامج الفاسدة (برامج الإنترنت والتلفاز).
– الأسفار والرحلات المحرَّمة.
إنَّ مسؤوليةَ أولياءِ الأمور وكلِّ المعنيين بشؤون هذا الجيل كبيرة جدًّا، فأبناؤنا وبناتنا أمانة في أعناقنا، فمطلوبٌ منَّا أنْ نحصِّنَهم إيمانيًا وروحيًا وأخلاقيًا وثقافيًا وسلوكيًا.
وأنْ نحميَهم من كلِّ المؤثراتِ الانحرافيةِ، المؤثراتِ الأسرية، المؤثراتِ الاجتماعية، المؤثراتِ الثقافية، الإعلامية، التربوية…
فيا أولياء الأمور:
مطلوب منكم (أوَّلًا):
أنْ تضعوا أبناءَكم وبناتكم أمام الخيارات الصحيحة في هذه العطلة الصيفية.
فلا تتركوهم يعيشون الفارغ القاتل.
وجنبُّوهم كلَّ الخيارات المحرَّمة والفاسدة.
ضعوهم أمام الخيارات الصالحة النافعة كالالتحاق بالدورات الدينية التي تُشرف عليها جهاتٌ مأمونةٌ موثوقة نظيفة.
• قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) {التحريم/6}.
مسؤوليتكم – أيُّها الأولياء- خطيرةٌ حينما تُفرِّطُونَ في رعاية أبنائكم وبناتكم، وفي حمايتهم من كلِّ الانزلاقات.
• في الحديث عن النبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم):
“ويلٌ لأبناءِ آخر الزَّمان من آبائهم، –قالوا-: يا رسول الله: مِن آبائهم المشركين؟ قال (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): من آبائهم المسلمين، لا يعلمونهم شيئًا من الفرائض، وإذا تعلَّم أبناؤهم منعوهم ورضوا منهم بعَرَض يسير من الدُّنيا… فأنا منهم بريئ وهم منِّي بُراء”.
أيُّها الأولياء: تعاونوا بجدٍّ مع القائمين على الدَّورات الدِّينية، فهذه الدَّورات حواضنُ صالحةٌ نظيفةٌ تحمي أبناءَكم وبناتكم، لكي لا تسرقهم الحواضنُ الفاسدة، وما أكثرها في هذا العصر.
قانون الأسرة الموَّحد
اشتد التحشيدُ لقانون الأسرة الموحَّد، وقد تمَّت إحالة المسودَّة إلى البرلمان، ويبدو أنَّ هناك دفعًا للاستعجال في المصادقة على هذا القانون.
وقد بدت بوادر التجاوزات، حيث صدرت تصريحات عن بعض أعضاء اللجنة القانونية والتشريعية في البرلمان أنَّ النسخةَ المحالة تحمل تجاوزات وقد حذفت بعض الفقرات التي أقرَّتها اللجنة المشَكَّلة وهذا أول الغيث!
قلنا ولا زلنا نقول: إنَّنا نطالب بضمانات تحمي القانون، وهذا ما لم يستجب له حتى الآن، فالهواجس قائمة وكبيرة جدًّا…
قد يقال:
إنَّ القانون نصَّ في مادته الثانية بأنَّه لا يتم تعديل هذا القانون إلى بعد موافقة لجنة من ذوي الاختصاص الشرعي…
ألا تشكِّل هذه المادة ضمانة لهذا القانون؟
نقول:
إنَّنا لا نشكِّك في نوايا أحد، ونتمنَّى أنْ يكون الجميع – في أيِّ موقع تشريعي أو تنفيذي- صادقين كلَّ الصِّدق في حراسة الدِّين، وحماية أحكامه ومبادئه وقيمه، وهذا ما نصَّ عليه دستور هذا البلد.
إلَّا أنَّنا نقول أنَّ هذه المادة الثانية هي كغيرها من بقية مواد القانون خاضعة للتغيير من قبل البرلمان فكيف تصحُّ أنْ تكون ضمانة؟
نعم لو كانت المادة دستورية ومن النوع غير القابل للتعديل كما هي مادة (دين الدولة الإسلام) هنا يمكن اعتمادها ضمانة، فإذا انضمت إلى بقية الضمانات أصبحت (محصِّنة) للقانون.
ثمَّ إنَّ للعلماء ملاحظات على (النسخة) المحالة إلى البرلمان، فقد تشكَّلت (لجنة من كبار العلماء) وقامت بدراسة هذه النسخة دراسة متأنية، وخرجت بمجموعة ملاحظات مهمَّةٍ نشير هنا إلى بعضها بإيجاز جدًّا:
الملاحظة الأولى:
أعطى القانون للقاضي صلاحيات الفقيه في حين لم يتضمَّن القانون في اشتراطات القاضي أن يكون فقيهًا، إنَّها مفارقة خطيرة ونتائجها خطيرة جدًّا، فإمَّا أنْ تُحذف الصلاحيات الخاصة بالفقيه أو أن يُشترط في القاضي أن يكون فقيهًا، ولمن أراد أنْ يطَّلع على مزيد من التوضيحات في هذا الشأن فيمكن أنْ يلتقي العلماء المتابعين لهذا الملف.
الملاحظة الثانية:
يبدو أنَّ (مُسوَّدة القانون) مستعجلة جدًّا، وفيها اختزال شديد، والمواد مضغوطة إلى حدِّ التفريط، الأمر الذي يترك الباب مفتوحًا للتأويلات والاختلافات، والاجتهادات ولا ندري هل أنَّ الهدف من هذا الاختزال والضغط المخلِّ هو فتح المجال للتدخلات البرلمانية لملء الفراغات… وهذا أمر في غاية الخطورة، أم أنَّ هناك أهدافًا أخرى غير واضحة، ومهما يكون الهدف فإنَّ هذا الاختزال سوف يعقِّد القضايا، ويُعطِّل العلاجات وما يُثار على المحاكم الشرعية من إشكالات في التسويف والتعطيل سوف يحدث في ظلِّ هذه الإبهامات والاختزالات ما هو أسوء.
الملاحظة الثالثة:
تتضمَّن مسودَّة القانون المرفوعة للبرلمان مجموعة أخطاء صياغية وفقهية، كما فيها إهمال متعمد لبعض أنواع الزواج المشروعة لدى الفقه الجعفري، وقد دوَّن الأخوة الأفاضل الَّذين تصدُّوا لقراءة ودراسة المسودَّة التي تمَّ نشرها في الصحافةِ مجموعة ملاحظات، ومجموعة اشتباهات بل مخالفات… وهؤلاء العلماء على استعداد لالتقاء أيّ جهة تودُّ الاطلاعَ على تلك الملاحظاتِ والاشتباهات والمخالفات.
وفي ضوء ما تقدَّم من ملاحظات ننصحُ بالتأنِّي وعدم الاستعجال في شأنٍ له خطورتُه الكبيرة، وله تداعياته الصَّعبة، خاصة وأنَّ المرحلة التي يمرُّ بها الوطن في حاجة إلى المزيد من الاصطفاف وليس إلى المزيد من الاختلاف، في حاجة إلى المزيد من التفاهم والتقارب وليس إلى المزيد من التخاصم والتباعد.
مطلوبٌ منَّا جميعًا في هذه المرحلة أنْ نفكِّرَ في معالجة الأزمات التي باتت تقلق أوضاعنا، لا أنْ نعمل على إنتاج أزماتٍ جديدة.
إنَّ أحكام الأسرة شأنٌ له خطورته، وله حساسياته الصعبة، فإذا لم تتفق الرؤى والقناعات حوله، فسوف يُشكِّل مأزقًا دائمًا، وقلقًا مستمرًا، ولن يحسم ذلك كلمة يقولها البرلمان إذا لم تعبِّر هذه الكلمة عن قناعة كلِّ أبناء هذا الشعب.
أكرِّر أنَّ هناك عددًا كبيرًا جدًّا من أبناءِ هذا الوطن يتحفَّظ بشدةٍ على الصيغة المطروحة لقانون الأسرة، فلا يصح إطلاقًا تجاوز هذا العدد الكبير مهما كانت قناعة المدافعين عن هذه الصيغة، ومهما كانت نواياهم صادقة.
المطلوب أنْ تتقارب القناعات فيما يصلح أوضاع هذا الوطن، وفيما يُوحِّد شمله، ويؤلِّف بين قلوب أبنائه.
وهنا تأتي ضرورة الحوار والتفاهم، وكلّما غابت هذه الضرورة، كانت الأمور في الاتجاه نحو الأسوء.
نسأله تعالى أنْ يجنب الوطن كلَّ المكاره والأسواء.
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.