الالتزام العملي بأهداف عاشوراء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
إن التجسيد الحقيقي لأهداف عاشوراء يشكل أهم مكونات الانتماء إلى خط الثورة الحسينية والى خط عاشوراء الحسين(ع)، وحينما نتحدث عن الالتزام العملي وعن التجسيد الحقيقي نتحدث عن :
• فكر ملتزم بأهداف عاشوراء
• وعاطفة ملتزمة بأهداف عاشوراء
• وسلوك ملتزم بأهداف عاشوراء
لكي نعطي المسألة توضيحا أكثر نتناول بعض التفصيلات.
(1) ماذا نعني بالفكر الملتزم بأهداف عاشوراء؟
من أهم خصائص الجمهور العاشورائي انه جمهور يملك(فكرا عاشورائيا)، والفكر العاشورائي هي مجموعه من الأفكار، والمفاهيم، والقيم التي طرحتها ثورة الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء ، لا يكفي أن نملك وعيا بهذه الأفكار، والمفاهيم، والقيم ، فإن هذا الوعي يمثل البعد النظري فقط ، وأما البعد العملي فهو أن يتحول هذا الوعي بالأفكار والمفاهيم والقيم إلى واقع متحرك يصوغ كل أفكارنا ومفاهيمنا وقيمنا ، فلا نفكر إلا من خلال عاشوراء الحسين عليه السلام ومن خلال مفاهيم عاشوراء الحسين عليه السلام ومن خلال قيم عاشوراء الحسين عليه السلام .
إذا أردنا أن نحاسب انتماءنا إلى عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام ، فيجب أن نحاسب أفكارنا ومفاهيمنا وقيمنا، ربما تكون هذه الأفكار والمفاهيم والقيم متناقضة مع عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام، محارب لعاشوراء من يتبنى أفكارا متناقضة لا أفكار عاشوراء الحسين عليه السلام، كل فكر ة تتناقض مع الإسلام ، مع الدين، مع القرآن، هي فكرة متناقضة لعاشوراء.
لماذا ثار الإمام الحسين عليه السلام؟
من أجل الدفاع عن الإسلام ، وحماية قيم الدين ، والحفاظ على مبادئ القرآن ، فالإنسان العاشورائي هو من يتبنى الدفاع عن مبادئ الإسلام ، وحماية قيم الدين ، والحفاظ على مبادئ القرآن…
الإنسان العاشورائي من يتبنى مفاهيم الحق والصلاح والعدل والحرية والكرامة…
الإنسان العاشورائي من يتبنى قيم الخير والفضيلة والطهر والنظافة…
أما أعداء عاشوراء، أما المحاربون لعاشوراء:
فهم الذين يتبنون ثقافة الضلال والانحراف والفساد، هم الذين يتبنون ثقافة الظلم والقهر والاستبداد، والعبث بالكرامات…
هم الذين يتبنون ثقافة الشر والرذيلة والسقوط الأخلاقي…
هم الذين يتناقضون فكريا وثقافيا مع مفاهيم الإسلام والدين والقرآن…
(2) ماذا نعني بالعاطفة الملتزمة بأهداف عاشوراء؟
إنها العاطفة التي تشكل من خلال مدرسة عاشوراء، إنها العاطفة التي تحمل “حب الله” في أعلى درجاته.
العاشورائيون الحقيقيون هم “عشاق الله”…
الحسين كان من عشاق الله…
العباس كان من عشاق الله…
الأكبر كان من عشاق الله…
القاسم كان من عشاق الله…
حبيب كان من عشاق الله…
مسلم كان من عشاق الله…
جميع أنصار الحسين كانوا من عشاق الله…
فإذا أردنا أن نكون عاشورائيين حقا فيجب أن نكون من عشاق الله … وعشاق الله هم عشاق أنبياء الله وفي مقدمتهم سيد أنبياء الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، وهم عشاق أولياء الله وفي مقدمتهم سادة الأصفياء الأئمة من آل رسول الله عليهم أفضل صلوات الله ، وهم عشاق الإسلام ، وعشاق الدين، وعشاق القرآن، هؤلاء هم العاشورائيون الصادقون.
(3) ماذا نعني بالسلوك الملتزم بأهداف عاشوراء؟
إذا كان الإنسان العاشورائي هو الذي يحمل الفكر الملتزم بأهداف عاشوراء…
وإذا كان الإنسان العاشورائي هو الذي يحمل العاطفة الملتزمة بأهداف عاشوراء…
فإن الإنسان العاشورائي هو الذي يحمل سلوك الملتزم بأهداف عاشوراء…
إن الالتزام الفكري الصادق ، يفرض التزاما سلوكيا صادقا…
كما إن الالتزام العاطفي الصادق يفرض التزاما سلوكيا صادقا…
حينما يبقى الفكر ثقافة في الذهن ولا يتحول إلى سلوك عملي فهو فكر غير ملتزم…
وحينما تبقى العاطفة شعورا في القلب ولا تتحول إلى مماسه متحركة فهي عاطفة غير ملتزمة…
هذه بعض آيات من كتاب الله تؤكد العلاقة بين الإيمان والعمل:
• “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”
• “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ”
• ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ”
• ” فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ”
• “وَالْعَصْرِ *إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ “
وهذه بعض كلمات من كتاب الله وأقوال المعصومين تؤكد العلاقة بين العاطفة والعمل:
• “قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”
• قال الإمام الباقر عليه السلام لجابر الجعفي:””يا جابر:أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون -يا جابر-إلا بالتواضع و التخشع، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين و الأيتام، وصدق الحديث ، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس غلا من خير ، فلو قال: أني أحب رسول الله صلى الله عليه واله ورسول الله صلى الله عليه وآله خير من علي ثم لا يعمل بعلمه، ولا يتبع سنته ما نفعه حبه إياه شيئا… فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين احد قرابة، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه اتقاهم له، وأعلمهم بطاعته، والله ما يتقرب إلى الله جل ثناؤه إلا بالطاعة ما معناه براءة من النار ، ولا على الله لا حد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، ولا تنال ولايتنا إلا بالورع والعمل”
ما نخلص إليه في هذا السياق أن الجمهور العاشورائي، جمهور يجسد في واقعه أهداف عاشوراء ، وأهداف عاشوراء هي أهداف الإسلام ، وأهداف الدين ، وأهداف القرآن، فالإنسان العاشورائي – رجلا ، امرأة، شابا، شابة -إنسان يمثل أعلى درجات الإلزام والاستقامة والتقوى والورع …
الحسين ثار في مواجهة الفسق اليزيدي والفجور اليزيدي، والانحراف اليزيدي والفساد اليزيدي ، والظلم اليزيدي والعبث اليزيدي، فكل الذين يمارسون الفسق والفجور والانحراف والفساد والعبث، فهم يمثلون الخط اليزيدي، والواقع اليزيدي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين