حديث الجمعة142: إغراء الجنس (3) الضوابط الخارجية
بسم الله الرحمن ا لرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استمرارا لحديث الضوابط الإسلامية لحماية الغريزة الجنسية من أن تنفلت أو أن تنزلق، وكم هو خطير وخطير هذا الانفلات والانزلاق (الواقع المعاصر يحمل شواهد مروعة) قلنا أن الإسلام اعتمد نوعين من الضوابط:
• الضوابط الداخلية: ومن خلالها يتشكل “الحياء الإيماني” وتتشكل (العفة الأخلاقية) وفي ضوء هذا التشكل تتحدد المسارات الخارجية، والظواهر السلوكية، ومتى غاب التحصين الداخلي، فسوف تفشل كل محاولات التحصين الخارجي، بل لن يكون هذا التحصين الخارجي إلا شكلا فارغا من المضمون، ومظهرا كاذبا خادعا.
أليس سلوك المنافق مظهرا كاذبا لا يعبر عن داخل صادق، المنافق يحمل شخصيتين متناقضتين، شخصية داخلية تحمل الكفر والانحراف، وشخصية خارجية تحمل الإيمان والالتزام.
وكذلك المرائي يحمل ظاهرا يعبر عن التقوى والصلاح، وباطنا يعبر عن الفسق والفساد، المهم – أيها الأحبة – أن يصنع الداخل والمحتوى والمضمون ليأتي الظاهر تعبيرا صادقا، وشكلا منسجما مع الداخل.
• الضوابط الخارجية:
ووظيفة هذه الضوابط حماية المحتوى الإيماني والأخلاقي الذي تشكل من خلال الضوابط الداخلية ويجب أن لا نخدع بمقولة” أن نظافة الداخل تغني عن الالتزام الخارجي” وهذه مقولة يرددها بعض الناس المتحللين من الالتزامات الشرعية والأخلاقية، فإذا أعترض عليهم قالوا: المهم نظافة القلب، وطهارة الروح، ونقاء الضمير.
وتعليقنا على هذا الكلام من ناحيتين:
• الناحية الأولى:
إن نظافة القلب، وطهارة الروح، ونقاء الضمير أمور لا تتحقق في الداخل إلا من خلال الارتباط بالله سبحانه وتعالى (حب الله/ الحياء من الله/ الخشية من الله..)، ومتى توفر هذا الارتباط الصادق مع الله سبحانه، كان نتاجه”التقوى والالتزام والصلاح والاستقامة”.
قولوا لي: هل يمكن لقلب نظيف مرتبط بالله أن يصنع سلوكا لا يحمل النظافة؟
قولوا لي: هل يمكن لروح طاهرة مرتبطة بالله أن تصنع ممارسات لا تحمل الطهارة؟
قولوا لي: هل يمكن لضمير نقي يرتبط بالله أن يصنع أعمالا لا تحمل النقاء؟
أنها مغالطة واضحة أن يحاول هؤلاء المتحللون دينيا وأخلاقيا أن يرددوا هذا التحلل بدعوى أن القيمة لاستقامة ونظافة الباطن.
صحيح أن الأساس استقامة ونظافة الباطن ولكن هذه الاستقامة والنظافة لا تكون حقيقية ولا تكون صادقة إذا لم تنتج استقامة خارجية، وإذا لم تنتج نظافة السلوك والعمل والممارسة.
فهل يملك نظافة داخلية من يظلم ويعتدي على الحرمات؟
وهل يملك نظافة داخلية من يمارس الفسوق والفجور والعبث والانحراف؟
وهل يملك نظافة داخلية من يتمرد على أوامر الله، وعلى كل الضوابط والقيم الروحية والأخلاقية؟
• الناحية الثانية:
لو فرضنا أنه أمكن أن ينصنع(داخل نظيف) بعيدا عن الظاهر مهما كان شكل هذا الظاهر، حتى لو كان هذا الظاهر لا يحمل شيء من النظافة…
هنا نقول أي قيمة لباطن نظيف ليس له أي أثر على السلوك، أو على الممارسات، أو على التصرفات، الحياة في حاجة إلى سلوك نظيف، وإلى ممارسات نظيفة، وإلى تصرفات نظيفة.
صحيح أن هذه السلوكيات النظيفة، والممارسات والتصرفات النظيفة لا تحمل قيمة إذا لم تنطلق من نية صادقة، وقلب طاهر، وإلا كانت شكلا من أشكال النفاق وشكلا من أشكال الرياء، وهذا أمر مرفوض ومذموم.
جاء في بعض الأحاديث وهي تصف الناس في آخر الزمان:”إذا صار لأهل الزمان وجوه جميلة ضمائر رديئة، فمن رآهم أعجبوه، ومن عاملهم ظلموه”.
وفي حديث آخر:”إذا لبس الناس جلود الضأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف، وأمر من الصبر”
وفي حديث ثالث:”كلامهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الحنظل”.
للحديث – في هذا الموضوع – تتمه إن شاء الله تعالى
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العامين