حديث الجمعة 273: صلة الرحم وآثاره الكبيرة – وتبقى عاشوراء في وجدان عُشَّاقِ الحُسين(ع) – عامٌ مضى يحملُ أشلاء الضحايا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الطيِّبين المعصومين…
وبعد هذه بعض عناوين:
• صلة الرحم وآثاره الكبيرة.
• وتبقى عاشوراء في وجدان عُشَّاقِ الحُسين.
• عامٌ مضى يحملُ أشلاء الضحايا.
صلة الرحم وآثاره الكبيرة:
هذه بعض تلك الآثار حسب ما جاء في الروايات:
1- جاء في الحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله، وعن الإمام الصادق عليه السَّلام:
«صلة الرحم تهوِّنُ الحسابَ يوم القيامة، وهي منسأة العمر وفي مصارع السوء».
هذه الرواية تذكر ثلاثة آثار مهمَّة لصلة الرحم:
– سهولة الحساب يوم القيامة.
– الزيادة في العمر.
– دفع مصارع السوء.
2- وقال صلَّى الله عليه وآله:
«أوصي الشاهد من أمَّتي والغائب منهم ومَنْ في أصلابِ الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصل الرحم ولو كان منه على مسيرة سنة، فإنَّ ذلك من الدين».
3- قال أبو ذر سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله يقول:
«حافَّتا الصراط يوم القيامة الرحم والأمانة، فإذا مرَّ الوَصولُ للرحم، المؤدِّي للأمانة نفذ إلى الجنَّة، وإذا مرَّ الخائن للأمانة، القطوع للرحم، لم ينفعه معهما عمل وتكافأ به الصراط في النَّار».
4- وقال صلَّى الله عليه وآله:
«إنَّ الرجل ليصل رحمه وقد بقي مِن عمره ثلاث سنين، فيصيِّره الله ثلاثين سنة، ويقطعها وقد بقي مِن عمره ثلاثون سنة، فيصيِّره الله ثلاث سنين – ثمَّ قال صلَّى الله عليه وآله -: يمحو الله ما يشاء ويثبت».
5- وقال صلَّى الله عليه وآله:
«إنَّ في الجنَّة درجة لا يبلغها إلَّا إمام عادل أو ذو رحم وصول أو ذو عيال صبور».
6- وقال الإمام السَّجاد عليه السَّلام:
«ما مِن خطوة أحبّ إلى الله مِن خطوتين: خطوة يسدّ بها المؤمن صفًا، وخطوة إلى ذي رحم قاطع».
7- وقال الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«صلة الأرحام تحسِّن الخلق، وتسمح الكف، وتطيِّب النفس».
8- وقال الإمام الباقر عليه السَّلام:
«صلة الأرحام تزكِّي الأعمال، وتنمِّي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسِّر الحساب، وتنسي الأجل».
9- وقال الإمام الصَّادق عليه السَّلام:
«إنَّ صلة الرحم والبر ليهونان الحساب، ويعصمان مِن الذنوب، فصلوا أرحامكم وبرُّوا إخوانكم ولو بحسن السَّلام ورد الجواب».
وقال عليه السَّلام: «صل رحمك ولو بشربةٍ مِن الماء».
10- وفي الحديث المروي عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله:
«أنّ مَنْ مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله ليصل رحمه… – كان – له بكلِّ خطوةٍ أربعون ألف حسنة، ويُمحي عنه أربعون ألف سيِّئة، وترفع له من الدرجات مثل ذلك، وكأنَّما عبد الله تعالى مائة سنة».
وتبقى عاشوراء في وجدان عُشَّاقِ الحُسين:
جَهَدَ الطغاةُ عبر التاريخ في عصرٍ أن يُخمِدوا وهجَ عاشوراء، إلَّا أنَّ هذا الوهجُ بقي متأجِّجًا يتحدَّى كلَّ محاولات الإخماد، وقد قالتها بطلةُ كربلاءَ زينبُ ابنة أمير المؤمنين كلمةً صارخةً شامخةً متحدِّيةً في وجهِ يزيد بن معاوية «فكدْ كيدَكَ، واسعَ سعيكَ، وناصبْ جهدَك، فو اللهِ لا تمحوُ ذكرَنا، ولا تُميتُ وَحيَنا، ولا تُدركُ أمدَنا، ولا ترحضُ عنكَ عارَها، وهل رأيُكُ إلَّا فند، وأيامُك إلَّا عدد، وجمعُك إلَّا بدد؟ ويومَ ينادي المنادي أَلا لعنة الله على الظالمين».
وكم حاول المتوكِّل العباسي الطاغية أن يمحو معالم كربلاء، ويمسح من ذاكرة التاريخ قضية عاشوراء..
– فأمر بهدم قبر الإمام الحسين…
– ومنع الشيعة من زيارة كربلاء…
– ومارس كلَّ أشكالِ البطشِ، والفتكِ، والقتل مع زوَّار الحسين…
– وأمَر بقطع الأيدي…
– ثمَّ أمر بقطع الرؤوس…
وتسابق عشاقُ الحسين يُقدِّمون الأيدي والأرواح رخيصة في خطِّ الولاء لأبي الأحرار الإمام الحسين…
وهاهي الملايينُ العاشقةُ للحسين تزحفُ إلى كربلاء متحدِّيةً، صارخةً:
لو قطَّعوا أرجلِنا واليدين
نأتيك زحفًا سيِّدي يا حسين
لقد تصدَّت عصاباتُ الإرهابِ، المدفوعةُ مِن قبلِ صُنَّاعِ الجريمةِ، ومُنتجي القتل إلى زوَّار كربلاء فتناثرت أشلاء، وسقط ضحايا، وسُفِكت دماء، إلَّا أنَّ هذا ما زاد عُشاقَ الحسينِ إلَّا إصرارًا وثباتًا، وصمودًا، وعنفوانًا، وشموخًا، وتحدِّيًا…
فهاهم الزاحفون إلى كربلاءِ الحسين، شيوخًا وعجزةً، ومعوَّقين، رجالًا، ونساءً، وشبابًا، وأطفالًا يتحدون الموت، والإرهاب، صارخين نادبين يا حُسين يا حُسين يا حُسين…
أيّ قوة في الأرض مهما طغت، وتفرعنت، وبطشت، وفتكت، وقتلت، وذبحت، وأرهبت، وأرعبت قادرة أن تسكت صرخات التحدِّي يا حُسين يا حُسين يا حُسين…
لقد جرَّب كلُّ طغاةِ التاريخِ لكي يسكتوا عنفوان عاشوراء، وسقط رهانُهم، وخابوا، وفشلوا، وانتصر عُشَّاق الحسين، وانتصر خطابُ الحوراء «فكدْ كيدَكَ، واسعَ سعيكَ، وناصبْ جهدَ، فو اللهِ لا تمحوُ ذكرَنا، ولا تُميتُ وَحيَنا».
وهذا خطابٌ سوف يبقى يتحدَّى كلَّ الطغاة والجبابرة والفراعنة في كلِّ عصرٍ وزمان، لأنَّه خطابٌ يستمدّ رؤيته، وبصيرته، وعنفوانه، وقوَّته مِن السَّماء وليس من قوةٍ في هذه الأرض…
لقد حاول طاغية العراق صدَّام أن يُنهي كلَّ مظاهر عاشوراء وأن يُعطِّل شعائر الحسين… وهذا ما أكَّده النداء الأول للشهيد السَّيد محمد باقر الصدر، حيث تحدَّث بمرارةٍ وألم عمَّا يحدث في العراق… جاء في هذا النداء:
«وأود أن أؤكِّد للمسؤولين: أنَّ هذا الكبت الذي فُرِضَ بقوةِ الحديد والنَّار على الشعب العراقي، فحرَمَه من أبسط حقوقه وحرِّياتِه في ممارسة شعائره الدينية لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن أن يعالج دائمًا بالقوة والقمع…
إنَّ القوة لو كانت علاجًا حاسمًا دائمًا لبقي الفراعنة والجبابرة!
أسقطوا الأذان في الإذاعة فصبرنا!
وأسقطوا صلاة الجمعة مِن الإذاعة فصبرنا!
وطوَّقوا شعائر الإمام الحسين عليه السَّلام ومنعوا القسم الأعظم منها فصبرنا!
وحاصروا المساجد وملأوها أمنًا وعيونًا فصبرنا!
إلى أن قال:
إنِّي أطالب باسمكم جميعًا – يعني باسم الشعب العراقي – أطالب بإطلاق حرية الشعائر الدينية، وشعائر الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السَّلام – وقال – وأطالب باسم كرامة الإنسان بالإفراج عن المعتقلين بصورة تعسفية، وإيقاف الاعتقال الكيفي…
وأخيرًا أطالب باسمكم جميعًا، وباسم القيم التي تمثلونها بفسح المجال للشعب ليمارس بصورة حقيقية حقَّهُ في تسيير شؤون البلاد، وذلك عن طريق إجراء انتخابٍ حرٍ ينبثق عنه مجلس يمثِّل الأمَّة تمثيلًا صادقًا…
وإنِّي أعلم أنَّ هذه الطلبات سوف تكلفني غاليًا، وقد تكلفني حياتي، ولكن هذه الطلبات ليست طلب فرد لتموت بموته إنِّما هذه الطلبات هي مشاعر أمَّة، وإرادة أمَّة، ولا يمكن أن تموت أمّةٌ تعيش في أعماقها روح محمدٍ وعليٍّ والصفوة من آل محمد وأصحابه، وإذا لم تستجب السلطة لهذه الطلبات فإنِّي أدعو أبناء الشعب العراقي الأبي إلى المواصلة في حملِ هذه الطلبات مهما كلَّفه ذلك من ثمنٍ، لأنَّ هذا دفاعٌ عن النفس، وعن الكرامة، وعن الإسلام، رسالة الله الخالدة، والله ولي التوفيق» انتهى نداء الشهيد الصدر…
وقد تطوَّر موقف الشهيد الصدر واشتدَّت المواجهة مع النظام وكانت الشهادة التي فجَّرت غضب الجماهير، وحرَّكت الثورة…
وأخيرًا انتهى الطاغية صدَّام، وبقيت شعائر عاشوراء…
وبقيت صرخاتُ الملايين الزاحفة إلى كربلاء الحسين…
فالحسينُ الحسينُ خطٌّ أحمر، فليحذر الطغاة كلّ الطغاة…
عامٌ مضى يحمل أشلاءَ الضحايا:
وهكذا استمرَّ نزيف الدم… وتساقط الضحايا والشهداء وأزهقت الأرواحُ البريئة…
وكانت أدوات القتل:
– الرصاص الشوزن…
– الغازات الخانقة…
– دهس السَّيارات التابعة لرجال الأمن…
– التعذيب في السجون…
انطلق الحراك الشعبي في 14 فبراير 2011م
فسقط أول شهيدٍ الشاب علي مشيمع (21 عامًا) وفي أثناء تشييع جنازته سقط شهيد ثاني الشَّاب فاضل المتروك (31 عامًا)
وبعد يومين فقط سقط أربعة شهداء أثناء الهجوم على دوَّار اللؤلؤة في يوم الخميس الدامي (17 فبراير)
واستمر سقوط الشهداء
في 21 فبراير سقط شهيد…
وفي 16 مارس سقط شهيدان…
وفي 17 مارس سقط أربعة شهداء…
وفي 18 مارس سقط شهيد…
وفي 20 مارس سقط شهيدان…
وفي 21 مارس سقطت أول شهيدة بهيَّة العرادي (51 عامًا) وذلك إثر إصابتها بطلقٍ ناري اخترق رأسها مِن الأمام…
وفي 24 مارس أنهت أربع طلقات شوزن حياة الشاب هاني عبد العزيز (32 عامًا)…
وفي نفس اليوم أعلن عن وفاة شاب من منطقة الحجر في ظروفٍ غامضة…
وفي 25 مارس سقط شهيد من قرية المعامير يبلغ من العمر (71 عامًا) إثر اختناقه نتيجة استنشاقه الغازات…
وفي 30 مارس سقط الشهيد الفتى السيد أحمد شمس (15 عامًا)…
وفي 3 أبريل سقط شهيد…
وفي 6 أبريل عثر على جثة مواطن من قرية سار…
وفي 9 أبريل سقط شهيدان، أحدهما أصيب بطلقات، والآخر في السجن…
وفي 13 أبريل أستشهد رجل الأعمال عبد الكريم فخراوي وكان موقوفًا في السجن، وذكر تقرير لجنة بسيوني أنّه قتل تحت التعذيب وقالت وزارة الداخلية أنَّ سبب الوفاة يعود إلى مضاعفات الفشل الكلوي…
وفي 3 يونيو سقط شهيد عمره (63 عامًا)…
وفي 15 يوليو استشهدت مواطنة من سترة بسبب الإصابة بمسيل الدموع…
وفي 31 أغسطس سقط الشهيد الفتى علي جواد الشيخ (14 عامًا) في منطقة سترة بعد إصابته بطلقات خلف العنق…
وفي 14 سبتمبر سقط شهيد في سترة بسبب الغازات الخانقة…
وفي 5 أكتوبر سقط الشهيد الفتى أحمد القطان (16 عامًا) من قرية الشاخورة بعد أن أصيب برصاص شوزن، ونفت الجهات الرسمية ذلك…
وفي 3 نوفمبر سقط الشهيد الحاج علي الديهي (78 عامًا) وقد قالت عائلته أنّه تعرّض للاعتداء من قبل قوات الأمن، ونفت الداخلية ذلك…
وفي 19 نوفمبر استشهد الفتى علي يوسف بداح (16 عامًا) في منطقة الجفير بسبب دهس سيارات الأمن – حسب رواية العائلة -…
وفي 23 نوفمبر سقط شهيد في منطقة عالي…
وفي 6 ديسمبر استشهدت المواطنة زهرة صالح (27 عامًا) المصابة بقطعة الحديد (سيخ)…
وفي 11 ديسمبر استشهدت الرضيعة ساجدة فيصل جواد عمرها (5 أيام) بسبب الغازات الخانقة – حسب كلام والدها-…
وفي 15 ديسمبر استشهد الشاب علي أحمد رضي (22عامًا) بعد مطاردة من قبل دورية أمنية، واعتبرت الداخلية الوفاة بسبب حادث مروري…
وفي 31 ديسمبر أنهت البحرين عام 2011م بقربان في عمر الزهور الشهيد الفتى السيد هاشم سعيد (15 عامًا) في منطقة سترة، بعد أن تعرَّض لطلقتين من الغازات المسيلة للدموع، وإحداهما في الرقبة والأخرى في الصدر…
ماذا ينتظر البحرين في العام الجديد؟
هل سوف يستمر نزيف الدماء؟
وكلَّما سقطت قطرة دم، زاد الوضع تأزيمًا، وتأجَّج غضب الشارع… أما آن الأوان لموقفٍ يحكمه العقل بعيدًا عن هسترة الفتك والبطش والقتل؟!