حديث الجمعة 167:هذيان طائفي يهدد وحدة الأمة – لماذا هذا الانتهاك لحرمة المواطنين؟ – بشرى للسّواح وعشاق اللهو
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذيان طائفي يهدد وحدة الأمة:
ما أحوج الأمة وهي تعيش ذكرى المولد النبوي الشريف أن تتوحد، وتتقارب، وتتصافى، وتنزع ما في داخلها من أحقاد وضغائن وعداوات.
من اشد عوامل الضعف والخواء والهوان الذي يعيشه المسلمون في هذا العصر هو التمزق والتشتت والخلاف… أعداء الإسلام وقوى الاستكبار، مارسوا ولازالوا يمارسون كل الوسائل التي تزرع الفتن، وتؤجج الصراعات في داخل الشعوب الإسلامية، هم يدّعون أنهم يحاربون العنف والتطرف والإرهاب، في الوقت الذي نجدهم يغذون الصراعات الطائفية والمذهبية.
ما تشهده مجتمعاتنا هذه الأيام من هوس طائفي محموم ومن خطابات وأصطفافات طائفية مدمرة ليس أمرا طبيعيا، وإذا استمر الأمر في هذا الاتجاه فالخطر قادم لا محال، والفتنة لن تبقي ولن تذر {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ..}الأنفال25.
مطلوب من العقلاء والمخلصين أن يقفوا في وجه أصوات الفتنة، وإلا أحرقت الأخضر واليابس ودمرت البلاد والعباد، من وراء هذه الوريقات التي تقطر فتنة وطائفية، تكفّر وتسب، وتهدّد، لا نشك أن وراءها أيدي لا تريد الخير لهذه البلاد، وتريد لها الأمن والاستقرار.
هل ما يجري من استفزازات طائفية هو بعيد عن علم السلطة؟
وهل يمكن أن يصدق احد ذلك؟
لا نريد أن نتهم مواقع في السلطة، ولا نريد أن نتهم سياسة التميز، وسياسة التحريض، ولكن يبقى السؤال: لماذا هذا الصمت تجاه ما يصدر عن بعض من هذيان طائفي يهدّد وحدة هذا الشعب وتلاحمه؟
في الوقت الذي نجد الصراع يتعالى لكلمة صدرت هنا أو هناك لا تحمل أي حسّ طائفي، لا نجد أي حراك تجاه خطابات تحمل كلّ العنف الطائفي.
لا نقول هذا الكلام من اجل الشحن الطائفي، وإنّما للتحذير من تبعات هذا الموقف.
ما أجمل أن ننطلق في ذكرى المولد النبوي، وفي أسبوع الوحدة، لنتداعى من أجل التقارب، ومن اجل التواصل في ظل راية القرآن، وفي ظل قيادة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، وفي ظل شعار التوحيد، وفي ظل مبادئ الدين، وتعاليمه وقيمه.
ما أجمل أن ننطلق في ذكرى المولد النبوي، وفي أسبوع الوحدة لنتداعى من اجل التفاهم والحوار مع الآخر في الدين، ومع الآخر في المذهب، ومع الآخر في الرأي الثقافي، والرأي الاجتماعي، والرأي السياسي.
النظام السياسي مطالب أن يفتح حوارا حقيقيا مع كلّ القوى الفاعلة في السّاحة من أجل حلحلة كل الأزمات ومعالجة كل الملفات.
القوى السياسية والثقافية والاجتماعية مطالبة أن تفتح بينها حوارا حقيقيا، من اجل لملمة الجهود وتوحيد الطاقات فيما فيه خير هذا الشعب.
العلماء سنة وشيعة مطالبون أن يفتحوا بينهم حوارا حقيقيا من اجل حماية الأمة من كلّ الصراعات الطائفية المدمرة، ومن اجل مواجهة كلّ التحديات التي تهدد مصير الإسلام، وتهدد مقّدساته، ومبادئه، وقيمه.
هذا هو خطاب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في ذكرى مولده، للأمة، للحكام، للعلماء، للمثقفين، للرجال للنساء، للشباب، للشابات، لكل القوى… فهل نجيب النداء؟
لماذا هذا الانتهاك لحرمة المواطنين؟
لقد تكررت ظاهرة الاعتداء على مواطنين في الشوارع والطرقات من قبل القوات التي تحمل اسم مكافحة الشغب، وبلا سبب ولا مبرر، وآخر هذه الاعتداءات ما حدث لفضيلة الشيخ عبد الأمير الحوري وزوجته، وقد أدلى للصحافة بتوضيحات مفصلة عما حدث له من إساءات متعمدة وإهانات فاحشة واعتداءات جسدية، وقد تزامن هذا مع تعرض شخصين آخرين من علماء الدين، الشيخ الديهي، والشيخ ميثم السلمان، ومن قبل ذلك ما حدث من اعتداء وملاحقة للسيد الساري، وقضية الاعتداء على احد الشباب وعلى زوجته، وهكذا تستمر هذه الانتهاكات لحرمة المواطنين.
وأمّا ما تُعانيه بعض القرى والمناطق من جراء العقاب الجماعي، نتيجة استخدام الغازات المسيلة للدموع وبكثافة مفرطة مما عرض حياة الأهالي للخطر وخاصة المرضى والعجزة والنساء والأطفال -بالمناسبة لقد أصدرت جمعية الدفاع عن القطط بيانا احتجاجا صارخا لان بعض القطط في إحدى المناطق تعرضت للإصابة بالغازات المسيلة للدموع – وإرعاب الأهالي الآمنين والنساء والأطفال كلّ هذا يحدث وشعار الدولة “الإصلاح وكرامة المواطن” أيّ إصلاح هذا، وأيّ كرامة هذه.
إذا كان هذا الكلام عن الاعتداءات والانتهاكات يمثل أكذوبة ودعاية مغرضة ضد النظام، وإذا كانت هذه القضايا التي يتحدث عنها الشارع مجرد خيالات لا صحة لها كما تحاول بعض البيانات الرسمية أن توحي بذلك، فلماذا لا يكون هناك تحقيق جاد؟
كل الدلائل تؤكّد صحة وقوع هذه الانتهاكات، ويبدوا أن بيانات القلق والاستنكار المتكررة ما عادت قادرة أن تفعل شيئا.
لست هنا محرضا ولا داعية فوضي وانفلات إلا أنّي أريد أن أقول: إلى أين تسير الأمور، هل ستبقى الأوضاع تتحرك في هذا الاتجاه الذي يحكم السّياسة والأمن والاقتصاد وكل شيء.. ألا ينذر هذا بعودة قانون أمن الدولة من جديد؟ وهل أن عاهل البلاد الذي طرح مشروع الإصلاح يريد لهذا المشروع أن يصل إلى هذا المنعطف؟
ليس مُخلصا لهذا المشروع كل الذي يُطبِل ويُزمِر في الصحافة وفي المنتديات وإن كان على حساب آلام هذا الشعب وجراحاته.
روح الإصلاح السياسي أن يكون الشعب بكل همومه وآلامه وقضاياه وتطلعاته حاضرا في وجدان الحاكم وفي وجدان كلّ المسؤولين.
روح الإصلاح السياسي أن يكون للشعب حضور حقيقي في مواقع القرار لا أن تصبح العملية السياسة شكلا مفّرغا من الروح والمضمون وأن يكون البرلمان وجودا لا حول له ولا قوة وصدى لإرادة السلطة، فأي برلمان هذا الذي يعجز عن ملاحقة الفساد والمفسدين، ويعجز أن يلامس أزمات البلاد وهموم العباد، وكما قال سماحة الشيخ عيسى احمد قاسم “إن تجربة المشاركة إذا لم تؤد أهدافها وكان حليفها الفشل بسبب حصارات السلطة فإن قرارا بالمقاطعة سوف يكون قاصما لأيّ تجربة أخرى”.
عودة إلى ما يحدث في الشوارع والطرقات من مضايقات تطال الناس من قبل قوات مكافحة الشغب من دون أسباب واضحة ومعقولة… إن هذا الأمر يهدّد أمن البلد واستقراره ويصعّد من حالات التشنج والاحتقان والتوتر والتأزم.
فانطلاقا من نية صادقة في حماية الأمن والاستقرار نطالب بإيقاف هذه التجاوزات الصارخة والتي لا يبررها دعوى التصّدي لبعض أعمال الشغب.
مرفوض كل الرفض أن يتعرض مواطن آمن إلى اعتداء ومضايقة وإساءة من قبل أجهزة يفترض أنها أسسّت من اجل حماية أمن المواطن وكرامته وحريته.
نكرر للمرة العاشرة، والمائة والألف أننا سنبقى أمناء على أمن هذا البلد واستقراره وسوف نبقى الأوفياء في الدفاع عن مصلحة هذا الوطن وعزته رغم أنّ هناك من يصر على أن يشكك وأنّ يتّهم، وأن يمنح الولاء، وان ينزع الولاء كما تحلو له أهدافه وأغراضه ونزعاته الطائفية البغيضة.
نعم سوف نبقى الأمناء والأوفياء لهذا البلد وأمنه واستقراره وخيره وازدهاره، وعزته وكرامته، وسوف نبقى نطالب بالحقوق لكل أبناء هذا الوطن لا نفرق في ذلك بين السنة والشيعة، مادام الجميع مواطنين على هذه الأرض، ومادام الجميع أوفياء لهذا الوطن.
وأخيرا نطالب بملاحقة ومحاسبة أولئك الذين تعرضوا بالاعتداء والإساءة إلى علماء الدين وعلى مواطنين آخرين، ليشعر الناس بالاطمئنان على أنفسهم وعلى أعراضهم وعلى أموالهم.
بشرى للسّواح وعشاق اللهو:
بشرى للسواح وعشاق اللهو الوافدين لهذا البلد فقد أعلن مسؤول كبير في مشروع الترويج السياحي بوزارة الأعلام عن نيته فرض قوانين وإجراءات لتنظيم بيع الخمور في الفنادق، وتنظيم نوع اللباس الذي ترتديه الراقصات بالمراقص ومحلات ( الديسكو) كي تتواءم مع التقاليد والتراث – كثر الله خير هذا المسؤول- فقد حركته الغيرة الشديدة على تقاليد وتراث البلد فانبرى للتفكير في تنظيم بيع الخمور في الفنادق حتى لا يصبح السكر مبتذلا وفي ذلك إساءة كبيرة لتقاليد السكر وأعرافه، وكذلك تنظيم نوع اللباس الذي ترتديه بائعات الهوى في مراقص وملاهي البحرين، وهنا أيضا رغبة مخلصة في حماية تقاليد الملاهي والمراقص حتى لا تخترق من قبل من لا يحملن العفة والشرف وهن يمارسن عرض أجسادهن على أصحاب الشرف والكرامة من زوار هذه المراقص والملاهي، وقد فات المسؤول الموقر الإشارة إلى مسألة تنظيم بيوت الدعارة لكي لاتسئ الممارسات المبتذلة في الأماكن المبتذلة إلى شرف هذه المهنة الشريفة التي هي جزء من تقاليد البحرين وتراثها، ثم إن علاقات اللواط والساحق، وعلاقات المثليين هي الأخرى في حاجة إلى تنظيم عاجل لكي تتواءم مع التقاليد والتراث.
رفقا بهذا الشعب المسكين…
كفى مهازلا وعبثا بقيم هذا البلد…
وكفى امتهانا لدين هذا الشعب ومقدّراته…
أي سياحة ملوثة هذه التي تبحث عن الثراء والمال، وإن كان ذلك على حساب الدين والقيم والعرض والشرف…
أي موائمة بين بارات للخمور منظمة أو غير منظمة وأحكام الدين وتعاليمه…
أي موائمة بين مراقص وملاهي منظمة أو غير منظمة وقيم هذا البلد وأخلاقه…
ثم لماذا هذا الخجل المقيت من الحديث عن الدين والقيم والأخلاق، ويكون البديل حديث العادات والتقاليد… هذه لفته عاجله، ولنا عودة أشد وأقسى.
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
للاستماع