حديث الجمعة 460: الزَّهْراءُ (عليها السَّلام) قِمَّةُ عَطَاءٍ – من روحانيَّة الزَّهراء (عليها السَّلام)-
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلينَ محمَّدٍ وعلى آلِهِ الهُدَاةِ الميامين.
الزَّهْراءُ (عليها السَّلام) قِمَّةُ عَطَاءٍ
إذَا كانت مناسبةُ الصِّدِّيقةِ الزَّهراءِ (عليها السَّلام) موسمَ حُزْنٍ ودُمُوعٍ، فهيَ موسمُ وعيٍ، وفِكرٍ، وثقافةٍ، ورُؤَى.
وهِيَ مَوْسمُ قِيَم، ومُثُلٍ، وأخلاقٍ، ومبادئ.
وهِيَ مَوْسمُ عَطاءٍ، وبِناءٍ، وتَغيير، وإِصْلاح.
وهنا الكلمةُ مُوجَّهةٌ إلى (الخُطَباء) وهُمْ يُقدِّمونَ الصِّدِّيقة الزَّهراءَ (عليها السَّلام) للأجيال في موسم الزَّهراء:
•مطلوبٌ منكم أنْ تقدِّمُوا الزَّهراءَ (عليها السَّلام) وَهَجًا وِجْدَانيًّا تَتَمازَجُ في داخلِهِ العَبْرةُ مع العِبْرة بلغةٍ رشيدةٍ حكيمةٍ بصيرةٍ، قادرةٍ على أنْ تنفتح على العقولِ، والقلوب.
•مطلوبٌ منكم أنْ تقدِّمُوا الزَّهراءَ (عليها السَّلام) مدرسةَ وعيٍ تُغذِّي الأجيالَ أصالةً، وفكرًا، وثقافةً، وهُدًى، وعقيدةً، وإيمانًا، وبصيرة.
•مطلوبٌ منكم أنْ تقدِّمُوا الزَّهراءَ (عليها السَّلام) إشراقةَ روحٍ تنسكبُ على الأجيالِ قِيَمًا، ومُثُلًا، وحُبًّا، وطُهْرًا، ونقاءً، وعِفَّةً، ونظافةً، وصِدْقًا، وخُلُقًا، ونُبْلًا، وورعًا، وفضيلةً، واستقامةً.
•مطلوبٌ منكم أنْ تقدِّمُوا الزَّهراءَ (عليها السَّلام) للأجيالِ عنوانَ جهادٍ، وحركةِ، وصَبْرٍ، وثباتٍ، وإرادةٍ، وعزيمةٍ، وعطاءٍ، وبناءٍ، وإصلاحٍ.
هذا هو المطلوبُ مِن خطابِنا، مِن منابِرنا، مِن أقلامِنا، مِن إعلامِنا، من مؤسَّساتِنا، أنْ نقدِّمَهُ للأجيال بلغةِ هذا العصرِ، وبأساليبِ هذا العصر، وبأدواتِ هذا العصر، وبعيدًا عن كلِّ ما يُسيئ إلى هذا الانتماء إلى مدرسة الأئمَّة من أهلِ البيت (عليهم السَّلام).
المدرسة التي احتضنت الإسلام، وحرَسَتْ قِيَمَهُ، ومفاهيمَهُ، وأحكامَهُ.
المدرسة التي انفتحت على كلِّ المسلمين بكلِّ مذاهبهم، وطوائِفهم، وحاربت كلَّ أشكالِ العَصَبيَّةِ، والطَّائفيَّةِ البغيضةِ، وجاهدت على تأصيل العناصرِ المشتركةِ التي تشكِّل مرتكزاتِ الوحدةِ في داخلِ الأمَّةِ.
فمدرسة الأئمَّة (عليهم السَّلام) لا تشكِّل نزعةً مذهبيَّةً ضيِّقةً، ولا تشكِّل حالةً من التَّنافي مع المشروع التَّوحيديِّ في حركة الأمَّة.
هذا المشروع الذي يحتاج إلى درجاتٍ عاليةٍ من الوعي، والإخلاصِ، والإرادة، والفاعليَّةِ، والحركيَّةِ؛ من أجل إنتاج التَّلاحم الفكريِّ، والنَّفسيِّ، والعمليِّ في مسيرة الأجيال، ومن أجل التَّصدِّي لكلِّ مشروعات التَّجزئة، والتَّفتيت، والتَّقسيم، والتَّمزيق.
فما أحوج المرحلةَ التي تعيشها أمَّتُنا في الوقت الرَّاهن إلى الخطاب الذي أسَّسَ له الإِسلامُ، ومَنْهَجتْ له مدرسةُ الأئمَّةِ من أهلِ البيت (عليهم السَّلام)، وهو خطابُ المحبَّةِ والتَّسامح، وخطابُ الوَحدةِ والتَّقارب.
•﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (سورة الأنبياء: الآية92).
•﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ (سورة المؤمنون: الآية52).
•﴿… وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ …﴾ (سورة الأنفال: الآية46).
•﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ …﴾ (سورة آل عمران: الآية103).
هذا هو خطابُ القرآن الكريم.
وقد حرص الأئمَّة من أهلِ البيت (عليهم السَّلام) على إعطائِهِ حضورًا فاعلًا من خلال ما صدر عنهم من توصياتٍ، وتوجيهات، وكلماتٍ، وإرشادات، فمَن ينتمي إلى مدرستهم (عليهم السَّلام) مطلوب منه بكلِّ تأكيد أنْ يكون نموذجًا صادقًا لهذا الخِطاب.
من روحانيَّة الزَّهراء (عليها السَّلام)
حدَّثَنا عن روحانيَّتِها، وعن عبادتِها أبوها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فقال:
•”…، إنَّ ابنتي فاطمة ملأ اللهُ قلبَها، وجوارحَها إيمانًا إلى مشاشها، فتفرغت لطاعة الله”.
(دلائل الإمامة، الصَّفحة139، محمَّد بن جرير الطَّبري).
•إنَّها “…، متى قامتْ في محرابها بين يدي ربِّها (جلَّ جلالُهُ) زهر نورُها لملائكة السَّماءِ كما يزهر نورُ الكواكب لأهلِ الأرض، ويقول اللهُ (عزَّ وجلَّ) لملائكتِهِ: يا ملائكتي، انظروا إلى أَمَتي فاطمة سيِّدةِ إمائي قائمةً بين يدي، ترتعدُ فرائصُها من خِيفتي، وقد أقبلتْ بقلبِها على عبادتي، …” (الأمالي، الصَّفحة175، الشَّيخ الصَّدوق).
فما أحوَجَ الأجيالَ كلَّ الأجيالِ أنْ تعيش شيئًا من روحانيَّة الزَّهراء (عليها السَّلام) في هذا الزَّمنِ البئيس الذي ماتت فيه (قيمُ الرُّوحِ)، وتَبَلَّدَتْ (المُثُلُ)، وأصبح الكثيرُ مِنَ النَّاسِ سِبَاعًا ضاريةً، يلبسون فرو الكباش، ويحتضون في داخلهم قلوبَ الذِّئاب.
نعم، في هذا الزَّمنِ الحاجة كبيرةٌ كبيرةٌ إلى بعضٍ من (روحانيَّةِ الدِّين)، وبعضٍ من (روحانيَّة الزَّهراء عليها السَّلام).
وهنا إشكاليَّةٌ تُطرحُ في السَّاحةِ الثَّقافيَّة تقول: ما جَدْوَى الحديث عن (الرَّوحانيَّاتِ) في عصرٍ تزدحم فيه أوضاعٌ قلقلةٌ كثيرةٌ تحتاج إلى معالجات:
أوضاعُ السِّياسةِ.
أوضاعُ الاقتصادِ.
أوضاعُ الحقوقِ.
أوضاعُ الأمنِ.
وغيرها من الأوضاعِ التي فرضتْ نفسَها على الواقع المعاصر، وأصبحت الهمَّ الأكبر للأنظمة، وللشُّعوب وللأوطان.
فالاستغراق في (الشَّأن الرُّوحيِّ) يُشكِّلُ (غَيْبُوبَةً)، و(هُرُوبًا)، و(ارتماءً) في أحضانِ المثاليَّاتِ والطُّوبائيَّات.
فيجب على (دعاة الرَّوحانيَّة) أنْ يستيقظوا من (غَيْبُوباتهم)، و(مثاليَّاتهم)، ويعودوا إلى الواقع؛ ليعالجوا قضاياه، ومسائله، وإشكالاتِه، وتحدِّياتِه، وضروراتِهِ، فهذا أجدى وأنفع لأوطانِنَا، ولشعوبِنا، ولكلِّ واقعنا.
في الإجابة عن هذه الإشكاليَّة أتناول بعضَ نقاط:
النقطةُ الأُولى: ضرورة التَّحرُّك لمعالجة الأوضاع
لا نشكَّ في ضرورة أنْ تتحرَّكَ المعالجاتُ لأوضاعِ الأوطان، وبالأخصِّ أوضاعُ السِّياسة، وأوضاعُ الاقتصادِ، وأوضاع الحقوقِ، وأوضاع الأمنِ.
فالمعالجاتُ لهذه الأوضاعِ تشكِّلُ ضروراتٍ عاجلةً، وحينما أقولُ ضرورات عاجلة، فأعني أنَّه لا يجوز التَّسويفُ فيها إطلاقًا، فإنْ أمكن معالجتَها اليوم، فلا يجوز تأخير المعالجة إلى الغد.
وإنْ أمكن معالجتها في الغدِ، فلا يجوز تأخير المعالجةَ إلى ما بعد الغد، وهكذا.
فإذا كانت هناك إراداتٌ جادَّةٌ في معالجة أزماتِ الأوطانِ، فلماذا التَّسويف؟
ولماذا الانتظار إلى الغد، أو إلى ما بعد الغدِ؟
وكلَّما تأخرتْ المعالجات يومًا أو أكثر من يوم كان ذلك سببًا في تعقُّد العلاجات.
وكانَ ذلك سببًا في تراكم الأزمات، والأخطار.
وكان ذلك سببًا في اشتدادِ عناءاتِ وعذاباتِ الشُّعوب.
وكان ذلك سببًا في توفُّر المناخات؛ لتحرُّك الخَيَارات الصَّعبةِ والضَّارَّة بالأوطان.
النقطةُ الثَّانيةُ: المسؤول الأوَّل عن علاج الأزمات؟
والسَّؤال الذي يجب أنْ يُطرحَ بِصراحةٍ: مَنْ المسؤولُ الأوَّلُ في تحريكِ العلاجاتِ لأزماتِ الأوطانِ، الأنظمةُ الحاكمة، أم الشُّعوب؟
بكلِّ تأكيدٍ أنَّ الأنظمةَ الحاكمةَ هي المسؤول الأوَّلُ في تحريك العلاجات لأزماتِ الأوطان، وفي الدَّفع بمشاريع الإصلاح والتَّغيير؛ كونها بيدها كلّ الإمكانات، والقُدُرات، والأدوات.
نعم، يجبُ أنْ يكونَ للشُّعوبِ شَرَاكاتٌ حقيقيَّة وجادَّة في إنتاجِ العلاجاتِ، وفي صوغ مشاريع الإصلاحِ والتَّغيير، وإلَّا كانت هذه العلاجات قاصرة، وكانت هذه المشروعات مُتَعثِّرة.
النقطةُ الثَّالثة: دور القِيم والمُثُل في عمليَّة الإصلاح
ما دورُ (القِيمِ، والمُثلِ الرُّوحيَّة والأخلاقيَّة) في عمليَّة الإصلاح الاجتماعيِّ، والسِّياسيِّ، والاقتصاديِّ، والحقوقيِّ، والأمنيِّ؟
لها كلُّ الدَّور، ويتمثَّل هذا الدَّورُ في بُعدين أساسين:
البُعدُ الأَوَّلُ: إنَّ وجودَ (الحسِّ الرُّوحيِّ والأخلاقيِّ) يُنشِّط حركة التَّصحيح والتَّغيير على كلِّ المستويات، وكلَّما كان هذا الحسُّ متأصِّلًا ومُتَجذِّرًا أوجَدَ (حَوَافِزَ) أقوى، وأنتج (حَرَاكًا) أنشط.
إنَّ الذينَ يموتُ في داخلهم (الحسُّ الرُّوحيُّ والأخلاقيُّ)، أو يصاب بالضَّعف والاهتزاز لا تتشكَّل لديهم حوافزُ التَّغيير، والتَّصحيح، والإصلاح.
لماذا؟
لأنَّ (الضَّمير الأخلاقيَّ) في داخلهم قد تكلَّس، فما عادوا يتألَّمون، ويقلقون لعناءاتِ الأوطانِ ولَعَذاباتِ الشُّعوب!
أمَّا الذينَ يحملونَ (وِجدانًا إيمانيًّا، وروحيًّا، وأخلاقيًّا)، فلا يملكون إلَّا أنْ يعيشوا (هموم الأوطان، وآلام الشُّعوب)، لأنَّهم يرون في التَّخلِّي عن ذلك (جِنايةً كبرى) تُعرِّضُهم للعقابِ الإلهيِّ.
البُعدُ الثَّاني: إنَّ الضَّوابط الرُّوحيَّةَ، والأخلاقيَّةَ الأصيلة، وغير المزوَّرةِ هي التي تسيِّجُ كلَّ المسَاراتِ الثَّقافيَّةِ، والاجتماعيَّةِ، والاقتصاديَّةِ، والسِّياسيَّةِ، والحقوقيَّةِ، والأمنيَّةِ، والإعلاميَّةِ، وبقيَّة المسارات.
وحينما قلتُ: (الضَّوابط الأصيلة، وغير المزوَّرة)، لأنَّنا في عصرٍ قد راجتْ فيه (الشَّعارات الكاذبة)، فوجدت جماعات تتاجر بلغة (الدِّين، والقِيم)، وانطلاقًا من هذه اللُّغة، وهذه الشِّعارات قَتَلُوا، وذَبَحُوا، واستباحوا الدِّماء، والأعْرَاض، والأموال، ومارسوا كلَّ أشكال التَّطرُّفِ، والعنف، والإرهاب، ودمَّروا الأوطان، ونشروا الرُّعب والفساد في الأرض، وعبثوا بكلِّ المقدَّراتِ، والكرامات.
نعم، هناك (ضوابط، وقِيم روحيَّة وأخلاقيَّة) أصيلة، وغير مُزوَّرة هي – من مُسلَّماتِ هذا الدِّين، بل من مسلَّماتِ كلِّ الأديانِ السَّماويَّة، بلْ من مُسلَّمات كلِّ العقلاء -: المُحبَّة، التَّسامح، الرَّحمة، الرِّفق، العدل، الإصلاح، والإنصاف، التَّآلف، التَّآخي، التَّعاون، البِرُّ، الإحسان، الأمانة، … إلخ.
إنَّ أزمة هذا العصر هي (أزمةُ قِيَمٍ)، و(أزمةُ أخلاقٍ).
وإذا كان العالم يُصرُّ على (إلغاءِ القِيم، والأخلاق)، فمطلوب منَّا نحن المسلمين أنْ نعطي لهذه القِيم، والأخلاق حضورها في كلِّ واقعنا، وبالأخصِّ الثَّقافيِّ، والاجتماعيِّ، والسِّياسيِّ، والاقتصاديِّ، والأمنيِّ، والإعلاميِّ.
ما تعاني منه أوطانُ المسلمين من مآسيَ، وأزماتٍ، وصراعات، وخلافاتٍ، وفِتن، ومظالم ومفاسد، وتطرُّف، وكراهيَّات، وعداوات، وعنفٍ، وإرهاب.
كلُّ هذا ناشِئ من غياب (القِيم الأصيلة، وغير المزوَّرة)، وموت (الضَّمير النَّظيف) في داخل الإنسان، الإنسان الفرد، والإنسان المجتمع، والإنسان الدَّولة.
إنَّ العودة إلى (القِيم، والمُثل الأصيلة) ليس إقحامًا للدِّين في السِّياسة، والذي يتعقَّد منه الكثيرون!
دعونا من هذا، فهل يريد أحدٌ أنْ تعيش السِّياسة بلا قِيم، وبلا أخلاق؟!
وهل يريد أحدٌ للسَّاسَةِ أنْ يعيشوا بلا ضمير، ولا وجدان.
لا أظنُ ذلك إلَّا مَنْ لا يَملكُ دِينًا وضميرًا.
فالقِيم هي المحصِّنات التي تحمي الحاكم والمحكوم، وتحمي كلَّ السِّياسات، وتحمي كلَّ العلاقات، وتحمي كلَّ الأوطان.
فكلَّما غابتْ القِيم، وغاب (الضَّمير) فسدت أوضاع السِّياسة، وأوضاع الاقتصاد، وأوضاع الأمن، وأوضاع الحقوق، وكلُّ الأوضاع.
وحينما نتحدَّث عن (القِيم) إنَّما نتحدَّث عن (مُحصِّنات)، ولا نتحدَّث عن (مشاريع).
الأوطان في حاجةٍ إلى (مشاريع إصلاح)، وفي حاجة إلى (محصِّنات) تحمي هذه المشاريع.
والقِيم الرُّوحيَّة والأخلاقيَّة في مضامينها الأصيلة والنَّقيَّة هي من أهم المحصِّناتِ لمشاريع الإصلاح.
فالذي يؤسِّس لصلاحِ الأوطان:
أوَّلًا: المشاريع الإصلاحيَّة الحقيقيَّة
وجودُ مشاريعِ إصلاحٍ حقيقيَّةٍ، وقادرةٍ على إنهاءِ الأزماتِ في الأوطان.
أمَّا إذا كانت المشاريع غير حقيقيَّةٍ، وغير جادَّةٍ، فلن تكونَ قادرةً على إصلاحِ الأوضاعِ، وإنهاءِ الأزماتِ، والقضاءِ على التَّوتُّرات.
ثانيًا: وجود المحصِّنات الروحيَّة والأخلاقيَّة
وجود (مُحصِّناتٍ) تحمي مشاريع الإصلاح، وتدفع بها في اتِّجاه أهدافِها المرسومةِ، وتحاسبُ خطواتِها، ومساراتِها، وهنا الحاجةُ إلى (القِيمِ الرُّوحيَّةِ، والأخلاقيَّةِ) الأصيلةِ، والبصيرةِ، والنَّظيفةِ، والفاعلة، والقادرة.
ثالثًا: وجود الشَّراكة الحقيقيَّة بين الأنظمة والشُّعوب
وجودُ شراكةٍ حقيقيَّة بين الأنظمةِ والشُّعوب في إنتاج مشاريع الإصلاح، وفي تحريكها، والدِّفاعِ عنها، وتصحيح أخطائها ومساراتها، وفي الالتزام بكلِّ مُحصِّناتها الرُّوحيَّة، والأخلاقيَّة.
فإذا فُقدت هذه (المُؤسَّساتُ) والمحدَّدات، فلا شكَّ أنَّ مآلاتِ الأوطانِ هي أسوَأُ المآلاتِ، فيما تحملُه من تأزُّماتٍ، وتوتُّراتٍ، واحتقاناتٍ، وخلافاتٍ، وصراعاتٍ، وخَرَاب، وفَسَادٍ، ورُعبٍ، إنْ لم تكنْ المآلاتُ عُنفًا، وتطرُّفًا، وإرهابًا، ودمارًا شاملًا.
نسأله تعالى أنْ يحمي أوطاننا من كلِّ النَّوائبِ، والمِحنِ، والكوارثِ، والفِتنِ، والشَّدائد، والابتلاءات.
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.