حديث الجمعة217: الدعاء مدرسة(1) – خطوة مجلس النواب في اتجاه حظر الخمور(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصّلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الطيّبين الطاهرين…
من الأدعية المأثورة:
من الأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام هذا الدعاء:
«اللهم إنّي أعوذ بك من نفسٍ لا تقنع، ومن بطنٍ لا تشبع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن عينٍ لا تدمع، ومن علمٍ لا ينفع، ومن صلاةٍ لا تُرفع، ومن دعاءِ لا يُسمع».
أكّدت الآيات والروايات على أهمّية الدعاء:
• قال الله تعالى: «قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ» [الفرقان: 77]
• وقال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» [غافر: 60]
• وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «الدعاء مخ العبادة ولا يهلك مع الدعاء أحد».
• وقال صلّى الله عليه وآله: «الدعاء سلاح المؤمن».
• وعنه صلّى الله عليه وآله: «يدخل الجنّة رجلان كانا يعملان عملاً واحدًا فيرى أحدهما صاحبه فوقه، فيقول: يا ربّ بما أعطيته وكان عملنا واحدًا؟ فيقول: الله تبارك تعالى: سألني ولم تسألني».
• وقال الإمام الصّادق (ع): «عليك بالدعاء فإنّ فيه شفاء من كلّ داء».
• قال الإمام الصّادق (ع): «إنّ المؤمن ليدعو الله تعالى في حاجةٍ، فيقول الله: أخّرت حاجته شوقًا إلى دعائه، فإذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى: عبدي دعوتني في كذا فأخرّت إجابتك، وثوابك كذا..
قال: فيتمنّى المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في دعوة الدنيا لما يرى من حسن ثوابه»
• وقال الإمام الصّادق (ع): إنّ الربّ ليلي حساب المؤمن، فيقول: تعرف هذا الحساب؟ فيقول: يا ربّ، [فيقول الربّ]: دعوتني في ليلة كذا وكذا فذخرتها لك قال: فما يرى من عظمة ثواب الله يقول: يا ربّ ليت أنّك لم تكن عجلت لي شيئًا وادّخرته لي».
• وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ما من مؤمنٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحمٍ إلاّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمّا أن يُعجّل دعوته وإمّا أن يدّخر له في الآخرة، وإمّا أن يكفّ عنه من الشرّ مثلها.. قالوا: يا رسول الله إذًا نكثر؟
قال [صلّى الله عليه وآله]: الله أكثر».
• وقال الإمام الرّضا (ع): «دعوة العبد سرًّا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية».
• وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «دعاء الرّجل لأخيه بظهر الغيب مستجاب».
• روى ابن أبي عمير عن زيد النرسي قال: كنت مع معاوية بن وهب في الموقف وهو يدعو، فتفقّدت دعاءه فما رأيته يدعو لنفسه بحرف، ورأيته يدعو لرجلٍ رجلٍ من الآفاق ويسمّيهم ويسمّي آباءهم، حتى أفاض النّاس، فقلت له: يا عم لقد رأيت منك عجبًا..
قال: وما الذي أعجبك ممّا رأيت؟
قلت: إيثارك إخوانك على نفسك في هذا الموضع، وتفقّدك رجلاً رجلاً…؟
فقال لي: لا يكون تعجّبك من هذا يا ابن أخي، فإنّي سمعت مولاي ومولاك ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنه، وكان والله سيد من مضى وسيد من بقي بعد آبائه [عليهم السّلام] وإلاّ صمّتا أُذنا معاوية وعميتا عيناه، ولا نالته شفاعة محمدٍ [صلّى الله عليه وآله] إن لم يكن سمعته منه وهو يقول: من دعا لأخيه في ظهر الغيب نادى ملك من السّماء الدنيا: يا عبد الله لك مائة ألف ضعفٍ ممّا دعوت..
وناداه ملك من السّماء الثانية: يا عبد الله ولك مائتا ألف ضعفٍ ممّا دعوت…
وناداه ملك من السّماء الثالثة: يا عبد الله لك ثلاثمائة ألف ضعفٍ ممّا دعوت…
وناداه ملك من السّماء الرابعة: يا عبد الله لك أربعمائة ألف ضعفٍ ممّا دعوت…
وناداه ملك من السّماء الخامسة: يا عبد الله لك خمسمائة ألف ضعف ممّا دعوت…
وناداه ملك من السّماء السادسة: يا عبد الله لك ستمائة ألف ضعفٍ ممّا دعوت…
وناداه ملك من السّماء السابعة: يا عبد الله لك سبعمائة ألف ضعفٍ ممّا دعوت…
ثمّ يناديه الربّ تبارك وتعالى: أنا الغني الذي لا أفتقر، يا عبد الله لكّ ألف ألف ضعفٍ ممّا دعوت…
فأيّ الخطرين أكبر يا ابن أخي، ما اخترته أنا لنفسي، أو ما تأمرني به؟»
• وعن الإمام الصّادق (ع): «إذا دعا الرّجل لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعفٍ مثله، وإذا دعا لنفسه كانت له واحدة، فمائة ألفٍ مضمونةٍ خيرٌ من واحدةٍ لا يدرى يُستجاب له أم لا، ومن دعا لأربعين رجلاً من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه…»
الدعاء مدرسة:
ثمّ إنّ الدعاء مدرسة يتربّى من خلالها الإنسان المؤمن:
– يتربّى عقله..
– وتتربّى عواطفه..
– وتتربّى أخلاقه..
– ويتربّى سلوكه..
بعد هذه المقدمة نحاول أن نتناول الدعاء المأثور الذي بدأنا به الحديث، وهذا المقطع من الدعاء تضمّن سبع فقراتٍ مهمّة وخطيرة ترتبط بالواقع العملي في حياة الإنسان…
ولنا وقفة مع كلّ فقرة من هذه الفقرات نحاول من خلالها استجلاء المضمون الذي تحمله هذه الفقرة..
نتابع الحديث إن شاء الله في الجمعة القادمة..
نبارك هذه الخطوة وإن جاءت متأخّرة:
إنّنا نبارك الخطوة التي أقدم عليها مجلس النوّاب في اتجاه حظر الخمور في هذا البلد…
إنّ من أوليات مطالب هذا الشعب المسلم هو الحفاظ على قِيمه الدينيّة، ومواجهة كلّ المشروعات التي تُحاول أن تُسيء إلى مبادئ الإسلام وأحكامه…
من المؤسف جدًا أن تتحوّل البحرين إلى سوقٍ للدّعارة والخمور واللهو العابث بالقِيم والأخلاق، فالفنادق والملاهي والمراقص والبارات تُشكّل معالم بارزة في هذا البلد، الأمر الذي اجتذب أعدادًا كبيرة من هواة الفسق والفجور، ومن باعة العهر والمجون، وهكذا تلوّثت سمعة هذا البلد الذي يحمل تاريخًا من الطّهر والنّقاء والأصالة الإيمانيّة…
مسؤوليّة كلّ الغيارى من أبناء البحرين أن يرفعوا أصواتهم صارخةً غاضبة في الدفاع عن سمعة البحرين، وقِيَمها، ودينها، وتاريخها النظيف…
إنّ السّكوت أمام هذا العبث خيانة للدين وللوطن، فالغيرة الدينيّة تفرض أن يقول الإنسان المسلم الكلمة، وإلاّ شملته اللّعنة الإلهيّة والغضب الرّباني، فالساكت عن الحقّ شيطانٌ أخرس…
ثمّ إنّ الوطنيّة الصادقة تُطالبنا أن نحمي دين الوطن، وقِيَم الوطن، وتاريخ الوطن فليس وطنيًّا صادقًا من يُفرّط في الدّين والقِيَم والتاريخ…
