حديث الجمعة246: في ذكرى شهادة السيد محمد باقر الصدر – خطاب الوحدة عند الشهيد الصدر – في ذكرى الزهراء عليها السلام
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وآله الهداة الميامين.
في ذكرى شهادة السيد محمد باقر الصدر:
تمرّ بنا هذه الأيام ذكرى شهادة المرجع الدينيّ الكبير المفكر الإسلاميّ السَّيد محمد باقر الصدر، وشهادة أخته العلويّة السَّيدة بنت الهدى رضوان الله عليها..
وبهذه المناسبة نحاول أن نتناول شيئًا من حياةِ هذا الرجل العظيم، والذي ملأ مرحلةً مهمّةً من تاريخ هذه الأمّة، والرجال العظماء لا يُقرأون مِن خِلال أعمارهم المحدودة التي عاشوها في هذه الدنيا، وإنّما من خلال ما أغنوا به مسيرة البشريّة من عطاء لا يحدّه الزمان و المكان…
كم عاش سيِّدُ الأنبياءِ محمدٌ صلّى الله عليه وآله؟
عاش ثلاثًا وستين سنةً، فكان الرّحمة التي ملأت الدنيا إلى يوم القيامة..
كم عاش أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب؟
عاش ثلاثًا وستين سنة، وقيل خمسًا وستين، وبقي عنوانًا على فم الزمن..
كم عاش الإمام الحسين؟
عاش ثمانيًا وخمسين سنة، وأصبح رمز الخلود..
كم عاش الشيخ الطوسي؟
عاش خمسًا وسبعين سنةً، فكان شيخ الطائفة بلا منازع..
كم عاش العلّامة الحلّي؟
عاش ثمانيًا وسبعين سنة، وبلغت مؤلّفاته نحوًا من ألف عنوان..
كم عاش الإمام الخميني؟
عاش سبعًا وثمانين سنة، فكان الاسم الذي هزّ العالم..
وكم عاش السّيد محمد باقر الصدر؟
عاش خمسًا وأربعين سنة… فكان الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وعاشت أخته آمنة الصدر ثلاثًا وأربعين سنة فكانت الشهيدة بنت الهدى..
في مدينة الكاظميّة من ضواحي بغداد ولد السّيد محمد باقر الصدر سنة (1935م).
توفي أبوه وعمره ثلاث سنوات، وهكذا عاش يتيمًا، احتضنته أمّه المرأة الجليلة العابدة أخت المرجع الدينيّ الشيخ محمد رضا آل ياسين، وأحاطه بالعناية والرعاية أخواله الشيخ محمد رضا آل ياسين، والشيخ مرتضى، والشيخ راضي وهم فقهاء أجلّاء، كما عنى بتربيته بدرجةٍ كبيرةٍ أخوه الأكبر السَّيد إسماعيل الصدر، وهو فقيه معروف..
برزت علامات النبوغ عند السّيد الصدر في وقتٍ مبكّر، أسوق بعض شواهد:
1- لما بلغ العاشرة من عمره تجاذبه في داخل الأسرة اتجاهان: اتجاه يحثّه على التوجّه نحو الدراسة الحوزويّة، وكانت والدته تتبنّى هذا الاتجاه، واتجاه يرغّبه في مستقبلٍ يضمن فيه سعادة دنياه، والعيش في رفاهٍ بعيدًا عن حياة الحوزة وما يكتنفها من فقرٍ وفاقة، وقد يتبنّى هذا الاتجاه أحد شخصيّات الأسرة وكان في موقعٍ رسميّ كبير..
