ما يجب توافره في المشروع الإصلاحي في بلدنا البحرين
أولا:
إننا نريد لمشروع الاصلاح أن يعبر عن هوية هذا البلد الاسلامية، وعن أصالته الدينية، وألا يخضع لتوجهات أو ضغوط تحركه في اتجاه يتناقض مع تلك الهوية والأصالة، ومن هنا كان الرفض لمشروعات الاصلاح الموجه من الخارج وخصوصا ما تحاول أن تفرضه الإدارة الأميركية تحت عنوان مشروع الشرق الأوسط الكبير…
ثانيا:
إننا نريد لمشروع الاصلاح أن يصون الواقع الأخلاقي في هذا البلد… وهذا يفرض على المشروع:
– تطهير البلد من كل بؤر الفساد الأخلاقي “بيوت الدعارة أماكن الفسق والمجون ومحلات الخمور”.
– مراقبة الفنادق والصالات.
– عدم السماح لمشروعات التدمير الاخلاقي.
– محاربة السياحة الفاسقة.
– حماية الآداب والأعراف الاسلامية بطريقة جادة وحقيقية.
ثالثا:
إننا نريد لمشروع الاصلاح أن يحافظ على الهوية الثقافية لهذا البلد والتي تنتمي إلى الإسلام، فحماية هذه الثقافة مسئولية مهمة من مسئوليات مشروع الاصلاح إذا أريد لهذا المشروع أن ينهض بواقع هذا الشعب، وأن يحصن انتماءه وتاريخه، وإن أي مساهمة في الترويج للثقافات المناهضة للدين ستضع المشروع أمام خيار صعب وأمام رفض صريح.
رابعا:
إننا نريد لمشروع الاصلاح أن يؤكد عمليا اقترابه من طموحات الشعب، بما يخدم مصالحه وأهدافه وقضاياه المصيرية…
– فالبطالة مازالت تشكل هما كبيرا.
– والتجنيس مازال مصدر قلق وخوف.
– وضرورات السكن ضاغطة.
– والفساد الاداري والمالي مازال مستشريا.
– والتمييز مازالت تطبيقاته قائمة.
– ومحاولات الهيمنة على المساحات الدينية “المساجد ائمة المساجد / الأوقاف / الأحوال الشخصية” مازالت تتحرك الأمر الذي يشكل تحديا له نتائجه الخطيرة.
– المسألة الدستورية وهي أساس المأزق السياسي، وان بدت بعض اجوائها تتجه نحو الهدوء، الا أن البعض مازال قلقا فنأمل أن تنتج لقاءات الحوار والتفاهم ما ينقذ المشروع السياسي من مأزقه الصعب.
– ملفات كثيرة مازالت جامدة ومعطلة، نأمل أن تتحرك.
وهكذا نؤكد أن للدين رؤيته وموقفه من الثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والفن، والسياحة، ومن كل البرامج والمشروعات… أن نقبل هذا البرنامج أو نرفضه مسألة خاضعة لمعايير الدين والعقل والفطرة، وليس لأي معايير أخرى…
هناك من المعايير ما لا ترى في برامج العهر والفسق والدعارة انحرافا…
وهناك من المعايير ما لا ترى في برامج اللهو والخلاعة انحرافا… وهناك من المعايير ما لا ترى في برامج الفن الهابط الرخيص انحرافا.
وهناك من المعايير ما لا ترى في برامج الاختلاط المنفلت من الضوابط الشرعية انحرافا.
وهناك من المعايير ما لا ترى في العبث بالقيم والأخلاق انحرافا… وهناك من المعايير ما لا ترى في كل البرامج الخارجة على أحكام الشريعة انحرافا.
فهل يصح أن نخضع في تقويم الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وفي تقويم المشروعات والبرامج إلى معايير مرفوضة شرعا وعقلا وذوقا… إننا نملك معاييرنا الربانية والتي من خلالها نحدد رؤيتنا وتصورنا وموقفنا من أي شأن ثقافي أو سياسي أو اجتماعي ومن أي مشروع أو برنامج يتحرك في الساحة…
وتأسيسا على هذا الفهم وانطلاقا من هذه الرؤية نحاول أن نرصد حركة البرامج الصيفية التي تزدحم بها الساحة… فمن هذه البرامج ما يعتبر منحرفا وفق المعايير التي نعتمدها في التقويم… وموقفنا من هذه البرامج:
أولا: أن نرفض هذه البرامج المنحرفة وأن نواجهها حتى لا تفسد أجواءنا، وتهدد قيمنا وأخلاقنا…
جاء في الحديث:
“كيف بكم إذا فسق شبابكم وفسدت نساؤكم وتركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
قالوا: أو يكون ذلك يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وآله: نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف.
قالوا: أو يكون ذلك يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وآله: نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفا، والمعروف منكرا”.
ثانيا: أن نحصن أجيالنا ضد تأثيرات البرامج المنحرفة. إن هذه البرامج الفاسدة تستهدف – ضمن أولوياتها – هذه الأجيال الناشئة، وتخطط بذكاء ماكر لسرقة هذه الشريحة من أبنائنا وبناتنا، وبأساليب مغرية جدا، وتحت شعارات خادعة… وما أكثر ما استغفل الآباء والأمهات فسلموا فلذات أكبادهم إلى أحضان هذه البرامج الموبوءة ظنا منهم أنها أحضان نظيفة وما دروا أنهم دفعوا بأبنائهم وبناتهم إلى محرقة العقيدة والدين والأخلاق… وبالتالي إلى محرقة النار في الآخرة “يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون” “التحريم: 6”.
فالله عز وجل يخاطبكم – أيها المؤمنون – بأن تقوا أنفسكم وأن تقوا أهليكم من النار… فهل فكرتم وأنتم تدفعون بأبنائكم وبناتكم إلى هذا البرنامج أو ذاك، في الصيف أو في غير الصيف، في داخل البلد أو في خارجه إلى أين توجهون فلذات أكبادكم، وبأي أيد تضعونهم؟
وفي هذا السياق أجد من الضرورة التحذير من خطر المدارس الخاصة التي تشرف عليها إدارات أجنبية غير مسلمة، هذه المدارس لها تأثيراتها على العقيدة والدين والأخلاق… ومن الواضح أن هذا النمط من المدارس يجتذب في الغالب أبناء وبنات الأسر الميسورة طمعا في المستويات الدراسية المتميزة، وربما كان هذا على حساب العقيدة والدين والأخلاق، وخصوصا إذا كانت الأسر لا تملك رقابة جادة على الأولاد والبنات وأكدت لنا معلومات موثوق بها أن نسبة من الملتحقين بهذه المدارس الأجنبية قد تأثرت عقيدتهم، وتأثرت أخلاقهم… لماذا لا يفكر أصحاب المال من المؤمنين في إنشاء مدارس خاصة نموذجية، لتكون البديل الصالح لتلك المدارس الأجنبية ولتملأ الفراغات التي حاولت أن تملأها مؤسسات مشبوهة وخطرة على أبنائنا وبناتنا… وهكذا تتمكن المدارس النموذجية المأمونة، من التصدي لحالات التسرب إلى المدارس الفاسدة. إن مسئولية المعنيين بشئون هذا الجيل هي حمايته من الوقوع في أسر المشروعات والبرامج الفاسدة والمنحرفة… إنها مسئولية أولياء الأمور من الآباء والأمهات ومسئولية المؤسسات الدينية، والمؤسسات الثقافية والاجتماعية النظيفة، ومسئولية العلماء والخطباء والدعاة والمبلغين، ومسئولية كل الغيارى الذين يهمهم أمر الدين والقيم والأخلاق، ويهمهم شأن هذا الجيل.
وإذا كنا نقف موقفا رافضا من البرامج الفاسدة التي تهدد أجيالنا وشبابنا، فإننا في الوقت ذاته نبارك أي برنامج جاد هادف نظيف يسعى إلى ترسيخ قيم الدين وبناء الأجيال وفق المبادئ الصحيحة والأسس السليمة التي تحمي أصالة هذه الأمة، وتصون هويتها، وتؤكد إنتماءها وتمنحها الحضور الفاعل في حركة الواقع المعاصر لتكون الأمة المتميزة والمؤهلة لإنقاذ العالم وخلاص البشرية في ظل القيادة الربانية المنتظرة بإذن الله تعالى… والحديث له تتمة، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.