حديث الجمعة 143: إغراء الجنس (4) الضوابط الخارجية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد…
إغراء الجنس (4):
الضوابط الخارجية:
اعتمد الإسلام من أجل حماية الغريزة الجنسية ضوابط داخلية وأخرى خارجية، تقدم الحديث عن الضوابط الداخلية، وهنا نبدأ بتناول الضوابط الخارجية ووظيفتها في حماية المحتوى الداخلي الذي يتشكل من خلال الضوابط الداخلية .
ومن أهم ما أكد عليه الإسلام من ضوابط خارجية ما يلي:
الضابط الأول: الستر الشرعي بالنسبة للمرأة:
حتى لا تتحول المرأة مصدر إثارة للغريزة الجنسية في خارج الدائرة الزوجية، وحتى لا تتحول مجرد جسد تنهشه النظرات الطائشة والعابثة والفاسقة، وحتى لا تتحول المرأة أداة للفساد والانحراف ، وأداة لهدم القيم والأخلاق من أجل ذلك أوضح الإسلام مجموعة شروط يجب أن تراعي في (لباس المرأة).
قد يقال: أن اللباس شأن شخصي ومن حق المرأة أن ترتدي ما تشاء من اللباس ولا يصح أن يفرض عليها شكل معين من أشكال اللباس، لان هذا يتنافى مع الحرية الشخصية للإنسان، وهذه الحرية حق فرضته الأديان والقوانين الإنسانية.
هذا الكلام لنا عليه أكثر من ملاحظه:
الملاحظة الأولى:
ليس هناك حرية شخصيه مطلقة، وإلا انتشرت الفوضى، وساد العبث واحتدم الصراع.
• فهل من حق الإنسان أن يمتلك كما يشاء بلا ضوابط ولا حدود، وإن سرق، وإن ظلم، وإن اعتدى على حقوق الآخرين، وإن انغمس في المال الحرام؟ وهل من حق الإنسان أن يأكل كما يشاء بالضوابط ولا حدود، وإن أسرف، وإن تناول ما يضره، ويضر الآخرين؟
• وهل من حق الإنسان أن يمارس الجنس كما يشاء بلا ضوابط ولا حدود، وإن اعتدى على الأعراض، وإن نشر العهر والدعارة، وإن أساء إلى القيم والأخلاق؟
• وهل من حق الإنسان أن يتحدث كما يشاء بلا ضوابط ولا حدود ،وأن سب وقذف وبهت وجاء على الآخرين، وإن نشر الفسق والفجور، وإن انتهك الحرمات؟
وهكذا في كل مجالات الحقوق، فلا توجد حريات مطلقة بلا ضوابط ولا حدود وإلا تحولت الحريات أدوات هدم ودمار وعبث وإفساد.
الملاحظة الثانية:
إن لكل مجتمع قيمه وأعرافه التي تفرضها مبادئه وتراثه وتاريخه، هذه القيم والأعراف لا يسمح المجتمع بأن تمس أو تهان أو تصادر، مهما كانت المبررات، فهل يجوز للمرأة أن تمارس حريتها الشخصية فيما تلبس، وفيما تظهر وإن كان في ذلك مس أو إهانة أو مصادره لقيم المجتمع المسلم وأعرافه التي تعبر عن هويته الدينية؟
إذا دار الأمر بين الحافظ على القيم والأعراف لهذا المجتمع وأن تجمد حرية الفرد الشخصية فالحفاظ على القيم والأعراف هو الأهم وهو المقدم.
الملاحظة الثالثة:
نسأل هؤلاء الذين يطالبون بأن تملك المرأة حريتها فيما تلبس، وبأي شكل تظهر: هل تملك المرأة حرية أن تظهر عارية تماما؟ وتتحرك في الشوارع متحررة من أي لباس؟ قد يقول هؤلاء: إن هذا لا يتناسب وقيمنا وأعرافنا وقوانيننا.
إذا كان هذا العري لا يتناسب ، فنصف العري كذلك لا يتناسب، وربع العري … وهكذا.
وهذا يعني أن هناك حدود في لباس المرأة تتناسب مع القيم والأعراف والقوانين، وإذا فقد اللباس هذه الحدود أصبح لا يتناسب، والسؤال: من الذي يضع هذه الحدود للباس المرأة؟
لا شك أن مجتمعا ينتمي للإسلام، وتصاغ قيمه وأعرافه من خلال هذا الدين فلا بد أن تخضع ضوابط اللباس إلى تعاليم الإسلام وأحكامه وتشريعاته.
لقد أكد الإسلام على أتباعه أن يكونوا حراسا أمناء لقيمه ومبادئه من خلال ممارسة مبدأ الرقابة الاجتماعية والذي تتمثل في فريضة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” وحينما يغيب هذا المبدأ وتختفي هذه الفريضة تعرض المجتمع إلى حالات من المسخ والانحراف والفساد والضياع.
• جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ” كيف بكم إذا فسق شبابكم وفسدت نساؤكم، وتركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…” تبدأ الظواهر الانحرافية تتحرك في الوسط الاجتماعي (أمراه تتخلى عن الحجاب، شارب يشر الخمر/ مؤسسة للهو تفتح/ ظلم سياسي يبدأ..) فإذا واجه الناس الظواهر انحسرت، أما إذا كان موقفهم الصمت أو المداهنة انتشرت.
• قالوا: أو يكون ذلك يا رسول الله؟
• قال صلى الله عليه وآله: “نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف” وهنا تصل الأمة إلى مرحلة أخر (أن تساهم في نشر الظواهر الانحرافية، ومحاربة الظواهر الخيرة)
• قالوا: أويكون ذلك يا رسول الله؟
• قال صلى الله عليه وآله: “نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا” وهذه أخطر المراحل التي تصل إليها الأمة (انقلاب المفاهيم والمعايير) ، فإذا انقلبت المفاهيم والمعايير أدى ذلك إلى حالة (المسخ) لهوية الأمة والمصادرة لهويتها، والعبث بكل قيمها، وهنا يسيطر على واقع الأمة (المفاهيم والقيم والمعايير والأعراف الدخيلة) المنافية للإسلام والدين والقرآن.
وأخير نحن نستغرب أن ينادي دعاة التحلل بحرية أن ترتدي المرأة ما تشاء من اللباس وأن كان فاضحا ومتهتكا ومنافيا للقيم والأخلاق كون ذلك تعبيرا عن الحرية الشخصية في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات وفي دول تدعي التحضر تمنع المرأة المسلمة من ارتداء الحجاب، كما في فرنسا وايطاليا وهولندا ودول أخرى.
في تركيا – حيث يتأهل عبدالله وهو رجل مسلم للرئاسة – يدور هذه الأيام جدل وحديث حول (ارتداء زوجته للحجاب الإسلامي) وقد دافع غول بقوه عن هذا الحق، وفي حال فوزه ستكون زوجته أول سيده محجبة تدخل قصر الرئاسة.
عجيب هذا التناقض في ثقافة العبث، أن تتعرى المرأة حرية شخصيه، أما الستر والحجاب فأمر مرفوض.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين