صحيفة الوسط:الأجيال مدينة لمدرسة الشهيد الصدر (1)
قال نائب رئيس المجلس الإسلامي العلمائي السيدعبدالله الغريفي إ ن الاحتفال بالشهيد السيدمحمد باقر الصدر هو حركة تأصيل وضرورة وتجديد لواحد من أكبر رموز حركة التحرير وصناع الوعي في تاريخنا المعاصر. فالأجيال منذ الخمسينات حتى هذا اليوم مدينة لمدرسة الشهيد الصدر.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الغريفي في الاحتفال الذي أقامه مأتم سار مساء السبت 9 أبريل/ نيسان الجاري، احياء لذكرى مرور 25 عاما على استشهاد السيد الصدر.
نموذج الفقيه الحاضر
وأضاف: “وشهيدنا الصدر الأول كان نموذجا للفقيه الحاضر في كل قضايا الأمة، إذ كانت الأمة حاضرة في وعيه ووجدانه وحركته فليس غريبا أن تبادله الأمة حضورا بحضور، فقد عاشت الأمة في وعيه فأصبح في وعي الأمة وحركتها. فمسألة أن يكون الرمز حاضرا في وعي الأمة ووجدانها وحركتها مسألة في غاية الأهمية. فنستطيع أن نعطي للرمز حضورا في الأمة عندما تكون نفسها حاضرة في وعي الرمز وفي وجدانه وحركته، فحينما تكون الأمة غائبة في وعي الرمز وفي وجدانه وحركته فمن الطبيعي أن يكون الرمز غائبا في وعي الأمة ووجدانها وحركتها. ذلك أن مسئولية الرمز تأتي أولا ثم تأتي مسئولية الأمة. فالرمز القائد المرجع مسئول أن يتحرك باتجاه الأمة، قبل أن تتحرك الأمة باتجاهه”.
العلماء رموز متحركة
وأوضح دور العلماء كرموز متحركة فقال :”إن هناك مفهوما تكرس عبر تاريخنا طويلا، وهذا المفهوم يقول ان العلماء الرمز هم المواقع الساكنة، وأن الناس هم الذين يجب أن يتحركوا باتجاه تلك المواقع، وهذا المفهوم في حاجة الى تصحيح فالآية القرآنية تقول: “فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم” “التوبة: 122″، فإن مسئولية الانذار والتعليم والتفقيه مسئولية متحركة باتجاه الأمة وليس مسئولية ساكنة تنتظر الأمة أن تتحرك في اتجاهها، أليست سيرة الرسول “ص” أنه يبلغ وينذر ويتحرك، وبحسب تعبير الإمام علي “ع” في وصف الرسول “ص” أنه كان طبيبا دوارا بطبه قد أحسن مراهمه”.
أطروحة في المرجعية
وعن أطروحة الشهيد الصدر المتعلقة بالمرجعية قال الغريفي: “إن للشهيد الصدر أطروحة في تطوير الأسلوب المرجعي، إذ يقسم الشهيد الصدر المراحل التاريخية للمرجعية الشيعية. ويرى أن أولى هذه المراحل هي مرحلة الاتصال الفردي وهي مرحلة امتدت من بداية الغيبة الكبرى في العام 329 هجرية حتى أيام العلامة الحلي في العام 1927 هجرية، إذ كان فيها المقلدون يتصلون بالمقلدين بشكل مباشر آخذين الفتاوى منهم وهكذا تعددت المرجعيات بحسب تعدد المناطق وبحسب تعدد البلدان الشيعية. أما المرحلة الثانية فكانت مرحلة الجهاز المرجعي، إذ تطور شكل المرجعية الى جهاز مرجعي على يد الشهيد الأول محمد بن جمال الدين العاملي، إذ دخل تطور جديد على شكل المرجعية الفقهية وهو إيجاد نظام الوكلاء، إذ كان للفقيه المرجع وكلاء يتوزعون في المناطق الشيعية وكانوا يشكلون حلقة الوصل بين الفقيه المرجع والأمة”.
وأضاف: “أما عن المرحلة الثالثة فكانت مرحلة التمركز والاستقطاب، إذ حدث تطور على يد الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء، فنتيجة وجود علاقات واسعة بين البلدان الشيعية نشأت المرجعية المركزية التي استقطبت أنظار الشيعة في العالم، إذ اصبح الشيعة يتجهون الى مرجع بارز، في قم، النجف، كربلاء، بغداد، الحلة، لبنان وحتى في البحرين. والمرحلة الرابعة كانت مع بداية عصر الاستعمار في الدول العربية والاسلامية، إذ بدأ شكل جديد إلى المرجعية حين تصدت للقيادة السياسية، إذ أخذ الكيان الشيعي قبل قرن تقريبا طورا جديدا، واستمرت هذه المرحلة حتى العصر الحاضر”.
تطوير أسلوب العمل
وعن أسلوب عمل المرجعية عند الشهيد الصدر قال الغريفي: “لقد كان الشهيد الصدر يحمل هم المرجعية، فلم يكن أسلوب المرجعية التقليدي يستهلك طموح السيد الصدر، فالمستجدات كانت تفرض التغيير في أسلوب العمل المرجعي، ولكنه لم يكن يريد تغيير الصيغة المرجعية فهي صيغة ثابته ومحددة شرعا، فالمرجعية تعني القيادة النائبة عن المعصوم، بل كان همه متعلقا بالتطوير في أمور أخرى كتطوير الكفاءات الذاتية للمرجع، إذ كان من المفترض بمرور الزمن مع مرور التحديات والمستجدات أن يطور الفقيه كفاءاته الذاتية مع ما ينسجم مع المسئولية الكبيرة. فإذا كانت الكفاءة الأصولية وما يسمى بالكفاءة الاجتهادية وكذلك العدالة والتقوى أهم الكفاءات اللازمة إلى المرجعية فإن المرجعية في مضمونها وفي مسئولياتها المتجددة وفي تحدياتها تفرض التوافر على مجموعة كفاءات ضرورية”.
تطوير أهداف المرجعية
وأضاف “أن حركة الواقع في مستجداته ومتغيراته تفرض الحاجة الى تطوير الأهداف التفصيلية للموضوع، وهناك هدف ثابت للمركزية يتسم بالهدف الاستراتيجي وهو المرجعية نيابة عن الإمام، وهدفها حماية خط الإسلام، ولكن هناك مرحلية وتفصيلية تحتاج الى تطور بتطور الزمان، إذ تبرز قوة المرجعية في تواصلها مع كل المراحل والأوضاع. ووفق كل المتغيرات والمستجدات تبرز الحاجة الى تطوير أسلوب العمل المرجعي، إذ كان الشهيد الصدر خبيرا في هذا الاتجاه ومن خلال هذا جاءت أطروحة الشهيد الصدر بشأن المرجعية وحدد أهدافها ومراحلها وهيكليتها”.
من مؤلفات الشهيد الصدر
اقتصادنا
يعد هذا الــكتاب إنجازا علـميـا متمــيزا فـي الفكر الإسلامي والاقتصادي، فقد تنــاول فيه الشهيــــد الصدر بالبحث العلمي الدقيق موضوع الاقتصاد كمذاهب شاخــصة تنتمي إلى مدارس عقيدية، وناقش الشهيد الاقتصاد المـاركــسي والرأسمالي. وقدم المذهب الإسلامي في الاقتـــصاد بديلا لهما.
فلسفتنا
أحدث الكتاب ضـــــجة كبــيرة فــي الأوساط الفــــكرية الإسلامية وغير الإسلامية، فقد ناقش الإمام الصدر فيه أهم النظريات الفــلسفية المطروحــة. وقدم بصورة واضحــة نظريـة المعرفة الإسلامـية، وناقــش الفلسفة المادية مناقشة علميـة ضمن منهج موضوعي تميز به دون سواه.
البنك اللاربوي في الإسلام
رســـم الشهيد الصدر في هذا الكتاب المنهج الإسلامي للمصارف، وكيفــــية تخلصها من التعامل الربوي المحرم شرعا. وأوضح قدرة الفكر الاقتصادي الإسلامي على معالجـــة القضايا الحساسة في مجال السياسة المصرفية.
الأسس المنطقية للاستقراء
يعد هذا الكتاب إنجازا رائدا في مجال الدراسات الفلسفية والمنطقية، فقد ناقش فيه الإمام الشهيد قضايا أساسية، وترجم إلى عدة لغات حية.
المدرسة القرآنية
الكتاب في الأصل مجموعة من المحاضرات ألقاهـــا الشـــهيد الـــــصدر على طلبتـــه فـــي النجــف الأشــرف قبيل استشهـاده، وتحدث فيها عن السنن التاريخية في القرآن الكريم، مقدما طرحا جديدا في مجال الدراسات القرآنية، وجمعت هــــذه الــــمحاضرات وطــــــبعت لمــرات كثيــرة بعــد استشهاده “قدس سره”.
المدرسة الإسلامية
مناقشة علمية للمشكلة الاجتماعية والمناهج السائدة في معالجتها، إذ ناقش السيد الشهيد الفكر المادي في معالجة الــمشــــكلة الاجتماعية، مبينا بالدليل الموضوعي افتقار هذا الفكر إلى تقديم الحل المطلوب وأنه يحتوي على نقص كبير في هذا المجال. ثم ينتقل إلى طرح النظرية الإسلامية في معالجة مشكلة البشرية وأنها الخيار الأمثل في هذا الاتجاه.
المرسل، الرسول، الرسالة
الكتاب في الأصل مقدمـــة لرسالته العملية “الفتاوى الواضحة” نحا فيها السيد الشهيد منحى جديدا يختلف عن المقدمات التقليدية السائدة في رسائل الفقهاء العملية، إذ تناول مسائل عقائدية مهمة مثل إثبات وجود الله بالدليل العلمي الاستقرائي. ونظرا إلى أهمية هذه المقدمة فقد طبعـــــت في كتاب مستقل.
دروس في علم الأصول
أهم كتاب أصدره الشهيد الصدر في مجال الدراسات العلمية الأصولية، وهو منهج دراسي خاص لطلبة العلوم الدينية، وتميز الكتاب بمنهجه الحديث الذي يعبر عن المنــهج العلمي العام للشـــهيد الصدر.
المحنة
الكتاب في الأصل محاضرتان للامام الشهيد الصدر ألقاهما على تلامذته قبيل استشهاده، ثم طبعتا في كتاب مستقل فيما بعد. بحث فيهما المفهوم القرآني للمحنة، إذ قسمها إلى قسمين موضوعي وذاتي، وقصد بالأول الظروف التي تصنع المحنة، وبالثاني دور الفرد في مواجهة المحنة. وعكست هاتان المحاضرتان الظروف التي كان يعاني منها الشهيد الصدر في تلك الفترة الحساسة التي عاشتها الأمة في العراق.
معالم الأصول
كتاب أصدره الشهيد الصدر في منتصف السبعينات، وبحث فيه تطور علم الأصول في الــــتاريخ الإسلامي، وبحث فيه أهم المنعطفات والمؤثرات في تاريخ الفكر الإسلامي التي ساهمت في تبلور علم الأصول، ويعد الكتاب أول مساهمة علمية في تحليل التطور العلمي لتاريخ الفكر الأصولي