ضمن فعاليات الاستعداد لاستقبال شهر رمضان الفضيل| العلاّمة الغريفي: كيف نصوغ العلاقة مع القرآن؟
ضمن فعاليات الاستعداد لاستقبال شهر رمضان الفضيل، نظمت جمعية الذكر الحكيم مساء السبت 14/7/2012م أمسية قرآنية لجمعية الذكر الحكيم بمشاركة القارئ موسى عمران ولقارئ الأستاذ محمود سلمان الإسكافي وكلمة لسماحة العلاّمة السيد عبد الله الغريفي، واختتمت الأمسية القرآنية بتواشيح للأستاذ حسن الخباز……
كيف نصوغ العلاقة مع القرآن؟
تتشكّل العلاقة مع القرآن في شكلها الأمثل والأكمل من خلال العناصر التالية:
العنصر الأول: التواصل الدائم مع القرآن (تلاوةً وحفظًا وتجويدًا):
جاء في خطبة النبيّ (ص) المعروفة حول شهر رمضان: ومن تلا فيه آيةً من القرآن؛ كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشّهور.
العنصر الثاني: الانصهار الوجداني مع القرآن:
أن نرتقي في علاقتنا مع القرآن إلى مستوى الحبِّ والعشق والانصهار الروحيّ:
القرآن كلام الله تعالى، فعظمته مستمدّةٌ من عظمة الله، وقداسته من قداسة الله، وهيبته من هيبة الله، ورهبته من رهبة الله…
كيف نعيش الخشوع والانصهار مع القرآن؟
لكي نتوفّر على حالات الخشوع والانصهار والذّوبان مع القرآن؛ نحتاج إلى مجموعةٍ من الاستعدادات…
من هذه الاستعدادات:
1- طهارة القلب ونقاؤه وصفاؤه:
فالقلوب الملوّثة تُصاب بالتكلّس والقسوة والجمود، وتُصاب بالغَبَش والعمه والرّين، فتموت في داخلها إشراقات النور الربّانيّ، وتتعتّم الرؤية، وتتيه البصيرة، وعندها هذه القلوب لا تملك القدرة لتنفتح على كلام الله، ولا تملك القدرة لتخشع بين يدي كتاب الله…
أما القلوب الطّاهرة النقيّة الصّافية فهي مهيَّأة لتعيش العروج الروحيّ مع آيات الله، وهي مهيَّأة للانفتاح على كلام الله، وهي مهيَّأة للخشوع والانصهار والذّوبان مع القرآن العظيم
2- حضور القلب:
القلوب الغافلة لا تسمع كلام الله، ولا تنفتح على كتاب الله، ولا تخشع لذكر الله، ثمّ إنّ القلوب الغافلة لا ينظر إليها الله سبحانه، ولا تشملها فيوضاته ورحماته وعطاءاته الربّانيّة…
3- اجتناب الأكل الحرام:
أكل الحرام له آثاره الكبيرة على القلب، فلقمة حرامٍ أو شربة حرامٍ تعمل عملها الخطير على القلب وعلى الروح: يصاب القلب بالظلمة والاسوداد، وتصاب الروح بالجفاف والركود والجمود، وعندها يموت الخشوع في داخل الإنسان…
4- الإقلاع عن المعاصي والذّنوب:
من أخطر الأسباب التي تصادر الرّوحانيّة والخشوع والانصهار والذّوبان مع الصّلاة والدّعاء والتلاوة ارتكاب المعاصي والذّنوب.
فإذا كنا نطمع في لقاء روحاني خاشع مع كتاب الله فلنطهِّر أنفسنا من المعاصي والآثام، ولنبتعد كلّ الابتعاد عن المخالفة والعصيان، ولنحذر الذّنوب في السرِّ والعلن.
العنصر الثالث: التدبر القرآني:
أن نفتح عقولنا على القرآن، تأملًا وتفكّرًا وتدبّرًا في معاني آياته…
هناك نمطان لتلاوة القرآن:
أ- التلاوة الصمّاء الرّاكدة الجامدة:
تلاوةٌ تتعامل مع الحروف والكلمات فقط ولا تستنطق المعاني والدّلالات، تلاوةٌ تعيش مع الشّكل ولا تبحث عن المضمون.
ب- التلاوة المتدبّرة الواعية:
تلاوةٌ تتعامل مع المعاني والدّلالات، ولا تتجمّد عند الحروف والألفاظ والكلمات، تلاوةٌ تبحث عن المضامين والأفكار…
ولكي نتوفّر على (فهمٍ قرآني) يُعيننا على (تدبّر آيات الله) نحتاج إلى:
1- قراءةٍ في كتب التفسير:
يختار القارئ كتابًا من كتب التفسير، يتناسب مع مستواه الذّهني والفكري، ولو باعتماد أحد التفاسير المبسّطة والمختصرة…
2- حضور الدّروس القرآنيّة:
التي تنمِّي الفهم القرآنيّ، وتصوغ الذهنيّة القرآنيّة، وبمقدار ما ينمو هذا الفهم، وتتشكّل هذه الذهنيّة، تقوى القدرة عند قارئ القرآن على التدبّر والتأمّل في آيات الله.
3- القراءة المتأنِّية (عدم الإسراع والعجلة في القراءة):
إنّ القراءة المتأنِّية تهيِّئ الفرصة للتأمّل والتفكّر والتدبّر في معاني القرآن، أمّا القراءة المستعجلة فلا تسمح للذّهن أن يتأمّل ويتفكّر ويتدبّر في المعاني والأفكار التي يختزنها كتاب الله، وتحملها آياته.
العنصر الرابع: التمثّل القرآني (التطبيق والتجسيد):
أن نعيش القرآن فكرًا وعاطفةً وسلوكًا..
– أن نعيش القرآن فكرًا:
أن نصوغ فكرنا وثقافتنا ورؤانا من خلال فكر القرآن وثقافته ورؤاه.
أن نتمثّل عمليًّا هذا الفكر القرآني، وهذه الثّقافة والرؤى القرآنيّة.
من المفاهيم القرآنيّة: المفاهيم التي تتحدّث عن الله سبحانه، عن الأنبياء، عن الأولياء، عن الآخرة، عن الإمامة، عن الإنسان، عن الكون، عن الحياة، عن الأخلاق، عن القيم الاجتماعيّة، عن الرّؤى الاقتصاديّة والسّياسيّة… إلى آخره.
– أن نعيش القرآن عاطفةً:
أن نصوغ عواطفنا ومشاعرنا الوجدانيّة من خلال رؤى القرآن وتوجيهاته العاطفيّة والوجدانيّة..
أن تتحوّل عواطفنا ومشاعرنا الوجدانيّة عمليًّا إلى (عواطف ومشاعر قرآنيّة).
من أمثلة العواطف القرآنيّة:
الحبّ في الله والبغض لله.
حبّ الطّاعة وبغض المعصية.
الغضبّ لله.
الفرح بما يرضي الله.
– أن نعيش القرآن سلوكًا:
أن نصوغ سلوكنا وجميع ممارساتنا العمليّة من خلال مدرسة القرآن وتعاليمه وأحكامه..
والسّلوك يمتدّ لكلّ المساحات الفرديّة والأسريّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة..
هكذا نعيش التمثّل القرآني تطبيقًا وتجسيدًا على مستوى الفكر والعاطفة والسّلوك..
والقيمة الكبرى للتّعاطي مع القرآن أن نملك هذا البعدالتطبيق والتجسيد وإلّا فلا قيمة لكلّ الأبعاد الأخرى إذا لم تنتج لنا تمثّلًا عمليًّا للقرآن.
العنصر الخامس: أنّ نحرّك القرآن في كلّ الواقع الرُّوحيّ والثقافيّ والأخلاقيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والسّياسيّ.
بمعنى أن نحوّل القرآن من حالةٍ تعيش في (داخل الفرد) إلى حالةٍ تعيش في (داخل المجتمع)، وهنا نكون (دعاةً قرآنيّين)، ويتمّ ذلك من خلال (تنشيط الفعّاليات القرآنيّة).
ومن هذه الفعّاليات القرآنيّة:
– الدروس القرآنيّة (الحفظ، التلاوة، التجويد، التفسير، العلوم القرآنيّة)
– المحاضرات القرآنيّة.
– الندوات القرآنيّة.
– المسابقات القرآنيّة.
– المؤتمرات القرآنيّة.
– المواسم القرآنيّة.
– الدِّراسات القرآنيّة.
– المراكز والجمعيّات والمؤسّسات القرآنيّة.
– الدورات القرآنيّة.
– المدارس والمعاهد القرآنيّة.
– اعتماد الوسائل الحديثة والمتطوِّرة في تفعيل حركة القرآن في كلّ أبعاد الواقع.