حديث الجمعة164:من كلمات الرسول (ص) – غزة تنزف دماً – ماذا عن الشأن المحلي؟ – وقفة مع قناة الجزيرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلوات على سيد الأنبياء و المرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مع بعض كلماته صلى الله عليه و آله و سلم:
الكلمة الأولى:
قال صلى الله عليه و آله:
“كيف بكم إذا فسق شبابكم و فسدت نساؤكم…”
النبي الأعظم صلى الله عليه و آله يستشرف ما يحدث للأمة من انحراف وضياع و ابتعاد عن قيم الدين، فشباب الأمة يفسقون، و نساء الأمة يفسدون،
انظروا إلى واقع التسيب و الفساد والضياع الذي يعيشه الكثير الكثير من شباب و شابات هذه الأمة في هذا العصر..
لم يعد هذا الانحراف والفساد مجرد ممارسات فرديه، و إنما تحول إلى مشروعات تغريبية خطيرة، هذه المشروعات تخطط لها قوى عالمية تستهدف مسخ هوية هذه الأمة، ومسخ أخلاق هذه الأمة، كما ينفذها في داخل مجتمعات المسلمين سياسة الأنظمة الحاكمة، ومؤسسات وجمعيات، وقوى متحركة تحمل شعارات خادعة و كاذبة،ومعتمدة شتى الوسائل (مناهج تعليم، برامج تلفزيونية و إذاعية، مهرجانات فنية و ثقافية و سياحية، كتب، مجلات، انترنت، صالات لهو و عبث، ترويج للدعارة، محلات بيع الخمور) وشباب و شابات الأمة هم الضحية.
يتابع النبي الأكرم صلى الله عليه و آله كلمته فيقول: “وتركتم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر” وهنا تأخذ المظاهر الانحرافية تتجذر في واقع الأمة ، وهنا يأخذ الفساد مساره الواسع ويزداد أعداد الفُساق والفاسدين..
و ذلك لأننا صمتنا و سكتنا، وداهانا،و تركنا الأمر بالمعروف النهي عن المنكر.
• {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78
• وأوحى الله إلى شعيب النبي إني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم، و ستين ألف من خيارهم،قال شعيب: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار.. قال الله: داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي..”
• “إن الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له؟
قال صلى الله عليه و آله: الذي لا يأمر بمعروف و لا ينهى عن منكر”
• قال الله تعالى {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25 ، هكذا تصاب المجتمعات بالدمار الأخلاقي و بالفساد و العبث و التغريب.
• قالوا: أو يكون ذلك يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه و آله :”نعم و شر من ذلك ،كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف” و هنا تكون الأمة قد وصلت إلى مرحلة أخطر، المساهمة في نشر الظواهر الانحرافية و محاربة الظواهر الخيرة.
• قالوا: أو يكون ذلك يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه و آله : “نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفا، و المعروف منكرا”، و هذه أخطر المراحل التي تصل إليها الأمة (انقلاب المفاهيم و المعايير)، فإذا انقلبت المفاهيم و المعايير أدى ذلك “المسخ لهوية الأمة و المصادرة لأصالتها، و العبث بكل قيمها” و هنا تسيطر المفاهيم و القيم و المعايير الدخيلة المنافية للإسلام و الدين و القرآن.
نتابع كلمات النبي الأعظم صلى الله عليه و آله في حديث قادم بإذن الله .
غزة تنزف دما، فأين المسلمون؟
لا زال الدم الفلسطيني ينزف دما بغزارة، و لازال الذبح و القتل و التشريد يلاحق أنباء غزة الصارمين و لازالت حرب الإبادة القذرة التي يشنها جيش العدو الإسرائيلي و بمباركة الإدارة الأمريكية، و في ظل صمت المنظمة الدولية ،و في صمت العالم ، لازالت هذه الحرب المدمرة مستمرة، فأين المسلمون؟
أين المسلمون و هم يسمعون شعبا يستغيث، أطفالا يصرخون، نساء، شيوخا، عجزة يلاحقون، منازل، مساجد، مستشفيات تدمر، فأين المسلمون؟
أين حكام المسلمين؟ أين حكومات المسلمين؟ صمت مخجل، تسابق إلى تطبيع علاقات مع الكيان الصهيوني، إعلام خجول.. أنظمة الحكم العربية والإسلامية مشغولة بقمع الشعوب، بمصادرة الحقوق، باللهو بمهرجانات الفسوق و الفجور، بحفلات الطرب و الرقص و المجون… و ربما تصدقت هذه الأنظمة على الفلسطينين ببعض فتات، و بعض كلمات كاذبة، و بعض تأوهات مخادعة… ثم أين مواقف القوى الدينية و السياسية و الاجتماعية في بلدان المسلمين؟
هناك كلمات و مواقف لقوى سياسية، و هناك كلمات و مواقف لقوى اجتماعية.. ولكنها لازالت في حاجة أن تكون أقوى وان تكون اصلب، وأن تكون اقدر على مواجهة الصلف اليهودي، والغطرسة الصهيونية، وأما الشعوب، فهي مقهورة، محاصرة، ومع ذلك فيجب أن تعبر عن غضبها، عن رفضها عن تضامنها مع المقاتلين على أرض فلسطين مع الضحايا، مع المنكوبين، مع الأطفال، مع النساء، مع مأساة هذا الشعب.. بالمسيرات، بالمهرجانات، بالإغاثات، بالمواقف،بالكلمات.
ماذا عن الشأن المحلي؟
1. لازالت قضية المعتقلين تشكل هاجسا مقلقا، فالتأجيلات المتكررة للمحاكمات و الأنباء الواردة عن أوضاع الاعتقال وما يلاقيه المعتقلون من مضايقات صعبة و من معاملات قاسية ومن ممارسات ضاغطة ومؤذية كل ذلك يجعلنا نعبر عن القلق الشديد، و نشدد المطالبة بالإسراع في حل أزمة هؤلاء الذين عانوا الكثير، ليس بهذا الأسلوب تعالج قضايا الأمن والاستقرار في هذا البلد. نحن مع الدعوة للحفاظ على أمن البلد و استقراره و لكن مايجري لهؤلاء السجناء أمر يدفع في اتجاه مزيد من الاحتقان والتأزم وتصعيد الأوضاع نكرر المطالبة بضرورة الإسراع في حل أزمة هؤلاء المعتقلين، حتى لا تتحرك التداعيات المضرة بأوضاع البلد..ثم نؤكد المطالبة بأن يكون التعامل معهم خاضعا للضوابط القانونية و الإنسانية وإيقاف كل التجاوزات و المضايقات والإساءات وتوفير الفرصة للجمعيات الحقوقية المحايدة أن تتطلع على أوضاعهم .. نأمل أن يصل صوتنا للمسؤولين.
2. لماذا الإصرار على تعطيل حق طبيعي لنواب البرلمان في فساد مؤسسات الدولة؟
ما حدث في الجلستين الأخيرتين لمجلس النواب من مواجهة الاستجواب المقدم من كتلة الوفاق يحمل مؤشرا خطيرا له مردوداته الصعبة على مسار العملية السياسية… ليست مسألة غياب الشروط الدستورية، الطلب كان مستكملا كل الشروط الدستورية، من المفارقات أن الطلب نفسه وبحرفيته حينما قدم في الدور الأول كان مستوفيا للشروط الدستورية، و بقدرة قادر فقد هذا الطلب في هذا الدور شروطه الدستورية من دون أن يحدث أي تغيير.. و رغم تأكيد المستشار القانوني للمجلس باستيفاء الشروط، ورغم اعتراف رئيس المجلس لهذا الاستيفاء إلا أن الموقف في الجلسات الأخيرة هو الرفض لهذا الاستجواب لعدم تمامية الشروط الدستورية..
ماذا يعني هذا؟
هل أن هناك قرارا رسميا بإسقاط هذا الاستجواب؟
لا إشكال أن كشف الأوراق في هذه القضية سوف يعري مواقع رسمية كثيرة، و ربما تكون هذه المواقع متقدمة جدا، فالمصلحة كل المصلحة أن يغلق هذا الملف حتى لا يفتضح الكثير من المتورطين الكبار
من المؤسف جدا أن تتجه العملية السياسية في هذا المسار الخاطئ..
لقد شاركت مساحة واسعة من أبناء هذا الشعب في الانتخابات الأخيرة، رغم ما حدث فيها من جور و ظلم و تمييز ضد طائفة كبيره من أبناء هذا البلد، ورغم ما حدث فيها من تلاعب مكشوف، رغم كل ذلك شارك الكثيرون من أبناء هذا البلد في الانتخابات وهم يحملون كل الأمل أن تصحح الأوضاع، و أن تكون التجربة البرلمانية الجديدة تحمل بعض التغيير، إلا أن الأوضاع السيئة لم تتغير، وأن التجربة البرلمانية لم يحدث فيها أي تغيير، و هذه الشواهد تتوالى لتقضي على ما تبقى من أمل لدى الناس، و لتنتج شعورا يتجه إلى الكفر بالعملية البرلمانية وربما إلى الكفر بالمشروع الإصلاحي..
وحتى لا تأخذ الأمور هذا المنحنى الخطير، يجب على الحكومة و يجب على كل المخلصين للمشروع الإصلاحي وللمشروع السياسي أن يعيدوا صوغ العملية البرلمانية صوغا يعيد لها الثقة في نفوس أبناء هذا الوطن.. فأي قيمة لبرلمان تحكمه وصاية رسمية؟ ويخضع غالبية نوابه لرغبات السلطة؟
3. ما صدر أخيرا- حسب ما نشر في بعض الصحف المحلية- من وجوب الرجوع إلى وزارة الشؤون الإسلامية في مسألة بناء المساجد و الحسينيات أمر يبعث على التساؤل والقلق.
واخشي ما نخشاه أن يتحكم في هذه المسألة بعض التوجهات المذهبية المتشددة.. خاصة في ظل سياسة التمييز التي تهمين على مؤسسات الدولة و على عقلية عدد من المسؤولين الكبار..
أن يرتبط بناء المساجد و الحسينيات بموافقة وزارة الشؤون الإسلامية مسألة لها نتائجها السلبية، و لها تطبيقاتها السيئة.. إننا نعبر عن قلقنا الشديد لهذه الخطوة.
إساءة للذات الإلهية وللرسول صلى الله عليه وآله وللقرآن والإسلام:
قبل ليلتين عرضت قناة الجزيرة الفضائية عبر برنامجها (الاتجاه المعاكس) حوارا استضافت فيه باحثة سورية، وقد تطاولت هذه الباحثة بكل وقاحة على الذات الإلهية، وعلى كتاب الله وعلى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وعلى الإسلام بشكل عام، ودافعت بكل حقد عن الرسوم المسيئة الموجهة لسيد البشرية صلى الله عليه وآله، وطالبت بأن تعمم هذه الرسوم على كل الصحف وعلى وسائل الإعلام.
إننا نستنكر بشدة ما أقدمت عليه قناة الجزيرة الفضائية من استضافت شخصية حاقدة على الإسلام وأعطتها الفرصة لكي تبث وقاحاتها السافرة وشتائمها الساقطة، وكلماتها البذيئة ضد الذات الإلهية، وضد سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله، وضد القرآن الكريم وضد الإسلام وتعاليمه.
يقال أن القناة اعتذرت، ولكن ما يجدي الاعتذار بعد هذا البث الوقح وتحت شعار الحوار وحرية الرأي والتعبير، لابد من موقف تجاه هذه القنوات التي تمارس هذا الدور السيئ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين