السياحة الهابطة: مشروع خطير لتدمير قيم هذا البلد والعبث بدينة وأخلاقه
السياحة الهابطة: مشروع خطير لتدمير قيم هذا البلد والعبث بدينة وأخلاقه
نتمنى أن تزدهر السياحة في هذا البلد ،ولكن أي سياحة نريد؟ إننا نبارك للسياحة النظيفة التي تحترم دين هذا البلد، وقيمه وأخلاقه، وتاريخه، وإلا فهي السّياحة القذرة المرفوضة ، هناك من يرّوج للسّياحة كمصدر من مصادر الدخل الوطني ، وليس مهما شكل السّياحة، ونوع السّياحة، وافقت الدين والقيم أو خالفت الدين أو القيم مادامت تشكل عائدا ماليا كبير يغني دخل البلد وثرواته.
ليس وطنيا هذا الذي يدمر أخلاق هذا الشعب، وقيم هذه الأرض، ودين هذا البلد من اجل حفنة من الدنانير المغموسة بكل ّ قذارة ووساخة وبكل عهر ودعارة.
رحمةً بهذا الوطن يا دعاة السياحة الهابطة ويا دعاة السّياحة الملوثة، هل أن استجلاب العاهرات من مختلف دول العالم ليمارسن العهر والدعارة في مراقص وملاهي وفنادق البحرين كما هو معروف للداني والقاصي، هو ما تطالبون من سياحة مفتوحة؟
بعض مواطني دول الجوار يأتون خصيصا لإحياء “السهرات الحمراء” في البحرين ، فهنيئا لهذا البلد الذي أصبحت سهراته تنافس سهرات باريس، وسهرات أعرق الدول في المجون واللهو والدعارة.
هل هو مجرد الطمع في الثروة الحرام؟
أم هو مشروع خطير لتدمير قيم هذا البلد والعبث بدينة وأخلاقه؟
إذا كانت السياحة تزدحم بالكثير من الملفات التي هي في حاجة إلى معالجة، كملف الدستور، وملف البطالة، وملف التجنيس، وملف التمييز، وملف الفساد الإداري والمالي، وملف القوانين الظالمة، وملف ضحايا التعذيب، وملف السجناء والمعتقلين، وملفات أخرى، فإن ملف “الفساد الأخلاقي” من أخطر هذا الملفات ، التي تهدد كل مكونات هذا البلد الروحية والإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية، فمن الجناية كل الجناية في حق الوطن والمواطنيّن أن تتحول البحرين إلى سوق مفتوحة للدعارة والعهر والفساد ، ومن الجناية كل الجناية في حق الوطن والمواطنين أن يصمت المخلصون أمام هذه الظاهرة المرعبة وأمام هذا الواقع الشنيع، ليس مبالغة وليس تشهيرا أن نتحدث بهذا الحديث، وأن نرفع صوتنا عاليا منددين، ومستنكرين ومطالبين بالتصدي لهذا العبث الخطير، وهذا المسخ المتعمد، وإننا نحمّل السلطة قبل أيّ جهة أخرى مسؤولية هذا العدوان على القيم والأخرة وعلى أحكام الله تعالى، ربمّا أشغلت السلطةُ الشعب بالعديد من الملفات ، الأمر الذي حوّل (ملف الفساد الأخلاقي) ملفاً هامشياً عند الكثيرين، وأصبح الخبز أهم من العرض والقيم والأخلاق، ما قيمة أن نتوفر على خبز إذا تلوثت أعراضنا وقيمنا وأخلاقنا، يجب أن نصرخ عاليا نطالب بالخبز، نطالب بالسكن، ولكن لا يجوز لنا أن نصمت، ومشروعات الفساد تدمرّ الأعراض والقيم والأخلاق ، ولا قيمة لخبز مغموسة بالعهر، ولا قيمة لدينار ثمنا للصمت المذلّ، ولا قيمة لرفاه تُخر على أعتابه الفضيلة، ولا قيمة لدنيا تخسرنا الآخرة.
• ” أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ”
• ” فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ”
الإنسان مسؤول أمام الله كل المسؤولية أن يطالب بحقوقه المعيشية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية، وسوف يحاسب حسابا صعبا أذا قصر في ذلك، إلا أن الدفاع عن الدين والقيم والأخلاق يأتي في مقدمة المسؤوليات، وإذا كان الإنسان الرافض للدين يضع ضمن أهدافه محاربة الدين، وقيم الدين، فإن الإنسان المنتمي إلى الدين يجب أن يضع ضمن أولوياته حماية الدين والدفاع عن قيمه.
ورغم أننا لا نرفض “التحالفات السياسية ” مع القوى الأخرى من أجل تحقيق مصالح وطنية مشتركة،إلا أنّ ذلك لا يجوز أن يكون على حساب الدين وأحكامه وقيمه، فيجب على الإسلاميين العاملين في الساحة السياسية أن لا يفرطوا في مصالح الدين وضوابطه الشرعية مهما كانت الأهداف والغايات.
نعود إلى موضوع السّياحة لنشّد القول بأننا نرفض أي شكل من أشكال السّياحة العابثة بقيم هذا البلد وأخلاقه ومكوناته الروحية والدينية، مهما كانت العوائد والأرباح المادية، فلا قيمة لرفاه ماديّ في ظل خواء روحي، ومسخ أخلاقي، وانفلات ديني.
أنقذوا – أيها المسؤولون – سمعة البحرين التي مرغتها مراقص المجون وحانات الخمور وأوكار الدعارة، وملاهي الفسق، إذا كان هناك سماسرة لا يهمهم إلا ّ المال والثراء، وإن كان على حساب الدين والقيم والأخلاق والشرف والأعراض، وإذا كان هناك سماسرة لا يهمهم إلاّ الأرباح المادية وإن كان على حساب سمعة هذا البلد وأصالته وتاريخه، هؤلاء السماسرة يجب أن يضرب على أيديهم ، يجب أن توقف نزواتهم المجنونة مهما كانت مواقعهم ، ومحسوبياتهم.
وأخشى ما نخشاه أن ينفد صبر أبناء هذا الشعب الغيارى على دينهم وقيمهم وأخلاقهم وشرفهم وأعراضهم فيحدث مالا تحمد عقباه.
إننا نطالب المسؤولين أن يوقفوا هذا العبث، ولا تجدي الخطابات الرسمية الإستهلاكية والتي تتغنى بالقيم والأخلاق، دون أن تكون لها أي حركة على الأرض، وحتى لا يكونوا مصداقا لقوله تعالى:” وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ”