ردود سماحة العلامة الشيخ عيسى قاسم على بعض تساؤلات الصحف المحلية حول المجلس العلمائي
س1 : ما موقفكم من الدعوة التي وجهها أمس وزير الشئون الإسلامية الشيخ عبد الله بن خالد كعلماء دين لحضور اجتماع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
ج : كان لنا كتاب تفاهم مع سعادة الوزير بهذا الشأن.
س2: ما تعليقكم على اعتبار مجلسكم العلمائي مخالفاً للدستور؟
ج2: في نظري أن الدستور يحتضن مثل هذا المجلس ويباركه بما له من توجّه إسلامي عقلائي إصلاحي يلتقي مع مواد تعتبر من ركائز الدستور وأمهات مسائله كإسلامية الدولة وكون الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسا للتشريع.
ولا يتصور في حق دستور هذه البلاد المسلمة المؤمنة الطيبة أن يخطِّىء الإسلام في واجب من واجباته كالذي تنادي به الآية الكريمة { فلولا نفر من كل فرقة منكم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعَّلهم يحذرون} 122/ التوبة. وانتبه إلى قوله تعالى : طائفة، وما لهذه اللفظة من دلالة في المقام.
س3: ما طبيعة المهام الأساسية التي سيضطلع بها مجلسكم العلمائي، وهل سيتناول الشأن السياسي في البحرين.
ج3: مجلس للتبليغ والإرشاد وخدمة المجتمع والعمل على الرقي بمستواه.
والمجلس ليس مؤسسة سياسية، ولا على حد ّأي جمعية من الجمعيات السياسية، ومنطلقه ديني لا سياسي.
وهو جزء من هذا المجتمع يعيش همومه وطموحاته ومعاناته ويستعمل الكلمة الطيبة التي تساعد على إصلاحه وترشيد خطاه من أفعال وردود أفعال من كل الأطراف في مسيرته.
س4: ما ضمانات تماسك مجلسكم العلمائي، واستمرار عمله خصوصاً بعد فشل تجربة مماثلة من قريب.
ج4: التعبير الدقيق في حق المجلس العلمائي لا يوافقه استعمال كلمة الفشل في حّقه كما قد يعرفه المطّلع على طبيعته وصورة التوافق الأخوي على إنهائه.
والمجلس العلمائي الحالي تجربة يحتضن الوجود العلمائي والطلابي وكذلك الرأي العام السائد تطبيقها بدرجة أكبر، وتتيح الفرصة لجميع المشاركين فيها لإسهام أكثر جديَّة وفاعلية والتعويل بعد الأخذ بالأسباب كما أمر الله سبحانه على مدده وتسديده وتوفيقه.
س5: قطاع غير قليل من طلاب العلوم الدينية لم يتفاعلوا مع الدعوة التي وجهت إليهم لحضور الاجتماع الأول لتأسيس مجلسكم العلمائي بناءً على اختلاف زاوية النظر عندهم من أهداف مجلسكم المقاطع من ناحية فقهية تعتمدونها للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
ألا تعتقدون أن ذلك سيسبب انقسامات خطيرة داخل الطائفة.؟
ج5: المجلس للوفاق لا الخلاف وللوحدة لا الفرقة على المستوى العام وليس على مستوى شريحة معينة أو طائفة خاصة فحسب وهو لا يحمل بذور الانشقاق في داخله لا من طبيعة نظامه، ولا نفسية أعضائه، ولا من الخلفية الدينية التي دعت إليه.
وعلى المجلس أن يراعي من جانبه الإخلاص والوفاء لهدف الوحدة الكريمة التي ينشدها، والترابط الاجتماعي العام على مستوى الوطن كله الشيء الذي كان يقصده. وهذا ما يُسأل عنه ويلتزم به.
ولكل المراقبين من كل نوع أن يرصدوا حركة المجلس ليحكموا عليه أو له في كل الأبعاد والمسارات والتوجهات، وليعطوه الفرصة قبل أن يحكموا له أو عليه.
أقولها بكل تأكيد أن المجلس لم يأت ليستحدث في المجتمع صراعاً غائباً، أو يذكي صراعاً حاضراً، وإنما جاء ليعمل على اطفاء الصراعات المختلفة القائمة، ويقي من كل الصراعات الضارة المتوقعة طلباً لمرضاة الله سبحانه، ومنفعة العباد.
هذا المجلس ديناً وعقلية وخبرة ومنهجاً ليس على طريق أن يجمع أصواتاً ليُفرّق بها وحدة النَّاس، ويمّزق شملها.و إن في التجربة لخير برهان، واسطع دليل، فليترك له أن يخوض التجربة لتنطق سُماتُه وأهدافه ونواياه وأخلاقيته وبما هو عليه من واقع.
س: هل طلبتم ترخيصاً من أي جهة من الجهات الرسمية للمجلس العلمائي؟
1. علماء الدين جزء من الوضع الإسلامي العام في أي بلد مسلم وعلى مدى التاريخ لهذه الأمة منذ صدر الإسلام. وإذا تحدث عن وضع إسلامي على أي مستوى من المستويات التي تعطي صدقية ما لهذا العنوان لم ينفصل ذلك عن وجود علمائي فاعل في مجال الإرشاد والدعوة وتبليغ الأحكام وإصلاح ذات البين وتركيز قيم الدين ومفاهيمه وتعاليمه. وبلد ليس فيه علماء أو فيه علماء دورهم معطّل بلد لا يسلم له وضعه الإسلامي ولو بمستوى يصحح صدقية هذا العنوان بدرجة مقبولة.
ودور العلماء ليس مستحدثاً وإنما هو دور عريق ومزامن للإسلام من أول أيامه كما سبق، وهو لم يغب عن الساحة في يوم من الأيام في حياة المجتمع المسلم في كل بلاد الإسلام.
ولا يتصور في أي تشريع لأي بلد مسلم يقدّر اسلامه أن يناقض هذه الأساسية الدينية والتاريخية الضاربة الجذور في قلب القرآن الكريم والسنة المطهرة والتاريخ الإسلامي والعرف الممتد في حياة المجتمع المسلم والساحة الإسلامية كلها.
ولا جديد في المجلس العلمائي على المعهود الديني والتاريخي والعرفي حتى محاولة التنسيق للجهود العلمائية، وترشيد الخطى بدرجة أكبر، والخروج بالخطاب الديني على لسان العلماء عما يتصور أنه من حالات التعارض والتهافت. ولا جديد حتى تلك المحاولة المذكورة ليستدعي نظراً في المسألة. وكل ما في الأمر أنّ درجات التنسيق تتطور بتطور الأوضاع وأمّا التنسيق في هذا المجال بدرجة وأخرى فليس أمراً مستحدثاً كما هو واضح.
س: ما هو موقفكم من رد فعل وزارة الشؤون الإسلامية ممثلة في الوزير الذي وصف مجلسكم بالمخالفة الدستورية؟
2. الدستور لا يناقض نفسه. والدستور في مصدره المقدَّس وهو الشريعة الإسلامية لو وضع العراقيل ودخل في معارضة مع العملية الإرشادية والتبليغية في الإسلام لناقض نفسه إذ كيف للشريعة أن توجب أمراً ثم تضع عليه قيداً من الإرادة البشرية والتشريع البشري؟! والدستور ينصّ على إسلامية الدولة، والدولة المسلمة لا تنفصل عما هو من واضحات الإسلام، وتاريخه العريق الثابت المتصل بالحاضر، والعرف الإسلامي الممتد لهذه اللحظة.والتبليغ العلمائي للإسلام واجتماع جهود العلماء وتنسيقها بدرجة وأخرى له كل هذه الصفات.
س: كيف ستتعاملون مع دعوة وزير الشؤون الإسلامية لكم للاجتماع غداً في الوزارة؟
3. نحن نرحب بقضية الاجتماع بسعادة الوزير بصفته وزيراً للشؤون الإسلامية، وقد كتبنا له بذلك. إلا أن الاجتماع لا يرتقب له أن ينعقد في موعده المشار إليه بلحاظ آخر.
س:هل أنتم مصرون على المضي قدماً في المجلس العلمائي؟
4. المسألة ليست مسألة صراع ولا تحدّ يتبادل بين العلماء والسلطة فذلك مما لا يخدم هذا الوطن الكريم، والمشروع مشروع إصلاحي وحدوي لا صدامي وليس من أجل التشظيات.
