حديث الجمعة 452: الوحدة في ذِكرى المولد النَّبويِّ، وذِكْر مولد الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين.
الوحدة في ذِكرى المولد النَّبويِّ، وذِكْر مولد الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)
مناسبتانِ كبيرتانِ قادرتانِ أنْ تؤسِّسا لخطابِ الوحدة بين المسلمين، وما أكثر العناوين التّي تمتلكها أمَّتُنا وهي قادرةٌ أنْ تصوغ (خطاب الوحدة) في مواجهة خطابات الفِتنةِ والكراهيةِ والخلاف، إلَّا أنَّ هذه القدرةَ تحكمها (اشتراطات)، وإلَّا تكلَّستْ، وأصبحت عاجزةً، فكلَّما استنفرتْ الشُّعوبُ رُشدَها، وأخلاقها، وإرادتها كانت مؤهَّلةً لأنْ يتشكَّل لديها (خطاب الوحدة)، وكانت مؤهَّلةً؛ لكي تُصغي لهذا الخِطاب.
وإذا غاب عند الشُّعوب الرُّشدُ، والإخلاصُ، والإرادة تعطَّل عندها (التَّأهُّلُ)؛ لإنتاج خطاب الوحدة، وتعطَّل عندها (الاستعدادُ)؛ لكي تصغي لهذا الخطاب.
هنا مجموعة قوى تُهندسُ لمشروعات الفِتنةِ، والكراهية، والخلاف بين المسلمين، وفي داخل الأوطان، وعلى رأسِ هذه القوى أعداءُ المسلمين، فلا يهمهم؛ من أجلِ مصالحِهم، وأهدافِهم، وغاياتِهم السَّيئةِ أنْ تشتعل نيرانُ الفتنِ الطَّائفيَّةِ، والمذهبيَّة، والقوميَّة، والعِرقيَّة بين المسلمين، وبين بلدان المسلمين، وبين شعوب المسلمين، وبين مكوِّناتِ الأوطان.
وهكذا دأبت هذه القوى المعاديةُ للإسلامِ والمسلمين معتمدةً كلَّ الوسائلِ، والأدواتِ، والإمكانات في تأجيجِ الأحقادِ والضَّغائنِ والعداواتِ، وفي تغذيةِ الخلافاتِ والصِّراعاتِ، وفي إنتاجِ المعاركِ والحروب بكلِّ أثمانِها الباهظةِ من دماءٍ، وأرواحٍ، وأعراضٍ، وأموالٍ.
وقد ساهم في إنجاح مشرعاتِ الفتنةِ والكراهيةِ والخلاف في بعضِ أوطانِ المسلمين وجودُ أنظمةٍ حاكمةٍ مارست دورًا في إضعافِ الشُّعوبِ، وقهرِ وإسقاطِ إراداتِها، وفي التَّمييز بين مكوِّناتِها ممَّا هيَّأها لأنْ تكون بيئةً صالحةً لمشروعاتِ الفتنة، والكراهية.
يضاف إلى ذلك (منابر) لعبت أدوارًا سيِّئةً جدًّا في تغذية الفتن والكراهيات، نتيجةَ رؤى متعصِّبةٍ، ومنغلقةٍ، ومتطرِّفةٍ، ومسكونةٍ بدرجاتٍ عاليةٍ من الأحقادِ والضَّغائنِ، ومأسورةٍ لأعراضٍ وأهداف وغاياتٍ فاسدةٍ.
ويجب أنْ لا ننسى (الأقلام) الموتورةَ، والتي سكبتْ مِن خلال حِبرِها الملوَّث، وأورقِها الموبوءة، ودوافِعها المشبوهةِ كمًّا كبيرًا من (النَّتنِ الطَّائفيِّ) مصبوغًا بالدَّجلِ، والنِّقاق، والكذب، والخداع.
كم هي خطيرة وخطيرة هذه المنزلقات الطَّائفيَّة والتي حينما تشتعلُ نيرانُها، فلن تنجو أنظمةٌ ولا شعوبٌ، ولا مكوِّناتٌ، ولا أوطانٌ، ولن ينجو أمنٌ، ولا اقتصادٌ، ولا تعليم، ولن تنجو أديانٌ، ولا طوائف، ولا مذاهب، ولا مساجدُ ولا معابدُ، ولن ينجو نساءٌ ولا رجالٌ، ولا أطفالٌ، ولا شبَّانٌ، ولا كهولٌ، ولا شيوخ، ولن ينجو حجرٌ ولا شجرٌ، ولا جبلٌ، ولا برٌّ، ولا جوٌّ، ولا بحرٌ.
نعود إلى ذِكرى المولد النَّبويِّ الشَّريف، وإلى ذِكرى ميلاد سادس أئمَّةِ أهل البيت الإمام جعفر بن محمَّد (عليهما السَّلام)، حيث تزامنت المناسبتان بناءً على إحدى الرِّوايتين في مولد النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم).
فما أحوج شعوبنا في هذه المرحلة التي تتحرَّك فيها مشروعات التَّجزئةِ، والتَّشظِّي والشَّتات، وتتصدَّر كلَّ الواجهات خطاباتُ الفتنة بكلِّ أشكالها، وألوانِها، وصياغاتِها.
ما أحوج هذه الشُّعوب إلى أنْ توظِّف (المناسبات الدِّينيَّة الكبرى) في التَّأسيس لمشروعاتِ الوحدة والتَّقارب، والتَّآلف، والتَّلاحم.
قد يقال: إنَّ المسلمين اختلفوا في يوم مولد النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، فكيف يمكن أنْ يكون هذا اليوم محطَّةٍ وحدة، وتقارب، ومنطلقَ تآلفٍ وتلاحم؟
ثمَّ إنَّ ميلاد الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) السَّادِس من أئمَّة الشِّيعة هو مناسبة مذهبيَّة، فلا يمكن أنْ تؤسِّس للتَّقارب بين المسلمين؟
لنا بعضُ ملاحظاتٍ على هذا الكلام:
الملاحظة الأولى: إنَّ كثيرًا من العناوين التي تشكِّل (مُسلَّمات) عند المسلمين، يختلفون في الكثير من تفصيلاتها.
فالتَّوحيدُ، والنُّبوَّة، والمعاد أصولٌ ثابتة عند المسلمين بكلِّ طوائفهم، ومذاهبهم، وانتماءاتهم، إلَّا أنَّ التَّفصيلات هي محلُّ جدلٍ وخلافٍ بين مذاهب المسلمين، فهل يمنع هذا الجدل والاختلاف من أنْ تكون هذه (الثَّوابت) مرتكزات وحدةٍ بين المسلمين؟
القرآن الكريم يتَّفق المسلمون على أنَّه كتابُ الله سبحانه المُنزل الَّذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفِهِ وإنْ اختلف المسلمون في فهم وتفسير آياتِه، فهل يمنع هذا الاختلاف من أنْ يكون القرآنَ الكريم مرتكزَ وحدةٍ بين المسلمين؟
الملاحظة الثَّانية: – في ضوء ما تقدَّم – لا يُشكِّل الاختلافُ في تاريخ المولدِ النَّبويِّ عائقًا في اعتماد هذه المناسبة الكبيرة منطلقًا؛ لتحريك خطابات الوحدة والتَّآلف بين المسلمين في مواجهة خطابات الفتنةِ، والتَّمزُّق.
وكم هو اختيار جميل وموفَّق إطلاق اسم (أسبوع الوحدة) على الزَّمنِ الممتدِّ من (الثَّاني عشر من ربيع الأوَّل) يوم المولد النَّبويِّ حسب الرِّواية السُّنيَّة المشهورة، إلى (السَّابع عشر من ربيع الأوَّل) يوم المولد النَّبويِّ حسب الرِّواية الشِّيعيَّة المشهورة.
الملاحظة الثَّالثة: إنَّ مولد الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) – السَّادسِ من أئمَّة أهل البيت (عليهم السَّلام) – ليس مناسبةً مذهبيَّةً؛ ليكون الاحتفاء بها (تَمَذْهُبًا).
الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السَّلام) مصادر إشعاعٍ وعطاء وهداية لكلِّ المسلمين، وهذا ما أكَّده (حديثُ الثَّقلين) المتواتر بين المسلمين، حيث قال النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “إنِّي تارك فيكم الثَّقلين: كتابَ الله، وعترتي أهلَ بيتي، ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلُّوا بعدي أبدًا، وإنَّهما لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض، …” (مستدرك الوسائل7/255، ميرزا حسين النوري الطبرسي).
وكذلك ما أكَّده (حديث السَّفينة) المشهور، حيث قال النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم): “مثلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوحٍ، …، مَنْ ركبها نجا، ومنْ تخلَّف عنها غرق وهوى، …” (خلاصة عبقات الأنوار4/98، السيد حامد النقوي).
وأحاديث كثيرة دوَّنتها مصادر المسلمين أكَّدت على (مرجعيَّة الأئمَّة عليهم السَّلام لكلِّ المسلمين).
فهل يصح أنْ (نُمَذْهِبَ) الأئمَّة (عليهم السَّلام) مِن أهل البيت؟
فذكرى ميلاد الإمام الصَّادقِ (عليه السَّلام) ليست مناسبة مذهبيَّةً؛ ليكون الاحتفاء بها (تَمَذْهُبًا)، بل هي مناسبة مفتوحة لكلِّ المسلمين، وكذلك بقيَّة مناسبات أهل البيت (عليهم السَّلام)، فهي جزء من (منظومة المناسبات الدِّينيَّة الإسلاميَّة)، والقادرة على احتضان المسلمين بكلِّ طوائفهم، ومذاهبهم، وانتماءاتِهم.
من هنا صحَّ أنْ تكون هذه المناسباتُ محطَّاتٍ يَتَعَبَّأ من خلالِها المسلمونَ بوقود المحبَّةِ، والتَّسامحِ، والوحدةِ، والتَّآلف.
وإنَّها لجنايةٌ كُبرى في حقِّ هذه المناسباتِ أنْ تتحوَّل مصادرَ (فتنةٍ، وخلاف)، ومواقع (كراهية وشحناء).
وإنَّها لخيانة لأهداف هذه المناسبات أنْ تكون منطلقًا؛ لإنتاج (العنف، والتَّطرُّف، والإرهاب).
الملاحظة الرَّابعة: إذا كان مطلوبًا بقوَّةٍ، وصِدقٍ، وفاعليَّةٍ أنْ يتحرَّك في هذه المناسباتِ (خطابُ المحبَّة، والتَّسامح، والألفة، والتَّقارب) انطلاقًا من توجيهاتِ القرآن الكريم، وتوجيهات النَّبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآلِهِ وسلَّم)، وتوجيهاتِ الهُداةِ من أهل بيتهِ (عليهم السَّلام)، فإنَّ هذا الخطابَ ليس شعارًا استهلاكيًّا، كما هي الشِّعارات الرَّائجة في أسواق السِّياسةِ بكلِّ ما تحمله هذه الأسواق من كذبٍ، ودَجَلٍ، ونفاق.
لا أريد أنْ أقول: إنَّ كلَّ مَنْ يتعاطونَ السِّياسةَ في هذا العصر هم كَذَبَة، ودجَّالون، ومنافقون، هذا اتِّهامٌ فاحش، وظلمٌ قبيح، وإساءة لا أسمح لنفسي أنْ أتحمَّلها.
نعم، أستطيع أنْ أقول: إنَّ في أسواقِ السِّياسة هذه هي البضاعة الرَّائجة، وهذه هي السِّلعة المتحرِّكة!
أؤكِّدُ القول: إنَّنا لا نريد لخطاب المحبَّة، والتَّسامح أنْ يكونَ خطابًا استهلاكيًّا، أو مجرَّد آمالٍ، وأمنياتٍ، وطموحات.
مطلوبٌ أنْ يتحوَّل هذا الخطابُ مشروعًا حقيقيًّا وإنْ كان هذا المشروع تواجهُهُ تعقيداتٌ صعبةٌ، ومعوِّقاتٌ كبيرةٌ، وتحدِّياتٌ ثقيلةٌ، وإشكالاتٌ حادَّةٌ.
هذا المشروع لا يريد له (صنَّاعُ الفرقةِ)، و(تجَّارُ العصبيَّة)، و(سماسرةُ الكراهية)، و(مهندسو الفتن) أنْ يُولد، وأنْ يتنفّس، وأنْ يتحرَّك؛ لذلك يضعونَ أمامه كلَّ التَّعقيداتِ، والمعوِّقاتِ، والتَّحدِّيات، والإشكالات.
وفي مقابل ذلك يحتاج كلُّ الغيارى على وحدة الشُّعوب والأوطان:
أوَّلًا: أنْ يستنفروا كلَّ إمكاناتهم وقدراتهم في مواجهة (مشروعاتِ الفتنة، والكراهية، والتفتيت) وإنْ تَمَتْرَسَ وراءَها مَنْ تَمَتْرَسَ، فلا خَيَارَ أمامَ هؤلاءِ الغيارى على الأوطان، وعلى أمِن الأوطان إلَّا أنْ يواجهوا تلك المشروعات المدمِّرة.
ثانيًا: مطلوب أنْ يتحرَّكَ خطابُ المحبَّةِ والتَّسامحِ بِقوَّةٍ؛ لكي يتمركز في وعي الجماهير، وفي وجدانهم، وفي كلِّ مساحاتِ حياتهم.
وهنا يجب أنْ يمارس الصَّادقون المخلصون من حملةِ هذا الخطابِ، علماءَ دينٍ كانوا، أو رجال سياسةٍ، أو أصحابَ أقلام وإعلامٍ، أو مواقعَ حقوقيَّةٍ، وتربويَّةٍ، واجتماعيَّةٍ، واقتصاديَّة أنْ يمارس هؤلاء أدوارَهم في إنتاج (ثقافةَ المحبَّة، والتَّسامح)، هذه الثَّقافة التي لا زالت محاصرةً في أغلب أوطانِ المسلمين، ولا زالت مرهونةً لحسابات السِّياسة، ومزاجاتِها، وغاياتِها، وتقلباتها، وتغيراتها. وربَّما لا زالتْ محكومةً لعصبيَّاتِ الانتماءاتِ الطَّائفيَّة، والمذهبيَّة.
فقد يتحدَّث خطاب الأنظمة الحاكمة عن (ثقافة المحبَّة، والتَّسامح)، ولكن في مساحةِ الولاء للأنظمة.
وقد يتحدَّث خطاب طائفة، أو مذهب عن (ثقافةِ المحبَّة، والتَّسامح)، ولكن في مساحةِ الطَّائفة، أو المذاهب.
مطلوبٌ بكلِّ تأكيد أنْ تعيش الشُّعوبُ (محبَّةً، وتسامحًا) تجاه الأنظمةِ الحاكمةِ، ولكن بشرط أنْ تكونَ الأنظمة تعيش (محبَّةً، وتسامحًا) مع الشُّعوب.
ومطلوبٌ كذلك (المحبَّة، والتَّسامح) مع كلِّ القوى موالية للأنظمة، أو معارضةً.
ومطلوبٌ كذلك (المحبَّة، والتَّسامح) في داخل الطَّوائف، والمذاهب، والمكوِّنات، وكذلك مع الطَّوائف، والمذاهب، والمكوِّنات الأخرى.
لا مشكلة أنْ تصاغ (توحُّدات) في داخل الطَّائفةِ، أو داخل المذهب، أو في داخل المكوِّن، ولكنَّ المشكلة حينما تتحوَّل هذه (التَّوحُّدات) إلى حالاتٍ متصارعة، ومتنافية، ومتحاربة!
حينما يكون هناك (توحُّد سنِّي) في مقابل (توحُّد شيعي)، أو يكون العكس.
وحينما يكون (توحُّد سياسي) محاربًا لـ(توحُّد سياسي آخر)، هذا أمر يُشّكِّل خطرًا كبيرًا على الأوطان، وعلى وحدتها، وعلى أمنها، وعلى مصالحها.
إنَّ أخطر ما يواجه الأوطان اللَّعب على وتر التَّناقضاتِ الطَّائفيَّة، والمذهبيَّة، والسِّياسيَّة؛ من أجل إشعال السَّاحات بالصِّراعاتِ والخلافاتِ، الأمر الذي يفرض علينا مزيدًا من الوعي واليقظة والحذر، وعدم الدُّخول في السِّجالات، والمعتركات، والتَّجاذبات الهامشيَّةِ والصَّغيرة على حساب الأهدافِ الكبرى والمصيريَّة.
وكثيرًا ما تهندسُ بعضُ أنظمة السِّياسة؛ لإلهاء الشُّعوب بما يُصادر لديها (اهتماماتِها الأساس)، و(حضورَها الفاعل) فيما هي قضايا الأوطان، ومطالب الشُّعوب، وأزمات البلدان.
وأمَّا الأنظمةُ الصَّالحةُ الوفيَّة لشعوبها، فهي دائمًا تحملُ همومَ وقضايا ومطالب هذه الشُّعوب، وتدفع بها؛ لتكون الحاضرة الفاعلةَ في معالجةِ كلِّ الأزماتِ، والنَّأي بالأوطان عن كلِّ المآزق والاحتقانات.
وكلَّما مارستْ الأنظمة رشدًا سياسيًّا، وتسامحًا، واعتدالًا، وإنصافًا دفعت بالشُّعوب نحو الرُّشدِ، والتَّسامحِ، والاعتدالِ، والإنصافِ، ودفعت بكلِّ القوى النَّاشطةِ في اتِّجاه البناءِ، والإصلاحِ، وخدمةِ الأوطانِ.
فمن الخُسرانِ كلِّ الخُسران أنْ ترتبك مساراتُ الشُّعوب.
ومن الخُسران كلِّ الخُسرانِ أنْ تُعطَّل القدراتُ النَّاشطة في البلدانِ، فهذه القدرات هي ثروة الأوطان وحصونُها، فيجب أنْ تمارس أدوارَها الفاعلةَ في الفضاءاتِ الحرَّةِ المفتوحةِ ما دام هدَفها العطاُ، والبناءُ، والارتقاءُ بالأوطانِ، ولا يجوز أنْ يحاصرَ أداءاتِها المشروعةَ أيَّةُ مُكبِّلاتٍ، أو مُعوِّقاتٍ إلَّا الضَّوابطُ التّي تقرُّها الأديانُ الصَّحيحةُ، والقوانينُ العادلةُ.
فكما يكون من الظُّلم أنْ يُعطِّلَ النَّاشطون أدوارَهم في خدمةِ الأوطان والشُّعوب، فكذلك من أسوأ الظُّلم أنْ تمارس أيَّةُ قُوى مضادَّةٍ قهرًا وتعطيلًا لهذه الأدوار، فتكون الخسارةُ كبيرةً على الأوطان.
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.