حديث الجمعة 304: من محرقاتِ الأعمال (2) الحسد – الاحتجاج السلمي ليس تأزيمًا ولا عنفًا ولا إنتاجًا للفتنة – أطفالٌ إلى مدارسهم يعودون وأطفالٌ في السجون يقبعون – لا يجوز الصَّمت على إهانة أقدس إنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للهِ ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الهداة المعصومين…
من محرقاتِ الأعمال:
في ما تقدَّم من حديثٍ تناولنا واحدًا من محرقات الأعمال وهو (الظلم)، نتابع الكلام مع عنوانٍ آخر وهو:
(2) الحسد:
في البدء لا بدَّ من تحديد معنى (الحسد)..
لدينا ثلاثة عناوين: الحسد، الغبطة، الغيرة…
1- الحسد: (تمنِّي زوال النعمة من أخيك ممَّا له فيها مصلحة).
2- الغبطة: (أنْ لا تتمنَّى زوال النعمة عن أخيك، بل تتمنَّى لنفسك مثلها)
3- الغيرة: (أنْ تتمنَّى زوال نعمة عن أخيك ممَّا لم يكن له فيها صلاح ومنفعة)
حالات ثلاث في مسألة الحسد:
الحالة الأولى: الخواطر الداخلية:
أن تتحرَّك في داخل الإنسان (خاطرة الحسد) إلَّا أنَّه يتألَّم لحصول هذه الخاطرة، ويضغط عليها ويحاول أن يتخلَّص منها، ولا يدعها تؤثِّر على علاقته مع أخيه..
هذا اللون من الخواطر وإنْ كان يعبِّر عن عدم صفاء النفس ونقائها وطهرها إلَّا أنَّه لا يترتَّب عليه أيّ إثم.
الحالة الثانية: أن تتحرَّك خاطرة الحسد في داخله، فلا يواجهها بمقتٍ وسخطٍ، ولا يتألَّم لحصولها ويبقى يعيش الرغبة والتمنِّي في زوال النعمة عن أخيه، إلَّا أنَّه لا يمارس أيَّ عملٍ خارجي لإبراز هذه الرغبة من خلال (الأقوال والأفعال).
ما حكم هذه الحالة؟
هنا رأيان:
الرأي الأول: أنَّه لا يترتب أيُّ إثم على هذه الخواطر ما دامت لم تتحوَّل إلى أقوالٍ أو أفعال خارجيَّة…
الرأي الثاني: أنَّه يترتب الإثم على هذه الخواطر، لأنَّ هناك فرقًا بين نوعين من المعاصي:
النوع الأول: المعاصي تتعلق بالجوارح الخارجية مثل الزنا، والسرقة، وشرب الخمر…
فهذه المعاصي لا يترتب الإثم عليها إلَّا حين الممارسة والفعل وأمَّا النية فلا يترتب عليها أيّ أثر.
النوع الثاني: معاصي تتعلق بالقلب مثل (بغض المؤمن، الحقد، الشحناء، الحسد، كراهية الحق، حب الباطل، موالاة أعداء الله، معاداة أولياء الله…)
فهذه يترتب عليها الإثم والعقاب، بمجرَّد حصولها في القلب.
الحالة الثالثة: أن تتحوَّل خاطرة الحسد إلى ممارسة قولية أو فعلية، ولا شكّ في كون هذا محرَّمًا، ويعتبر صاحبه عاصيًا آثمًا ويستحق العقاب.
الحسدُ ياكل الحسنات:
• في الحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله قال:
«إيَّاكم والحسد، فإنَّه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب».
• وفي حديثٍ آخر عنه صلَّى الله عليه وآله:
«إنَّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النَّار الحطب».
• وفي حديث ثالث عنه صلّى الله عليه وآله قال عن الحسد:
«ليس بحالق الشعر لكنَّه حالق الدِّين».
هنا سؤال يطرح: كيف يأكل الحسد أو الغيبة أو الظلم الحسنات أو الإيمان أو الدِّين؟
في الإجابة عن هذا السؤال ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأول: إسقاط وإلغاء الحسنات أو بطلان العمل وسقوط تأثيره، هذا بناء على نظرية (الإحباط).
ويستند أصحاب هذه النظرية على فهم بعض الآيات:
• ﴿فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾. (المائدة/ 5)
• ﴿وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾. ( هود/ 16)
• ﴿فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ﴾. (البقرة/ 217)
• ﴿فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ﴾. (الأحزاب/ 17)
• ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا﴾. (الفرقان/ 23)
الاحتمال الثاني: حينما توزن الأعمال يوم القيامة فإنَّ الحسد أو الظلم أو الغيبة بما لها من عقوبات مغلَّظة ومشدَّدة توجب اضمحلال ثوابات الأعمال الأخرى…
الاحتمال الثالث: إنَّ حسنات الحاسد أو المغتاب أو الظالم تُنقل إلى الشخص المحسود أو المُستغاب أو المظلوم كما ورد في كثير من الأخبار…
نتابع الحديث حول محرقات الأعمال في اللقاء القادم بإذن الله تعالى…
الاحتجاج السلمي ليس تأزيمًا ولا عنفًا ولا إنتاجًا للفتنة..
يقول خطاب السلطة: إنَّكم دعاة تأزيمٍ وفتنة..
الكلام هنا موجَّه لكلِّ مَن يصرخُ ضدَّ سياسةِ النظام، ضدَّ البطش، ضدَّ القتل، ضدَّ الإعتقال، ضدَّ الأحكام الجائرة..
الكلام هنا موجَّهٌ لكلِّ مَنْ يُعارض، يتظاهر، يتجمهر، يمارسُ حقَّهُ في المطالبةِ بالحقوق…
الكلام هنا موجَّه لكلِّ مَنْ ينحاز إلى صفِّ المعارضة، إلى صفِّ الحَراك الشعبي…
بل الكلام هنا موجَّهٌ لكلِّ مَنْ يصمتُ ما دام لا يدافع عن السلطة، وعن سياساتها، وعن كلِّ أخطائها…
عجيبٌ كلَّ العجب هذا الأمر، ولا عجبَ في أكاذيب السِّياسة، الخطاب الذي يُندِّد بالظلم، الخطاب الذي يدافع عن الحقوق، الخطاب الذي يعبِّر عن هموم وآلام ومعاناة شعب… هذا الخطاب خطاب تأزيمٍ وفتنةٍ وعنفٍ…
بينما الخطاب الآخر، الخطاب الذي يدافع عن كلِّ ممارساتِ السلطة، الخطاب الذي يبرِّر كلَّ أخطاء السلطة، وكلَّ تجاوزاتها، وكلَّ بطشها، وكلَّ عنفها، الخطاب الذي يكرِّس الطائفية، يقذف، يسبّ، يكفِّر… هذا الخطاب ليس خطاب تأزيمٍ، ولا خطاب فتنةٍ، ولا خطاب عنف…!
هكذا معايير النزق السِّياسي…
عجيبٌ كلّ العجب هذا الأمر، ولا عجب في ألاعيب السِّياسة، أن يعبِّر شعبٌ عن مواقفه الحقَّة بمسيرة، باعتصام، بتجمهر، وبكلِّ أسلوبٍ حضاري هو تأزيم، وعنف، وإضرار بمصالح الوطن والمواطنين…
بينما ممارسة القمع والقتل والاعتقال، واقتحام البيوت، وإثارة الرعب في كلِّ شارعٍ وزقاق، والاعتداء على الناس في نقاط التفتيش، وإغراق المدن والقرى بالغازات السَّامة والخانقة، وهتك الأعراض، وهدم المساجد، وامتهان كرامة النساء والحرائر، وتوقيف أكثر من سبعين طفلًا على خلفية الأحداث السِّياسية، وممارسة أساليب في منتهى القسوة ضدَّ المعتقلين، والإصرار على سجن الرموز وقادة المعارضة، كلّ هذا ليس تأزيمًا، ولا عنفًا، ولا إضرارًا بمصالح الوطن والمواطنين…
نعم أنْ تخرج مسيرة في قلب العاصمة أمر يُعطِّل المصالح، يدمِّر الاقتصاد، يؤزِّم الأوضاع، يُهدِّد الأمن والاستقرار، ينشر الرعب والخوف والعنف…
مسيرة في يوم عطلة، ولمدَّة ساعة فقط، وبسلميَّةٍ متميِّزة، تُحدِث كلَّ هذا الدَّمار، والتأزيم، والانهيار في أوضاع الأمن والاقتصاد…!!
بينما استنفار أمني يُحاصرُ كلَّ المعابر، ويربك كلَّ الشوارع، ويجمِّد مناطق تجاريَّة حيويَّة، وينتج القلق لدى كلِّ المستثمرين، ويدفع إلى هروب الأموال إلى خارج البلاد، ويُعطِّل كلَّ المصالح، ويُحدث خللًا فاحشًا في كلِّ أوضاع البلد…
كلّ هذا ليس تأزيمًا، ولا إضرارًا بمصالح الوطن والمواطنين…
من حقِّ الشعب، وقوى المعارضة أنْ تنظِّم أيَّ مسيرةٍ وأيَّ فعالية في أيِّ مكان، ما دامت ملتزمةً بالسلميَّة وبضوابط التعبير عن الرأي…
قالوا لو أنَّ المسيرة انطلقت بشكلٍ طبيعي، وانتهت في وقتها المقرَّر لما استغرقت أكثر من ساعتين، ولتحرَّكت الأمور بكلِّ انسياب، وبلا أيّ إرباك، ولا خسائر…
بينما الذي حدث بفعل الاستنفار الأمني غير العادي: شللٌ كبيرٌ في العاصمة وما حولها ولساعاتٍ طويلة، اختناقات أربكت كلَّ الشوارع والطرقات، هدرٌ لقدرات رجال الأمن، ردودُ فعلٍ غاضبةٍ امتدت في مناطق كثيرة، اعتقالات وملاحقات وإصابات، رسالة سيِّئة تعبِّر على إصرارِ السلطةِ على نهج القمع والبطش ومصادرة الحريات… إلى أخر التداعيات التي انتهجها هذا الأسلوب من التعاطي مع مسيرة، وكان البلد في غنى عنها لو كان الأسلوب غير هذا الأسلوب، ولو احترمت السلطة حرية الشعب في التعبير عن مطالبه بأسلوب سلمي وحضاري يُعطي للنظام سمعةً في إطلاق الحريات…
ما يدور في عقل السلطة أنَّ مسيرةً شعبيةً حاشدةً في قلب العاصمة تبعث رسالةً صارخةً إلى العالم تعبِّر عن إصرار هذا الشعب على المطالبة بحقوقه المشروعة، وتعبِّر عن إدانةٍ كبيرةٍ جدًا لسياسة النظام، وتفضح الكثير من الممارسات، فمن المصلحة – في منظور السلطة – أنْ تبقى المسيرات والاعتصامات والاحتجاجات في المواقع المحجوبة عن أنظار العالم، ولو استطاعت أن تجعلها في أنفاق مدفونة تحت الأرض لفعلت، وإن كان في هذا العصر لا توجد بقعة في كلِّ أقطار الأرض عصيَّةً على الرصد والكشف والمتابعة…
أما كان من الحكمة أن تفكِّر السلطة بطريقةٍ أخرى، أنْ تبرز الفعاليات السِّياسية المعارضة في المناطق الأكثر أهمية، والأبرز ظهورًا، يُعطي للنظام وجهًا حضاريًا متقدِّمًا، ويعطي للسلطة سمعةً فيما هي الحرية في التعبير عن الرأي السِّياسي….
ويبدو أنَّ أعصاب السلطة لا تتحمَّل هذا اللون من الحريات، وأنَّ مزاجها لا يقوى على قبول هذا النمط من الممارسات، وإنَّ كبرياءها لا يسمح لها أن تتنازل لهذا الشكل من الفعاليات…
أين هي المشكلة؟
ليست المشكلة في أعصاب متوتِّرة لدى السلطة، وليس في مزاجاتٍ سياسية منفعلة، وليس في كبرياء لا يسمح بالتنازل…
المشكلة أنَّ هناك عقلًا سياسيًا في حاجةٍ إلى أن يتغيَّر، وأن هناك قلبًا في حاجةٍ أن يمتلئ حبًّا للشعب، وأنَّ هناك إرادةً في حاجةٍ أن تتحرَّر من كلِّ الأواسر والمكبِّلات…
فمتى ما وُجد العقل السِّياسي البصير…
ومتى ما وُجد القلب الذي يحتضن هموم الشعب…
ومتى ما وُجدت الإرادة المتحرِّرة…
فلن تواجه السلطة حَراكًا شعبيًا سلميًا محِقًّا بأعصابٍ فائرة ومزاجاتٍ منفعلة، وردودِ فعلٍ ناقمة…
إذا غاب الرشدُ السِّياسي تنحرف كلّ المسارات والممارسات لدى الأنظمة الحاكمة، فلا غرابة إذا طال الظلم كلَّ شيئٍ على الأرض، وعاشت الشعوب أسوء الأزمات، وعانت الأوطان من أشدِّ الويلات…
كلمةٌ أخيرة:
أطفالٌ إلى مدارسهم يعودون وأطفالٌ في السجون يقبعون…
كم هو مؤلمٌ كلّ الألم، وكم شائن كلّ الشين أنْ يبقى أطفالٌ في أقبية المعتقلات، وعيونهم مشدودة إلى كلِّ الأطفال وهم أفواج أفواج يزحفون إلى مدارسهم…
مؤسفٌ كلّ الأسف أن يبقى هؤلاء الأطفال الذي طالهم جور السِّياسة، رهن الاعتقال لا لجرمٍ إلَّا أنَّهم عبَّروا كما يعبِّر الكبار عن معاناة هذا الشعب وقالوا كلمةَ رفضٍ أو احتجاج، وربَّما أخذوا ظلمًا من بيوتهم أو من الشوارع، أيّ سياسةٍ هذه التي تلاحق الأطفال، وأيّ سياسيةٍ هذه التي تجرِّم الصغار، وتحرمهم من مستقبلهم في الدراسة، وكأنِّي بآبائهم وأمَّهاتهم تزدحم في عيونهم الدموع وهم يشاهدون كلَّ الأطفال الصغار يتهافتون على المدارس وأبناؤهم مغيَّبون في السجون…
ونسمع مَن يقول: إنَّكم أنتم الذين زججتم بهؤلاء الأطفال في السِّياسة، ودفعتم بهم إلى ممارسة الشغب والعبث بأمن البلد، فخرجوا يحرقون الإطارات، ويُغلقون الشوارع، وقد يعتدون على رجال الأمن بقذف الحجارة، فأنتم من يتحمَّل كلّ المسؤولية لما يتعرَّض له هؤلاء الأطفال من اعتقال أو محاكمة أو ضرر وربَّما القتل…
نقول تعليقًا على هذا الكلام: إنَّ أطفال هذا البلد لا ينفصلون عن مأساته، ولا يغيبون عن محنته، فكما الكبار يتألَّمون ويعبِّرون عن ألمهم فكذا الصِّغار، وكما الرجال فكذا النساء ليس من حقِّ أحد أن يقول للأطفال لا تتألَّموا لما يصيب هذا الشعب، ولا تصرخوا لما أصاب آبائكم وأمَّهاتكم وإخوانكم وأخواتكم وأصدقائكم من بطشٍ وفتكٍ وقتلٍ…
ليس مبرّرًا أن يعتقل طفلٌ لأنَّه قال كلمة، أو لأنَّه مارسَ عملًا يعبِّر عن رفضٍ واحتجاج، إنَّنا نؤكِّد أن تكون ممارسات الاحتجاج سلميَّة كلَّ السِّلمية، وحضارية كلَّ الحضارية كما نؤكِّد على رفض العنف والتطرّف، ولكن ليس كلَّ سلوكٍ معارض يجوز أنْ يصنَّف ضمن قائمة العنف والتطرّف كما تدَّعي أنظمة الحكم دائمًا في مواجهة أيّ احتجاج أو رفض…
الحلُّ هو تصحيح الأوضاع السِّياسية، وليس في زجِّ المعارضين في السجون وإن كانوا أطفالًا، وتقديمهم للمحاكمات، ليس هذا هو الحل، فما لم تصحّح الأوضاع السِّياسية فإنَّ الأمور سوف تتَّجه إلى المزيد من التأزيم، وإنَّ المعارضة سوف تستمر وتقوى ولن يتخلَّف عن ذلك كبيرٌ أو صغير ولا رجل أو امرأة، ومهما قسى البطش الأمني فلن يستطيع أن يكسر إرادة هذا الشعب، وإصراره، وعنفوانه ولن يستطيع أن يوقف فورته وغضبه وحَراكه…
ليس خطابُ المعارضة هو الذي يدفع بالأطفال إلى الحضور في الشارع، إنَّما السِّياسة الظالمة، والبطش الفاحش ومصادرة الحقوق كلّ ذلك لا يسمح لأحدٍ أنْ يتخلَّف، أن يصمت، أن يغيب عن المشهد السِّياسي…
لا يجوز الصَّمت على إهانة أقدس إنسان:
كم هي أمةٌ فاقدة للكرامة حينما تصْمت على إهانة أقدس إنسان لديها وهو النبي الأعظم محمد صلَّى الله عليه وآله، إنَّ الفلم الذي صدر في الغرب وهو يحمل إساءة وقحة لشخصية النبيّ الأكرم صلَّى الله عليه وآله أمرٌ لا يجوز أنْ يمرَّ بلا موقف…
وحينما نتحدَّث عن موقفٍ لا نتحدَّث فقط عن مجرَّد كلماتٍ وخطابات، أو بعض مسيرات ومظاهرات واحتجاجات، وإن كان هذا لا بدَّ منه، كحدِّ أدنى للرفض والاستنكار والإدانة…
في هذه الأمَّة مواقع قوَّة في مواجهة أعداء الإسلام، إلَّا أنَّ هذه المواقع مصابة بالشلل بفعل سياسات الأنظمة الحاكمة، الشعوب دائمًا تحاول أنْ تعبِّر عن رفضها، عن غضبها، عن مواقفها، غير أنَّ أنظمة الحكم دائمًا تمارس الضغط من أجل أنْ تفرِّغ هذا الغضب، وأنْ تدجِّن إرادة الشعوب، وأنْ تسقط قدرات الجماهير…
وكما أنَّ أغلب الأنظمة السِّياسية الحاكمة في أوطان المسلمين لا تملك إرادة أن يكون لها موقف، بفعل ارتهان هذه الإرادة لقوى الاستكبار الكبرى، فكذلك لا تسمح هذه الأنظمة لإرادة الشعوب أن تتحرَّك إلَّا في الحدِّ الأدنى الذي لا يخدش مزاج قوى الاستكبار، ولا يعكِّر صفو العلاقات معها…
إنَّنا ندين بشدَّة هذه الإساءة لنبيِّنا الأعظم صلَّى الله عليه وآله… كما نرفض أنْ يُساء إلى أيّ رمزٍ مقدَّس لدى كلّ الأديان، إنّ إنتاج الكراهية بين الطوائف والمذاهب أمرٌ يقف وراءه مجرمو الإنسانية، ودعاة الفتنة، وصنَّاع العنف، فيجب على أصحاب الضمائر الحيَّة أنْ يدينوا هذه الأعمال الشائنة، والإساءات الحاقدة…
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.