المسألة مسألة وجوب ديني وضرورة شرعية تفرض نفسها على العلماء بأن يعتنوا بالشأن الديني للمؤمنين ويقدِّموا خدماتهم الإصلاحية المخلصة لمجتمعهم، بما يتناسب وحالة التقدم في الأساليب في كل الأوساط، والأخذ بالوصيّة المؤسسية التي أصبحت سمة كل الممارسات ذات البعد الاجتماعي عند كل الفئات.
س: هل تحضرون إجابة قانونية على الإشكال القانوني الذي دفع به الوزير في رسالتكم؟
5. الدستور تفهم مواده في ضوء المواد الرئيسة فيه، وإسلامية الدولة وكون الشريعة الإسلامية المقدسة مصدراً رئيساً للتشريع من أمهات المسائل الدستورية الحاكمة على سائر مواده وكلُّ مادة تخالفهما تخضع لهما ولا يخضعان لها.
على أن الدستور وما ينشقّ عنه من قوانين متفرعة لا ينعقد لها إطلاق ولا عموم على خلاف القناعات العرفية الراسخة. وهل ترى أن صلاة الجماعة والجمعة وإقامة مجالس الفاتحة على الموتى والأحياء المقبول للمناسبات والأعياد وتجمعاتها مقيّدة للقانون؟! الصحيح أن القانون مفسَّر حتى في عمومه أو إطلاقه في ضوء هذه الأعراف.
س: كيف ستوفقون بين مختلف التيارات الإسلامية – الشيعية – من خلال المجلس خصوصاً وأن تيار اً واحداً على الأقل اعتذر عن المشاركة في تأسيس هذا المجلس؟
6. أولاً كان الطموح أن يكون مجلساً إسلامياً علمائياً أهلياً مشتركاً من علماء الطائفتين الكريمتين وهذا ما كان لي شخصياً حديث بشأنه مع سعادة وزير الشؤون الأسلامية بالفعل منذ سنتين تقريباً حيث طرحته بديلاً من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بماله من صفة رسمية كاملة.
ثم إن المجلس الإسلامي العلمائي الذي تدور أسئلتكم حوله يراد له أن يكون آلية تواصل بين الطائفتين بصورة أسهل وأيسر، ففرق بين أن تمثّل شريحة كبيرة على الأقل من علماء هذه الطائفة في قناة محددة، وكذلك الطائفة الأخرى فيسهل التواصل والتفاهم والتقارب، وبين أن تكون هناك اتصالات فردية متفرقة أو لا تكون.
والتوافق والتكامل والتعاون بين علماء الطائفة الواحدة أو أكثر قد يكون تحت مظلة مؤسسة واحدة وهذا هو الأفضل ومع وجود عوامل تؤجّل هذا الطموح دون تحققه على الأرض يمكن أن يتم التوافق والتعاون بطرق أخرى؛ ولا يتوقف هذا الأمر نهائياً على أن ينضوي الجميع تحت مؤسسة واحدة، وليس من الميسور دائماً أن تتوافق الآراء في كل التفاصيل.
س: لماذا غابت بعض الأسماء العلمائية عن تأسيس المجلس مثل الشيخ حسين نجاتي – الشيخ حميد المبارك – الشيخ محمد صالح الربيعي – وأيضاً السيد جود الوداعي والشيخ عبدالحسين العصفور؟
7. ألفت النظر أولاً إلى أن سماحة السيد جواد الوداعي حفظه الله وأمّد في عمره الشريف قد شرَّفنا بحضوره المبارك للجلستين التأسيسيتين العامتين معاً، مع مباركتة لهذا المشروع بقوة ووضوح، ومشاركته في التوجيه والترشيد.
ثم إن تغيّب بعض الأخوة لا يعني الانقسام على أصل الموضوع وضرورته بقدر ما قد يعني اختلاف وجهات النظر من حيثية أو أخرى، وجزئياً في بعض التفاصيل. وهو اختلاف وارد في كل الشرائح الاجتماعية، وعلى مختلف المستويات، ولا يؤثر في موردنا على الوحدة العلمائية ومرتكزاتها الدينية الثابتة.
ورب خارج عن المجلس هو أحرص على بقائه ونجاحه من داخل فيه.