حديث الجمعة107:• الجمهور العاشورائي(5)-• صلح الإمام الحسن عليه السلام ليس خنوعا وذلا واستسلاما-• عدوان طائفي صارخ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لنا وقفة مع أكثر من عنوان:
• الجمهور العاشورائي(5)
• صلح الإمام الحسن عليه السلام  ليس خنوعا وذلا واستسلاما
• عدوان طائفي صارخ

الجمهور العاشورائي(ه):
من أهم مكونات الانتماء  العاشورائي”العطاء والتضحية من أجل أهداف عاشوراء”
• كثيرون استطاعوا أن يفتحوا عقولهم على أهداف عاشوراء…
• وكثيرون استطاعوا أن يفتحوا عواطفهم على مأساة عاشوراء…
• وكثيرون استطاعوا أن يجسدوا طهر عاشوراء…
• وكثيرون استطاعوا أن يكونوا دعاة إلى قيم عاشوراء…
• وكثيرون استطاعوا أن يبذلوا المال والجهد والوقت من أجل إحياء مراسم عاشوراء…
ولكن السؤال:
كم هم ألئك الذين استطاعوا أن يرتفعوا إلى مستوى “بذل الروح والدم من أجل أهداف ومبادئ وقيم عاشوراء”؟ وحينما نتحدث عن “بذل الروح والدم” لا نتحدث عن عنف وإرهاب وتطرف.
إن عاشوراء الحسين عليه السلام  انطلقت من أجل “الإصلاح” و أجل “الأمر بالمعروف والنهي عن المكر” ومن أجل “تأكيد خط الرسالة الأصيل”، هذا ما أعلن عنه الإمام الحسين عليه السلام  في خطابه الصريح: “ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمتي جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي…”.
• إن عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام  انطلقت من أجل إيقاف “العنف” الذي طال الأبرياء والأطفال والنساء…
• أن عاشوراء الإمام الحسين  عليه السلام  انطلقت من اجل إيقاف “لإرهاب” الذي خلق الرعب بين الناس…
• إن عاشوراء الإمام الحسين  عليه السلام  انطلقت من أجل إيقاف “التطرف” الذي اربط كل الأمن والاستقرار…
هكذا كانت سياسة يزيد، عنفا طال الأبرياء والأطفال والنساء، إرهابا خلق كل الرعب بين الناس، تطرفا إربك كل الأمن والاستقرار، فالدم الذي أعطاه الإمام الحسين عليه السلام ، والدم الذي أعطاه أنصار الحسين عليه السلام  كان دما أراد أن يزرع كل الخير في الأرض، وكل الأمن، وكل العدل، وكل الطهر، وكل التسامح، وكل الحب، عاشوراء علمتنا أن نبذل الدم من أجل الخير والأمن والطهر والتسامح والحب.

قد يقال:
إن لغة الدم لا تناسب مع هذا المعاني الإنسانية الكبيرة، إن لغة الدم إذا كانت تعبر عن نزوات الإنسان، وظلم الإنسان، وحقد الإنسان، وعبث الإنسان، ونزق الإنسان، واستعلاء الإنسان، وحماقة الإنسان، فهي لغة العنف والإرهاب والتطرف.
 إن لغة الدم عند التكفيريين والإرهابيين، لغة تتناقض مع كل القيم والمبادئ الدينية والإنسانية، أما لغة الدم التي تعبر عن” الشهادة” من أجل المبادئ الإلهية، والقيم الإنسانية، ومن أجل الخير والعدل والأمن، فهي لغة يحبها الله تعالى، ويباركها الخيرون في الأرض.
الدماء التي أعطاها الأنبياء، والدماء التي أعطاها الأولياء والصالحون، والدماء التي أعطاها المجاهدون، والدماء التي أعطاها كل الشهداء عبر التاريخ ، هي دماء طاهرة زاكية مباركة.
إن التكفيرين والإرهابين والمتطرفين في هذا العصر يحاولون كذبا و وزراء وبهتانا أن يرفعوا شعار” الشهادة والموت في سبيل الله”.
• هل أن ذبح الأطفال جهاد في سبيل الله؟
• هل أن السيارات المفخخة التي تقتل الأبرياء والآمنين جهاد في سبيل الله؟
• هل أن تفجير المراقد المقدسة جهاد في سبيل الله؟
• هل أن هدم المساجد ودور العبادة والحسينيات جهاد في سبيل الله؟
• هل أن استهداف المؤسسات والمواقع الدينية جهاد في سبيل الله؟
• هل أن نشر الرعب والخوف في أوساط الناس جهاد في سبيل الله؟
• هل أن مصادرة الأمن والاستقرار جهاد في سبيل الله؟