كان الشّعب يتطلّع ومنذ أن تشكّل البرلمان إلى قرارٍ جريء بإيقاف كلّ أشكال العبث بقيم الدّين في هذا البلد من ممارسة الدّعارة وانتشار الخمور، إلاّ أنّ هذا التطلّع طال طويلاً، حيث أنّ هذا الملف يبدو ليس من أولويات النواب، وأخيرًا جاء القرار الذي اتفقت عليه إرادات الأعضاء، إلاّ أنّ الأمر لا زال متوقّفًا على موافقة الحكومة ومجلس الشّورى، فهل يملك مجلس الشّورى الشجاعة في اتخاذ الموقف الدّاعم لإرادة النواب، والمنسجم مع ما يفرضه الدّين الذي ينتمي إليه هذا الشعب؟… وهل يتّجه الموقف الحكومي إلى إمضاء المقترح، أم إلى تعطيله وإفشاله؟
الشعب يُراقب ذلك بقلقٍ شديد، ويُصرّ على الإسراع بإمضاء القانون وإلاّ كان ذلك تحدّيًا صارخًا لإرادة الشعب، وموقفًا مشينًا في مواجهة أحكام الإسلام، وقِيَم الدّين..
إنّ موقف الإسلام صريحٌ وواضحٌ من مسألة التعاطي مع الخمور والمسكرات…
• «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [المائدة: 90]
• في الحديث: «لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله في الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمول إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها»
• وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من شرب الخمر في الدنيا سقاه الله من سمّ الأفاعي ومن سمّ العقارب شربةً يتساقط لحم وجهه في الإناء قبل أن يشربها، يفسخ لحمه وجلده كالجيفة، يتأذّى به أهل الجمع حتى يُؤمر به إلى النّار، وشاربها، وعاصرها ومعتصرها في النّار، وبائعها وحاملها والمحمول إليه وآكل ثمنها سواء في عارها وإثمها، ألا ومن سقاها يهوديًّا أو نصرانيًّا أو صائبًا أو من كان من الناس فعليه كوزر من شربها، ألا ومن باعها أو اشتراها لغيره لم يقبل الله تعالى منه صلاةً وصيامًا ولا حجًا ولا اعتمارًا حتى يتوب منها، وإن مات قبل أن يتوب كان حقًا على الله تعالى أن يُسقيه بكلّ جرعة شراب منها في الدنيا شربةً من صديد جهنم».
• وقال صلّى الله عليه وآله: «من سلّم على شارب الخمر أو عانقه أو صافحه أحبط الله عليه عمل أربعين سنة».
• وقال الإمام الصّادق عليه السّلام: «لا تجالسوا شرّاب الخمر، فإنّ اللعنة إذا أنزلت عمّت في المجلس».
• وقال صلّى الله عليه وآله: «يجيء مدمن الخمر يوم القيامة مزرقّةً عيناه، مسودًا وجهه، مائلا شفاه، يسيل لعابه، مشدودة ناصيته إلى إبهام قدميه، خارجة يده من صلبه، فيفزع منه أهل الجمع إذا رأوه مقبلاً على الحساب».
فالويل ثمّ الويل ثمّ الويل لحكّامٍ أغرقوا شعوبهم بالخمور والفجور والموبقات…
والويل ثمّ الويل ثمّ الويل لمسئولين دمّروا أوطانهم بهذه الفواحش والمنكرات…
والويل ثمّ الويل ثمّ الويل لتجّارٍ وسماسرة روّجوا لهذه القبائح والمهلكات…
والويل ثمّ الويل ثمّ الويل لكلّ الصّامتين المداهنين الراضين بهذا المعاصي والمحرّمات…
أيّها الحكّام رِفقًا بشعوبكم…
أيّها المسؤولون رفقًا بأوطانكم…
أيّها التجّار والسماسرة رِفقًا بمجتمعاتكم…
أيّها الصامتون المداهنون رفقًا بقِيَمكم ودينكم…