الرؤية الواعية بأهداف الثورة الحسينية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
إن غياب هذه الرؤية يشكل خللا واضحا في الانتماء إلى خط الإمام الحسين عليه السلام ، كيف يمكن أن نكون منتمين إلى هذا الخط ، ونحن لا نملك رؤية بخصائص هذا الخط ، وبمكوناته، وبأهدافه ،وبقيمة. فربما جسدنا أهدافا مضادة ،وقيما مضادة، ومبادئ مضادة، ومادمنا لا نملك البصيرة والروية الواعية.
في الخمسينات أخترق “الشيوعيون” في العراق أجواء بعض المواكب الحسينية، وأقحموا شعاراتهم وردد جمهور تلك المواكب تلك الشعارات والتي تتناقض كل التناقض مع أهداف الثورة الحسينية… كيف حدث ذلك ؟
لانًّ هذا الجمهور كان يفتقد الرؤية الواعية ويفتقد البصيرة، الأمر الذي سمح لشعارات وردات و”شيلات” تتناقض مع مفاهيم الثورة الحسينية أن تخترق مواكب الحسين ،وأن تخترق مراسيم عاشوراء.
إننا ندعوا الجمهور لكي يكون “جمهورا عاشورائيا” منتميا إلى خط الإمام الحسين عليه السلام أن يكون على درجة كبيرة من الوعي والبصيرة بأهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام , وبقيم عاشوراء حتى يكون هذا الجمهور “السياج” الذي يحمي أجواء الموسم العاشورائي من كل الاختراقات ومن كل المفاهيم والأفكار والشعارات التي تتنافى مع مفاهيم وأفكار وشعارات كربلاء الحسين عليه السلام.
لذلك أكدنا في كثير من مناسبة ضرورة أن تنطل الكلمات والشعارات في أجواء هذا الموسم من خلال المفهوم العاشورائي، ومن خلال العنوان الحسيني ، حتى لو أرادت هذه الكلمات والشعارات أن تلامس قضايا الواقع المعاصر، بكل امتداداته الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية .
إننا نريد لثورة الإمام الحسين عليه السلام أن تكون حاضرة في كل امتدادات الواقع المعاصر وفي كل إمتدادت الحاضر والمستقبل ، ولا نريد لثورة الإمام الحسين عليه السلام أن تتحجم في التاريخ وفي الماضي ،إلا أن هذا الحضور يجب أن يعبر بوضوح عن هوية الثورة الحسينية وعن مبادئها وأهدافها وقيمها.
قد يقال : لماذا الإصرار على ربط الشعارات بثورة الإمام الحسين عليه السلام ، فالكثير من قضايا العصر لا علاقة لها بهذه لثورة (البطالة ، التميز ، الفساد الإداري والمالي ، أزمة الدستور ، العنف والإرهاب ، قضية فلسطين ، قضية العراق ، قضايا العرب والمسلمين ، قضايا العالم …. ) ما علاقة كل ذلك بثورة الإمام الحسين عليه السلام ؟
نطلب من أن يفرض خطاب عاشوراء نفسه على كل هذه القضايا ؟ وكيف نطالب خطاب عاشوراء أن يفرض نفسه على كل هذا الواقع ؟
حينما نفهم ثورة الإمام الحسين عليه السلام، فهما واعيا فسوف نجد أنها قادرة أن تكون حاضرة في كل قضايا العصر.
حينما نتحدث عن ثورة الإمام الحسين عليه السلام فنحن نتحدث عن مبادئ الحق والعدالة والحرية والكرامة ، فيما تعنيه هذه المبادئ من رفض الظلم، والقهر ، والجوع، والحرمان ، والعبث والتطرف، والعنف والإرهاب…
وهل مأساة الإنسان في هذا العصر إلا كونه ضحية أنظمة جائرة ظالمة مستبدة ، ابتعدت كل البعد عن منهج الله تعالى ، وعن قيم الحق والعدالة والحرية والكرامة.
إن خطاب عاشوراء قادر على أن يكون حاضرا في كل مآسي العصر، مآسي الفكر والثقافة والمآسي الروحية والأخلاقية، وغيرها مما يعاني منه إنسان هذا العصر .
إننا يجب أن ننطلق من مأساة كربلاء إلى كل مآسي الإنسان في هذا العصر ، وإلى كل عذابات الإنسان في هذا الزمان وهكذا نعطي لخطا عاشوراء حضوره المتحرك وحضوره الفعال ، وأن لا نحجم عاشوراء في التاريخ.
وهذا لا يعني أن ننسى التاريخ ، وننسى أحداث التاريخ ، وننسى ما جرى في كربلاء من فجائع ومآسي وانتهاكات وجنايات لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الأجيال .
إن ملف الجريمة النكراء التي حدثت في ظهيرة عاشوراء في السنة الواحدة والستين كم الهجرة ، هذا الملف يجب أن يبقى مفتوحا ويجب أن يكون حاضرا، من خلال هذا الملف ، يجب أن تلاحق كل ملفات الظلم والاستبداد ، وانتهاك الحرمات ، ومصادرة الكرامات في كل الأزمنة والأعصُر.
من خلال هذا الملف ، يجب أن تحاسب كل ممارسات العبث بمقدرات الشعوب ، وكل أشكال المصادرة لحقوق الإنسان ، في كل الأوطان والبلدان من هنا نفهم لماذا حاربت الكثير من أنظمة الحكم في التاريخ عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام ، ولا زالت أنظمة القهر والاستبداد ، وأنظمة السياسة الجائرة تضيق بعاشوراء الحسين ولا زال الحكام المتسلطون يعيشون الرعب من عاشوراء الحسين عليه السلام.
وحينما يكون الحديث عن عاشوراء الثورة ، وعاشوراء الرفض لكل سياسات الظلم والقهر والاستبداد فلا يعني أن رسالة عاشوراء تقف عند هذه الحدود …. إن عاشوراء تحمل أهدافا عقائدية، وروحية، أخلاقيه، وتربوية، واجتماعية ، فالحديث عن عاشوراء الحديث ، هو حديث عن الإسلام وعن كل منظوماته الفكرية، والروحية، والأخلاقية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والجهادية .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين