من المسؤول عن غياب الشهيد الصدر عن ثقافة الأجيال؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المسؤول عن غياب الشهيد الصدر عن ثقافة الأجيال؟
يتحمل هذه المسؤولية رجال الوعي والثقافة، وقادة المسيرة من علماء وخطباء ومفكرين، وأساتذة وتربويين وسياسيين، فهؤلاء جميعاً مسؤولون أن يضعوا بين يدي أجيالنا (التجربة الكبيرة) للشهيد الصدر رضوان الله عليه، تجربته العلمية والفكرية والثقافية، وتجربته الروحية والأخلاقية والتربوية، وتجربته في الدعوة والتبليغ، وتجربته في الحوزة والمرجعية، وتجربته في العمل الاجتماعي والسياسي والقيادي.
أجيالنا في حاجة ماسة وضرورية أن تنفتح على هذه التجربة الغنية، وأن تتغذى من عطاءات هذه التجربة المباركة.
حياة السيد الصدر كلّها عطاء، كل من اقترب من حياة هذا الإنسان العظيم يعلم كم كانت حياته كلّها خيراً وعطاء، كلماته عطاء، نظراته عطاء، حركاته عطاء هكذا كنا نشعر ونحن نقترب منه، ونلتقي معه، ونستمع إليه، فلا يضمنا مجلس له إلا ونخرج ونحن أكثر قربا إلى الله تعالى، فما أحوج أجيالنا أن يطًلعوا على حياة هذا الرجل الكبير والعالم الرباني الفذ.
أعداؤنا وأعداء ثقافتنا وأعداء ديننا، وأعداء وعينا وأصالتنا يحاولون دائما أن يفصلوا بين الأجيال ورموز الإيمان والهوية والأصالة، يحاولون دائما أن تغيب الرموز عن ذاكرة الأجيال وفي المقابل يزرعون في وعي الأجيال أسماء دخيلة لا علاقة لها بهويتنا الإيمانية والروحية والثقافية، وهكذا يبدأ مشروع التغريب لأجيال الأمة، وهكذا تبدأ حركة الاستلاب الثقافي، مخترقة كل مكوّنات الثقافة والإعلام والتربية.
أيها الأحبة:يجب العمل الجاد من أجل أن تبقى رموزنا الإيمانية في ذاكرة أجيالنا من خلال:
1- إحياء ذكريات الرموز.
2- التعريف الدائم بهذه الرموز في كل المناسبات.
3- إحياء ونشر تراثهم الفكري والثقافي والعلمي.
4- إقامة المؤتمرات والمهرجانات التي تأصّل وجودهم.
5- اعتماد أسمائهم وإطلاقها على المدارس والحوزات والمؤسسات والجمعيات والمكتبات والمساجد والحسينيات.
6- اعتماد الملصقات والصور مما يكرّس حضورهم الدائم في الذاكرة.
وإذا كنا نؤكد على حضور الرموز الإيمانية في ذاكرة الأجيال، فإننا نؤكد ثانيا على ضرورة حضور الرموز الإيمانية في وجدان الأجيال.
وماذا يعني حضور الرموز في الوجدان؟
أن نعيش الانصهار والذوبان الروحي والعاطفي مع الرموز، وبتعبير آخر أن تكون علاقتنا مع الرموز علاقة حب وعشق، فلا يكفي الحضور في الذاكرة ولا يكفي الحضور في العقل إذا لم ينفتح القلب والوجدان وإذا لم تنفتح الروح والعاطفة، ومن خلال هذا الانفتاح تتكون حرارة التواصل وحرارة الارتباط، وإلا كان التواصل بارداً، والارتباط فاترا، والعلاقة خاملة.
ونؤكد ثالثا أن يكون للرموز حضور في السلوك والحركة والعمل، وأن يكون للرموز حضور في كل الواقع الروحي والثقافي والاجتماعي والسياسي، وتأسيساً على هذه التأكيدات الثلاثة يجب أن نعطي لشهيدنا السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) ولشهيدتنا السيدة بنت الهدى شقيقة السيد الصدر وشريكته في العطاء والجهاد والشهادة أن نعطي لهما حضورهما في ذاكرة الأجيال وفي وعي الأجيال، وحضورهما في وجدان الأجيال، وحضورهما في حركة الأجيال.
إن ولاءنا لشهيدنا الصدر يفرض علينا أن نصر على العمل من أجل تأصيل هذا الحضور بكل مستوياته، إذا كنا الأوفياء الصادقين لهذا الإنسان العظيم الذي أعطى دمه الزكي ثمناً لكرامتنا وعزتنا وحياتنا ووجودنا، فمن الوفاء أن نقرأه، أن نتعرف على حياته، أن نستلهم سيرته، أن نتربى من خلال مدرسته، أن نتعلم منه كيف نكون حملة رسالة، وأصحاب مبدأ، وأنصار عقيدة، ودعاة قيم، وعشاق شهادة.
المؤلفات التي كتبة عن حياة الشهيد الصدر
ورغم ما صدر عن الشهيد من كتابات ودراسات إلاّ أنّ شخصية كما هي شخصية السيد الصدر لازالت في حاجة إلى الكثير الكثير من الدراسة والبحث، ولازالت في حاجة إلى الكثير الكثير من الاستكشاف والاستنطاق.
وهنا أؤكد على الشباب والشابات أن يقرأوا الشهيد الصدر من خلال كتاباته ونتاجاته وهي كثيرة ومتنوعة، وذات مستويات متعددة، فليقرأ كل شهيدنا الصدر على حسب مستواه وثقافته، فكتابات الشهيد الصدر قادرة أن تغني كل المستويات.
كما أؤكد على الشباب والشابات أن يقرأوا الشهيد الصدر من خلال كتابات الباحثين والدارسين الذين تناولوا العديد من جوانب شخصيته، وقد يتساءل شبابنا وشاباتنا عن بعض الكتابات التي تناولت حياة الشهيد الصدر، فأحاول هنا أن أضع نماذج لهذه الكتابات:
1- الإمام الشهيد محمد باقر الصدر: دراسة في سيرته ومنهجه، المؤلف السيد محمد الحسيني.
2- الشهيد الصدر: سنوات المحنة وأيام الحصار – عرض لسيرته الذاتية وسيرته السياسية والجهادية، المؤلف الشيخ محمد رضا النعماني.
3- شهيد الأمة وشاهدها دراسة وثائقية لحياة وجهاد الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، الكتاب يتألف من جزئين، الأول يتناول حياته الشخصية والعلمية، والثاني يتناول حياته السياسية والجهادية، المؤلف الشيخ محمد رضا النعماني (ولعلّ هذا الكتاب هو نفسه كتابه الأول مع إضافات).
4- مدرسة الشهيد الصدر الأخلاقية أصولها وخصائصها، المؤلف الأستاذ عادل القاضي.
5- فلسفة الصدر، دراسات في المدرسة الفكرية للإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر المؤلف الدكتور محمد عبداللاوي – جامعة وهران – الجزائر.
6- مقدمة كتاب مباحث الأصول، تناولت هذه المقدمة دراسة تحليلية مستفيضة لحياة الشهيد الصدر، بقلم تلميذه سماحة أية الله السيد كاظم الحائري.
7- هكذا قال الصدر (في المحنة وحب الدنيا) بقلم ميثم الجاسم.
8- محمد باقر الصدر: دراسات في حياته وفكره، بأقلام نخبة من الباحثين.
9- السيد محمد باقر الصدر: دراسة في المنهج، المؤلف نزيه الحسن.
هذه إشارة إلى نماذج من بعض الكتابات التي تعرفنا جانبا من حياة الشهيد الصدر، هذا الرجل العظيم الذي قال عنه الإمام الخميني رضوان الله عليه في بيانه التاريخي حيث أعلن عن استشهاد الإمام السيد الصدر وأخته المظلومة بنت الهدى، أنه (من مفاخر الحوزات العلمية، ومن مراجع الدين، ومن مفكري المسلمين) كما قال عن الشهيدة بنت الهدى أنها (من أساتذة العلم والأخلاق ومفاخر العلم والأدب).
وقال الإمام الخميني أنهما (قد نالا درجة الشهادة الرفيعة على أيدي النظام البعثي العراقي المنحط وذلك بصورة مفجعة).
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين،