حديث الجمعة 471: قضيّة الإمام المهديِّ المنتظَر (عليه السَّلام) تُوحِّدُ المسلمينَ ولا تفرِّقُهم – نهاية التَّاريخ القضيَّة الشَّاغلة
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلينَ محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُدَاةِ الميامين.
قضيّة الإمام المهديِّ المنتظَر (عليه السَّلام) تُوحِّدُ المسلمينَ ولا تفرِّقُهم
الخطاب الحاضِن
ما أحوجَ المسلمينَ في هذه المرحلةِ الصَّعبةِ المُعقَّدةِ والمشحونةِ بالتَّحدِّياتِ والمؤامراتِ إلى خطابٍ يُوحِّدُ، ولا يُفرِّق.
إلى خطابٍ يجمعُ، ولا يُشتِّتُ.
إلى خطابٍ يهدِّئ، ولا يُؤزِّم.
إلى خطابٍ يُصلحُ، ولا يُفْسِدُ.
ما تشهدُهُ مجتمعاتُ المسلمينَ من فِتَنٍ وصراعات، ومن تطرُّف وعُنفٍ وإرهابٍ، ومن أزماتٍ وتوتُّراتٍ، ومِن إشكالاتٍ وتعقيداتٍ هذا الواقع في حاجةٍ إلى وقَفاتٍ جادَّةٍ وصادقةٍ، تحملُ كلَّ الحبِّ للإنسانِ والأرضِ، والأوطانِ.
وهنا يأتي دورُ الخطاب، وهل صنع كلَّ هذا الواقع السَّيئ إلَّا خطابٌ سيِّئٌ، وإعلامٌ سيئٌ، ومنهج سيئٌ!
هذه هي حواضن ومنابع فرَّخت إرهابًا وإرهابين، وأنتجت تطرُّفًا ومتطرِّفين!
وصنعت عنفًا قاست منه أوطان المسلمين.
ثمَّ إنَّ أوضاعًا مأزومة في البلدان والأوطان هيَّأت (بيئاتٍ مُنشِّطة)، وأجواءً خصبةً دفعت صنَّاع التَّطرُّفِ والعنفِ والإرهابِ أنْ يحرِّكوا كلَّ أهدافِهم السَّيِّئةِ، وخياراتِهم المدمِّرة!
فمطلوب؛ من أجلِ مواجهة هذه الأهداف والخَيارات:
– إصلاح مناهج.
– إصلاح إعلام.
– إصلاح خطاب.
– إصلاح سياسة.
وهذا تفرض تعاونًا، وتآزرًا، وتوافقًا، وتحاورًا، وتفاهمًا.
وكلَّما تقاربتْ وتوافقتْ القناعاتُ، وتوفَّرت المناخات أوجدتْ (استعداداتٍ) حقيقيَّةً؛ لتحصينِ الأوطانِ، وحمايتِها في مواجهةِ كلِّ الاختراقاتِ، وكلِّ الأخطار، أخطار الفتن والصِّراعات، وأخطار التَّطرُّفِ، والعنفِ، والإرهاب.
والعكسُ صحيحٌ، فكلَّما تباعدتْ وتخالفتْ القناعاتُ، وكلَّما تأزَّمتْ المناخاتُ غابتْ (الاستعدادتُ) الحقيقيَّة؛ لتحصين الأوطان وحمايتِها من كلِّ الأخطار والاختراقات، وتكرَّستْ الأخطاء، والأوضاع المُثقلَة بالأتعاب، والعناءات، والإرهاقات.
وبعد هذا التَّمهيد نطرح (قضيَّة الإمام المهديِّ المنتظر (عليه السَّلام) كمحطَّة مهمَّةٍ جدًّا؛ لإنتاج الوحدةِ والتَّقاربِ بين المسلمين بكلِّ طوائفهم ومذاهبهم، إنْ لم نقل أنَّ مسألة (المصلح الأعظم) تشكِّل همًّا عالميًّا، فالبشريَّة بكلِّ انتماءاتها مشدودةٌ إلى (مصلح) ينقد العالم من عذاباتِهِ، وعناءاتِهِ، وأزماتِهِ.
نهاية التَّاريخ القضيَّة الشَّاغلة
إنَّ أخطرَ قضيَّةٍ شغلتْ العقلَ البشريَّ منذ أقدم العصور، ولا زالتْ تشغله حتَّى العصر الرَّاهن هي (قضيَّة نهاية التَّاريخ)، ولا أقصد بنهاية التَّاريخ انتهاء الدُّنيا وقيام الآخرة، فهذه مسألة حسمتها الرِّسالات السَّماويَّة.
المقصود بنهاية التَّاريخ آخر أشواط الإنسان على هذه الأرضِ.
هذا الإنسان الذي بدأ تاريخُه منذ هبط (آدم عليه السَّلام أبو البشر) إلى الأرض، واستمرَّ يتناسل أجيالًا تلو الأجيال.
الفوز والغَلَبة لخطِّ الأنبياء
وتعاقبت على تاريخ البشريَّة (أنبياء) بلغ عددُهم حسب بعض النُّصوصِ الدِّينيَّة (مائة ألف وأربعةً وعشرين ألف نبيٍّ)!!
ما ورد ذِكر أسمائهم من الأنبياء في القرآن الكريم ستَّة وعشرون نبيًّا: منهم خمسة (أولو العزم)، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وسيِّد الأنبياء محمَّد (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، وعلى آله الطَّاهرين).
وكما تعاقب على تاريخ البشريَّة عددٌ كبير من الأنبياء والمرسلين (عليهم السَّلام).
فقد تعاقب على هذا التَّاريخ عددٌ كبيرٌ من (الطَّواغيت، والفراعنة).
وكان الصِّراع عبر التَّاريخ قائمًا بين خطِّ الأنبياء (عليهم السَّلام) وخطِّ المستكبرين!
بين قوى الخير، وقوى الشَّرِّ.
والسُّؤال الَّذي ظلَّ يلاحق العقل البشريَّ؟
لمَن الغَلَبة في نهاية أشواط البشريَّة؟
هل الغَلَبة لخطِّ الأنبياء (عليهم السَّلام)، أو لخطِّ المستكبرين؟
هل الغَلَبة لقوى الخير، أو لقوى الشَّرِّ؟
هل الغَلَبة لدولةِ العدل، أو لدولة الظُّلم؟
أكَّد القرآن الكريم أنَّ الغَلَبة في النَّهاية لخطِّ الأنبياء (عليهم السَّلام)، ولقوى الخير، ولدولة الحق…
* قال الله تعالى في سورة الأنبياء: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (سورة الأنبياء: الآية105).
* وقال تعالى في سورة التَّوبة: ﴿… لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (سورة التوبة: الآية33).
وأكَّدت الرِّوايات أنَّ ظهور الإسلام على كلِّ الأديان حينما تقوم دولة العدل في آخر الزَّمان.
وقد أكَّدت كتب الأديان السَّابقة، وأكَّدت كلمات الفلاسفة أنَّ المعركة في نهاية أشواط البشريَّة سوف تحسم لصالح الأخيار، ولصالح قوى العدل.
أذكر لكم نصًّا مترجَمًا ورد في التَّوراة يتحدَّث عن معركة تقع في آخر الزَّمان تسمَّى (يوم الغضب العظيم)، ويقول النَّصُّ ما معناه: “إنَّه في هذه المعركة سوف ينهزم كلُّ الزُّعماءِ، والأمراءِ، والأقوياءِ، والعظماء، والأغنياء، ويهربون إلى المغاور، وصخور الجبال، وهم يقولون للجبال والصُّخور: اسقطي علينا، وأخفينا من وجه الجالس على العرش، ومن غضب الحمل.
إنَّه يوم الغضب العظيم قد جاء، ومَنْ يقوى الوقوف أمامه”، انتهى المقطع ممَّا جاء في التَّوراة.
فأيُّ يوم غضب عظيم هذا الذي سوف يكون في نهاية العالم؟
ومَنْ هو هذا الجالس على العرش الَّذي سوف يَنهزم أمامه كلُّ الزُّعماء، والعظماء، والأقوياء في آخر الزَّمان؟
ومَن هذا الحمل الذي ترتعب منه كلُّ قوى الأرض بكلِّ إمكاناتها، وقدراتها؟
وإذا اتَّجهنا إلى كلمات الفلاسفة، فلهم كلمات صريحة جدًّا في أنَّ العالم ينتظر مصلحًا عظيمًا.
يقول الفيلسوف الإنجليزي الشَّهير برتراند راسل: “إنَّ العالم في انتظار مُصْلحٍ يُوْحِّد العالم تحت عَلَمٍ واحد، وشَعَار واحد”.
ويقول العالم الكبير اينشتاين صاحب النَّظريَّة النِّسبيَّة: “إنَّ اليوم الذي يسودُ كلُّهُ الصُّلْحُ والصَّفَاءُ، ويكونُ النَّاسُ متحابِّين متآخين ليس ببعيد”.
وبشَّر الفيلسوف الشَّهيرُ برناردشو في كتابه (الإنسان …) بمجيئ المصلح.
فمَن هو هذا المصلح الذي يتحدَّث عنه هؤلاء الفلاسفة؟
وأيُّ يوم هذا الذي يسود فيه الحبُّ والإخاء، والصُّلح والصَّفاء؟
إذا يمَّمنا شطر مصادر المسلمين، فسوف نجد إجاباتٍ واضحةً صريحةً حول هذه التَّساؤلات.
فلن يبقى هذه المصلح مجهولًا.
ولن يبقى هذا اليوم غائمًا.
فقد صرَّحتْ أحاديث نبيِّ الإسلام (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) بكلِّ وضوح عن اسم هذا المصلح.
وعن جميع مواصفاته.
وعن أيَّام دولته، وصفات حكومته.
وعن علامات ظهوره.
وكما صرَّحت بذلك كلمات الأئمَّة من عترة النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
وصرَّحت بذلك كلماتُ الصَّحابة، والتَّابعين، وكبارُ الحفَّاظِ، ورجالُ الحديث.
وقد اتَّفقت كلماتُ علماءِ المسلمين على أنَّ هذا المصلح الذي سوف يظهر في آخر الزَّمان هو (المهدي المنتظر عليه السَّلام).
واتَّفقتْ كلماتُهم كذلك على أنَّ المهدي المنتظر (عليه السَّلام) هو من ذرِّيَّة النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، ومن وُلْدِ فاطمة (عليها السَّلام) بنت محمَّد (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم).
مستندين في ذلك على أحاديث صحيحة متواترة دوَّنتها مصادر الحديث المعتمدة.
أذكر هنا نماذج من هذه الأحاديث:
النَّموذج الأوَّل: عن عليٍّ (عليه السَّلام)، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “المهدي منَّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة”.
إسناده صحيح رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، (مسند أحمد1/84، الإمام أحمد بن حنبل)، وروته مصادر أخرى (عقد الدُّرر في أخبار المنتظر، الصَّفحة 135، يوسف بن يحيى المقدسي).
النَّموذج الثَّاني: عن عليٍّ (عليه السَّلام)، عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، قال: “لو لم يبقَ من الدَّهر إلَّا يومٌ لبعث الله رجلًا من أهل بيتي يملأها عدلًا كما ملئت جورًا”.
إسناده صحيح رواه الحافظ ابن أبي شيبه في مصنَّفه (المصنَّف 8/679، ابن أبي شيبة الكوفي).
النَّموذج الثَّالث: عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “لا تقوم السَّاعة حتَّى تمتلِئ الأرض ظلمًا وعدونا.
قال: ثمَّ يخرج رجلٌ من عترتي [أو من أهل بيتي] يملؤها قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وعدوانًا”.
إسناده صحيح رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، (مسند أحمد3/36، الإمام أحمد بن حنبل).
النَّموذج الرَّابع: عن عبد الله بن مسعود، قال: قال: رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “لا تقوم السَّاعة حتَّى يلي رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي”.
إسناده صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، (مسند أحمد1/376، الإمام أحمد بن حنبل).
النَّموذج الخامس: عن سعيد بن المسيب، قال: كنَّا عند أمِّ سَلَمة، فتذاكرنا المهديَّ، فقالت: سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) يقول: “المهديُّ مِن وُلد فاطمة”.
إسناده صحيح رواه الحافظ ابن ماجة في سننهِ، (سنن ابن ماجة2/1368، محمَّد بن يزيد القزويني).
النَّموذج السَّادسُ: عن أمِّ سلمة قالت: سمعتُ رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم) يقول: “المهدي من عترتي مِن وُلد فاطمة”.
إسناده صحيح رواه الحافظ أبو داود في السُّنن، (سنن أبي داوود2/310، سليمان بن الأشعث السجستاني).
النَّموذج السَّابع: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم”!
إسناده صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، (صحيح البخاري4/43، البخاري).
ربَّما يقال: إنَّ في هذا الحديث إبهامًا، إلَّا أنَّ هذا الإبهام فسَّرته الأحاديث الأخرى الصَّريحة.
النَّموذج الثَّامن: عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “ينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم المهديُّ: تعال صلِّ بنا!
فيقول: لا، إنَّ بعضكم أميرُ بعضٍ تكرمةً لهذه الأمَّة”.
إسناده صحيح رواه الحافظ الحارث التَّميمي في مسنده.
هذه بعض نماذج، … والأحاديث كثيرة جدًّا ومتواترة، ومدوَّنة في أهم المصادر المعتمدة.
قضيَّة المُنتظر اتِّفاقيَّة
أخلص إلى القول: إنَّ قضيَّة الإمام المهدي المنتظر (عليه السَّلام) يتَّفق عليها المسلمون إلَّا القلَّة جدًّا!
ولا يضرُّ الاختلاف في بعضِ الخصوصيَّات ما دام الجميع يؤمنون بأنَّ الإمام المهديَّ (عليه السَّلام) من أهل البيت (عليهم السَّلام) هو المصلح المدَّخر للظُّهور في آخر الزَّمانِ؛ لإصلاح العالم، وإقامة دولة العدل الكبرى في الأرض.
فقضيَّة الإمام المهديِّ (عليه السَّلام) يجب أنْ توحِّد المسلمين لا أنْ تفرَّقهم، وأنْ تقارب بينهم لا أنْ تباعد، وأنْ تؤاخي بينهم لا أنْ تعادي.
الوحدة في ظلِّ دولة المنتظر
في ظلِّ دولة الإمام المهديِّ المُنتظر (عليه السَّلام) سوف يتوحَّد المسلمون، بل سوف يتوحَّد العالم، فلماذا لا نتلاقى بكلِّ طوائفنا، ومذاهبنا، وانتماءاتنا، ومكوِّناتنا، ونحن جميعًا ننتظر دولة الإمام المهدي (عليه السَّلام) من أهل بيت رسول (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)؟!
إنَّها ليست دولة هذه الطَّائفة، أو تلك.
وليستْ دولةَ هذا المذهب، أو ذاك.
إنَّها دولةَ الإسلام، ودولة العدل.
مدرسة الانتظار وخطابها
وإذا كنَّا جميعًا مشدودين إلى الظُّهور المبارك، فهذا يعني أنَّنا مشدودون إلى العدل، الأمن، السَّلام، المحبَّة، الخير، الأمل.
وهذا يفرض علينا جميعًا أنظمةً وشعوبًا وقوى وكيانات أنْ نمارس العدل.
أن نمارس الأمنَ، والسَّلام.
أنْ نمارس المحبَّة، والتسامح.
أنْ تمارس التَّآلف، والتَّقارب.
كما يفرض علينا جميعًا أنْ نرفض الظُّلم.
أنْ نرفض الكراهية، والتَّعصُّب.
أنْ نرفض العنف، والتَّطرُّف.
أنْ نرفض البطش، والإرهاب.
أنْ نرفض كلَّ ما يؤجِّج الضَّغائن، والأحقاد، ويؤسِّس للعداوات، والخلافات.
أنْ نرفض كلَّ ما يسيئ إلى الأديان، وكلَّ ما يضرُّ بالأوطان.
هذه هي مدرسة الانتظار، وهذا هو خطابُ الانتظار.
إنَّه خطابُ العقلِ، والرُّشدِ.
إنَّه خطابُ النَّظافةِ، والصِّدقِ.
إنَّه خطابُ المُثُل، والقِيم.
إنَّه خطابُ الأمنِ، والسَّلام.
إنَّه خطابُ العدل، والإنصاف.
إنَّه خطابُ الوفاءِ للوطنِ، والأرضِ، والإنسانِ.
وأيُّ خِطابٍ آخر، فليس خطابَ انتظار!
وأيُّ خطاب يعيش النَّزق، والطَّيش!
وأيُّ خطابٍ يعيش التَّلوُّث، والقَذَارة!
وأيُّ خطابٍ يعيش مداهنةَ الباطلِ، والفسادِ!
وأيُّ خطابٍ لا يحرس قِيم الحقِّ، والإيمانِ!
وأيُّ خطابٍ يخون الوطنَ، والأرضَ، والإنسان!
وأيُّ خطابٍ يزرع الرُّعب، ويقتل الأمنَ، ويغتال السَّلام!
أيُّ خطاب من هذا النَّوع هو ليس خطاب انتظار، هو خطاب ضدُّ الانتظار.
وبقدر ما يتعشَّق الخطابُ دولةَ الانتظار، فهو يتعشَّق العدل كلَّ العدل.
والأمن كلَّ الأمن.
والسَّلام كلَّ السَّلام.
والتَّسامح كلَّ التَّسامح.
وقبل هذا وذاك الوحدة كلَّ الوحدة.
والمحبَّة كلَّ المحبَّة.
فلا يجوز إطلاقًا مَذْهَبَة، أو طَأْفَنَة قضيَّة الانتظار.
فالذين يحاولون أنْ يوظِّفوا الانتظار مذهبيًّا، أو طائفيًّا يُسيئون إليه كلَّ الإساءة، وكذلك الذين يتَّهمون الانتظار بذلك يظلمون كلَّ الظُّلم.
ومهما وجدت من خلافات حول بعض الخصوصيَّات في مسألة الإمام المُنتظر، فإنَّ العنوان العام هو محلُّ اتِّفاق المسلمين، وقادر أنْ يؤسِّس توافقًا وتوحُّدا في مواجهة كلِّ حالات التَّشتُّت، والانقسام، والخلاف بين المسلمين.
للحديث تتمَّة إنْ شاء اللهُ تعالى.
والحمد لله ربِّ العالمين.