أما السَّيد فقد حسم الموقف، إذ أضرب عن الطعام من دون إعلان، واكتفى من الطعام بقطعةٍ صغيرةٍ من الخبز، يسدّ بها رمقه طوال الليل والنّهار، بعد أيام أحسّ الجميع بالإضراب الهادئ، فسألوه عن السبب، فأجاب الصدر ابن العاشرة من العمر: إنّ الذي يستطيع أن يعيش على قطعةٍ صغيرةٍ من الخبز أيامًا عدّة قادرٌ أن يستمرّ إلى آخر العمر كذلك، فأنا لا أخشى من الفقر، ولا أخاف من الجوع…
وهكذا استطاع أن يحدّد خياره عن قناعةٍ وإصرارٍ واستعدادٍ لتحمّل كلّ الأتعاب والمعاناة، ما دام هذا الخيار يمثّل انخراطًا في صفوف ورثة الأنبياء.
2- تحدّث عنه أحد معلّميه في المدرسة الابتدائيّة:
• كان طفلًا يحمل أحلام الرجال، ويتحلّى بوقار الشيوخ، وجدت فيه نبوغًا عجيبًا، وذكاءً مفرطًا…
• كان كلّ ما يُدرَّس في هذه المدرسة من جميع العلوم دون مستواه العقلي والفكري… كان شغوفًا بالقراءة، محبًّا لتوسيع دائرة معرفته…
• كان لا تقع عيناه على كتابٍ إلّا وقرأه وفقه ما يحتويه في حين يعزّ فهمه على كثير ممّن أنهوا المرحلة الثانويّة..
• حدّث أحد المعلّمين ممّن لديه إلمامٌ كبير بالثقافة الماركسيّة فقال: لقد جاءني [يعني محمد باقر الصدر الطالب في الابتدائيّة] يومًا مبديًا رغبته في أن يقرأ بعض الكتب الماركسيّة ونظريّاتها، تردّدت في بادئ الأمر، لأنّه طفل، وخشيت أن تتشبّع أفكاره بالماركسيّة، وبعد إلحاحٍ شديد أرشدته إلى بعض المجلّات والكتب المبسّطة… وبعد أيام عاود الطلب بأن أجد له كتبًا أكثر موضوعيّة، وأعمق شرحًا وعرضًا لآراء الماركسيّة، فهيّأت له ما طلب، وكنت أظنّ أنّه سوف لا يفقه منها شيئًا.. لأنّني أنا نفسي على رغم مطالعتي الكثيرة في هذا الموضوع أجد أحيانًا صعوبة في فهمها… وبعد مدة أسبوع واحد أعادها إليّ وطلب غيرها…
وأضاف هذا المدرِّس: أحببت أن أعرف ما الذي استفاده هذا الطفل من قراءته لهذا الكتاب، وإذا به يدخل شرح الماركسيّة طولًا وعرضًا، فأخذت عن شرحه لها كلّ ما غمض عليّ معناه عند قراءتي لها، فعجبت لهذا الطفل المعجزة وهو لمّا يزل في المرحلة الثالثة من الدراسة الابتدائيّة، وقد زاد في اطمئناني عندما راح يشرح لي أنّه كان يأتي على مناقشة كلّ رأي على حدة مناقشة العالم المتبحّر في العلم..
3- من شواهد النبوغ عند السّيد الصدر أنّه درس أكثر أبحاث السطح العالي بلا أستاذ..
4- في الحادية عشر من عمره كتب رسالة في المنطق.
5- ومنذ بلغ الحلم كان لا يقلّد إذ وجد في نفسه القدرة على الاجتهاد.
لا يتّسع المجال أن نتحدّث عن مساحات شخصيّته، وشخصيّة الشهيدة بنت الهدى، ولعلّنا نتابع الكلام عن ذلك، وعن وقائع استشهاده..
ما يهمّني هنا الحديث عن:
خطاب الوحدة عند الشهيد الصدر:
مارس الشهيد الصدر دورًا توحيديًا كبيرًا، لأنّه كان على قناعة بأنّ مشروع التفرقة والانقسام من أخطر المشروعات التي تفتّت الشعوب، ممّا يجعلها لقمة سائغة لمخطّطات القوى الاستكباريّة، ولأطماع الذين يريدون الشرَّ بأوطان المسلمين، وبمصالح الأمّة.
مَنْ يقرأ خطابات الشهيد الصدر يجدها معبّئةً بكلماتٍ لا تخاطب طائفةً من طوائف الشعب العراقي، ولا مكوّنًا من مكوّناته، وإنّما تخاطب كلّ الطوائف، وكلّ المكوّنات جاء في بعض خطاباته الموجّه للشعب العراقي:
«أنّي أخاطبك في هذه اللحظة العصيبة من محنتك، بكلّ فئاتك وطوائفك، بعربك وأكرادك، بسنّتك وشيعتك…».
إنّ لغةً لا تفرِّق بين أبناء الوطن، هي القادرة أن تُعالج الأزمات التي تعيشها الشعوب، وهي القادرة أن تزرع الثّقة في داخل النفوس، بخلاف اللغة التي تمارس إقصاءً، وشحنًا، وفتنةً، فهي لغة خطيرةٌ، مدمّرة، ضارّة بالوحدة والألفةِ والتقارب، ومؤسّسة للكراهيّة الضعيفة والضغينة، وانهيار الثّقة، وكم لهذا من آثارٍ وخيمة من الأمن والاستقرار والتعايش بين أبناء الوطن الواحد…
وجاء في كلماته رضوان الله عليه:
«وإنّي منذ عرفتُ وجودي ومسؤوليّتي في هذه الأمّة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسنّي على السواءِ، ومن أجل العربي والكردي على السواء حيث دافعت عن الرسالة التي توّحدهم جميعًا، وعن العقيدة التي تضمّهم جميعًا».
هكذا يجب أن يكون القائد، قلبًا كبيرًا مفتوحًا على الجميع، لا يُمايز في مسؤوليّاته بينهم، قلبًا مملوءًا بالرّحمة لا تستثني أحدًا، ما داموا جميعًا أبناءه، ورعيّته، بمقدار ما ينفتح القائد بحبّه، ورحمته، وأبويّته، يقتحم كلّ القلوب، ولا يترك فرصةً للحقد والكراهية حتى في أعقد الظروف، وأحرج الأزمات.
ومن خلال كلمات الشهيد الصدر: نفهم كيف يجب أن يكون منهج الخطاب الدينيّ، وكيف يجب أن تكون مسؤوليّة حرّاس الدين من مراجع وفقهاء وعلماء..
الخطاب الدينيّ خطاب الوحدة والألفة والمحبّة؛ لأنّه يستقي مضامينه من كتاب الله والذي أكّدت آياته على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرّق:
• ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾ (آل عمران/103)
وأكّدت آياته على الوحدة ونبذ التنازع:
• ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ (الأنبياء/92)
• ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ (المؤمنون/52)
• ﴿ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (الأنفال/46)
فأيّ خطابٍ ينزع إلى إثارة الفتنة والخلاف والصراع وإلى إنتاج الحقد والضّغينة والبغضاء فهو خطاب يتنافى مع مسلّماتِ الدّين، وضرورات الإسلام مهما كانت المبرّرات والمسوّغات، فما أكثر أولئك الذين يُتاجرون بخطاب الدّين من أجل أغراضٍ ومصالح دنيويّة، ومن أجل أهدافٍ نفعيّة..
ونتابع كلمات الشهيد الصدر حيث يقول:
«فأنا معك يا أخي وولدي السنّي بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي، أنا معكما بقدر ما أنتما مع الإسلام»..
ويقول:
«يا إخواني من أبناء الموصل والبصرة، من أبناء بغداد وكربلاء والنّجف.. من أبناء سامراء والكاظميّة.. من أبناء العمارة والكوت والسلمانيّة.. من أبناء العراق في كلّ مكان، إنّي أعاهدكم بأنّي لكم جميعًا، ومن أجلكم جميعًا، وأنّكم جميعًا هدفي في الحاضر والمستقبل…»..
كم هو خطابٌ مملوءٌ بالحبِّ للجميع، وكم هو خطابٌ صادقٌ كلّ الصدق، لا يحمل نفاقًا، ولا كذِبًا، ولا دَجَلًا، وكم هو خطابٌ واقعيّ، لم يُطلق للاستهلاك والمساومة والأغراض الآنية، لأنّه صادرٌ عن إنسانٍ امتلأ حبًّا لله، وذاب في خوف الله، وجسّد تقوى الله، فما كانت الأغراض السّياسيّة النفعيّة هي التي توجّهه، وما كانت الدوافع الذاتيّة هي التي تأسره، وما كانت مساومات الأنظمة الحاكمة هي التي تدفعه…
ما أحوج الظرف الراهن في هذا البلاد إلى هذا الخطاب:
البحرين وهي تمرّ بالظرف الراهن، المشحون بالتعقيد، والمدفوع بالكثير من الانفعالات والتشنّجات في حاجةٍ كبيرةٍ كبيرة إلى خطابٍ قادرٍ أن يكون في مستوى مواجهة الظّرف وتعقيداتهِ وانفعالاتهِ وتشنّجاتهِ، إلى خطابٍ قادرٍ أن يكون مُوِّحدًا لا مُفرِّقًا، أن يكون مطمئنًا لا مُروِّعًا، أن يكون صادقًا لا مزايدًا.
وحينما نتحدّث عن الخطاب نتحدّث عن خطاب الدولة، عن خطاب التلفاز والإذاعة والصحافة، عن خطاب المسجد والمنبر، عن خطاب السّياسة والثقافة، عن خطاب الشارع والمجالس والمحافل..
إنّ الظرف الراهن بتداعياته الصعبة، وتأزّماتهِ، وتوتّراتِه، واحتقاناته لا تتحمّل خطاباتٍ مُسوِّقةٍ إلى عصبياتٍ طائفيّةٍ مجنونةٍ، مسكونةٍ بهواجس ثأريّةٍ عدوانيّة، مشحونةٍ برغباتٍ انتقاميّة منفلتة، ومدفوعةٍ بشهوة الغلبة والانتصار.
نسمع كلامًا – وهذا يؤسفنا جدًا – يقول:
لماذا – الآن فقط – تتحدّثون عن خطاب الوحدة والألفةِ والتقارب، بعد أن صمتّم طويلّا، وبعد أن تأزّمت الأوضاع، وبعد أن فرض الخيار الأمني قبضته…
نعم يؤسفنا هذا الكلام جدًا..
منذ مارسنا خطابنا الدينيّ والثقافيّ والسّياسي، وهذه هي لغتنا، وهذا هو صوتنا، فالكلمات والخطابات شاهدة، وما كنّا نقولها للاستهلاك والممالأة والمداهنة.
ومنذ انطلق المشروع السّياسي بولادة الميثاق كان لنا موقفٌ واضح، فلماذا تحاول الأصوات – الآن – أن تتنكّر لتلك المواقف، أوتشكِّك في صدقيّتها، أو تحاسب النوايا، لن نتّهم تلك الأصوات، ولكنّنا نتمنّى أن لا تكون أصواتًا ظالمة، فالظّلم ظلماتٌ في يوم القيامة…
إنّنا آمنا ولا زلنا مؤمنين بخطاب الوحدة هدفًا استراتيجيًا، وليس هدفًا مرحليًا آنيًا تفرضه ظروف طارئة، ومارسنا هذا الخطاب واقعًا وسلوكًا وحركة، لا نقول هذا مزايدة ومباهاة، وإنّما لكي نجذِّر في داخلنا هذا الإحساس بمسؤوليّة الكلمة في مرحلةٍ تفرض على أصحاب الكلمة أن يكونوا الأمناء على وحدة الصف، لأنّ النفخ في روح الفرقةِ والخلاف وإنتاج الفتن والصراعات خيانة للدّين والوطن..
ولا يضرّنا بعد هذا لغة التشكيك والقذف والتشهير ما دمنا واثقين أنّنا لم نفرّط في أداء مسؤوليّة الكلمة حسبما يفرضه الواجب الشرعيّ والوطنيّ..
في ذكرى الزهراء عليها السلام
إنّنا على مشارف ذكرى وفاة الصديقة فاطمة الزهراء سيد نساء العالمين، والحديث عن الزهراء عليها السلام حديثٌ عن أرقي نموذج في تاريخ المرأة، حديثٌ عن المثل الأعلى الذي جسّد القيم الرّبانية التي هيّأتها الرسالة الإلهيّة لصنع المرأة الكاملة… فما أحوج المرأة المسلمة في هذا العصر أن تترسّم خُطى الزهراء إيمانًا، وبصيرةً، وعفّةً، وطهرًا، وخُلُقًا، وتقوًى، وعبادةً، وجهادًا، وصبرًا، وعطاءً، وتضحية…
مطلوبٌ من المرأة أن تقرأ الزهراء، فيما تعنيه القراءة من استلهام فكري، وانجذابٍ روحي، وانصهارٍ وجداني، وتمثّل عملي…
لا قيمة لقراءةٍ لا تنتج إلّا كمًّا من معلوماتٍ تبقى مركومة في الذهن، وربّما كان مصيرها الإهمال والنسيان، القيمة حينما تتحوّل المعلومات إلى إشعاعٍ فكري يخلق وعيًا إيمانيًا، وإلى فيضٍ من المشاعر النقيّة الطاهرة، وإلى منظومةٍ من القيم الخيّرة، وإلى مجموعةٍ ضوابط ترشِّد السلوك والأفعال والممارسات…
لا تسأل نفسك كم قرأت من كتب، وكم حضرت من دروس، وكم استمعت من خطب، وكم جلست من مجالس علم وفكر…
ولكن اسأل نفسك كم صنعت في عقلك من وعي، وفي وجدانك من نقاء، وفي خلقك من طهر، وفي سلوك من التزام…
هكذا يجب أن تقرأ المرأة المسلمة من التزام…
هكذا يجب أن تقرأ المرأةُ المسلمةُ الزهراءَ، والزهراءُ مدرسة غنيّة بكلّ ما تملكه رسالة السّماء من عطاء، وبقدر ما تملك المرأة من استعدادٍ وقدرةٍ تغنى من عطاء هذه المدرسة..
ويجب أن لا ننسى ونحن نعيش ذكرى الزهراء مجموعة من النساء المؤمنات ممّن عشقن الزهراء وهن رهن الاعتقال في ظاهرةٍ تبعث على القلق الشديد، حيث يتنافى هذا مع دينٍ وقيمٍ وعادات هذا البلد، بلد العفّة والشّرف وحماية العرض، وصون الكرامة الأمر الذي يخشى منه أن يمسَّ سمعة هذا الوطن، وهذا يفرض على كلّ الغيارى أن يُطالبوا بإطلاق سراح هؤلاء النساء، وما نتحمله أنّهن يتعرّضن لمعاناةٍ صعبة، خاصّة وفيهنّ حوامل، نكرر المناشدة والمطالبة بإطلاق سراحهنّ، دفع الله عنهنّ كلّ بلاء ومكروه وهو تعالى نعم العون والملاذ.
وأخيرًا ونحن نستقبل أيام الزهراء، نؤكّد على ضرورة التعاطي مع هذه المناسبة الأليمة بعيدًا عن أيّ توظيفٍ سياسيّ، تجنّبًا للتصعيد والتأزيم، وحفاظًا على سلامة أجواء الذكرى، وتعبيرًا منّا عن حسن النوايا، كما نؤكّد على ضرورة أن تساهم المناسبات الدينيّة في تعزيز الوحدة الوطنيّة، وفي تقوية التلاحم والتآلف والتقارب بين مكوّنات الشعب…