التاريخ يعيد نفسه…
بالأمس البعيد رفع التكفيريون الخوارج شعار “الرواح الرواح إلى الجنة” وشعار ” لا حكم إلا لله” ، إنها شعارات حق، ولكنهم أرادوا بها الباطل، خرجوا إلى قتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام  وهم يتصارخون”الرواح الرواح إلى الجنة” قتلوا الصحابي الجليل عبد الله بن الخباب، وبقروا بطن زوجته”المرأة الصالحة” وهي حامل، وهم يتصارخون” الرواح الرواح إلى الجنة”، أفسدوا في الأرض، وعبثوا بالأعراض والأموال والأرواح وهم يتصارخون “لاحكم إلا لله”، عبد الرحمن بن ملجم الخارجي هوى بسيفه المشؤوم على رأس علي بن أبي طالب عليه السلام  وهو ينادي “لاحكم إلا لله”.
وهكذا التكفيريون الجدد في هذا العصر، يذبحون، يقتلون، يهدمون، يعبثون بالأرواح والأعراض والأموال، كل ذلك تحت شعار” الرواح إلى الجنة” و ” العشاء مع رسول الله(ص)”، وإذا كان هؤلاء التكفيريون يعتمدون القتل والعنف والإرهاب، ففي الساحة تكفيريون لا يقلون خطرا يعتمدون”الكلمة المغلوطة” و ” الخطاب المفخخ” ومن خلال الكلمة المغلوطة يفجرون الأوضاع، ومن خلال “الخطاب المفخخ” يزرعون الفتن الطائفية، تارة يشتم من يسمونهم بـ”الروافض” وتارة بالتحريض على من يسمونهم بـ ” الصفويين”.
إن لغة التكفير والتحريض التي يعتمدها هؤلاء الموتورون هي التي تؤسس لمشروعات العنف والإرهاب والتطرف، وما دامت خطابات التحريض الطائفي تجد طريقا إلى الصحافة ومواقع الإعلام، ومؤسسات الثقافة، ومناهج التعليم، فإن الأوضاع ستبقى مرشحة لانفجارات طائفية مرعبة وخطيرة ومدمرة.
إننا نطالب المسؤولين في هذا البلد ، إذا كانوا جادين في محاربة كل أشكال الطائفية أن يضعوا حدا لهه”الخطابات التحريضية” التي لا تريد إلا الشر والدمار لهذا الوطن، إذا كان فهم ملتبس في لافته قد أثار كل هذا الاستنفار والضجيج والفزع خوفا من ناقوس الطائفية، فلماذا لا تحرك تلك الكلمات التحريضية الصريحة الواضحة التي تتهم الغالبية من أبناء هذا الوطن بشتى التهم الجائرة  الظالمة، لماذا تحرك تلك الكلمات السيئة ولو شيئا من الاستياء والاستنكار والاستنفار.
إذا أردنا لهذا البلد كل الخير والأمن والاستقرار، وإذا أردنا لهذا البلد كل المحبة والوءام والتسامح وإذا أردنا لهذا البلد كل النجاح والازدهار والتقدم، فيجب أن تتكاتف الجهود الصادقة من أجل محاصرة كل الأسباب التي توتر الأجواء، وتؤزم العلاقات، وتربك الأوضاع، وتزرع الفتن، وتنشر الحقد، والكراهية، والعداوة، ولا شك أن خطابات التحريض الطائفي هو واحدة من أهم تلك الأسباب.

نعود إلى حديث عاشوراء:
فالانتماء الحقيقي إلى عاشوراء يرفض استعدادا للتضحية والشهادة  وبذل الدم من أجل أهداف ومبادئ وقيم عاشوراء، وكما قلنا أن هذا الدم ليس دم عنف وإرهاب وتطرف، وإنما هو دم من أجل البناء والإصلاح والتغيير، ومن أجل الأمن والاستقرار في الأرض، ومن أجل العطاء والخير وسعادة الإنسان.

نتابع الحديث – بإذن الله – في اللقاء القادم

صلح الإمام الحسن عليه السلام  ليس خنوعا وذلا واستسلاما:
ثورة الإمام الحسين  عليه السلام  ليست عنفا و إرهابا وتطرفا، صلح الإمام الحسن عليه السلام  ليس خنوعا وذلا واستسلاما، لقد حاولت كتابات التشويه والتزوير أن تسيء إلى الموقفيين: موقف الإمام الحسن، وموقف الإمام الحسين عليه السلام، ولعل في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله:”الحسن والحسين إمامان قاما أم قعدا” استشرافا غيبيا لمحاولات سوف تسيء إلى موقف الإمام الحسن عليه السلام  والى موقف الإمام الحسين عليه السلام  أو تفاضل بين الموقفين، فجاء هذا الحديث النبوي ليؤكد صحة الموقفين، ما دام هذان الموقفان صدرين عن إمامين معصومين، لا أريد في حديثي هذا أن أتناول الموقفين فكل منهما يتحرك من أجل مصلحة الرسالة، وكل منهما محكوم لظروف موضوعية زمانية ومكانية، ما أود الإشارة إليه في هذا اللقاء هو أن صلح الإمام الحسن عليه السلام  لا يمثل خنوعا وذلا واستسلاما.
لقد أساء بعض الدارسين إلى صلح الإمام الحسن عليه السلام ، واعتبروه نقطة ضعف في شخصية الإمام الحسن عليه السلام ، ربما أراد معاوية لهذا الصلح أن يكون صلحا ذليلا، إلا أن الإمام الحسن استطاع أن يحول الصلح إلى موقف افسد على معاوية الكثير من حساباته.
من الواضح – وفق الظروف الموضوعية المتحركة- إن احتمال النصر العسكري على معاوية كان مفقودا تماما…
1. الإمام الحسن عليه السلام  كان يملك جيشا مفككا ممزقا يشكل خليطا متناقضا(طلاب غنائم/منافقين/خوارج/شكاكين/غوغاء/قلة مخلصة من شيعة الإمام الحسن).
2. الخيانات التي أربكت الصف في وسط جيش الإمام الحسن عليه السلام.
3. حرب الإشاعات الكاذبة التي مارسها إعلام معاوية مما هز أوضاع جيش الإمام الحسن عليه السلام
4. عدد المنتمين إلى جيش الإمام الحسن عليه السلام (20الفا) وهم أخلاط متباينة لا يجمعها وحدة منطلق ولا وحدة هدف، وعدد المنتمين إلى جيش معاوية(60الف) يجمعهم الولاء إلى معاوية.

قد يقال:
لماذا لم يواصل الإمام الحسن عليه السلام ، وإن أدى ذلك “شهادته” وآلت سوف تحقق مكاسب كبيرة، وإن خسرت المعركة العسكرية، كما هو الشأن بالنسبة لشهادة الأمام الحسين عليه السلام ، كل الحسابات  تؤكد خطا خيار “الاستشهاد” في تلك المرحلة، لانتحدث هنا – طبعا- عن الرؤية الغيبية المعصومة عند الإمام، وإنما نتحدث عن الأسباب الموضوعية المحسوبة.
لماذا خيار “الاستشهاد” في تلك المرحلة خيار خاطئ؟
أولا: الاستشهاد لا يحقق أهدافه إلا إذا قيمته الأمة، وأحدث هزة في الضمير والوجدان، وهذا غير متحقق في تلك المرحلة، فمعاوية لازالت شخصيته غير مكشوفة للأمة، وزال يملك قداسة مقنعه في نفوس غالبية الأمة، فاستشهاد الإمام الحسن عليه السلام  لن يحدث أثرا يذكر.

ثانيا: لو استمر الأمام الحسن عليه السلام  في حرب فهناك احتمالان كبيران جدا:
• الاحتمال الأول: أن يقتل على يد الخونة من جيشه فيضيع دمه، ويسلم معاوية من وصمة العار.
• الاحتمال الثاني: أن يخطط معاوية لقتل الإمام  ويضع ألف مبرر، وربما يدعي المطالبة بدم الحسن عليه السلام .

فإذا كان الانتصار العسكري غير وارد، والاستشهاد خيار خاطئ، فالخيار الذي اعتمده الإمام الحسن”الصلح” ضمن شروط مشدده، يعلم الإمام الحسن عليه السلام مسبقا أن معاوية لن يلتزم بها، وهذا ما سوف يعري شخصيته، ويسقط عنه كل الأقنعة المزيفة، ويظهر للأمة على حقيقته، فالنصر ليس كسب معركة، وإنما كسب مبادئ وقيم تبقى على مدى الدهر.
لا يهدف الحديث هنا تناول “الصلح” في أسبابه ونتائجه، وإنما الهدف أن يؤكد هذا الحديث أن  صلح الإمام الحسن عليه السلام ليس خضوعا ولا ذلا ولا استسلاما، وإنما هو الخيار المرحلي الذي فرضته كل الظروف الموضوعية المتحركة، وفرضته مصلحة الرسالة وأهدافها الإستراتيجية الثابتة.

عدوان طائفي صارخ
ما ناقلته الصحافة المحلية من موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون أحكام الأسرة وإحالتها إلى مجلس النواب قد شكل لنا صدمة كبيرة، وخيبة أمل في بناء العلاقة مع المؤسسة الرسمية.
ليس من حقنا أن نرفض رؤيتنا أو موقفنا على إخوتنا أتباع المذاهب الإسلامية السنية فلهم قاعاتهم، ولهم خياراتهم في أن يقبلوا أو يرفضوا قانونا لأحكام الأسرة يخصهم.
وان كنا نتمنى أن نوحد موقفنا سنة وشيعة في الدفاع عن شريعة الله، في هذا العصر الذي تخطط فيه القوى المعادية للإسلام من أجل الهيمنة على أحكام الله.
وكنا نأمل أن لا يورط النواب السنة والغيورون على الدين أجيالهم بقانون لا يحمل ضمانات واضحة تحصنه من الزيغ والانحراف.
وعلى كل حال فهذا شأن الأخوة حفظهم الله فهم يحددون تكليفهم الشرعي ومسؤوليتهم أمام الله سبحانه.
أما موقفنا نحن أتباع المذهب الإسلامية الشيعي، فنرفض كل الرفض أي قانون لا يحمل الضمانات التي حددها خطاب العلماء، وحددتها المسيرة الجماهيرية الحاشدة.
القانون المقدم إلى مجلس النواب والذي يخص الطائفة الشيعية هو قانون حكومي بحت ولم يتم التوافق عليه مع علماء الطائفة وهذا يعني أن الحكومة تحاول أن تفرض قانونا على الطائفة متجاوزة بذلك إرادة العلماء، وإرادة كل أبناء الطائفة ،و أي عدوان طائفي صارخ أسوء من هذا العدوان، إن الطائفة بعلمائها وجماهيرها لن تقف مكتوفة  الأيدي أمام هذا العدوان ، إننا أمام مشروع طائفي خطير سوف يفجر الأوضاع، وإذا كانت الحكومة لا تدرك تداعيات هذا الأمر فيجب على مجلس النواب أن يقرأ كل الحسابات والنتائج،  وان يكون في مستوى مسؤولياته التاريخية ، وإذا كان حقا يمثل إرادة هذا الشعب، وضمير هذا الشعب؟، ونحن على ثقة أن مسيرة الـ “”مائة وخمسون ألفا” قد استطاعة أن توصل رسالتنا إلى البرلمان.
لقد قرر العلماء أن يعبروا على رفضهم لهذا المشروع من خلال مجموعة فعاليات يعلن عنها لاحقا، وأول هذه الفعاليات ندوة جماهيرية يشارك فيها سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، وسماحة الشيخ حسين نجاتي، والسيد الغريفي.
موعد الندوة: ليلة الخميس القادم.، المكان: كرباباد
فالجماهير المؤمنة مطلوب أن تعبر عن رفضها من خلال الحضور في هذه الندوة.
ثبت الله أقدامنا على طريق الهدى

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين